نذالات الإخوانجية أيام الجمر
ردا على عبد الكريم الهاروني الذي اتهم الليلة الرفيق حمة الهمامي ب"التعامل مع نظام بن علي":
سقوط فجّ في تزوير التاريخ .. و"كبار الحومة ما ماتوش"!
سقوط فجّ في تزوير التاريخ وقع فيه مساء اليوم بعظْمة لسانه رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني حين اتهم صراحة في مداخلته على قناة الجزيرة مباشر" الرفيق حمة الهمامي ومعه حزب العمال ب"التعامل مع نظام بن علي" .
ومهما كان اختلافنا الجوهري مع حركة النهصة ، فما كنّا نخال أن يتنكّر الهاروني الذي كنا ننال معه عصا التعذيب والتنكيل والتجويع والهرسلة زمن الدكتاتورية وندافع عن حقه هو وغيره من الاسلاميين في الحرية، لحقنا عليه بنات حزب العمال وأبنائه اليوم في أن يعترف لأميننا العام ولحزبنا بأنه الحزب الذي لم يكن يوما إلا مقارعا للدكتاتورية مناصبا العداء لها ودافعا باهظ الفواتير من أجل اسقاطها وإهداء شعبنا الأبي سبيل الكرامة والحرية والعدالة.
بدل أن يناقشنا الهاروني في مقاربتنا السياسية المناقضة لحزبه المتواطئ اليوم مع بقايا منظومة بن علي والمتحالف مع أيتامه وبدل أن يحاول الرد بالحجة على أي من انتقاداتنا لمنظومة الحكم الفاسدة الدائسة بالنعال على شعبنا والتي حركته هي أحد أعمدتها الآيلة للسقوط..
بدل أن يحاول ذلك ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فقد هرع إلى سبيل آخر وهو محاولة تزوير التاريخ هكذا "عيني عينك" ناسيا أن التاريخ محفوظ وأن الأمس القريب صفحاته محفورة في ذاكرة الأجيال وما بالعهد من قِدم.
لن أذكّر السيد الهاروني أن بنات وأبناء حزب العمال اليوم عديدهم كانوا أعضاء في منظمات حقوق الإنسان زمن الجمر ولم يدخروا جهدا في الدفاع عن جميع السجناء السياسيين وعلى رأسهم هو نفسه وأبناء حزبه، وعبثا يحاول أن ينسى ذلك.
ولكنّي أريد أن أسأله: هل أنت مقتنع أنّ اتهامك للرفيق حمة ومن ورائه حزب العمال ب"التعامل مع نظام بن علي" سيصدقه أحد؟ هل أنت نفسك ستصدق نفسك حين تقوله؟
للتذكير فقط سي الهاروني إذا كنت قد نسيت:
- حزب العمال هو الحزب الوحيد في تونس الذي ندّد بانقلاب 7 نوفمبر 1987 في ساعته ولم يخش في قولة الحق لومة لائم وأطلقها صدّاحةً في الأرجاء جملته الشهيرة إنّ الجنرال بن علي يفتتح عهد الانقلابات في تونس معارضا له منذ الدقيقة الأولى، فيما خرج زعيمكم راشد الغنوشي في حواره الشهير برفعه لرايات الولاء لبن علي بجملته الشهيرة "ثقتي في الله وفي بن علي كبيرة".
- حزب العمال الشيوعي التونسي وأمينه العام هما فقط من رفضا المشاركة في حوار ما يسمى ب"الميثاق الوطني" وندّد به كخدعة تهدف إلى ابتلاع الشعب التونسي ل"حربوشة" الدكتاتورية، فيما هرول حزبكم إلى هذا الحوار عن طريق ممثلكم نور الدين البحيري بل ووقعتم هذه الوثيقة/الخديعة لاستبلاه الشعب الأبي.
- حزب العمال الشيوعي التونسي وعلى رأسه ناطقه الرسمي حمة الهمامي هو الحزب الوحيد الذي رفض المشاركة في مسرحية الانتخابات المخادعة للشعب في أفريل 1989 وقال إنها بداية تعبيد لطريق دكتاتورية الجنرال المنقلب بن علي ، فيما لم يكتفِ حزبكم بالمشاركة فيها فقط وإعطاء شرعية مبكرة على طبق من ذهب لدكتاتور، بل وبلغ بكم الأمر حدّ أن كان بن علي هو مرشحكم للانتخابات الرئاسية سنتها.
- لم يرحم نظام بن علي بنات حزب العمال وأبناءه منذ البداية وحجب صحيفة "البديل" الناطقة باسمه ونكّل ببناته وأبنائه وعلى رأسهم ناطقه الرسمي وعائلته.
ومع ذلك لم ينحنوا يوما أمام لظى التعذيب والعسف والتنكيل وماكينة السحْق والمحْق على مدار 23 سنة حالكة ظلماء وكان دائما صوتهم مرفوعا ضد دكتاتورية متجبرة ومن أجل حرية شعب فديناه بدمائنا وبعذابات والهرسلة والملاحقة. ولم يمنعنا ذلك من الدفاع عنكم لأنّنا من مدرسة فكرية هي نوارة الفكر الإنساني تؤمن بأن حقوق الإنسان لا تتجزأ.
ولكن ما أبعد ما نؤمن به عن سلوككم إزاء خصومكم وإزاء ، فأنتم لا مانع لديكم أن تزوّروا التاريخ القريب الذي لم تُنْسَ فصوله بعدُ ومِدَادُ صفحاته بهيئة الحقيقة والكرامة لم يجفّ بعدُ، وأن ترمُوا حزب العمال وأمينه العام بسهام الكذب النّزِق والزيف الصّدِء والفبركة المفضوحة لمجرد أننا قلنا لهذه المنظومة العفِنة التي تقيمون لها الأعمدة اليوم بعد الثورة مع حلفائكم جلادي الأمس: لا وألف لا.
وقديما قيل إنّ الإبن سأل أباه :"وقتاش نولّى شرفاء".
فأجابه: "وقت يموتوا كبار الحومة".
ونحن مازلنا لم نمت يا سي الهاروني حتى يجوز أنْ تزوّروا الحقيقة ولا تجدون من يتصدى لكم.
وسنبقى لكم صامدين هنا صمود النخل والزيتون ..
*الصحفي والشاعر سليم بوخذير سجين سياسي سابق - عضو حزب العمال