وزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوني بلينكن: من هو وما توجهاته؟
صادق مجلس الشيوخ الأمريكي في 26 يناير/ كانون الثاني 2021 على تعيين أنتوني بلينكن في منصب وزير الخارجية في إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن. فماذا نعرف عنه وعن توجهاته؟.
حياته
توني بلينكن كما يسميه أصدقاؤه، المولود في مدينة نيويورك، ابن أسرة يهودية له تاريخ طويل في العمل الدبلوماسي، حيث تولى والده منصب سفير الولايات المتحدة في المجر بين عامي 1994 و1997 خلال حكم الرئيس بيل كلينتون.
انفصل والداه عندما كان طفلا صغيراً ، فانتقل مع والدته إلى باريس عندما كان في الخامسة من عمره، حيث درس في مدارس فرنسية.
تزوجت والدته من الناجي من الهولوكوست والمحامي صامويل بيسار، الذي نشر مذكراته عن الفترة التي أمضاها في معسكري اعتقال ماجدانك وداكاو.
درس بلينكن الحقوق في جامعة هارفارد الأمريكية العريقة في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وقد كتب مقالا للصحيفة الجامعية وقتها، أشاد فيها بانتصار الاشتراكيين الفرنسيين عام 1981 على الزعيم الفرنسي فاليري جيسكار ديستان، الذي كان يعتبر من أصدقاء زوج والدته.
التقى بلينكن بزوجته الحالية إيفان ماورين ريان عام 1995عندما كان يعمل في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، بينما كانت هي مسؤولة عن ترتيب مواعيد السيدة الأولى هيلاري كلينتون.
نشر بلينكن عام 1987 كتابه: حليف مقابل حليف: أوروبا وأزمة خط الأنابيب السيبيري.
مسيرة مهنية
يستحق الانتباه نهاية
ولبلينكن علاقة وثيقة بالقارة الأوروبية، ويعتبر من المدافعين بشدة عن التحالف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
تعتبر القارة الأوروبية شريكاً حيوياً للولايات المتحدة حسب رأيه وانتقد بشدة خطط الرئيس السابق دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية المنتشرة في ألمانيا، واصفاً إياها بالغبية "وخسارة استراتيجية وتضعف حلف الناتو وتضر ألمانيا، اهم حلفائنا في القارة الأوروبية وتقوي فلاديمير بوتين".
ولا تزال شقيقة بلينكن ليا بيسار ، تملك منزلاً في باريس رغم أنها تعيش في نيويورك وتدير مشروعاً يحمل اسم "علاء الدين" يهدف الى تعزيز التفاهم بين الثقافات المتعددة.
وقد عملت ليا بيسار، أيضاً في وزارة الخارجية الأمريكية في منصب مديرة الإتصالات مع مجلس الأمن القومي خلال حقبة الرئيس كلينتون.
كما تولى عم بلينكن منصب السفير الأمريكي في بروكسل، بينما كان والده سفير أمريكا في المجر في نفس الوقت.
كان زوج والدته صامويل بيسار، مستشاراً للرئيس الراحل جون كينيدي ولعدد من الرؤساء الفرنسيين.
وفي عام 1996 تولى بلينكن منصب المساعد الخاص للرئيس بيل كلينتون لقضايا الأمن القومي.
وفي مارس/ آذار 2001 تم تعيينه في منصب كبير باحثي مركز الدراسات الاستراتيجيةالدولية وكان مجال عمله في المركز القارة الأوروبية والسياسة الدفاعية وتقنية المعلومات في إطار برنامج الأمن الدولي.
أمضى بلينكن ست سنوات عمل خلالها مساعداً لجو بايدن عندما كان الأخير عضواً في مجلس الشيوخ، وتولى خلالها عام 2002 منصب مسؤول الموظفين الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية التي كان بايدن يمثل الحزب الديمقراطي فيها ما بين 1997 و2009.
خلال تلك الفترة تطورت علاقة بلينكن ببايدن وبمستشاريه الذين كانوا يعملون في أروقة الكونغرس ومن بينهم بريان ماكيون الذي تولى لاحقاً منصب نائب وزير الدفاع لقضايا السياسة وآفريل هاينس التي تولت لاحقاً منصب مديرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وعينها بايدن مؤخراً في منصب مديرة الاستخبارات الوطنية.
وفي عام 2008 ، عينه الرئيس باراك أوباما في منصب نائب مساعد الرئيس ونائب مسؤول قضايا الأمن القومي في مكتب نائب الرئيس جو بايدن.
وفي 2014 عينه أوباما في منصب نائب وزير الخارجية وظل في منصبه حتى نهاية فترة ولاية أوباما عام 2017.
خلال عمله في مختلف المناصب والأدوار في مجلس الأمن القومي وكنائب لوزير الخارجية في عهد أوباما ، كان بلينكين من دعاة قيام الولايات المتحدة بدور أكثر فاعلية وإلى مزيد من التدخل الأمريكي القوي في الصراع السوري وهي القضية التي تسببت في قطيعة مع رئيسه وقتها بايدن بسبب دعمه للتدخل المسلح في ليبيا.
كان أيضاً مساعداً لبايدن خلال الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 والذي حظي بموافقة بايدن.
ولا يزال بلينكن يؤمن بأن الدبلوماسية يجب أت تترافق بقوة ردع وأن "القوة يمكن أن تكون عنصراً مساعداً وضرورياً للدبلوماسية الفعالة".
وقال: "في سوريا، سعينا صائبين إلى تجنب تكرار تجربة العراق من خلال عدم القيام بالكثير، لكننا ارتكبنا الخطأ المعاكس المتمثل في عمل القليل جداً" .
صبحي حديدي - عربي21
ليس من اللائق إغفال، بل قد يكون من الواجب عدم نسيان، العبارة التي أطلقها أنتوني بلينكن في أوّل زيارة له إلى دولة الاحتلال بعد عملية المقاومة يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر؛ حين أعلم الإسرائيليين، والعالم بأسره، أنه لا يأتي بصفته وزير خارجية الولايات المتحدة فقط، ولكن أيضاً كيهودي وحفيد يهودي.
وسواء حطّ رحاله على أي شبر في فلسطين المحتلة، أو بدأ من تركيا ومرّ بخمس محطات أخرى، فإنّ الشطر الثاني من هويته سوف يلازمه مثل ظلّه، أو حتى أدنى وألصق.
وعند اللجوء إلى أيّ تدقيق بسيط في هوية بلينكن اليهودية، فمن غير لائق أيضاً استبعاد المعادلة الحسابية الميكانيكية التي باتت شائعة، ليس داخل الذهنيات الصهيونية المتنوعة وحدها، بل كذلك ضمن تشريعات ومشاريع قوانين تعتمدها أو تنوي إقرارها ديمقراطيات غربية عريقة، بينها أو على رأسها الولايات المتحدة: تلك التي تقول إن التساوي كامل لا نقصان فيه، بين العداء لليهود والعداء للصهيونية والعداء للسامية.
وبذلك فإنّ القراءة التطبيقية لهوية بلينكن اليهودية على ضوء الكمّ الحسابي الثلاثي سالف الذكر؛ ليس لائقاً، من جانبها أيضاً، ألا تضع وزير خارجية القوة الكونية الأعظم ضمن مساحة امتزاج واتساق وتوافق مع التطورات الأحدث في الفكر الصهيوني المعاصر، والشطر الإسرائيلي الراهن منه على وجه التحديد.
وإذا كان بيان الخارجية الأمريكية يضع في خانة «اللامسؤولية» تصريحات أمثال إيتمار بن غفير وبتسلئيل سوترتش حول إفراغ قطاع غزّة من سكانه الفلسطينيين، فإنّ الحصة الصهيونية من شخصية بلينكن يتوجب أن تقع سريعاً في حرج انشطاري: بين هوية أمريكية حكومية، وأخرى يهودية صهيونية؛ إذا لم يذهب الظنّ إلى انشطارات أخرى أقلّ، أو حتى أكثر، ازدواجية.
وإذْ تروج، تباعاً، مقترحات إسرائيلية تزيّف التطهير العرقي لسكان قطاع غزّة تحت ستار «الهجرة الطوعية»، وتتضمن الترحيل إلى دول أجنبية «صديقة» وأخرى عربية «معتدلة»؛ فإنّ الذهنية الصهيونية خلف هذا الخيار لم تعد تقتصر على أمثال بن غفير وسموترتش، بل امتدت إلى أمثال عضو الكنيست الليكودي داني دانون، وزميله رام بن باراك، ووزيرة الاستخبارات جيلا غاملييل، وهذا أو ذاك من أقوال بنيامين نتنياهو نفسه خلال اجتماعات مغلقة أو شبه مفتوحة.
وكان تيودور هرتزل، صاحب ومؤسس فكرة الدولة اليهودية، قد قلّب الخيارات بصدد المكان الأنسب لإقامتها، فلم يكترث بالبعد التوراتي بقدر حرصه على «توليف» مطامح الحركة الصهيونية مع مصالح القوى الاستعمارية العظمى، أواخر القرن التاسع عشر؛ ولهذا فقد تضمنت خياراته بلداناً مثل أوغندا والكونغو وقبرص والموزمبيق، قبل عريش سيناء أو العراق أو ليبيا أو… فلسطين.
والتفكير في تهجير فلسطينيي قطاع غزّة إلى الكونغو يتمّم، على أكثر من نحو، دائرة صهيونية عتيقة؛ لكنها لم تكفّ عن التجدد في أكثر من منحى، وخاصة إحكام الصلات بين ثلاثيات العداء لليهود/ العداء للصهيونية/ العداء للسامية. وبهذا فإنّ بلينكن، في الجولة الرابعة منذ «طوفان الأقصى»، غير ناءٍ كثيراً عن الدائرة، بل لعله قاب قوسين… أو أدنى!