حقائق لا يمكن نكرانها في حديث منجي الرحوي
* أن حركة النهضة هي المستفيد الوحيد من هذا الوضع المأساوي،
* إن الحكومة الحالية هي حكومة عمالة مستعدة لبيع البلاد ورهنها وتقديم كل التنازلات الضرورية للنهضة
*أن الجبهة الشعبية لا تفي بالحاجة من أجل خوض المعركة الانتخابية في 2019, تونس,
* أن الإتحاد أفوى فوّة في البلاد
حاورته: إيمان عبد اللطيف -
أكّد القيادي بالجبهة الشعبية وعضو مجلس النواب منجي الرحوي في حوار لـ«الصباح الأسبوعي» أن حركة النهضة هي المستفيد الوحيد من هذا الوضع المأساوي، وهي الطرف السياسي الوحيد القادر على تغيير المعطيات في ما يهمّ مصير يوسف الشاهد.
وقال الرحوي إن الحكومة الحالية هي حكومة عمالة مستعدة لبيع البلاد ورهنها وتقديم كل التنازلات الضرورية للنهضة من أجل ضمان بقائها في الحكم.
من جهة أخرى انتقد الرحوي الجبهة الشعبية التي اعتبرها لم تحقق انتشارا ولم تتحصل بعد على قبول شعبي واسع ومازلت تُراوح مكانها..
وفي ما يلي نص الحوار:- كيف تُقيم قرار إقالة وزير الطاقة خالد قدور من طرف يوسف الشاهد؟
ما قام به الشاهد بخصوص وزارة الطاقة وكوادرها يندرج في إطار تلميع صورته وحشد وسائل الإعلام لفائدته ولا يتعلّق بسياسات حقيقية بل هي سياسة متخبطة على غرار ما قام به من إلحاق لوزارة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد بالكتابة العامة للحكومة وهذا دليل على أنّه لا توجد رؤية حقيقية لمكافحة الفساد.
وما رأيناه في مجموع الإقالات أنها تمّت خارج أطر اللياقة كدفع الوزير السابق للتنمية والتعاون الدولي للاستقالة بإثارة ملف وتحريكه من طرف رئاسة الحكومة،
كذلك الشأن بالنسبة لوزيرة المالية لمياء الزريبي وأيضا التسريع بإقالة عبيد البريكي بمجرد تلويحه بالاستقالة.
فهناك من ناحية عدم اقتدار في إدارة الشأن العام ومن ناحية أخرى هناك طفولية وتسرع في أداء العمل الحكومي.
فنحن اليوم نعايش انهيارا للدولة بكل المعايير فهناك حالة من التذمر الواسع سواء في ما يتعلق بالخدمات الإدارية أو المقدرة الشرائية أو الوضع الاجتماعي، إضافة إلى ذلك هناك عملية حشد لمجموعة من وسائل الإعلام لصالحه بمعنى قضية الإعلام العمومي أصبحت قضية مفصلية اليوم أكثر من أي وقت مضى.
- ما رأيك في دعوة حركة النهضة إلى مزيد من الحوار وتفعيل سياسة التوافق لتحقيق التوازن السياسي؟
بناء على تقييم موضوعي لما مررنا به منذ سنوات، نخلص إلى مسألة واحدة وهي أن حركة النهضة هي المستفيد الوحيد من هذا الوضع المأساوي والكارثي، فهي أكثر حزب متمعش ومبتز للأحزاب نتيجة الأوضاع الحالية.
في المقابل هناك مجموعة صغيرة متشكلة في كتلة تدافع على يوسف الشاهد وهي «متخندقة» مع حركة النهضة.
- هل تقصد الكتلة التي تمّ إحداثها مؤخرا؟
نعم تلك الكتلة البرلمانية المتخندقة موضوعيا مع حركة النهضة، فهي على نفس الموقف مع الحركة الداعي إلى الاستقرار الحكومي ومواصلة يوسف الشاهد على رأس الحكومة دون أن تستفيد من شيء، ودون الاستفادة من أجل إصلاحات حقيقية للبلاد كمكافحة الفساد ومقاومة التهرب الضريبي وحوكمة الموارد الطبيعية.
حركة النهضة هي الطرف السياسي الوحيد القادر على تغيير المعطيات في ما يهمّ مصير رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وهي المسؤول الرئيسي على تواصل الأزمة السياسية وعلى توتر الشأن العام فهي لا يعنيها خراب البلاد والدولة باعتبارها مسائل هامشية في تصوراتهم الفكرية والإيديولوجية.
وكل ما يجري من تدمير للمؤسسات هو في صالح هذه الأفكار لإعادة بنائها من جديد وفق قاعدة التأسيس القاعدة المحورية في إيديولوجيا النهضة.
هذا الوضع هو نتيجة لتشتت الأطراف الديموقراطية وعدم قدرتها على إيجاد القاسم المشترك الضروري لخوض المعركة.
- هل الجبهة الشعبية طارحة مسألة التوحد خاصة بعد دعوة حمة الهمامي إلى التكتل من أجل رحيل حكومة الشاهد؟
هذا مطروح على المدى القصير والمباشر لأن هذه الحكومة هي حكومة العمالة والخيانة الوطنية بكلّ المعايير، فلم تحترم السيادة الوطنية ومستعدة لبيع البلاد ورهنها بتنفيذ كل أجندة خارجية متعلقة بثروات الدولة وهي مستعدة لتقديم كل التنازلات الضرورية لحركة النهضة من أجل ضمان بقائها في الحكم.
وأنا استغرب من تواجد بعض الديموقراطيين والنقابيين من الوزراء في هذه الحكومة التي لا تقدم برامج حقيقية وعملها إجمالا لصالح النهضة رغم طرح العديد من القضايا المتعلقة بالحريات والقضاء ومكافحة الفساد.
على غرار الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني، وزير الفلاحة سمير الطيب، وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، فاستغرب من تواجدهم إلى حد الآن في هذه الحكومة بالرغم من أنّ المسائل الأساسية التي كانوا يدافعون عنها في الماضي مستهدفة اليوم.
- هل مازلت تنتقد سياسية الجبهة الشعبية وطريقة إدارتها لشأنها الداخلي والسياسي؟
هذا لا يُقلق بأن أكون ضد بعض توجهات الجبهة وأعبر عن ذلك، خاصة منها المسائل التنظيمية والهيكلية وعلى المستوى السياسي، وبالنسبة لي الجبهة الشعبية الآن لا تفي بالحاجة من أجل خوض المعركة الانتخابية لسنة 2019.
وهذا نبهت إليه، فمرت أربع سنوات على الانتخابات التشريعية والرئاسية ولم نراكم مراكمة كبيرة على مستوى انتشارنا ولم نحصل على قبول شعبي واسع ومازلنا نراوح مكاننا إن لم أقل بأننا تراجعنا إلى الوراء.
وبالتالي لا يمكن «أن نغطي عين الشمس بالغربال» ونعبّر عن حالة من الرضاء، ولا يمكن لمناضلي الجبهة أن يكونوا في حالة من الافتخار على أساس أننا تقدمنا، فليس لدينا وضع تنظيمي يمكن الافتخار به بل هو وضع يبخسنا أكثر مما نفخر به.
- فإلى ماذا تدعو الجبهة لخوض الاستحقاق الانتخابي وتدعيم تواجدها السياسي؟
ما أدعو إليه دعوت إليه في السابق، ألا وهو حسم المسألة التنظيمية وتطوير هيكلتها وأن نجرؤ على تنظيم الجبهة على غير صيغة تجميع الأحزاب وطرحت تغيير الزعامة وهذا الطرح الذي طرحته فردي لا حزبي.
وبالتالي، إذا بقيت الجبهة كما هي الآن، قد لا تحصل على عدد النواب الذي حصلت عليه في انتخابات 2014 خاصة إذا تغير القانون الانتخابي وتغيرت العتبة.
- هل تتحمل السلطة القضائية تعطيل مسار مكافحة الفساد؟
على مستوى استقلالية القضاء التي كنا ننادي بها قبل الثورة، مازلنا لم ننجز الشيء الكثير، وهي من الإصلاحات الكبرى المطروحة التي تتطلب جرأة كبيرة باعتبارها عماد الديمقراطية.
- ماهي الإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها حتى نضمن انتقالا سلسلا للانتخابات لسنة 2019؟
المطروح الآن حتى في إطار وثيقة قرطاج التزام الجميع أخلاقيا وسياسيا بالمواعيد الانتخابية المحددة وإضافتها في الحوار، إلى جانب الاهتمام بالهيئة المستقلة للانتخابات التي أصبحت في حالة موت سريري ممنهج وغليان داخلي يُنبئ بعدم جاهزية هذه المؤسسة لخوض الاستحقاق الانتخابي.
فالمطلوب إيجاد رئيس هيئة قادر على أداء هذه المهمة في مستوى من الاستقلالية والنزاهة من ذلك النظر في إمكانية استعادة أحد الرئيسين السابقين شفيق صرصار أو كمال الجندوبي.
أضف إلى ذلك ضرورة تحييد الوزارات التي لها علاقة بالانتخابات أساسا وزارة الاتصالات والتكنولوجيات الحديثة التي تزود حركة النهضة بالبيانات الذي أصبحت مسألة بينة إلى جانب وكالة التعاون الخارجي والمركز الوطني للإعلامية والانتباه إليها بشكل حقيقي. وطبعا ضمان استقرار سياسي واجتماعي مستقر وغير متوتر من خلال الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية غير خاضعة لاملاءات صندوق النقد الدولي.
- هجمة شرسة على الاتحاد العام التونسي للشغل فهل هو في المسار الصحيح في مواجهة الحكومة؟
من مهام حركة النهضة تدمير كل المؤسسات، وهي تسعى الآن إلى تدمير المنظمة الشغيلة بحكومة الشاهد ووضعه في الزاوية وتجييش الرأي العام ضده وقد حاولت من قبل مع حكومة الترويكا ولكنها لم تفلح، وهذا لن يتمّ ولن تهنأ به لا هي ولا غيرها.
فالاتحاد سيبقى منظمة توازن في البلاد لعب دوره الوطني في كل المحطات الوطنية في تونس للحفاظ على المؤسسات وعلى الاقتصاد وضمان الحد الأدنى لرفاه المواطن.
ودور الاتحاد اليوم أساسي في تحقيق التوازن في ظل الهجوم الشرس على مقدرات البلاد وثرواتها وعلى المقدرة الشرائية، فما من رادع منظم وقوي إلا المنظمة الشغيلة. اليوم أعتبر أن هناك حركة النهضة منظمة وأيضا الاتحاد العام التونسي للشغل وغير ذلك كل القوى الأخرى تحوم حولهما ونحن في مفترق الطرق بين المحافظة على الطابع الاجتماعي المدني للدولة وبين اللادولة