معركة الحجاب هي معركة الكرامة الوطنية
لقد رأينا المحجبات و المنقبات يمارسن جهاد النكاح في حرب ظالمة على سوريا في حين شاهدن الإيزيديات الغير منقبات يدافعن عن كرامتهن و عن وطنهن و هيي الصورة المعبّرة عن الصرع الدائر في أوطاننا الإخوانجية و الصهيونية و الرجعية العربية و الإستعمارمن ناحية و حركات التحرر من ناحية أخرى فلنخض حربنا على جميع الجبهات
الحرب ضد الحجاب قديمة و بدأت من مصر منذ أكثر من مائة عام, حيث ظهر أول صوت ضد حجاب المرأة ، ومنذ ذلك الحين لم تهدأ المعركة التي اشتعلت نيرانها في أماكن كثيرة من العالم الإسلامي بل وغير الإسلامي.
وكانت أول شرارة في هذه المعركة كتاب لمرقص فهمي (المرأة في الشرق) عام 1894م،
ولكنها لم تُحدث أثراً كالطلقة التي أطلقها قاسم أمين في كتابه المسمى( تحرير المرأة) عام 1899م, وذلك بعد عودته من إتمام دراسته في فرنسا.
وقد أحدث الكتاب ردود فعل شديدة وخاصة في التيار الإسلامي والمحافظ، خاصة بعد أن أشارت بعض الأخبار إلى دور الشيخ محمد عبده في وضع بعض فصوله.
و طلقة قاسم تم الرد عليها بمائة طلقة أو مائة كتاب كان أبرزها كتاب (قولي في المرأة) للشيخ مصطفى صبري.
واشتعلت نيران الحرب ضد الحجاب لم تنتهِ، قد انبرى شيوخ الأزهر و زعماء التيار المحافظ كطلعت حرب للرد على قاسم أمين في كتابين هما كتاب (تربية المرأة والحجاب) والآخر (فصل الخطاب في المرأة والحجاب)، شن فيهما هجوماً شديداً على قاسم أمين، وانبرى مصطفى كامل للرد على قاسم أمين عقب صدور الكتاب مباشرة في شهر سبتمبر 1899م في خطبة له بالقاهرة في أول اجتماع للحزب الوطني جاء فيها: "فلا يليق بنا أن نكون قردة مقلدين للأجانب تقليداً أعمى، بل يجب أن نحافظ على الحسن من أخلاقنا، ولا نأخذ من الغرب إلا فضائله, فالحجاب في الشرق عصمة أي عصمة, فحافظوا عليه في نسائكم وبناتكم، وعلموهن التعليم الصحيح، وإن أساس التربية التي بدونه تكون ضعيفة وركيكة هو تعليم الدين"
وفتح مصطفى كامل جريدة اللواء لكل الكتاب للرد على قاسم أمين. وصل صدى الكتاب إلى العراق والشام وانبرى الشعراء والكتاب للرد عليه مثل الشاعر العراقي البناء حيث قال:
وجوه الغانيات بلا نقاب تصيد الصيد بشرك العيون
إذا برزت فتاة الخدر حسرى تقود ذوي العقول إلى الجنون
وانضم سعد زغلول إلى المناهضين للحجاب، وألقت هدى شعراوي بحجابها، إعلاناً بدخولها المعركة عملياً، وألف قاسم أمين كتابه الثاني (المرأة الجديدة) على خطى ومنوال الكتاب الأول، وتصدى له أيضاً مصطفى كامل.
ووقف القصر مؤيداً التيار الإسلامي والمحافظ في تلك المعركة وعبّر عن ذلك الملك فؤاد بكلّ وضوح عندما استضاف ملك أفغانستان أمان الله الذي وقف في بلاده مع المناهضين للحجاب، وكانت زوجته ثريا سافرة، وعندما علم الملك فؤاد بذلك ألغى الزيارة، ثم وافق على شرط ان تكون إقامة الملكة غير رسمية ولا تظهر في أي تجمع، بل ولا تظهر سافرة أبداً حتى تغادر مصر، ووافق على ذلك الملك أمان الله.
و كان لمركز سعد زغلول السياسي أثره في تقوية التيار الحداثي في الحياة المصرية خاصة في قضية الحجاب، حتى إنه بدأ بزوجته صفية كي تكون قدوة للآخريات.
ولقد ساعد التيار الحداثي في حربه ضد الحجاب عدة عوامل أهمها:
1- سقوط الخلافة العثمانية، وقيام دولة حداثية و علمانية نادت بخلع الحجاب و شجّعت على نزعه بالقوّة القانون عام 1925م.
2 - انتشار السينما والمسرح، وسيطرة التيار الحداثي على تلك الوسائل، ونشر أفكاره النيّرةعبرها دس.
3 - السيطرة على التعليم.
4 - السيطرة على الصحافة.
كل هذه العوامل ساعدت في ذلك الوقت في الثلاثينيات على زيادة قوة التيار الحداثي ليس في مصر فقط، ولكن أيضاً في بعض البلدان العربية و الإسلامية. و ظهر في تونس كتاب الطاهر الحداد حول المرأة
و قد ربطوا المعركة ضد الحجاب بالمعركة ضد المستعمر و كما طالبوا بتحرير المرأة من الحجاب طالبوا بتحرير مصر من الإنقليز و جعلوا أعظم أهداف الشعوب هو الجلاء العسكري للمحتلين.
وظلت المعركة ضد التخلّف و ضد الإستعمار محتدمة حتى الخمسينيات، وبدأ خلع الحجاب طريقه رويدا رويدا بدأ في أوساط المثقفين النيّرين ومن صار على خطاهم، و تغيّر الوضع كثيراً مع رحيل الاستعمار وتغير الأنظمة الحاكمة, ذلك أن الوطنيين الذين ملكوا زمام الحكم و شربوا الأفكار الوطنية و التقدّمية ساهموا من مواقع متقدّمة في إتساع نجاح المعركة ضدّ الحجاب.
ولا يجب أن ننسى أمام تعاظم المعركة ضد الإنقليز و ضد القصر و ضد الحجاب سارع الإنقليز سنة1928 بإنشاء الإخوان المسلمين وبعض الجمعيات الإسلامية لمقاومة التيار التحرّري و كسر ظهره و لكنهم باؤوا بالفشل و تحرّرت مصر و تحررت نساء مصر من الحجاب.
ولكن الإستعمار حاول استرداد مصر بكل الطرق و لعب الإخوان دور الطابور الخامس و قاموا بالتخريب و التخابر و وصلوا حد محاولة الإغتيال لذلك تميّزت فترة الخمسينيات في مصر بصدامات الدولة و الوطنيين مع الإخوانجية و تمّ الإنتصار على الإخوان و الإستعمار.
فأعادوا هجوماتهم من جديد فيً فترة السيتينات، وتزامن ذلك مع تفوق للسفور، وانتشر خلع الحجاب خاصة في المدن، وظهرت تقليعة الميني جيب والميكرو جيب، وكان ذلك لنجاح الفكر الحداثي في بناء قاعدة قوية موالية له في التعليم والصحافة والفن استطاعت مع ظهور التلفزيون وانتشاره أن تظهر تفوق التيار الحداثي في معركة الحجاب مع خلو الساحة من النشطاء من تيار الإخوانجية والمحافظ،
وانحياز المؤسسة الدينية الأزهرية للسلطة الحاكمة
نساء كاسيات عاريات، ويؤكد ذلك التفسيرو هكذا هزم الحجاب في تركيا تحت حكم كمال أتاتورك، وفي إيران تحت الحكم البهلوي في إيران، وبورقيبة في تونس الذي نادى بخلع الحجاب على النساء في تونس.
إلا أن هزيمة 1967م و وفاة جمال عبد الناصر كانا فرصة للحلف الشيطاني أي الثورة المضادّة و المتمثلة في الإستعمار و الصهيونية و الإخوانجية و الرجعية المصرية و الخليجية،للظهور من جديد بقوّة على السطح في بداية السبعينيات مع حكم الرئيس السادات؛ فتحالف مع الإخوانجية وإخرجهم من السجون والمعتقلات، فعادوا إلى التواجد بقوة، ورجعت من جديد معركة الحجاب في مصر، وظهر لأول مرة النقاب في جامعة القاهرة، وظهرت معارض بيع الحجاب في الجامعات المصرية بأسعار زهيدة، وانبرى الدعاة يحملون اللواء في معركة الحجاب عن طريق المنابر وأشرطة الكاسيت،
ولمكن الحداثيين لم يسكتوا بل تبوأت الريادة في التيار الحداثي الصحفية أمينة سعيد، وما لبثت أن دخلت زوجة الرئيس السادات معركة الحجاب, ففي حديث لمجلة فرنسية سئلت عن انتشار عادة الحجاب في مصر ورأيها في ذلك، فأجابت: (إنني ضد الحجاب, لأن البنات المحجبات يخفن الأطفال بنظرهن الشاذ، وقد قررت بصفتي مدرِّسة في الجامعة أن أطرد أي فتاة محجبة من محاضراتي..).
