Tunisiens Libres: العرب والجيلاتين و المأزق الحضاري

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

mercredi 6 juin 2018

العرب والجيلاتين و المأزق الحضاري


العرب والجيلاتين و المأزق الحضاري

صرح طبيب اخيرا ان الياغورت يحتوي على الجيلاتين gelatine وهو محلول بروتيني يصنع من تغلية جلود و عظام الحيوانات و خاصة الخنزير وهو الذي يجعل مرق الهرقمة عندنا مثلا متخثرا مما احدث صدمة عنيفة عند الناس هنا و حتى في اوروبا..

فتداولها الفايس بوك و حتى الاعلام ..

في الحقيقة الذي ر بما لا يعلمه الكثير ان جيلاتين الخنزير لا يوجد في الياغورت فقط

فكل من درس الصيدلة و الصناعات الغذائية و البيوكيمياء يعلم بانه يوجد في عديد منتوجات الصناعات الغذائية من زمن بعيد كالحلوى و المثلجات و المعجون و الكريمة و عديد المصبرات و جال الشعر و عديد الادوية وهو لا مضرة صحية له و يسمى E441 .

وهو الذي يعطي الشكل المتخثر للسوائل.

زد على ذلك فحتى الانسولين فهو في بعض الانواع مستخلص من بنكرياس الخنزير و كذلك عدد كبير من الادوية و المراهم و بض صمامات القلب التي تركب لبعض المرضى..

و أريد ان ابين بأن الغضب و الحرج الذي أحسه الناس عندنا هو نموذج من المأزق الفكري الذي يعيشه العرب اليوم في مواجهة التكنولوجيا لعدة اسباب:

1. اولها المبالغة في التمسك بالجزئيات الثانويةو العقل المناسكي عند العرب ..عقل يترك المقاصد بل و يجهلها و يتشبث بالشكليات الفارغة ..حتي القرآن نفسه فقد حرم لحم الخنزيرفقط دون مشتقاته...

و في الحقيقة فنحن نعاني اليوم من أرثدوكسية سنية متزمتة منغلقة و تبالغ في. التشبث بغير ما يهم جعلت الناس يستنكفون من استهلاك كل مشتق في شكل من الهوس الفكري ، مع أن روح الشرع تشير الى الاستهلاك المنتظم للحم الخنزير كاحد مكونات الغذاء العادي ، لا ان يبلغ الهوس بالتثبت في كل شيء و في قوائم المطاعم و الهلع حتى من مجرد تذوقه او حتى وجود أثر للكحول في الشوكولاطة بينما لا يستنكف نفس هؤلاء عن الغش في السلع و الكذب و نقض العهود و الكسل و عدم اتقان العمل وهو خاصية العرب اليوم " التعامل الفلكلوري مع الدين "

2. حتى و لو فرضنا بمنطق التحليل العبثي بأن استهلاك المشتقات "حرام" ، فماذا نحن فاعلون إزاء بقية المصنوعات التي تحتوي علي مشتقات الخنزير كالادوية و الاغذية المصنعة ؟ هل نقاطع كل شيء؟ . لا نستطيع لأن شرط الاستطاعة أن نقوم بتصنيع ما نحتاجه بأنفسنا و ان نخترع التكنلوجيا بأنفسنا لا أن نوردها و كذلك الامر حتى في القوة العسكرية فهي لم تعد مسألة قوة الايمان و البسالة في الحرب انما مسألة تفوق تكنلوجي و علمي.

يتضح من كل هذا بأن التحدي اليوم حتى من منطلق ديني بحت هو أساسا تحد تكنلوجي علمي ، و بدون التحكم في العلوم و الصناعات لا يمكن أن ندافع حتى على الدين لأن الأقوياء سيفرضون سلعهم التي لا نريد بالقوة و يغيرون حتى برامج التعليم الديني و قواعد الفقه بما يستجيب لمصالحهم.

3. فلا غرابة اذن أن السبب الرئيسي لضعفنا هو الخطاب الديني المتخلف الذي يلخص العمل الدعوي في تلقين المناسك و يصور للناس و يوحي لهم بأن الدين يختزل في قضاء الوقت في الأدعية الخاوية و التشبه الشكلي بالسلف و جني "الحسنات" من أعمال لا تنفع الامة..لن نتقدم و لن نلتحق بركب الحضارة البشرية الا يوم يخاطب الداعية أو الإمام الشباب بأن أجر الإجتهاد الدراسي و تحصيل العلوم يظاهي بل و يفوق أجر المناسك وهو أنفع للناس و أبقى عندالله و أرفع شأنا كما الإخلاص في العمل.

نص الدكتور سامي الشهباني
Un texte de Sami Chahbani

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire