Tunisiens Libres

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

dimanche 5 avril 2015

في ملف الأمن الموازي النداء في نجدة النهضة


في ملف الأمن الموازي النداء في نجدة النهضة


الحبيب الصيد على درب علي لعريض و لطفي بن جدو ينفي وجود الأمن الموازي

نفى رئيس الحكومة الحبيب الصيد في ردّه عن بعض أسئلة نواب مجلس الشعب اليوم الجمعة وجود أمن موازي صلب وزارة الداخلية.
وأضاف الوزير أن كل ما في الأمر هو أن كل وزير داخلية يتم تعيينه على رأس الوزارة يستعين بفريق عمل  يتم التخلي عنه لاحقا بمجرّد تعيين وزير جديد.



تحقيق : وزارة الداخلية و تفكيك لغز الأمن الموازي الموالي لحركة النهضة
24 septembre 2013, 03:02

 مصادر أمنية مطلعة خيرت عدم الافصاح عن اسمائها هي صاحبة المعلومات التي سيتم التعرض اليها في هذا المقال و التي تمكنت من مطابقة مختلف رواياتها و سردها تباعا

تفيد المصادر بأنه مع تعيين علي العريض على رأس وزارة الداخلية مسنودا بمجموعة من القيادات النهضاوية على حد تعبيره و التي شكٌلت ما اصطلح على تسميته بالأمن الموازي و التي تضم كل من : الطاهر بوبحري، فتحي البلدي، أسامة بوثلجة (الذي واصل نفس المهام بعد تحول العريض الى رئاسة الحكومة في القصبة)، فتحي الحيدوري و عبد الكريم العبيدي، اللذين أوكلت لهم مهمة اختراق المؤسسة الأمنية و التغلغل بمفاصل الوزارة تحت إشراف مباشر للقياديين النهضاويين السيد الفرجاني عضو مجلس الشورى في حركة النهضة و زبير الشهودي رئيس المكتب الشخصي لراشد الغنوشي و المكلف بالملف الأمني بحركة النهضة انطلاقا من مونبليزير على حد تعبير المصدر. و قد تم ذلك في ظل صمت القيادات الأمنية العليا التي خذلت قواعدها
و خيٌرت الانصهار في خيارات حركة النهضة للانتفاع بما أغرقت فيه من امتيازات مادية على أن تكون اليد التي تضرب بها النهضة كل أمني لا ينصهر في استراتيجيتها، فتعددت المظالم الإدارية التي مست مئات الأمنيين من مختلف الرتب
و الاختصاصات و أضحت وعود التسميات بالمناصب الإدارية و النقل و الإعفاءات و الإحالة على العدالة أو التقاعد الوجوبي... من وسائل الترهيب التي تستعمل للضغط على الأمنيين و تطويعهم أو التشفي منهم إذا ما تعنتوا في عدم الإذعان لخيارات الحركة.

و نجحت بذلك الحركة في التغلغل بوزارة الداخلية و في وضع رجالاتها بكل الهياكل و المناصب الحساسة بالمؤسسة الأمنية
.
و تؤكد المصادر أنه في الوقت الذي كان فيه الأمنيون و نقاباتهم و أغلب مكونات المجتمع يجمعون على أن الأداء الأمني بعيد عن الحد الأدنى المسموح به و أن الوزارة حادت بشكل واضح عن دورها المأمول بعد الثورة و يدعونها بصوت مرتفع إلى مراجعة خياراتها، واصلت حركة النهضة في سياسة الهروب الى الأمام و تكريس جهودها الرامية إلى إحداث القطيعة بين المؤسسة الأمنية و المجتمع لضمان عدم اصطفافها إلى جانب الشعب في صورة احتداد الأزمة السياسية و الأمنية بالبلاد

و واصلت حركة النهضة الاعتماد على نفس القيادات لمزيد توريطها في أجنداتها السياسية و تحميلها مسؤولية إخفاقات جديدة إلى حين الحسم في أمرها بعد انتهاء المرحلة التي ستحدد حركة النهضة لاحقا ملامحها و توقيتها، فكلما تراكمت الأخطاء و احتدت الأزمة سواء خلال فترة الوزير علي العريض أو الوزير لطفي بن جدو تقوم بتسمية قيادة أمنية قديمة جديدة تتم مساومتها و توظيفها لصالحها باستغلال ماضيها و ارتباطها بمنظومة الفساد الإداري و المالي و الأخلاقي زمن بن علي، لتحمٌلها اثر ذلك  مسؤولية سلسلة من الإخفاقات و الجرائم الجديدة في حق الشعب التونسي كما أفاد بذلك المصدر لتنتهي المرحلة بتنصيب قيادات أخرى بنفس الطريقة وتأمل في كل مرة حركة النهضة في تلميع صورتها و النأي بنفسها عن الأزمات المتتالية التي تتخبٌط فيها
كما أوضحت المصادر أن المؤسسة الأمنية مرت منذ تنصيب حركة النهضةعلى رأس السلطة السياسية بالبلاد بثلاث مراحل رئيسية في تنفيذ إستراتيجيتها :

المرحلة الأولى: انطلقت بعد تاريخ 23 أكتوبر و نفٌذها بنجاح نبيل عبيد المدير العام للأمن الوطني و توفيق الديماسي المدير العام للأمن العمومي السابقين الذي استغلتهما النهضة لمعرفة دواليب الوزارة و تسهيل إعادة إدماج النهضاويين المعزولين و الأمنيين الذين تعلقت بهم قضايا عدلية زمن النظام السابق و تسوية وضعيتهم المهنية و في مقدمتهم فتحي البلدي و عبد الكريم العبيدي الذين تمت ترقيتهما بصفة استثنائية في مناسبتين متتاليتين و هو اجراء يخص الأمنيين  الذين قدٌموا خدمات جليلة للوطن و هو ما لا ينطبق على المعنيين لا قبل الثورة و لا بعدها و بالتالي فهو إجراء مخالف للقانون.
و تقرٌ المصادر بأن نبيل عبيد تواطأ مع علي العريض لضرب النقابات الأمنية الناشئة و إزاحة قيادات أمنية بهدف فسح المجال لمنتسبي النهضة و من نجحت في استقطابهم من الأمنيين للارتقاء الى أعلى المناصب الأمنية دون مراعاة أدني معايير الكفاءة و التجربة المهنية. و حسب المصدر، فإن هذه التسميات كانت منطلقا لسلسة من الإخفاقات الأمنية و فشل الوحدات الأمنية في التصدي للظواهر المخالفة للقانون و التي من أهمها ارتفاع منسوب ظاهرة العنف الصادر عن تنظيم أنصار الشريعة و روابط حماية الثورة و ميليشيات حركة النهضة و التي انطلقت مند أحداث العبدلية فأحداث 9 أفريل وصولا الى أحداث السفارة الأمريكية و السماح لمتزعم التيار السلفي الجهادي سيف الله بن حسين بمغادرة جامع الفتح أمام أعين البوليس المقهور. و يضيف المصدر أن هذه الإخفاقات و لئن تعكس في جانب منها قرارات وخيارات سياسية معلومة، فإن السيد نبيل عبيد يتحمل في جانب آخر منها مسؤولية مسايرته لها و عدم اتخاذه قرارا شجاعا بالتمسٌك بتطبيق القانون و عدم فسح المجال للقرار السياسي أن يتدخل في القرار الأمني و أن يعلو عليه مما كان سيغيٌر حتما مجرى الأحداث بالبلاد و يجنبها موجة الإرهاب و الاغتيالات التي تعيشها اليوم.
و بعد صمته على مختلف الأحداث التي جدت و هو المسؤول الأول عن الأمن الوطني تمت إقالة السيد نبيل عبيد و تحميله وفق استراتيجية النهضة الأمنية مسؤولية هذه الأحداث و إسكاته بتسميته مستشارا ديبلوماسيا لدى الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بمرتب شهري يناهز ال15 ألف دولار و إقامة دائمة بين تونس و المملكة العربية السعودية.

 المرحلة الثانية: مرحلة قصيرة انطلقت مع تعيين عبد الحميد البوزيدي مديرا عاما للأمن الوطني بعد أن لجأ إليه رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي للإبقاء على نفوذه على الوزارة، غير أن القيادات الأمنية المنصبٌة من قبل الشقٌ المهيمن بالنهضة و في مقدمتها وحيد التوجاني المدير العام للأمن العمومي و محرز الزواري المدير العام للمصالح المختصة و عماد بوعون المدير العام للمصالح الفنية و عماد الغضباني المدير العام لوحدات التدخل و رياض باللطيف المدير العام للتكوين... بقيت تنسٌق مباشرة مع وزير الداخلية على العريض و أبقت على البوزيدي في عزلة، و هو ما أدخل حسب ما أكدته المصادر  ارباكا على الأداء الأمني بحكم أن تغييب المدير العام للأمن الوطني عن أهم المسائل الأمنية لا يمكن الا أن يؤدي الى عواقب وخيمة كانت احدى نتائجها بروز الأمن الموازي و اغتيال الشهيد شكري بلعيد. و مع استقالة حكومة الجبالي، لم يعمٌر البوزيدي طويلا و تمت إقالته للتخفيف من حدة الانتقادات التي وجهت لوزارة الداخلية حينها.

 المرحلة الثالثة: انطلقت حسب ما تؤكده المصادر مع تعيينات جديدة بوزارة الداخلية تكرٌس مبدأ اختيار قيادات أمنية ضالعة في الفساد المالي و الإداري بهدف استغلال نقاط ضعفها كورقة ضغط لتطويعهم و ضمان ولائهم و التستر على الخروقات و التجاوزات, و توظيفهم كبيادق لاستكمال احتواء وزارة الداخلية نهائيا عبر تعيين اخطبوط من القيادات الأمنية الموالية لحركة النهضة و اختراق القواعد الأمنية عبر إعطاء الأولوية في الانتدابات للموالين و المتعاطفين مع التيار الديني. و هذه التعيينات تخص كل من:


 محرز الزواري : والذي تمت ترقيته في أقل من سنة من مكلف بالشؤون الادارية بإحدى المدارس.الأمنية الى المدير العام للمصالح المختصة

وحيد التوجاني : تمت ترقيته في أقل من سنة من مكلف بالتنسيق العدلي بصفاقس الى مدير اقليم أمن مدنين فمدير عام للأمن العمومي ثم مديرا عاما للأمن الوطني 

سيف الدين باللطيف : ابن خال سيف الله بن حسين (أبو عياض) و هو يجسٌد لوحده المفارقات العجيبة لحركة النهضة فهي تقيل رياض باللطيف المدير العام للتكوين بناءا على علاقة القرابة التي تجمعه بسيف الله بن حسين، و تبقي على سيف الله باللطيف الذي تولت فيما بعد ترقيته في لمح البصر من مجرد رئيس مصلحة بالتفقدية العامة للأمن الوطني الى مدير اقليم قفصة و في أقل من 3 أشهر متفقدا عاما للأمن الوطني برتبة مدير عام و ها هي اليوم تستعد لتعيينه مديرا عاما للأمن العمومي خلفا لمصطفى بن عمر الذي تسعى القيادة النهضوية الى تحميله مسؤولية التواطؤ في موضوع اغتيال الشهيد محمد البراهمي على حد تعبير المصدر.

 مصطفى بن عمر:  تمت ترقيته في أقل من 4 أشهر من رئيس المصلحةالمختصة ببن عروس الى مدير اقليم قرطاج فمدير عام للأمن العمومي رغم ما عرف به من فساد مالي و اداري حسب ما صرح به المصدر لتتعلق به في بداية سنة 2012 القضية التحقيقية عدد  25333/12 و التي تقدمت بها عناصر نهضاوية ضده  من أجل التعذيب، تم على إثرها مباشرة ترقيته إلى مدير امن قرطاج و من ثم ترقيته بعد أقل من شهرين إلى مدير عام للأمن العمومي .

عماد بوعون : و هو حسب ما صرح به مصدرنا يعتبر من أكثر المنتفعين بثورة 14 جانفي حيث لم يسبق في تاريخ وزارة الداخلية أن تمت ترقية إطار امني مكلف بالترجمة الى مدير لمكافحة الجوسسة ثم مباشرة الى منصب المدير العام للمصالح الفنية في أقل من سنة.

عاطف العمراني : تمت ترقيته في أقل من سنة من رئيس مصلحة مختصة بصفاقس لمدة أكثر من 5 سنوات أين عرف بفساده الاخلاقي و المالي حسب ما صرح به المصدر وقد تم استقطابه بعد الثورة من قبل  الطاهر بوبحري الذي تربطه به علاقة قرابة ليتم تعيينه في مناسبة أولى رئيس منطقة باب بحر ثم ترقيته الى منصب مدير الاستعلامات العامة و في أقل من شهر مديرا عاما للمصالح المختصة

تقر المصادر أن الإخفاقات الأمنية تراكمت تحت سياسات و استراتيجيات هذه القيادة التي يعتبرها متواطئة مع حركة النهضة و خاضعة لاملاءاتها مما يفسر حسب رأيه تعدد فضائح التقصير الأمني من أحداث العبدلية و السفارة الأمريكية و قرار عدم إيقاف سيف الله بن حسين بجامع الفتح بدعوى تفادي الاصطدام مع أتباعه، ثم أحداث الرش بسليانة، والاعتداءات المتكررة على الاتحاد العام التونسي للشغل من طرف ميليشيات الحركة على حد تعبير المصدر و غيرها من الأحداث، و هي وضعية سمحت باستباحة دم السياسيين فجاءت الاغتيالات و جاء التستٌر على الاغتيالات رغم سابقية توفٌر معطيات استخباراتية متأكدة لدى هذه القيادة الأمنية المتواطئة التي فضٌلت طمس الحقائق و التدخل في سير الأبحاث للسيطرة على نتائجها، 

فتم بذلك الحكم على ضرورة إنهاء هذه المرحلة لاسيما مع احتداد الأزمة السياسية و اتُخذ قرار على أعلى مستوى السلطة السياسية بتوجيه من الثنائي وحيد التوجاني و مصطفى بن عمر الذين نسُقا مع السيد الفرجاني عضو مجلس شورى حركة النهضة للتضحية بمحرز الزواري و خدماته و إبعاده بدعوى الاستجابة لمطلب المعارضة في هذا الخصوص.


يؤكد المصدر أن معظم القواعد الأمنية بعد أن فقدت الثقة في قياداتها المنصٌبة و في قدرتها على إدارة الشأن الأمني في ظل تواصل الأحداث الأليمة و الغير مسبوقة التي تعيشها البلاد، عبٌرت عن رفضها الشديد لمواصلة نفس نهج التعيينات
و إعادة التعويل على من أجرم في حق الأمنيين و الوطن و تطالب بإحداث لجنة تعيين تضم نواب من المجلس التأسيسي و ممثٌلين عن المجتمع المدني و ممثٌلين عن النقابات و الجمعيات الأمنية الى جانب وجوه سياسية وطنية بارزة من مختلف الحساسيات السياسية قصد انقاذ البلاد و العباد .

أمين مطيراوي -صحفي-

 و بعد إيقاف عبد الكريم العبيدي ملف الأمن الموازي يكشف «رؤوس جديدة»!
 في تونس, وطنية 2015-01-15

عصام الدردوري يكشف لـ«الشروق»:بصمة الأمن الموازي رافقت عملية القضاء على القضقاضي
28 جانفي 2015 

كشف رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن عصام الدردوري في حوار لـ«الشروق» عن حقائق وخفايا حول الشبكة العنكبوتية لجهاز الامن الموازي وعن ترك قيادات هذا الجهاز لبصمتهم في عملية القضاء على الارهابي كمال القضقاضي برواد.

تونس ـ (الشروق)
كما تضمن الحوار معطيات تعلقت بهذا الملف والتأكيد على سقوط الكثير من المشتبه بهم في الايام القادمة مع تقدم التحقيقات في ملف اختراق وزارة الداخلية.

تحدثتم منذ عامين عن الامن الموازي رغم تمسك السلطات الرسمية بعدم وجوده واليوم يثبت الواقع ان هذه المسألة حقيقية ما رأيكم؟

انني أثرت هذا الملف على امتداد سنتين وكانت المناسبة الاولى عند التقائي بوزير الداخلية السابق علي العريض الذي سلمته ملفا كاملا حول تركيبة هذا الجهاز وابرز القائمين على تكوينه وفي مقدمتهم المظنون فيه عبد الكريم العبيدي الموقوف على ذمة قضية الشهيد محمد الابراهمي وقد جرت الرياح في تلك الفترة بما يشتهيه المستفيدون من هذا المشروع ووقع التنكيل بشخصي انذاك لتثبت الوقائع صحة ما كنت ذهبت اليه وحذرت منه.

كيف تفسرون رد النيابة العمومية بان مصطلح الامن الموازي في المجلة الجزائية غير موجود؟

فعلا تسمية الامن الموازي لم يقع التطرق اليها بذات المصطلح من طرف المشرع التونسي وهناك من ذهب الى اعتبار ان الامن الموازي هو توظيف عناصر مدنية في خدمة اجندات سياسية على طريقة الميليشيات ولكن جوهر الموضوع ان الامن الموازي برز في شكل الشرطة السلفية في مناسبة اولى وكانت مدعومة من أطراف امنية ثم تجسدت في شكل مجموعات امنية تنظمت خارج اطار الهيكلية الادارية المتعارف عنها صلب وزارة الداخلية واصبحت هذه المجموعات تعمل بطريقة موازية للأجهزة الامنية الرسمية كما ان مهام هذه المجموعات لم يكفلها القانون وكانت تخضع لتصرف مباشر من طرف القيادات التي اضحت معلومة لدى الراي العام كما تم ايضا توظيف بعض العناصر المدنية في السياق وفي خضم هذا كله نحن نرى ان المسالة إجمالا تتعدى الامن الموازي في حد ذاته لتضعنا امام حتمية الاعتراف بحجم المساعي التي بذلت وتحقق جزء منها في اختراق المؤسسة الامنية وإضعافها والحد من نجاعتها.

كأنكم تريدون القول ان ما حصل لم يكن عفويا وانما هو مخطط له مسبقا؟

هذا الامر بديهي فالذي تعرضت له المؤسسة الامنية بصفة خاصة ومؤسسات الدولة بصفة عامة من اختراق يصب في خانة الدفع التدريجي نحو تهاوي الدولة وتسهيل السطو عليها كما ان ما حصل ليس بمعزل عن ما يجري من تحولات اقليمية وحتى دولية كلها تهدف الى زعزعة الاستقرار وتمكين الجماعات المتطرفة من ايجاد موطئ قدم لها في تونس.

هل تعتقدون انه بعد ايقاف الامني عبد الكريم العبيدي سيقع الكشف عن تورط اطراف اخرى في الامن الموازي والجرائم الارهابية؟

صحيح ان المظنون فيه عبد الكريم العبيدي له دور فعال في ما آلت اليه الامور لكن بما انه على ذمة القضاء سنترك الكلمة الفصل له وقد أطلعنا السلطات القضائية على جزء هام من المعطيات تتعلق بالامن الموازي ويعتبر المظنون فيه بريء الى ان تثبت ادانته 

لكن لا يجب الاستنقاص من دوره او التهويل فيه باعتباره انه فرد من المجموعة التي استغلت نفوذها وعلاقتها بالحزب النافذ في الترويكا الحاكمة وكذلك علاقته بما يسمى مجموعات التسعينات 

في مقدمتهم فتحي البلدي لاختراق الجهاز الامني وتسهيل وقوع عمليات ارهابية وفي اعتقادي ان التحقيق سيسقط هذه الشبكة خاصة مع بروز بوادر جدية في تعاطي القضاء مع هذه الملفات منها ملفات الاغتيالات السياسية مع التأكيد ان القضيتين المفتاح التي وجب تفكيكها بطريقة ترتقي الى المستوى المطلوب 

قضية رجل الاعمال فتحي دمق والقضية الثانية التي ستثار في قادم الايام ملف القضاء على الارهابي كمال القضقاضي خاصة ان احد المتورطين في جهاز الامن الموازي اكد انه شارك في تلك المهمة وكان بصدد التنسيق مع احد القيادات الامنية وهوما يؤكد ان عملية رواد كانت تسير ايضا من قبل أطراف موازية وجب الكشف عنها خاصة ان عبد الكريم العبيدي كان بمسرح العملية بصدد التنسيق الهاتفي مع قيادات امنية وهو ما يتعارض مع الانابة القضائية الموكولة للجهاز الامني المتمثل في وحدة مختصة تابعة للحرس الوطني.

ما هو ردكم على تصريحات الناطق الرسمي باسم حركة النهضة الذي اكد ان الحركة لا تربطها اي علاقة بالعبيدي؟

اقول لزياد العذاري ان عبد الكريم العبيدي منكم واليكم وادعوه الى مواجهة اعلامية والكف عن الضحك على الذقون وان له حججا وبراهين تؤكد ان العبيدي احد البيادق الامنية للحركة.

حسب رأيكم ماهي اولويات وزير الداخلية القادم؟

من ابرز اولويات الوزير القادم في اعتقادي معالجة ملف الاختراق وتفكيك جهاز الامن الموازي وتتبع المتورطين فيه وتقديمهم للعدالة ومحاسبة المتورطين في تسهيل سفر شبابنا الى بؤر التوتر والدفع نحو سن قانون مكافحة الارهاب وغسل الاموال وتشريك النقابات الامنية والمجتمع المدني فيه ومزيد تدعيم الجانب الاجتماعي واللوجستي للأمنيين والإحاطة بعائلات شهداء الواجب الوطني والكشف عن الشبكات المتورطة في ملف الاغتيالات السياسية والجهات المتورطة في تهريب ابوعياض والارهابي كمال زروق من جامع الياسمينات باريانة.

كما مثّل خبر اصدار بطاقة ايداع بالسجن ضد عبد الكريم العبيدي رئيس فرقة حماية الطائرات سابقا الذي أذنت النيابة العمومية بفتح تحقيق في شأن التهم المنسوبة إليه والمتعلقة بقضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي، مثّل منعرجا للحديث مجددا وفتح ملف جهاز الأمن الموزاي صلب وزارة الداخلية، خاصة أن هناك من يعتبر العبيدي من أخطر عناصر خلية الأمن الموزاي. 

ولئن نتفق على عدم تضمن القانون الجزائي لتهمة تحت مسمى الأمن الموازي، فان هذا المصطلح الذي راج عهد الترويكا أراد البعض من خلاله التأكيد على اختراق الجهاز الامني ومحاولة البعض استغلال صفتهم الامنية لخدمة مصالح سياسية حزبية أو اطراف ضالعة في تهم لها علاقة بالارهاب.

من جهتنا ارتأينا الانطلاق من خبر ايقاف عبد الكريم العبيدي رئيس فرقة حماية الطائرات سابقا، لفتح ملف ما يسمى ب»جهاز الأمن الموازي» مجددا، فكان أن اتصلنا بوجوه نقابية لتحدثنا عن حقيقة وجود هذا الجهاز من عدمه، ونذكر أننا اتصلنا بالناطق الرسمي لوزارة الداخلية محمد علي العروي الذي رفض مدنا بتصريح بخصوص هذا الموضوع مؤكدا أن هذا الأمر لا يدخل ضمن صلاحياته .

الحبيب الراشدي: بتنا نعاني أيضا من ديبلوماسية موازية

أكد النقابي الأمني الحبيب الراشدي أن الأمن الموازي صلب وزارة الداخلية وجد بعد الثورة وذلك من خلال مجموعة من الأمنيين الذين عرفوا بخدمة مصالح حزبية معينة .
وذكر الراشدي ان تونس اليوم لا تعاني من أمن مواز صلب وزارة الداخلية فقط بل من ديبلوماسية موزاية وادارة موازية وحكومة موازية، مؤكدا أن حكومة مهدي جمعة ماهي الا حكومة نهضة ثانية .

وأفادنا الراشدي أنه وفي كل مرة يقع الكشف فيها عن مورّط في جهاز الأمن الموازي وتقع المطالبة بمحاسبته الا وتقوم جهات معينة بترقيته .
الحبيب الراشدي ذكر أيضا أن ما عاشته وزارة الداخلية هو عبارة عن «كاراكوز» حيث تم تعيين أشخاص لا علاقة لهم بالأمن كمستشارين على غرار طاهر بوبحري واسامة بوثلجة وسيد فرجاني، مضيفا أن هؤلاء عرفوا بولاءاتهم الحزبية ومن المفروض محاسبتهم لا تعيينهم .

من جهة أخرى طالب النقابي الأمني الحبيب الراشدي بالعودة الى الوراء لمعرفة من وقف وراء تهريب أبو عياض وكمال زروق وغيرهم.

وبيّن محدثنا أن نداء تونس مطالب اليوم بعدم تعيين كل من محمد نبيل عبيد وتوفيق الديماسي على رأس وزارة الداخلية كما راج مؤخرا مبررا ذلك بأن تعيين هذين الأخيرين يعني بقاء الأمر على ماهو عليه وعدم التوصل الى فكّ لغز جهاز الأمن الموازي اضافة الى 5 سنوات من القتل والفوضى والارهاب .

وطالب الراشدي من وزارة الداخلية التدخل الفوري وفتح تحقيقات جدية لأن تونس تمر بأصعب فتراتها ولا بدّ من الحذر، كما أكد وجود قيادات أمنية عليا حاليا صلب وزارة الداخلية مورطة في قضايا مختلفة ولا بدّ من محاسبتها.

وختاما أشار محدثنا الى ملف ايقاف الاطار الامني السابق عبد الكريم حيث أبدى استغرابه من ايقافه في هذا التوقيت بالذات والحال أن ملف هذه القضية موجود عند التحقيق منذ قرابة السنة مبينا أن كل ما يخشاه هو أن بعض القيادات المتورطة في جهاز الأمن الموازي أرادت التضحية بالعبيدي .

عصام الدردوري: مصطلح لغوي يخفي عديد الأسماء المطلوبة

من جهته بين رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن عصام الدردوري أنه ومن الناحية القانونية لا تحتوي المجلة الجزائية التونسية على مصطلح الأمن الموازي وعلى هذا الأساس رفعت المنظمة قضاياها ضدّ مجموعة من الأمنيين بتهمة اختراق المؤسسة الأمنية والتآمر على أمن الدولة، مضيفا أن مصطلح الأمن الموازي هو مصطلح لغوي والمقصود به هو وجود مجموعة أمنية تعمل لصالح جهات حزبية ضيّقة بطريقة منظمة وموازية للإدارات الأمنية والفرق والوحدات المحلية والمنصوص عليها ضمن هيكليّة وزارة الداخلية .

مخطط واضح

واشار الدردوري الى أن تكوّن هذه المجموعات لم يكن وليد الصدفة بل تمّ مباشرة اثر تسلم الترويكا الحاكمة للسلطة حيث وقع الاعتماد على شخصيّات أمنية تضطلع بمراكز قيادية سامية على غرار المدير العام السابق للمصالح المختصّة محرز الزواري للقيام بهذا الأمر والذي استعان بدوره بمجموعة ما يسمّى عناصر التسعينات الأمنية على غرار فتحي البلدي والطاهر بوبحري وغيرهم من المسؤولين الأمنيين وفي مقدّمتهم عبد الكريم العبيدي وحافظ مطار تونس قرطاج سابقا فتحي بوصيدة وهو الملحق الأمني الحالي لسفارة تونس بمصر ومجموعة أخرى من الأمنيين الذين وقع توظيفهم في عدة مهام على غرار التدريب، على حدّ تعبيره..

وذكر عصام الدردوري انه كان على يقين منذ البداية انّ ما قامت به هذه الأطراف غير قانوني ولغايات اجرامية بالأساس حيث قال:» لا يمكننا ان ننسى أيضا أن بصمة الأمن الموازي أي الأمن الذي يعمل خارج اطار القانون وجدت كذلك في قضية رجل الأعمال فتحي دمق حيث اشرف على تصوير مقاطع فيديو تلك القضية الشهيرة والتي ذكر فيها للمرة الأولى مسدس عيار 9 ملم ودراجة «فيسبا» 

وهي تقريبا شبيهة بنفس الوسائل التي تم اعتمادها في جرائم الاغتيالات، هذا إلى جانب ظهور أول قائمة اغتيالات في تلك الفيديوهات التي قام بتصويرها وبإيعاز من مدير عام المصالح المختصة السابق محرز الزواري وكل من جمال النفزي رئيس مصلحة التحركات الحدوديّة الحالي بإدارة الحدود والأجانب والمدعوين سامي بوعفيف وقيس بكار وهما تابعين آنذاك للإدارة المركزية للاستعلامات».

البقية في الطريق

وبين الدردوري أن قضية رجل الأعمال فتحي دمق هي من أهم المفاتيح للوقوف على الدماء التي أريقت في تونس ومن يقف وراءها.

وختم الدردوري بقوله:» قريبا نكشف بقيّة المتورّطين مع عبد الكريم العبيدي في تكوين جهاز أمن موازٍ وملفّ الاغتيالات بعيدا عن أيّ تشخيص للأمور أو تجنٍّ على أيّ كان كما اعتدتموني، 

وفي مقدّمة هذه الأسماء محافظ مطار تونس قرطاج السابق فتحي بوصيدة الذي كان الذراع اليمنى على غرار العبيدي للمدير العام للمصالح المختصّة السابق محرز الزواري حيث بعث النواة الأولى لتدريب الأمن الموازي رفقة عبد الكريم العبيدي كما كان يضطلع بتسهيل دخول شيوخ التكفير إلى تونس رغم عدم حصولهم على الموافقة الحدودية وسهّل عمليات تسفير الشباب إلى سوريا عبر مطار تونس قرطاج. 

وجزاء لما قدّمه ولإفلاته من العقاب ولكسب صمته عيّنه محرز الزواري قبل أن يقع إبعاده ملحقا أمنيا بسفارة تونس في مصر. تذكّروا هذا الاسم جيّدا فإن تكرّست العدالة الدنيوية بشكل حقيقي فإن بطاقة الإيداع القادمة بالسجن ستكون في حقّه. وعلى هذا الأساس فإني أحمّل السلطات التونسية مسؤولية عدم عودة هذا الأخير إلى التراب التونسي ومسؤولية سلامته الجسدية لأنّه شخصية تعرف الكثير وقد تكون هدفا يسعى البعض لإسكاته نهائيا».

شكري حمادة: اعترض على التسمية لكن…

وعلى عكس الشهادات السابقة رأى الناطق الرسمي للنقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي شكري حمادة أن مصطلح الأمن الموزاي لا يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون وغير وارد في المجلة الجزائية التونسية وبالتالي عبّر عن رفضه استعمال البعض في كل مناسبة لهذا المصطلح الخاطئ، حيث بين لنا أن الأمن الموازي يطلق على سبيل المثال على الشرطة السلفية التي حاولت بعد الثورة ان تحل محل الامن وتوفر الحماية للمواطنيين وبالتالي تبعث وزارة داخلية موازية اما ما يوّجه لبعض الأمنيين من اتهامات فهي جرائم يعاقب عليها القانون سواء التستر على مجرم او المشاركة في جريمة أو خدمة مصالح حزبية معينة .

وذكر حمادة أن النقابة طالبت في وقت سابق باقالة المديرين العامين بعد اغتيال الشهيد الحاج محمد البراهمي وتحديد المسؤوليات أي أن المطلوب معاقبة الاشخاص على أفعال وجرائم لا على انتماء الى أمن مواز والتي لا تعتبر تهمة في القانون التونسي، مضيفا انه تم بالفعل اقالة هؤلاء المديرين باستثناء آمر الحرس الوطني منير الكسيكسي .

وأفادنا شكري حمادة ان المطلوب من بعض الذي يتحدثون عن جهاز أمن مواز تقديم ملفات فعلية الى القضاء والتحقيق والكف عن استعمال مثل هذه المصطلحات لأن هناك أشخاص متواطؤون ومشاركون في جرائم ودعموا الجانب السياسي على حساب المواطن.

ختاما ذكّر شكري حمادة أن على وزير الداخلية القادم تقييم الوضع صلب الوزارة حتى يتمكن من معرفة أين تكمن الاخلالات.

الصحبي الجويني: هناك اختراق يستوجب المحاسبة

وفي نفس السياق، سبق للأمين العام للاتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن التونسي النقابي الصحبي الجويني أن أكد أن النقابة الأمنية أثبتت منذ سنة 2012 وجود مجموعات تتدرب وتعد لتنفيذ عمليات ارهابية، مضيفا أن هذه المعلومات كانت متوفرة لدى وزارة الداخلية ومن الضروري اليوم مساءلة بعض القيادات الامنية صلب هذه الوزارة سواء لعدم تدخلهم لايقاف هذا الخطر أو لصمتهم على التعليمات بعدم التدخل وهذه مشاركة في الجريمة لأنه وحسب مجلة القانون الجزائي يعاقب هؤلاء لتقصيرهم أو تواطؤهم .

وذكر الجويني أن الجهاز الامني لم يكن مخترقا قبل 14 جانفي 2011 فيما تغيرت الصورة بعد هذا التاريخ وطالب الجويني بمراجعة الانتدابات الجديدة صلب الوزارة وخاصة للمنتفعين بالعفو التشريعي العام مبينا أن هناك من حوكم في السابق من أجل الانتماء لحركة النهضة وارتكاب جرائم نجدهم اليوم داخل الوزارة كما يوجد قيادات لم تحترم ميثاق الامن الجمهوري وقال:» هذا ما يدفعنا للقول ان المؤسسة الامنية يوجد بها بعض السموم التي يجب ان نقضي عليها قبل ان تنتشر».
وبين الجويني ان هناك على الأقل 5 قيادات أمنية عليا موجودة الآن صلب وزارة الداخلية سيقع مناقشة ملفاتهم مع السلطة السياسية القادمة وتمكينها من جميع الملفات…

samedi 4 avril 2015

الإخوان والاستعمار: تاريخ الخزى والعار


الإخوان والاستعمار: تاريخ الخزى والعار



طلعت رضوان 
     

نتيجة الثقافة المصرية السائدة (وعلى رأسها الإعلام) ترسّخ لدى البسطاء أنّ الإسلاميين المؤمنين بالعنف المُسلح أمثال أعضاء تنظيم دولة الإسلام فى العراق والشام ، وهو التنظيم الذى أطلقتْ عليه الإدارة الأمريكية اسم الدلع (داعش) 

بينما الحقيقة أنّ داخل الإعلام المصرى، وداخل أغلب المُـتعلمين المصريين المحسوبين على الثقافة السائدة، شخصيات لا يقلون خطورة عن أعضاء التنظيمات الإسلامية الإرهابية، وتبعًا لذلك يكون لدينا (إرهابيون بأسلحة القتل) و(إرهابيون بالقلم) 

من بينهم أ. فهمى هويدى الذى تساءل بأسلوب (الغمز) عن موقف السيسى من اتفاقية السلام مع إسرائيل (الشروق 10/10/2013) 

وكأنه لم يقرأ ما فعله مرسى، من تعهد ب (الاتفاقات الدولية) والخطاب المُهين لرئيس دولة إسرائيل، واتفاقه مع قادة حماس لمنع شن أى هجمات على إسرائيل، وكذا اتفاقه معهم على توطين الغزاويين فى سيناء ، 

ومع ملاحظة أنّ توطين الفلسطينيين فى سيناء حلم إسرائيلى (قديم ومُتجدّد) معروف بمصطلح (الترانسفير) 

أى أنّ محمد مرسى قدّم بذلك (خدمة العمر) لصالح الصهيونية العالمية التى تتمنى وتحلم بالقضاء النهائى على قضية الشعب الفلسطينى بترحيله من فلسطين إلى سيناء والأردن 

 هويدى عرّى نفسه وكشف وجهه الإخوانى إذْ أضاف أنّ السيسى لم يكن موفقــًا فى حديثه عن عدم انشغال الإخوان بالوطن والحدود والتزامهم بأفكار الخلافة. 

ونصحه بأنْ يُراجع التاريخ لأنّ الإخوان قادوا معسكرات محاربة الإنجليز. 

ولأنّ أ. طارق البشرى (كان) مؤرخـًا محايدًا عندما كتب كتابه (الحركة السياسية فى مصر- 1945- 52 – دار الشروق – ط 2- عام 1983) ثم تحوّل إلى أصولى عتيد بعد توليه منصب رئيس الجمعية العمومية لقسمىْ الفتوى والتشريع فى بداية التسعينيات، 

فإنّ الاستشهاد بما كتبه فى كتابه المذكور فيه الرد الدامغ، 

وبذا يتواجه الأصوليان هويدى والبشرى الذى كتب إنّ الإخوان المسلمين ((برغم ما كان يصدر عنهم من تعريض بالاستعمار(أحيانـًا) كانت أقل التنظيمات السياسية المصرية تعرضًا للمسألة الوطنية)) 

وفى رسالة (نحو النور) التى كتبها حسن البنا عام 1936وأرسلها إلى رؤساء الحكومات العربية والإسلامية وتكلم فيها عن الموبقات العشر، لم يرد بها مطلب واحد يتعلق بالجلاء أو الاستقلال 

((وكانت أقل التنظيمات السياسية المصرية تعرضًا للمسألة الوطنية وتحديدًا للموقف إزاءها)) 

وأنّ مطلب الخلافة الإسلامية كان مقدمًا عند الجماعة على أى هدف آخر. وأنّ حسن البنا تكلم عن (الوطن الإسلامى) الذى يسمو على الحدود الوطنية الجغرافية. 

وأكد أ. البشرى أنّ مطلب الخلافة الإسلامية ((لم يكن يُثير عداء الاستعمار طالما لم يتضمن موقفــًا صريحًا معاديًا للاستعمار)) (ص54، 55) 

وفى رسالة (نحو النور) أيضًا كان تركيز حسن البنا الأساسى على ((إلغاء كافة القوانين الوضعية- وإقرار الحدود الشرعية الإسلامية مثل قطع اليد والقتل)) (ص 56) 

ونظرًا لتركيز الإخوان المسلمين على الترويج لمشروع (الخلافة الإسلامية) ورفض مشاركة الحركة الوطنية فى الكفاح المسلح ضد الإنجليز، فإنّ كل ذلك أثار ((ريبة الحركة الوطنية (عندما أدركتْ أنّ جماعة الإخوان) رفعتْ شعارات مغايرة للهدف الوطنى الديمقراطى المطروح)) (56) 

وأنّ الإخوان تلقوا من (مرشدهم) وصية تحض على احتلال الشعوب فقال لهم ((الدور عليكم فى قيادة الأمم وسيادة الشعوب، لأنّ الدين يوجّه المسلمين إلى أفضل استعمار وأبرك فتح ويُقيم المسلمين أوصياء على البشرية القاصرة ويعطيهم حق الهيمنة والسيادة على الدنيا)) 

وبلغة المؤرخ المحايد كتب البشرى ((إنّ مواقف زعيم الجماعة والجماعة من ورائه كانت دائمًا فى صالح السراى وحكومات الأقلية)) (ص72) 

وسارتْ مظاهرات الإخوان ضد مجلس الأمن لنظر قضية الاحتلال وكانت ((هذه الهتافات تصدر عن رغبة الإخوان فى تفادى اتخاذ موقف واضح تجاه الدول الاستعمارية التى عارضتْ مصر أو الدول الاشتراكية التى ناصرتها)) 

وعندما سارتْ ((مظاهرات تـهتف بسقوط الاستعمار استعان سليم زكى حكمدار العاصمة بالبنا الذى طلب من المتظاهرين الانصراف)) (ص172، 173)

وعندما رفعتْ التنظيمات اليسارية شعار الكفاح المسلح ضد الإنجليز((كانت قيادة الإخوان تجمع السلاح خفية فى تنظيم سرى دون أنْ تـُعلن منهجًا يتعلق بالكفاح المسلح لانتصار الحركة الوطنية)) (ص175) 

والأخطر أنّ قيادة الإخوان ((نجحتْ إلى حد كبير فى أنْ تمتص ثورية القواعد الشعبية للإخوان وعزلها عن المد الثورى . وقد يكون لجماهير الإخوان ما يجعلهم حربًا على الاستعمار(لو تحرّكوا) ولكن بقيتْ الجماعة فى عمومها بعيدة عما تتطلبه موجات الكفاح الشعبى . 

وانهدّ بذلك قسم خطير من الكتلة الشعبية)) (ص388) وذكر البشرى أيضًا مواقف الإخوان (المائعة) ((من القضية الوطنية وعزوفها الصريح عن الارتباط بالحركة الثورية. 

وسياسة المرشد وقيادة الجماعة الواضحة فى الابتعاد عن خوض الكفاح المسلح فى وقت نادتْ فيه جميع التيارات الثورية بالدعوة إليه)) (ص404) وفى 26ديسمبر51 وصف مراسل صحيفة (الملايين) فى الإسماعيلية المعركة بين القوى الوطنية والإنجليز((وأنّ التفكير بدأ فى تنظيم المقاومة، فاتصل بعضُ الوطنيين بالقنال بالأحزاب ولكن هذه الاتصالات لم تؤد لنتيجة بسبب رفض الإخوان العمل المشترك رغم الالحاح عليهم بما تقتضيه مصلحة الوطن)) (ص507) 

وبعد مقتل البنا ظلتْ قيادة الجماعة على موقفها الرافض لتكوين جبهة موحدة (مع باقى القوى الوطنية) لمقاومة الاحتلال البريطانى . 

وذكر البشرى أنّ الجماعة ((صرفتْ همها فى المطالبة بتغير أسماء الشوارع والحض على إغلاق دور اللهو إلخ وكان الهضيبى على اتصال واضح بالملك وطلب من قيادة الجماعة أنْ تقف بكتلتها الشعبية بعيدًا عن المعركة. فلم يُنتظر منها المساهمة فى تكوين الجبهة ((ص529، 530) 

وأنّ قيادة الجماعة وقفتْ بالإخوان بعيدًا عن الحركة الثورية وفى صف الملك. 

وقد عُرف وقتها أنّ ثمة جماعة تـُسمى نفسها (إخوان الحرية) على اتصال بالمخابرات البريطانية تقوم بعمليات تآمر(لصالح) الإنجليز فى مصر)) (ص530) 

وهذا الموقف يجب ربطه بما ذكره حسن البنا فى مذكرات الدعوة والداعية من دعم الإنجليز له بمبلغ 500جنيه بحجة التبرع لبناء مسجد بالإسماعيلية. وكذلك ربطه بما ذكره البشرى من أنّ حسن البنا (عندما كان يعمل مدرسًا) كان يُملى على التلاميذ موضوعات ((يتوخى فيها الثناء على الملك فؤاد وتعداد مآثره)) 

وأنه ((دفع العمال يوم زيارة الملك لمدينة الإسماعيلية (عام 1927) إلى التجمع لتحيته ((حتى يفهم الأجانب فى هذا البلد أننا نحترم ملكنا ونحبه)) 

ونظرًا لهذا الموقف المُهادن والمُـتملق للسلطة كتب أحد رجال البوليس تقريرًا ، أشاد فيه بأثر جماعة الإخوان المسلمين فى تقويم من لم تنفع معه وسائل التأديب البوليسية واقترح ((أنْ تـُشجع الحكومة وتعمل على تعميم فروع هذه الجماعة فى البلاد حتى يكون فى ذلك أكبر خدمة للأمن)) (ص43، 45) 

فهل هناك انتهازية أكثر من ذلك ؟ وبعد إلغاء معاهدة 36عام 51 تطوع بعض شباب الإخوان للاشتراك فى الكفاح المسلح، فوقف الهضيبى يخطب فيهم وقال ((اذهبوا واعكفوا على تلاوة القرآن)) (ص523) 

وأثناء معركة القنال قال رئيس شعبة الإخوان بالسويس ((ليس للإخوان أى نشاط فى حركة المقاومة. وأنّ الإنجليز يستطيعون استبدال العداء التقليدى بصداقة إنسانية مع مصر)) 

وفى صحيفة الدعوة عدد24/6/52مقال قال فيه كاتبه ((ربانية لا وطنية. الإيمان بالله أبقى وأغنى من الإيمان بالأرض)) (ص 574) 

وإذا كانت أمريكا- اليوم- تتزعم مشروع (الشرق الأوسط الكبير) فإنّ الفكرة لها جذور قديمة، فكتب البشرى ((أوضحتْ تصريحات مرشد الإخوان أنه لا يرفض مبدأ الأحلاف الدفاعية الإقليمية. فى وقت ظهرتْ فيه فكرة إنشاء حلف من الدول الإسلامية باسم الكتلة الإسلامية يرتبط بالغرب كبدليل احتياطى لمشروع حلف البحر الأبيض المتوسط واستغلال الدين للعمل على تحقيقه)) فهاجم د. راشد البراوى مشروع الكتلة الإسلامية وارتباطه بسياسة الأحلاف الأمريكية/ الإنجليزية (575) 

فإذا كان هذا هو موقف الإخوان من الاحتلال الإنجليزى لمصر، فإنّ موقفهم من الاحتلال الصهيونى لفلسطين هو المتاجرة بالقضية. 

ونصّ البشرى على ((فلما احتدمتْ أزمة فلسطين، نشطتْ جماعة الإخوان وبادر الفدائيون بالتطوع للجهاد. ووجدتْ الجماعة فى الأزمة فرصة لها للتوسع انتهزتها كما انتهزتْ ثورة فلسطين سنة36. 

وذكر أحمد حسين ((أمدّتهم معركة فلسطين بفرصة ذهبية لحشد السلاح والتمرن على استعماله بدعوى أنه من أجل فلسطين. وأنّ الإخوان كان لديهم كميات من الأسلحة والذخائر الضخمة ((جمعوها تحت ستار تجهيز المتطوعين إلى فلسطين وهم يعدونها لإحداث انقلاب فى مصر بالقوة)) (أحمد حسين فى كتابه واحترقت القاهرة- من ص313-315) 

ولعلّ ما حدث يوم 2 نوفمبر1945 بمناسبة ذكرى وعد (بلفور) الذى منح اليهود (حق) احتلال فلسطين ، فى هذا اليوم خرجتْ القوى الوطنية (خاصة من اليساريين والوفديين) فى مظاهرات للتنديد بوعد (بلفور) بينما اندفع الإخوان المسلمون لتحطيم المحلات التجارية التى يمتلكها مصريون . 

هل أ. هويدى لم يقرأ كتاب البشرى أو كتاب أحمد حسين؟ 

وإذا كان قد فعل، فلماذا يستمر فى المغالطة؟ وهل صدّق أكذوبة أنّ الإسلاميين هم ((سادة العالم)) وأنّ ((الدين يوجّه المسلمين إلى أفضل استعمار، ويقيم المسلمين أوصياء على البشرية القاصرة وتعطيهم حق الهيمنة والسيادة على الدنيا)) وهى الكلمات التى نقلها البشرى بالحرف؟ 

أم أنّ الإيديولوجيا تلغى العقل؟ وإذا كان فهمى هويدى (وأمثاله من الذين يتربّعون على عرش الميديا المصرية) يُدافعون عن توجهات الإسلاميين المُـعادية للانتماء الوطنى ، وضد الحداثة إلخ ، فما الفرق بينه هو و أمثاله من الصحفيين عن أعضاء تنظيم دولة الإسلام فى العراق والشام ، وهو التنظيم الذى أطلقتْ عليها الإدارة الأمريكية اسم الدلع (داعش) ؟ 

إنّ فهمى هويدى وأمثاله من المتعلمين المصريين المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة هم (دواعش) فى أقنعة صحفيين ، 

وهم يتصوّرون أنّ الشعوب لا تعرف التاريخ المخزى للإسلاميين الذين تعاملوا مع الاستعمار الإنجليزى ثم مع الاستعمار الأمريكى.

 وعن تلك الحقيقة صدرتْ كتب عديدة أكد فيها مؤلفوها عن دور الاستعمار فى احتضان الإسلاميين المجرمين ، ومن بين هذه الكتب كتاب (لعبة الشيطان : دور الولايات المتحدة الأمريكية فى نشأة التطرف الإسلامى- تأليف روبرت دريفوس- ترجمة أشرف رفيق – تقديم مصطفى غبد الرازق- مركز دراسات الإسلام والغرب)

الحوار المتمدن-العدد: 4728 - 2015 / 2 / 22 - 15:55 
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني

إن جميع الكتب المهمة في الغرب تقول إن جماعة الإخوان المسلمين جماعة مصنوعة، صنعها الاستعمار لتفتيت الدول العربية، وفي كتاب «لعبة الشيطان» هناك تصريحات واعترافات من جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد»، حيث أكد الموساد أنهم قاموا بإرسال أموال لجماعة الإخوان المسلمين، وأن المتطرفين في الموساد قاموا بإنشاء حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في فلسطين وقاموا بدعمها.

فنحن ضيّعنا العلم والتعليم، وجعلنا كلمة العلم تقتصر فقط على رجال الدين، وأصبح لا يوجد لدينا علماء آخريين سواء في الطب أو غيره، وقد رأي الاستعمار وكثير من المفكرين أن «الدين هو أفيون الشعوب العربية».

إن الاستعمار عرف كيف يتم تقسيمنا من خلال الدين، عن طريق تقسيمنا إلى فرق ومذاهب مختلفة، فأصبح هناك الشيعة ضد السنة، وداخل السنة هناك أشخاص يتصارعوا ضد بعضهم البعض، ثم تظهر فجأة جماعة لتقول نحن جماعة الإخوان المسلمين لكي يميزوا أنفسهم، ثم تظهر جماعة لتميز نفسها أكثر فتستخدم العنف فتقول نحن الجماعة الإسلامية، ثم تظهر جماعة الجهاد، فلماذا تميز نفسك عن البقية؟، كلكم مسلمون. 

vendredi 3 avril 2015

الإسلام وحقوق الإنسان


الإسلام وحقوق الإنسان 

طلعت رضوان 
الحوار المتمدن-العدد: 4485 - 2014 / 6 / 17 - 12:03 
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني 
     

سأل الأستاذ سامى الذيب على موقع الحوار المتمدن : هل من وسيلة لتطوير الإسلام لملاءمته حقوق الإنسان ؟ وأعتقد أنّ الإجابة تـُحتــّم تعريف الأسس الثابتة فى كل من الإسلام والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان. 

المرجع الأول فى الإسلام هو القرآن ، وهذا الكتاب صريح فى التفرقة بين البشر على أكثر من مستوى : فكل من رفض دعوة محمد أطلق عليهم (المشركين) أو (الكفار) 

وحتى أبناء الديانات التى اعترف بها أطلق عليهم (أهل كتاب) للتمييز بينهم وبين المسلمين. 

ولم يكتف بذلك وإنما فرض عليهم أداة استعملها كل الغزاة اسمها (الجزية) وبشرط أنْ تكون الوسيلة فيها درجة من الخضوع والمذلة وفق نص الآية رقم 29 من سورة التوبة ((حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)) والصاغر فى قواميس اللغة العربية ((الراضى بالضيم)) (مختار الصحاح – المطبعة الأميرية بمصر- عام 1911- ص 387) وكلمة (الضيم) فى اللغة العربية تعنى الظلم (المصدر السابق - 411) والمعنى المُستخلص من نص الآية أنّ الحاكم (المسلم بحق وحقيق) لابد أنْ يأخذ (الجزية) من (أهل الكتاب) الذين عليهم أنْ يتقبّـلوا الظلم وبرضاهم . 

وإذا كانت مواد حقوق الإنسان العالمية مع العلوم الإنسانية ، وإذا كانت تلك العلوم تنطلق من قاعدة (السؤال) فإنّ القرآن له وجهة نظر مخالفة إذ نصّ على ((يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إنْ تـُبْدَ لكم تسؤكم)) (المائدة/ 101) أى أنه لم يترك مساحة للإنسان ليُحدّد ما يحب أنْ يسأل عنه. بينما مواد حقوق الإنسان لا تضع أى خطوط أمام حق الإنسان فى السؤال عن أى شيى وكل شيىء ، لأنّ تلك الآلية (الأسئلة) هى التى نقلتْ المجتمعات الإنسانية من مرحلة إلى مرحة أرقى . وأنّ أسئلة العلماء والمفكرين ، تبدأ بالدهشة عن نظام الكون والمجرات إلخ ومن تلك الأسئلة بدأ علم الفلك وما تلاه من علوم طبيعية أفادتْ البشرية. وبالتالى فإنّ تحريم السؤال هو ضد حقوق الإنسان. 

والقرآن صريح فى تقسيم البشر بين (أحرار) و(عبيد) ففى القصاص ((الحر بالحر والعبد بالعبد)) (البقرة/ 178) وفى نفس الآية يُـفرّق بين (المرأة) والرجل فقال (والأنثى بالأنثى) وامتدتْ تلك التفرقة لتشمل (حق) الرجل فى تملك أى عدد من النساء وفق قاعدة ((الرجال قوامون على النساء (النساء/ 34) و((للرجال عليهنّ درجة)) البقرة/ 228) ووفق قاعدة (ملك اليمين) التى نظمتها الآيات : 3، 24/ النساء و6/ المؤمنون و31، 33، 58/ النور، و28/ الروم و50، 52/ الأحزاب و30/المعارج . 

يتسق مع ذلك نظرة الفقهاء للمرأة ، فهى (تحت الرجل) أى ليستْ مُساوية له. 

وأنها مجرد وسيلة لإمتاع الرجل وهو ما عبّر عنه حديث نبوى جاء به ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته لعنتها الملائكة حتى تـُصبح)) وقال أيضًا ((إذا باتتْ المرأة هاجرة فراش زوجها فتأبى عليه إلاّ كان الذى فى السماء ساخطـًا عليها حتى يرضى عنها زوجها)) (أبو هريرة وأبو داود والنسائى قاله فى الترغيب) وقال ((أول ما تـُسأل عنه المرأة يوم القيامة عن صلاتها وبعلها)) والبعل (= الزوج) وهو أحد الآلهة قبل الإسلام ، وهو ما عبّر عنه القرآن عندما عاتب الرافضين الإسلام فقال ((أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين)) (الصافات/125) أى أنّ (البعل وفق اللغة العربية والقرآن) فى مقام (الإله أو السيد) 

كما أنها تـُشبّه بالشاة ( الشيخ أحمد الأمين الشنقيطى – شرح المعلقات العشر- دار المعرفة- بيروت عام 2005- ص 183) وقال كذلك أنّ وصف المرأة بالشاة هو ما جاء فى تفسير الآية رقم 23من سورة ص . ووصل الأمر لدرجة أنّ المرأة (المسلمة) لا يحل لها أنْ تصوم وزوجها شاهد إلاّ بإذنه وذلك فى صيام التطوع (أخرجه البخارى) وفى حديث نبوى آخر قال ((لو أمرتُ أحدًا أنْ يسجد لأحد لأمرتُ المرأة أنْ تسجد لزوجها)) (رواه الترمذى من حديث أبى هريرة وقال حسن صحيح وله شاهد من حديث عائشة عند ابن ماجه وقيس بن سعيد عند أبى داود وابن أبى أوفى عند ابن ماجه وابن حبان ومعاذ الحاكم أفاده فى الترغيب) 

لهذه الدرجة وصلتْ مكانة المرأة فى الإسلام أنْ تسجد لزوجها كما تمنى محمد. 

وكانت عمة حصين بن محصن تكلمتْ مع محمد عن زوجها فقال لها ((انظرى من أين أنتِ منه. فإنه جنتك ونارك)) وقال محمد ((إذا خرجتْ المرأة من بيت زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع أو تتوب)) (رواه الترمذى وحسّنه النسائى وابن حبان فى صحيحه) وكلمة (تتوب) ليس لها أى تفسير غير أنها ارتكبت معصية توجب التوبة. 

وقال الرسول ((أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة)) لهذه الدرجة منح الإسلام الزوج صلاحيات دخول الجنة إذا كان راضٍ عن زوجته. ومع مراعاة أنّ (الرضا) نسبى وتقديره من صلاحيات الزوج . وفى شرحه لهذا الحديث كتب الإمام الحافظ شمس الدين الذهبى ((فالواجب على المرأة أنْ تطلب رضا زوجها وتجتنب سخطه ولا تمتنع منه متى أرادها لقول النبى صلى الله عليه وسلم " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلتأته وإنْ كانت على التنور. إلا أنْ يكون لها عذر من حيض أو نفاس)) (كتاب الكبائر- دار الغد العربى- بدون تاريخ إصدار ص 188) وكلمة التنور عند بعض الفقهاء تعنى ((ولو على ظهر بعير))

 لهذه الدرجة تـُمتهن المرأة فيُـضاجعها زوجها على ظهر أى دابة. وأضاف الشيخ الذهبى ((وينبغى للمرأة أنْ تعرف أنها كالمملوك للزوج فلا تتصرف فى نفسها ولا فى ماله إلاّ بإذنه وتـُقدّم حقه على حقها وحقوق أقاربه على حقوق أقاربها وتكون مستعدة لتمتعه بها)) (المصدر السابق – ص 189) 

ومع التجاوز عن كل الكلمات الواردة فى كلام الذهبى ، فإنّ العقل الحر لابد أنْ يتوقف أمام تعبير ((أنها كالمملوك للزوج)) 

وحديث نبوى آخر يُفرّق بين المرأة المُـطيعة لزوجها والمرأة (العاصية) أوامر الزوج فالأولى ((يستغفر لها الطير والحيتان والملائكة والشمس والقمر. 

والثانية عليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) ((وقال صلى الله عليه وسلم المرأة عورة فإذا خرجتْ من بيتها استشرفها الشيطان فاحبسوها فى البيوت. 

وكانت عائشة وحفصة رضى الله عنهما عند النبى صلى الله عليه وسلم جالستيْن فدخل ابن مكتوم وكان أعمى فقال النبى احتجبا منه : فقالتا يا رسول الله هو أعمى لا يُبصرنا ولا يعرفنا فقال صلى الله عليه وسلم / أفعمياوان أنتما ؟ ألستما تبصرانه؟)) (رواه أبو داود والنسائى والترمذى وقال حسن صحيح) وقال الشيخ الذهبى ((إذا اضطرتْ المرأة للخروج لزيارة والديها فلتخرج بإذن زوجها غير متبرجة فى ملحفة وسخة)) (مصدر سابق – ص 192) 

ورغم أنّ يوم القيامة لم يأت بعد فإنّ الرسول قال لعلى بن أبى طالب ((يا على ليلة الإسراء رأيتُ نساءً من أمتى يُعذبنَ أنواع العذاب فبكيتُ لما رأيتُ من شدة عذابهنّ . ورأيتُ امرأة معلقة من شعرها يغلى دماغها ورأيتُ امرأة معلقة بلسانها (هكذا !!) والحميم يصب فى حلقها ورأيتُ امرأة قد شـُدّتْ رجلاها إلى ثديها ويداها إلى ناصيتها ورأيتُ امرأة معلقة بثديها ورأيتُ امرأة رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار عليها ألف ألف لون من العذاب ورأيتُ امرأة على صورة الكلاب والنار تدخل من فيها (= فمها) وتخرج من دبرها والملائكة يضربون رأسها بمقاطع من نار. 

ولما سألته فاطمة (رضى الله عنها) عن السبب حكى أنّ المعلقة بشعرها كانت لا تـُغطى شعرها والمعلقة بثديها كانت تـُفسد فراش زوجها الخ 

ورغم كل ذلك فإنّ التراث العربى / الإسلامى ينضح بالتناقض من ذلك ما حكاه الإمام الذهبى قال ((رُوي أنّ رجلا جاء إلى عمر رضى الله عنه يشكو زوجته. فوقف على باب عمر ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتـُخاصمه وعمر ساكت لا يرد عليها ، وقال إنّ كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته فكيف حالى؟ 

فخرج عمر فرآه فناداه وقال : ما حاجتك؟ قال يا أمير المؤمنين جئتُ أشكو إليك سوء خلق زوجتى واستطالتها علىّ فسمعتُ زوجتك كذلك وقلت إذا كان هذا حال عمر مع زوجته فكيف حالى ؟ فقال عمر: يا أخى إنى احتملتها بحقوق لها علىّ : إنها طباخة لطعامى خبازة لخبزى غسالة لثيابى مرضعة لولدى ويسكن قلبى بها عن الحرام فأنا احتملها لذلك . 

فقال الرجل يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتى . فقال عمر: فاحتملها يا أخى)) (مصدر سابق- ص 195) فكيف جاء هذا التناقض؟ سؤال متروك للعقل الحر ليجتهد فى الإجابة. 

وهل ينطبق عقاب المرأة العاصية لزوجها على عائشة (رضى الله عنها) زوجة محمد ؟ فقد ذكر كل من أرّخوا لحياتها أنّ أشد ((ما كان يغيظ العروس الشابة أنّ خديجة تـُشاركها عواطف زوجها وهى راقدة تحث ثرى مكة. فما تستطيع عائشة أنْ تشتفى منها بدعابة قاسية. 

وحاولتْ عائشة أنْ تتجاهل هذه الضرة التى ماتت فذهبتْ محاولتها عبثــًا. وزاد فى قسوة الموقف أنّ الشهور مضت والسنون وعائشة لا تـُنجب لزوجها ولدًا على حين ولدتْ له ((تلك العجوز من قريش)) كما كانت تصفها عائشة ، البنين والبنات . وكانت تحاول التقرب من بنات محمد من خديجة لكن ((ما تكاد تذكر أنهنّ بنات ضرتها خديجة حتى تحس كأنّ حواجز منيعة تقوم بينها وبينهنّ . وأنّ كل واحدة منهن هى خديجة بلحمها ودمها . تثير فيها شعورًا مرًا بالعقم)) 

وغاظ عائشة أكثر أنْ تزوج محمد عليها وما تزوج على خديجة. خاصة أنها (عائشة) هى الوحيدة التى تزوجها بكرًا. بل إنها كانت تعتبر أنّ فاطمة بنت الرسول ضرة لها مثل زوجاته.

 وقرّرتْ عائشة أنْ تعقد حلفـًا مع حفصة بنت عمر. وحانتْ الفرصة عندما أخبرها الرسول أنّ الوحى أمره بزواج زينب بنت جحش فما كان من عائشة (رضى الله عنها) إلاّ أنْ ردّتْ عليه قائلة ((إنى أرى ربك يسارع فى هواك)) وذاك الرد فيه تطاول على الزوج وتطاول على الذات الإلهية. وأنّ (الله) استجاب لرغبة نبيه. وأنّ الوحى تابع لهوى الرسول الذى تقبل سخرية عائشة ولم يعاتبها أو يضع حديثــًا لمعاقبتها. 

لذلك تمادتْ عائشة- تؤازرها حفصة- فى التربص بزينب خاصة والزوج يمكث معها الساعات الطوال . فاخترعتْ حكاية (المغافير- ثمر حلو كريه الرائحة) فقالت عائشة لمحمد إنى أشم رائحة مغافير. ولأن كل زوجة نفتْ أنها سقته المغافير أو شراب العسل فى بعض الروايات فإنه حرّم شرب العسل عند زينب بنت جحش . 

وعندما تزوج الزوجة رقم 13 (أسماء بنت النعمان بن الأسود الكندية الجونية) أعملتْ عائشة حيلها لتطفيشها فنصحتها (فى ليلة الزفاف) بأنْ تستعيذ بالله عندما يدخل الرسول عليها حتى يرضى عنها ، وصدقتها المسكينة وعملتْ بالنصيحة. وفى حسابها أنها تستجلب محبته. فغادرها وأمر أنْ تعود لأهلها وقال محمد ((إنّ كيدهن عظيم)) وابتسم . وبذلك تخلــّصتْ عائشة من منافسة جديدة . وفى كتب السيرة خلاف حول اسم هذه المسكينة. فالطبرى كتب أنها ملكة بنت داود أو فاطمة بنت الضحاك. 

ولم تهتم عائشة فى بداية الأمر بمارية المصرية ، فهى مجرد (أمة = عبدة) وملك يمين . ولكن بعد أنْ حملت فى ابنها إبراهيم ((حتى هاجتْ غيرة عائشة وغيظها فبدأتْ تكيد لها. والرسول يُحاول حماية مارية من كيد الحبيبة المُدللة. لكن الأمر خرج من يده ذات يوم : جاءتْ مارية تلتمس لقاءه فى شأن لها فخلا بها فى بيت حفصة التى كانت تزور والدها. فلما عادتْ وجدتْ الستر مسدلا. فلما نظرتْ رأت مارية. فقالت لمحمد ((على فراشى يا رسول الله؟!)) ولم تهدأ حتى حرّم الرسول مارية على نفسه. وطلب من حفصة كتمان الأمر(تفسير الطبرى لسورة التحريم) ولكن حفصة لم تستطع كتمان السر عن عائشة فكأنما أشعلتْ فيها النار. 

وسرى الهمس أنّ الرسول طلق نساءه . ولكنه لم يطلقهن . 

وكما تطاولتْ عائشة على محمد فى حكاية الوحى وزواجه من زينب بنت جحش، تطاولت عليه وسخرتْ منه عندما حمل الطفل إبراهيم ابن مريم إلى عائشة ((لترى ما فى الصغير من ملامح أبيه. 

فأحسّتْ عائشة كأنّ سهمًا نفذ إلى قلبها فقالت بغيظ ((ما أرى بينك وبينه شبهًا)) (د. بنت الشاطىء- عائشة عبد الرحمن- فى ترجمتها لسيرة عائشة- دار الريان للتراث- عام 87) 

فهل تـُعاقب عائشة (رضى الله عنها) على طعنها فى شرف زوجها الرسول قائل الأحاديث عن عذاب المرأة العاصية لزوجها ؟ 

وهل تـُعاقب على وقوفها مع معاوية بن أبى سفيان ضد على بن أبى طالب؟ أم أنّ ما يسرى على (كل) النساء لا يسرى على زوجات الرسول وبصفة خاصة عائشة رضى الله عنها؟ 

وإذا كنّ مُستثنيات كما قال الفقهاء ، فإنّ ذاك الاستثناء يؤكد أنّ الإسلام لا علاقة له بحقوق الإنسان وفق المواثيق العالمية. 

وهل تنطبق نصوص القرآن والأحاديث النبوية على المرأة فى القرن الحادى والعشرين.؟ 

إنّ الفقهاء يُفسّرون آية ((الرجال قوامون على النساء)) بما أتى فى عجزها حيث ((بما أنفقوا من أموالهم)) على أساس أنّ المرأة فى المجتمع العربى فى القرن السابع الميلادى (غالبًا) كانت لا تعمل وأنّ عبء الإنفاق على الأسرة مسئولية الرجل ، 

وهنا نجد حقيقتيْن يتغافل عنهما الإسلاميون : 

الأولى قولهم أنّ المرأة العربية – حتى فى زمن الرسول – كانت تعمل ، فإذا كان الأمر كذلك فهذا يعنى أنها تـُساهم فى مصروف البيت ، وبالتالى تسقط حجة إنفاق الزوج . 

الحقيقة الثانية أنّ المرأة فى العصر الحديث ، أحيانـًا يكون دخلها أكبر من دخل زوجها. وأنا أعرف سيدة تعمل فى الجهاز المركزى للمحاسبات دخلها يفوق دخل زوجها سبعة أضعاف ، وكل دخلها تصرفه على أولادها وعلى كل تحسينات فى شقتها. وهنا أيضًا تسقط حجة إنفاق الزوج ، 

وبالتالى فإنّ المُـتغيرات فى العصر الحديث أسقطتْ الكثير من العرف السائد فى القرن السابع الميلادى . ولذلك فإنّ التشريعات الوضعية فى العصر الحديث مع المساواة التامة بين المرأة والرجل . 

كما أنّ التشريعات الحديثة:

** ضد صلاحية الرجل فى ضرب زوجته بالتطبيق لنص الآية 34من سورة النساء. 

**وضد الإرادة المنفردة للزوج فى طلاق زوجته. وأنّ الطلاق لابد أنْ يكون أمام المحاكم المدنية. 

**وضد تعدد الزوجات ... ، 

**وضد قاعدة (ملك اليمين) ....

و لقد كتب كثيرون من دعاة حقوق الإنسان عن حرية الاعتقاد ، ولكن قليلين كتبوا عن حرية (عدم الاعتقاد) وهو المعنى الذى تنص عليه مواثيق حقوق الإنسان العالمية ، 

مثل الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة فى 10ديسمبر1948. 

ومن بين تلك الحقوق حق الإنسان فى تغيير ديانته وهو ما نصّتْ عليه المادة رقم 18((لكل شخص الحق فى حرية التفكير والضمير والدين ويشمل هذا الحق تغيير ديانته أو عقيدته وحرية الإعراب عنها بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء كان ذلك سرًا أم مع جماعة)) ونصّتْ المادة رقم19على ((لكل شخص الحق فى حرية الرأى والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أى تدخل.. الخ)) وتلك المادة هى أساس حق الإنسان فى الاعتقاد بما يراه ويقتنع به ، 

وبالتالى حقه فى رفض المعتقدات السائدة فى مجتمعه. وكل هذا ضد التشريعات الإسلامية وما حدث من وقائع فى التاريخ العربى/ الإسلامى . فمثلا فإنّ التعديل الصادر عن لجنة حقوق الإنسان عام93 نصّ على ((حق كل فرد فى أنْ تكون له اعتراضات ضميرية على الخدمة العسكرية كممارسة مشروعة لحق حرية الفكر والضمير والدين)) 

وكتب المفكر الكويتى الكبير د. أحمد البغدادى ((لا يرد فى دساتير الأنظمة العربية أى ضمان لحرية الأديان ، بل يقتصر الأمر على حرية العقيدة التى تظل حبيسة الصدر من دون الممارسة خوفـًا من محدودات النص الدينى . 

فى حين أنّ حرية الأديان أصبحتْ اليوم حق أصيل من حقوق الإنسان ، الأمر الذى أصبح معترفـًا به فى معظم الدول التى تتنوع فيها الأديان ، ومع تداخل الشعوب من خلال حرية التنقل بين البلدان وبسبب ترسخ مبدأ المواطنة ، ما عاد أحد يهتم بديانة الإنسان باعتبارها من مقوماته الشخصية التى لا علاقة لها بالمجتمع على مستوى التشريع ، 

وبلغ الأمر مداه بإلغاء شروط الديانة بشكل عام من تولى المناصب العامة فى الدولة القومية حتى ولو كان دينها الإسلام)) (أحاديث الدين والدنيا- مؤسسة الانتشار العربى- عام 2005- 86، 87) 

وإذا كانت المجتمعات الإنسانية تشهد (تعدد الأديان) داخل كل مجتمع ، فإنّ تطبيق ذلك يتعارض مع حديث الرسول محمد الذى قال فيه ((لا يجتمع فى أرض العرب دينان)) 

وتؤكد وقائع التاريخ العربى أنه تم تطبيق هذا الحديث فقد ((تم إجلاء اليهود والنصارى عن جزيرة العرب بأمر من عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) كما أنّ حديث محمد هو ترجمة (واقعية) لنصوص القرآن ((ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعحبكم)) و((ولأمة (أى عبدة) مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم)) (البقرة/ 221) 

ورغم أنّ القرآن أباح زواج المسلم من (الكتابية) أى اليهودية والمسيحية، فإنّ عمر(رضى الله عنه) منع الصحابة (رضى الله عنهم) من ((نكاحهنّ)) وعندما تزوّج (حذيفة) من يهودية قال له عمر(رضى الله عنه) ((طلقها فإنها جمرة)) تمسّك حذيفة بزوجته لفترة ((ثمّ أذعن لمشيئة عمر)) (عن موسوعة فقه عمر بن الخطاب – تجميع د. محمد روّاس) 

والتاريخ العربى أثبتَ أنّ مجرد السؤال عن (المُتشابه فى القرآن) ممنوع وهو ما حدث مع (صبيغ) فطلب عمر أنْ يأتى إليه. فسأله من أنت ؟ قال الرجل : أنا عبد الله صبيغ . فأخذ عمر عرجونـًا وضربه حتى دُمى رأسه ثم عاد له ثم تركه حتى بُرىء فدعا به ليعود فقال له صبيغ : إنْ كنت تريد قتلى فاقتلنى قتلا جميلا . 

فأذن له بالعودة وكتب إلى أبى موسى الأشعرى ألاّ يُجالسه أحد من المسلمين وفى رواية أخرى أنّ عمر كتب إلى أهل البصرة ألاّ يجالسوه ولا يبايعوه وإنْ مرض فلا يعودوه (= يزوروه) وإنْ مات فلا يشهدوه . وهذا الموقف من عمر (رضى الله عنه) شبيه بموقف محمد (صلى الله عليه وسلم) عندما علم أنّ (عمر) يقرأ شيئـًا فى التواة ، فغضب محمد وعاتبه وقال ((والله لو كان موسى بن عمران حيًا ما وسعه إلاّ اتباعى)) 

بل إنّ عمر(رضى الله عنه) كان يمنع الصحابة من رواية أحاديث محمد وهو ما اعترف به الصحابى (قرظة بن كعب) والى الكوفة فقال ((نهانا عمر عن الحديث عنه)) (جامع بيان العلم) وأورده الدرامى والبيهقى فى سننهما . ووصل الأمر بعمر (رضى الله عنه) أنْ منع عبد الله بن مسعود من رواية أحاديث محمد الذى قال عن ابن مسعود أنه ((أمين أمتى وأوصلها)) كما منع أبو الدرداء الذى قال محمد عنه أنه ((أعدل أمتى وأرحمها)) 

وعند الانتقال من (العقائد) إلى السياسة ، فإنّ عمر(رضى الله عنه) عيّن ستة ليتم اختيار أحدهم للخلافة بعده. والستة كلهم من قريش مع تعمد استبعاد (الأنصار) ثم كانت نصيحته التى سار عليها كل مستبد إذْ قال ((منْ يُخالف من هؤلاء الستة رأى الباقين يُشدخ رأسه بالسيف)) 

وكان تعقيب الراحل الجليل أ. خليل عبد الكريم أنّ ((هذه الوصية إحدى روافد العرف الذى استقرّ طوال التاريخ الإسلامى بقتل المُعارضين لرأى الحاكم بالسيف)) (الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية - سينا للنشر- عام 95- ص 115) وبينما المواثيق العالمية مع حق الإنسان فى تغيير ديانته أو أنْ يكون بلا دين فإنّ الإسلام لا يقبل ذلك ، 

وفى هذا الشان واقعة تاريخية إذْ كتب عمر بن العاص إلى عمر (رضى الله عنهما) يسأله عن رجل أسلم ثم (كفر) وتكرّر ذلك أكثر من مرة فهل يقبل منه الإسلام ؟ فردّ عليه : اعرض عليه الإسلام فإنْ قبل وإلاّ اضرب عنقه. وحكى ابن قدامة أنّ الصحابة أجمعوا على ذلك ومنهم عمر(موسوعة فقه عمر بن الخطاب) 

وإذا كان التعصب الدينى أباح لأهل ديانتيْن هدم دور العبادة ، فإنّ العقل الحر يتوقف أمام الواقعة التالية ((انصرف النبى صلى الله عليه وسلم من تبوك . وقد أتوه (بنو عوف بن غنم قوم عامر الراهب وقد سماه النبى الفاسق) وقد فرغوا من بناء مسجد ضرار وصلوا فيه الجمعة والسبت والأحد . فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم فنزل عليه القرآن بخبر مسجد ضرار. فدعا النبى صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم ومعن بن عدى وعامر بن السكن ووحشيًا (قاتل حمزة) وقال انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه ، فخرجوا مسرعين . وأخرج مالك بن الدخشم من منزله شعلة نار ونهضوا فأحرقوا المسجد وهدموه)) (من تفسير القرطبى للآية 107من سورة التوبة. وسيرة ابن هشام – ج4) 

فإذا كان الذين بنوا المسجد (ظلمة) فلماذا لم يتم معهم الحوار (بالحسنى) والإبقاء على المسجد الذى ((يُذكر فيه اسم الله ورسوله))؟ 

ونظرًا لكثرة الوقائع التاريخية عن التعصب الدينى وقهر وقتل كل مختلف مع الأغلبية الدينية كتب الراحل الجليل أحمد البغدادى ((ليس من المبالغة القول أنّ تعديل مسار الانحراف الدينى بنقل الإنسان من مرحلة الشرك وعبادة الأصنام إلى التوحيد ، لا يدل على تطور حضارى على مستوى الفعل الإنسانى ، 

ولهذا نؤمن بأنّ من الخطأ القول بمُسمى (الحضارة الإسلامية) لأنّ الحضارة كفعل إنسانى لا تحتاج إلى دين كى تتطور- هذا إذا لم يُـقيدها الدين ويحد من تطورها ، لكن الدين بحاجة إلى الحضارة الإنسانية لأنه جزء من الدنيا.. ولا شك أنه لولا التطور الحضارى الذى كان موجودًا فى بلاد الشام ، 

لما بُنيَتْ المساجد على النحو الفخم الذى أنكره عمر بن الخطاب على معاوية باعتباره مخالفـًا لبساطة الدين (لذلك) لا يُعد تجنيًا على النص الدينى القول أنّ لا علاقة له بالحضارة.. وتكفى الإشارة إلى المضمون المعرفى للفكر الدينى ، مقارنة مع الفكر الحر الذى يتميّز بالحرية والتنوع والإبداع الذى يُعد من أهم السمات الحضارية لأى مجتمع .

 ولا شكّ أنّ هذا كله يعود إلى عدم قدرة النص الدينى على تصعيد العنصر الحضارى فى حياة المجتمع باعتبار أنّ هذا العنصر بشرى فى المقام الأول ، ويحتاج فى مجال البناء الحضارى إلى العقل أكثر مما يحتاج إلى النص الدينى)) (مصدر سابق- من ص97- 99) وأضاف ((النص الدينى يرفض أى شك من العقل ، 

مما يُـفسر ذلك النزاع الدائم بين الفلسفة والدين ، أو بين العقل والنقل ولذا سادتْ مقولة ابن تيميه ((من تمنطق فقد تزندق) ولذلك من الصعوبة الادعاء أنّ النص الدينى يدعو إلى كل ما هو عقلانى ، لأنّ الحقيقة خلاف ذلك.. 

ولو ظلّ المسلمون مُطبقين للنص الدينى لما تطور لديهم مبدأ المساواة ولظلّ غير المسلمين يعانون من الظلم القانونى والاجتماعى . كما أنّ الفارق الاجتماعى بين المسلمين أنفسهم (بين أشراف وعوام الناس) سيظل قائمًا)) وذكر ((أنّ النص الدينى سبب مباشر فى إعاقة تطوير مبدأ المساواة ، وبما يُمثل جناية على المرأة وبما يُـدحّض بصورة قاطعة الادعاء بأنّ الإسلام كرّم المرأة)) (ص119) 

ولذلك فإنّ ((الدول الإسلامية تتحفظ على الإعلان العالمى لحقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسيْن . كما تتحفظ على بعض بنود الاتفاقات الدولية النابذة للتمييز ضد المرأة . 

والسبب فى هذا كله يكمن فى النص الدينى الذى يرفض الفقهاء تطوير أحكامه)) (ص193) وبينما المواثيق الوضعية مع المساواة التامة بين البشر، فإنّ المساواة بين المسلمين وغير المسلمين فهى منعدمة على الاطلاق ، إذْ أجمع الفقهاء على رأى عمر الذى أمر ((بجز نواصيهم وشد الأحزمة فى أوساطهم وأنْ يركبوا الدواب عرضًا)) 

ولذا فإنّ مركز اليهود والنصارى فى الدول الإسلامية مُـنحطـًا من الوجهة الاجتماعية ، ويُشبه مركزهم فى أوروبا فى العصور الوسطى . ونخلص من ذلك إلى صعوبة معنى مبدأ المساواة على إطلاقه فى الفكر الإسلامى ، نظرًا إلى الارتباط العنصرى بالنص الدينى من جهة ، واجتهادات الفقهاء المرتبطة بالنظرة الدونية لغير المسلم وللمسلم الرقيق (العبد) من جهة أخرى)) (ص248) 

ولكل ذلك ((ذكرتْ موسوعة العلوم السياسية أنّ الإعلان (الإسلامى) لحقوق الإنسان لم ينل ترحيب بعض الدول الإسلامية التى تحفظتْ على بعض البنود ، مثل ((حق الحياة وحرية التصرف فيها وحرية العقيدة وحق الزواج وحق اختيار الشريك والحق فى الميراث والمساواة المُطلقة بين المرأة والرجل . وأنّ الحقوق والحريات الواردة فى الإعلان ليستْ مطلقة بل مقيدة بالشرع ويجب أنْ تكون متفقة مع الشريعة الإسلامية)) 

وكان تعقيب د. البغدادى ((ألا يعنى ذلك وجود حريات لا تتفق مع الشريعة الإسلامية ؟ وكان يجب على واضعى الإعلان ذكرها وتحديدها. 

كذلك ورد فى الديباجة أنّ البشرية فى حاجة ماسة إلى سند إيمانى ، وفى نفس الوقت تـُعلن الحرب على الديانات الغربية (المادية) من جهة كما تلغى القيمة الدينية للديانات الأخرى من خلال الحكم على بطلانها من جهة أخرى)) (من 255- 257) 

ولذلك ((يقتضى الأمر أنْ يُعاد النظر فى ترتيب علاقة الإنسان بالمجتمع وليس مع الله نظرًا إلى أننا نعيش فى مجتمع مدنى وإذا تمكن الفكر الدينى من التعامل مع الإنسان كمفهوم مستقل ، عندئذ سيتغير مفهوم الدين للحرية. وستكتسب الحرية أبعادًا حضارية جديدة)) ص 323) 

وعن ذات الإعلان (الإسلامى) لحقوق الإنسان كتب المفكر الجليل خليل عبد الكريم أنه لم يحدث – ولو مرة وحيدة – أنْ خرج الإسلاميون ((بنظرية علمية إنسانية أو طبيعية استقوها من النصوص (الدينية) وهذا أمر بديهى لعدة أسباب منها : إنّ النصوص الدينية ليس من وظيفتها إفراز نظريات علمية. 

كما أنّ البيئة التى ظهرتْ فيها لم تكن مهيأة لظهور نظريات علمية فى زمانها ، فما بالك بعد مضى نيف وعشرة قرون . وأخيرًا فإنّ النظريات العلمية إنما تجيىء نتيجة للتجريب والملاحظة ولا تـُمطرها السماء عن طريق النصوص. 

وقد فات الجهابذة البهاليل الذين دبّجوا مواد الإعلان (الإسلامى) لحقوق الإنسان أنّ تلك الحقوق انتزعها البشر بجهودهم انتزاعًا وبتضحياتهم ودمائهم ، وأنها لستْ منحة إلهية أو عطية نبوية وهبة خليفية. 

لقد فات على الإسلاميين الذين وضعوا الإعلان (الإسلامى) لحقوق الإنسان ، فى غمرة حماستهم الفجة للإسلام ومحاولة إظهاره فى كل ميدان بأنه لا يقل عن غيره ، ولذلك أرجعوا (إعلانهم) إلى النصوص المقدسة ، ولو أنهم أرجعوه إلى نضالات المسلمين والعرب ، والثورات الشعبية فى مصر ومنها الثورة العارمة التى انفجرتْ فى عهد المأمون العباسى والذى حضر من بغداد عاصمة خلافته ونجح فى إخمادها بوحشية ودموية.. حتى الثورات الحديثة ، لو فعلوا ذلك لكان لإعلانهم ذاك مصداقية)) (الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية - مصدر سابق – من ص 91- 93) 

كما قسّمتْ منظمات حقوق الإنسان العالمية الحقوق إلى قسم فردى ويشمل (حق السكن والتنقل وعدم التلصص على الأفراد أو مراقبتهم إلاّ بقرار المحكمة وعدم فتح خطاباتهم أو تسجيل مكالماتهم الخ) 

وهذا القسم يدخل ضمن باب (الحريات العامة) والقسم الثانى هو (الحريات السياسية) ويشمل أسلوب الحكم (برلمانى أو رئاسى أو مختلط) وآلية تداول السلطة (الانتخاب الحر المباشر) 

والرقابة على المال العام (مجلس نيابى مُـنتخب + أجهزة رقابية مثل الجهاز المركزى للمحاسبات فى مصر) الحرية الكاملة للإعلام لمُحاربة الفساد السياسى والأخلاقى ، والاستغلال الاقتصادى ، ووضع الدساتير التى تـُحدّد طبيعة العلاقة بين أفراد الشعب من ناحية ، وبين السلطة الحاكمة والشعب من ناحية ثانية. 

وتلك الحقوق لم يعرفها التاريخ العربى / الإسلامى ، سواء على مستوى النصوص الدينية أو على مستوى ما حدث على أرض الواقع . 

فإذا كانت التطورات الحديثة مع حق الشعب فى سحب الثقة من الوزراء ومن رئيس الدولة فى الحالات التى ينص عليها الدستور(مثل التجسس لصالح جهة أجنبية أو التفريط فى المال العام لصالح المستثمرين الخ) فإنّ الإسلام لم يعرف تلك الآلية ، بل هو ضدها لأنّ (التشريعات السماوية) ضد التشريعات الوضعية. والإسلام يعتمد على قاعدة أنّ المُشرّع هو الله وليس البشر. وبالتالى فإنّ الحاكم (الخليفة) هو (ظل الله على الأرض) 

تنفيذا للنص القرآنى ((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم)) وفى آية أخرى نصّتْ على ((وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإنْ توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين)) (المائدة/ 92) وبالتطبيق لهذا النص قال محمد ((من أطاعنى فقد أطاع الله. ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى . ومن عصانى فقد عصى الله. ومن عصى أميرى فقد عصانى)) (أبو الحسن الماوردى - الأحكام السلطانية والولايات الدينية - مطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر- عام 1973- ص48) 

وبينما التشريعات الوضعية مع المساواة التامة بين المرأة والرجل ، وأنّ مِنْ حق المرأة تولى أى منصب فى قيادة وطنها فإنّ الحديث النبوى صريح إذْ قال ((ما أفلح قومٌ أسندوا أمرهم إلى امرأة)) (المصدر السابق- ص27) وأضاف فى باب (فى ولاية القضاء) أنّ الشرط الأول هو أنْ يكون القاضى من الرجال لنقص فى النساء. 

والشرط الثانى أنْ يكون (حرًا) لنقص فى (العبيد) (ص65) ولهذا كما كتب أحد الأصوليين فإنّ ((التشريع الإسلامى فى وادٍ والتشريع الفعلى والتنفيذى فى وادٍ آخر)) (د. رؤوف شلبى- الشيخ حسن البنا ومدرسته - دار الأنصار- عام 78- ص339) وبالتالى لا يجوز الحكم إلاّ بما أنزل الله. 

وتنفيذا لذلك يجب على عضو جماعة الإخوان المسلمين ((مقاطعة المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامى . ومقاطعة الأندية والصحف والمدارس والهيئات التى تـُناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة)) وعلى العضو الإسلامى أنْ لا ((يُـكثر الجدل فى أى شأن من الشئون أيًا كان)) (ص400، 404) وأنّ من بين الموبيقات العشر ((الخلافات السياسية والمذهبية والشخصية)) ومن بين المُـنجيات العشر ((إقامة الحدود الإسلامية)) (ص407، 408) 

وإذا كانت المادة رقم 18 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان مع الحق فى تغيير الديانة ، فإنّ ذلك يتعارض مع حديث محمد ((من بدّل دينه فاقتلوه)) وقال الإمام مالك ((لا أقبل توبة من ارتد إلى ما يتستر به من الزندقة. وأقبل توبة غيره من المرتدين.

 وقال أبو حنيفة ((من قام على ردته ولم يتب وجب قتله رجلا كان أو امرأة)) وقد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالردة امرأة كانت تكنى أم رومان . ومدة التوبة ثلاثة أيام بعدها يُقتل صبرًا بالسيف. وقال ابن سريج من أصحاب الشافعى يُـضرب بالخشب حتى يموت ، لأنه أبطأ قتلا من السيف (أى حتى يطول تعذيبه) ولا يُـغسل ولا يُـصلى عليه ولا يُدفن فى مقابر المسلمين . 

ويجوز قتل الأسرى وسبى نسائهم . وأنّ المولود بعد ردة أمه أو أبيه يجوز سبيه)) والفقه الإسلامى يُـفرّق بين دار الإسلام ودار الحرب من أربعة وجوه : 

وجوب قتل الأسرى مُـقبلين ومُدبرين (أى عند محاولة الهروب) كالمشركين 

والثانى إباحة إمائهم أسرى ومُمتنعين 

والثالث تصير أموالهم فيئــًا للمسلمين 

والرابع بطلان مناكحتهم (أى فيما بينهم) وقال أبو حنيفة تبطل مناكحتهم بارتداد أحد الزوجيْن)) 

وقال ((قاتل أبو بكر مانعي الزكاة (فى الحقيقة كانت الصدقة وليست الزكاة – ط . ر) مع تمسكهم بالإسلام حتى قالوا والله ما كفرنا بعد إيماننا ولكن شححنا على أموالنا فقال عمر لأبى بكر رضى الله عنهما علامَ تقاتلهم ورسول الله يقول : أمرتُ أنْ أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأولادهم)) (الماوردى – مصدر سابق- من 55- 58) 

وبينما الليبرالية أنتجتْ آلية (الديمقراطية) لتنظيم شئون الحكم ، فإنّ الإسلاميين يتمسكون بآلية مستمدة من الإسلام (الشورى) وفى رأى الأصوليين فإنّ الحاكم غير مُلزم برأى مَنْ استشارهم وأنّ مهمة الشورى كما كتب سيد قطب ((تقليب أوجه الرأى أو اختيار اتجاه مِنْ الاتجاهات المعروضة ، فإذا انتهى الرأى إلى هذا الحد انتهى دور الشورى وجاء دور التنفيذ)) (فى ظلال القرآن- المجلد الأول دار الشروق- عام 82- ص512) وكتب الشيخ الشعرواى أنّ ((الشورى لا تـُلزم الحاكم الذى بايعته الأمة الإسلامية بيعة إيمانية ، لأنّ الحاكم حين ينال بيعة الأمة الإسلامية على أساس دينى يكون مُـتحملا للأمر بأكمله مسئولا عنه أمام الله وأمام الرعية)) (الشورى والتشريع فى الإسلام - دار ثابت بالقاهرة - عام 81- ص 17) ولابد مِنْ ملاحظة تعبير (الرعية) المُستمد من مجتمع رعاة الغنم ، وأنّ الجماهير لا رأى لهم لأنهم أشبه بالمعيز. وفى هذا الشأن كتب المرحوم خليل عبد الكريم ((الفرق جوهرى بين (الشورى) و(الديمقراطية) فالأول يقتصر على أخذ رأى (الملأ) أما (القبيل) فلا حساب عنده ولا قيمة. فى حين أنّ الآخر يرتكز أساسًا على رأى القاعدة الشعبية العريضة لا على رأى (الايليت) أو النخبة أو الصفوة أو الملأ أو مجلس الشورى ، فهو حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب . ومَنْ يناقض هذه الحقيقة تقف ضده الأصول التاريخية للشورى وطبيعتها ومكوناتها وكذلك السوابق التى حفظتها لنا كتب التاريخ. سواء فى الفترة السابقة على الإسلام أو فترة الخلافة الإسلامية)) 
والديموقراطية نظام يتأسّس على الانتخاب من القاعدة إلى القمة ، فى حين أنّ نظام الشورى لا يعرفه ولم يعرفه طوال ماضيه. ولهذا ((ليس مصادفة أننا لم نقرأ فى كتب التاريخ الإسلامى أنّ خليفة أو واليًا تمّ تنصيبه عن طريق الانتخاب الحر المباشر الذى شاركتْ فيه جماهير المسلمين (السواد/ العامة/ الرعية) وليست البيعة انتخابًا بأى صورة من الصور، حتى (البيعة العامة) لا يمكن أنْ توصف بذلك ، فالبيعة الخاصة تقوم بها النخبة أو (مجلس الشورى) أو ما أطلقوا عليه (أهل الحل والعقد) وأضاف أ. خليل ((ليس صحيحًا ما يدّعيه البعض أنّ الشورى هى الطبعة العربية أو الإسلامية للديمقراطية ، ذلك أنّ الاختلاف الجذرى بين كنه وطبيعة النظاميْن يؤكد أنه ادعاء فاسد وكذلك القول بأنّ الديمقراطية هى الوسيلة العصرية للشورى – كما قال الأصولى محمد سليم العوا – فهذا خلط للأوراق وتمييع للمفاهيم وهدم لحدود التعريفات)) فإذا كانت الشورى والديمقراطية نقيضان فكيف تكون إحداهما وسيلة للأخرى ؟ ويرى أ. خليل أنّ هناك سببًا آخر لرفض آلية الشورى وضرورة احلال الديمقراطية ، وهذا السبب ((هو الطغيان السياسى من قِبل غالبية حكام العرب والمسلمين وبطاناتهم المتعددة الأشكال ، والذى هو من أخطر الأمراض التى تضرب بجذورها لأعماق غائرة فى جسد الشعب العربى . وأنّ التمسك بالشورى – مع الهجوم على الديمقراطية بحجة أنها دخيلة ومستوردة (من بلاد الكفار) يُساعد على تجذير الطغيان السياسى وتكريسه واستشرائه وإضفاء شرعية عليه. ولذا فليس من باب المصادفة أنّ عددًا من الأنظمة الحاكمة حكمًا استبداديًا تـُشجع عودة الشورى وشنْ الحملات الضارية على الديمقراطية ونعتها بأبشع الأوصاف ، وهذا ما تفعله الجماعات الفاشستية التى ترفع شعارات دينية لإخفاء أهدافها السياسية الدنيوية)) (الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية- سينا للنشر- عام 95- من ص 139- 144) 
كما تبدو صعوبة التوفيق بين الإسلام وآليات العصر الحديث فيما يتعلق بمسألة نشأة الأحزاب ، فالإسلام لا يعرف إلاّ حزبيْن (حزب الله) سورة المائدة/ 56 و(حزب الشيطان) سورة المجادلة/19. والاسم الأول (حزب الله) سرقه فريق من اللبنانيين من القرآن بقيادة حسن نصر الله فى مواجهة (حزب الشيطان) لأنّ أعضاء حزب الله ((هم الغالبون)) أما أتباع حزب الشيطان ((هم الخاسرون)) والنجم التليفزيونى الشيخ الشعرواى حذر فى خطبه من (حزب الشيطان) فى تفسيره لسورة المجادلة وربط ذلك بضرورة عدم موالاة غير المؤمنين أتباع (حزب الشيطان) والتسجيل موجود على موقع You Tube لذلك كان برنامج الإخوان المسلمين ((القضاء على الحزبية)) (د. رؤوف شلبى – مصدر سابق – ص 441) وكتب عن رفض الإخوان المسلمين لثورات الشعوب فقال ((أما الثورة بالمفهوم الغوغائى الشعوبى أو بمفهومها العسكرى فلا يُـفكر فيها الإخوان ، بل لا يؤمنون بجدواها ، فقد ثار عرابى وسعد زغلول فما زاد الوطن إلاّ خسرانـًا (ولذلك) فإنّ الإخوان المسلمين لا يُفكرون فى الثورة ولا يعتمدون عليها ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها)) وهو ما ورد فى رسالة (المرشد) حسن البنا فى المؤتمر الخامس (المصدر السابق - ص368، 369) وهو ما تأكد فى مجلة النذير (العدد 33) الصادرة عن جماعة الإخوان المسلمين حيث جاء بها ((إنّ إهاجة العامة ثورة .. وإنّ الثورة فتنة.. وأنّ الفتنة فى النار)) 
وفى سنة 1938 كتب حسن البنا فى مجلة النذير مقالا بعنوان (الإخوان بين الدين والسياسة: أهو تدخل حزبى أم قيام بواجب إسلامى) قال فيه ((ليس هناك شىء اسمه دين وشىء اسمه سياسة وهى بدعة أوروبية)) وبالتالى ((ضرورة القضاء على الحزبية وإلغاء الأحزاب)) (طارق البشرى- الحركة السياسية فى مصر: 1945- 52. دار الشروق – عام 83- ص 54) 

لكل هذه الوقائع والنصوص الدينية ، يتبيّن للعقل الحر استحالة التوفيق بين آليات الإسلام وآليات العصر الحديث ، وإذا كانت التشريعات الوضعية ومواثيق حقوق الإنسان العالمية ، هى التى حمتْ ونظــّمتْ الحقوق الشخصية والسياسية ، فإنّ كثيرين من أدعياء الليبرالية هاجموا منظمات حقوق الإنسان ، وامتلك أحد الباحثين جرأة الافتئات على الواقع فكتب ((تتخذ منظومة حقوق الإنسان طابعًا أيديولوجيًا يُحفز على الاستهلاك والاندماج فى السوق الرأسمالية))

 ثم كان أكثر صراحة فى عدائه لتجارب الشعوب الأوروبية فكتب ((المفاهيم الغربية لحقوق الإنسان لا تصلح للتعميم لأنها جزء عضوى من الحالة الغربية العنصرية المعاصرة)) (الكاتب المغربى – د. محمد سبيلا – مجلة الدوحة – العدد 15- يناير2009) 

ولا يكون أمام العقل الحر غير اللجوء إلى براءة الأطفال فى أسئلتهم الفطرية : مَنْ الذين تنطبق عليهم صفة (العنصرية المعاصرة) ؟ كما قال سيادته ؟

 أليسوا هم أبناء الثقافة الأحادية المنغلقة التى فرّقتْ بين (الحر) و(العبد) وبين (المسلم) و(أهل الكتاب) وبين (المرأة) و(الرجل) ومع قطع اليد والجلد وقص الرقبة (ونحن فى القرن الحادى والعشرين) 

فى حين أنّ أبناء ثقافة (التعددية) مع المساواة المُطلقة لكل البشر، بغض النظر عن الدين واللون والعرق الخ. والكارثة أنّ شعوب المنطقة المُسماة ب (العربية) مكتوب عليهم تلقى الطعنات من الأصوليين الإسلاميين حتى لا يخرجوا من ظلمات العصور الوسطى ، 

ثم يأتى أدعياء الليبرالية ، كجيش احتياطى من المتطوعين (لحساب من ؟ العلم عندهم وحدهم) ليقوموا بمهمة الاجهاز على روح النضال الفكرى لدى الشرفاء من أبناء الشعوب العربية ، الحالمين بمستقبل أكثر تحضرًا ، أى أكثر إنسانية.

في تونس الإنتحار يعصف بالأطفال و الشباب هل من حلّ لهم يا ذوي الألباب؟


في تونس الإنتحار يعصف بالأطفال و الشباب هل من حلّ لهم يا ذوي الألباب؟




علّمنا بعض من قرأنا لهم من باحثين نفسيين وفلاسفة وأطباء أن الألم الذي لا ينقال والوجع الذي لا يُرمَّز، يعبّر عنه الجسد لاواعيا قلقا ومرضا... 

ولا أشك أن ما بدأ يشيع اليوم من انتحار بعض اليافعين دليل واضح على يأس من المستقبل يعبرون عنه فعلا لا قولا لأنهم عاجزون على وضع كلمات على جروحهم...

أدعو بكل لطف الجهات المختصة إلى أن تأخذ المسألة بجد يتجاوز إثارة الخبر أو استهجان الظاهرة إلى التساؤل: 

ما الذي يجعل شبابنا يائسا مثل هذا اليأس؟ 

ما الذي يجعل الأساتذة يدرسون تلاميذ وطلبة لا يبالون آصلا بالدروس؟ 

ما الذي يجعل الذكور يقلّون في التعليم العالي متوجها كثير منهم إلى الحرقة أو الانحراف أو "الكنترة" أو "تدبير الرأس"؟ 

ما الذي يجعل سياسيينا وإعلامنا في واد وشبابنا في واد آخر؟؟؟ 

ما الذي يجعل الشباب أكثر إحباطا من آبائهم وأمهاتهم؟

هذا كله يحتاج دراسات جادة ورغبة في إيجاد الحلول تتجاوز بروباغاندا السياسة...

فهل يسمعون؟؟؟

ألفة يوسف

jeudi 2 avril 2015

ما أكثر الصدف بين الباجي و الغنوشي

ما أكثر الصدف بين الباجي و الغنوشي




من لقاء فرنسا إلى لقاء معرض الكتاب مرورا بلقاء الحكومة و مجلس الشعب كلها صدف في صدف و ما أكثر الصدف بين الباجي و الغنوشي و ربي يحسن العواقب

التشدد الديني وراء تخلفنا و قتل خيرة أبنائنا و بناتنا


التشدد الديني وراء تخلفنا و قتل خيرة أبنائنا و بناتنا




التشدد الديني وراء قتل الخلفاء و العلماء و السياسيين

لقد قتل عمر الفاروق سنة 644م في صلاة الفجر مطعونا بخنجر مسموم على يد أبي لؤلؤة المجوسي.

فهل تعلم أن أبا لؤلؤة له مزارا في إيران؟

و عثمان بن عفان مات مقتولا وهو جالس في منزله يقرأ القرآن.

وقُتِل علي على يد عبد الرحمن بن ملجم الخارجي

و هل تعلم أن عمر بن عبد العزيز الملقب بخامس الخلفاء الراشدين قد قتل مسموما  لعدله؟

أنّ المصادر المُوثقة أخبرتنا ((بأنّ عددًا ليس قليلا من صحابة رسول الله قد قتل عددًا ممن يحملون نفس اللقب (أى صحابى) ولن نذكر ما حدث فى وقعة الجمل التى سقط فيها عشرة آلاف منهم عدد كبير من الصحابة. 

ولا ما حدث فى صفين ولا فى النهروان وأنّ النبى مات وهو راضٍ عن هؤلاء (الصحابة) الذين تقاتلوا حتى قتلوا بعضهم بعضًا ، ولم يقتلهم (أجانب) غير عرب وغير مسلمين وإنما ما حدث أنّ مسلمين موحدين قتلوا مسلمين موحدين مثلهم
   
و شمل القتل و التنكيل العلماء و المعارضين على إمتداد القرون حتى أيامنا هذه:

لقد قام الخليفة المتوكل –المعروف بشدة بأسه وتشدّده وتزمّته الأشعري الجبري اللاعقلاني- بمواجهة المعتزلة، حيث قتل وعذب كثيراً منهم، إلى أن انتهت هذه الفرقة الكلامية العقلية في مهدها و كانت حجة المتوكل التي ارتكز فيها على قتل المعتزلة تقوم على أنهم ضلوا طريق الحق

و هل تعلم أن ما بقي من فكر المعتزلة و أعمالهم و كتبهم كانت سببا في نهضة أروبا؟
                    
 هل تعلمون أنّ رجال الدّين أحرقوا كلّ كتب ابن رشد؟

هل تعلمون أنّ ابن سينا كان ملقّبا بإمام الملحدين أو شيخ الملحدين؟

هل تعلمون أنّ الرّازي أعلن كفره بكلّ مذاهب شيوخ الدّين وكان يسخر منهم في كلّ مجالسه؟

هل تعلمون أنّ التّوحيدي أحرق كتبه بنفسه بسبب القهر واليأس من رجال الدّين في عصره؟ 

وأنّ المعرّي فرض السّجن على نفسه لنفس الأسباب؟...

 هل تعلمون أنّ ابن المقفّع مات مقتولا وهو لم يتجاوز الثّلاثينات من عمره؟

هل تعلمون أنّ إخوان الصّفاء كانوا لا يذكرون أسماءهم بسبب الخوف من إهدار رجال الدّين لدمائهم؟

هل تعلمون أنّ أمّ الجاحظ كانت تشتكي من ابنها بسبب إفراطه في طلب العلم والقراءة… إلى أن مات المسكين بسبب سقوط خزانة كتبه عليه!!

هل تعلمون أنّ خيرة رجال الدّين، وفي مقدّمتهم الإمام الشّافعيّ، كانوا يعتبرون أنّ بعض علوم الطّبيعة والكيمياء والفلسفة من المحرّمات، مثلها مثل التّنجيم والضّرب بالرّمل والسّحر!!!

هل تعلمون أنّ الإمام الغزالي والذّهبي وابن القيّم وابن الجوزي وابن تيمية، وغيرهم من "كبار"رجال الدّين، أفتوا بتكفير وهدر دم كلّ من يمتهن أنواع العلوم العقليّة بدعوى أنها قد تتسبّب في كفر المسلمين وابتعادهم عن دينهم الحنيف؟

هل تعرفون أن الغزالي الذي كفّر الفلاسفة تمّ تكفيره هو الاخر في عهود متأخرة؟

هل تعرفون الطّبري؟طبعا تعرفونه، ومن لا يعرف الطّبري؟! صاحب أشهر كتاب تفسير للقرآن، وصاحب أشهر كتاب تاريخ كتبه المسلمون.

هل تعلمون كيف مات الطّبري؟

الطّبري مات كمدا وقهرا بعد أن رجمه الحنابلة واتّهموه بالكفر والإلحاد بسبب اختلافه مع مذهب الإمام ابن حنبل. الحنابلة رجموا منزله بالحجارة إلى درجة أنّ باب منزله لم يعد يُفتح بسبب أكوام الحجارة المتراكمة عليه.

هل تعلمون كيف مات الطاهر الحداد ؟ عد عدة قرون من موت الطبري يعاد نفس السيناريو للطاهر الحداد على كتابه إمرأتنا في الشريعة و المجتمع لقد وقع له ما وقع للطبري إذ رمي بالكفر  من رجال الدين و أنصارهم تقريبا و رجموا منزله بالحجارة و النجاسة و حرم من الخروج من منزله 

هل تعلمون من قتل المتصوف الكبير الحلاج؟

هل تعلمون من اغتال المفكر المصري فرج فودة؟

هل تعلمون لماذا فرّ المفكر نصر حامد ابو زيد من مصر؟

هل تعلم من إغتال شكري بلعيد و الحاج محمد البراهمي؟....

هل تعلمون أنَّ الطبري قتل و الحلاج صلب و المعري الضرير حُبِس  وسفك دم أبن حيان, ونفي ابن المنمر الطرابلسي وحرقت كتب الغزالي وابن رشد و الأصفهاني و الفارابي والرازي وابن سيناء والكندي والغزالي لقد أضطهدوا و كفّروا و هدر دمهم , وربما لا تعلمون ان السهروردي مات مقتولا, و قطعوا أوصال ابن المقفع, ثم شويت أمامه ليأكل منها قبل أن يلفظ أنفاسه بأبشع أنواع التعذيب, وان الجعد بن درهم مات مذبوحا, وعلقوا رأس (أحمد بن نصر) وداروا به في الأزقة, وخنقوا (لسان الدين بن الخطيب) وحرقوا جثته, وكفروا (ابن الفارض) وطاردوه في كل مكان. .