وتعدّت الدعوة إلى الحجاب والالتزام به التيار الإخواني إلى التيار المحافظ و بدأ ينتشر في الأوساط الشعبية،
وتميزت فترة السبعينيات والثمانينيات بظهور التيار السلفي بقوة بجانب الإخوان المسلمين في معركة الحجاب مما أعطى الإخوانجية قوة في المعركة، واندفع كل فريق في المعركة مستخدماً أسلحته:
التيار الحداثي استخدم الصحف والمجلات والإذاعة، وكان لظهور التلفزيون مع بداية السبعينيات في الريف والوجه البحري والقبلي أثره البالغ خلع الحجاب فضلاً عن السينما والمسرح.
ومن جانب آخر استخدم التيار الإسلامي منابر المساجد والجامعات ومعارض الكتب لبيع الحجاب وأشرطة الكاسيت، وكانت قوته في الالتفاف البسطاء من الشعب حوله، بينما كانت قوة التيار الحداثي في طبقة النخبة من بعض المثقفين والفنانين والإعلاميين .
و لمّا اصطدم النظام من جديد بالإخوانجية، بعد مقتل السادات، وقد قال خالد الإسلامبولي قاتل السادات في أسباب قتله إنه ـ أي السادات ـ استهزأ بالحجاب، وقال عن الحجاب إنه خيمة في إحدى خطبه، واصطدمت الدولة بالتيار الإخواني، وانحسر مدّهم فترة مؤقتة، ثم عاد الوضع في منتصف الثمانينيات كما كان عليه من صراع ونزال بين الإسلاميين والحداثيين في معركة الحجاب، ولكن في تلك الفترة وقعت مفاجأة مذهلة حيث انضم لمسيرة الحجاب طائفة جديدة أحدث زلزالا في الرأي العام هن الفنانات المعتزلات التمثيل المعلنات عن ارتدائهن الحجاب.
فلجأ المناهضين للحجاب إلى التشكيك، وأدخلوا سلاحاً جديداً في المعركة ضد الحجاب وهو الأفلام والمسلسلات، واستطاعوا أن يستغلوا الصراع بين الدولة و غلإخوانجية في أحداث العنف التي وقعت في بداية التسعينيات في الحصول على قرار بمنع دخول المنقبات الجامعات المصرية، و نجحوا في التضييق على لبس الحجاب في المدارس.
ولكن: هل وقفت الحرب ضد الحجاب بعد مرور أكثر من مائة عام؟ المؤكد أنها لم تقف بل انتشرت في أماكن كثيرة في العالم الإسلامي بصور شتى, ففي تركيا أرض الخلافةالعثمانية سابقاً كانت هناك معركة من الدولة ضد الحجاب في الجامعات، بل وضد نائبة في البرلمان بسبب ارتدائها الحجاب، وفي تونس حرب متنوعة ضد الحجاب.
الحرب ما زالت مستمرة لم تقف، ولعل ما قدمناه في هذه الدراسة الموجزة عن المعركة والحرب ضد الحجاب في مصر وغيرها من بلاد المسلمين يعطينا صورة تقريبية على بعد هذه الحرب الوطني و الإجتماعي وهو ليس صراعا حول خرقة تضعها أو تنزعها بل برنامج يتعلق بالسيادة الوطنية على ثرواتنا و على أرضنا
و إن الداعين للحجاب هم أناس باعوا الشرف و الوطن لمن يشتري
و قد انكشف أمرهم في كل هذه المعارك إذ كان أغلب المناهضين للحجاب مع إستلال الوطن و كل المنادين بالحجاب لا يهمهم الوطن بل هم قد باعوه من يوم ظهورهم
وازداد أمر الاخوانجية سوءاً بإصداح بعض المرجعيات الإسلامية في الأمر «شيخ الازهر» و الكشف أن الحجاب عادة و ليس عبادة
الإخوانجية أرادوا من الحجاب أغلالا لتكبيل نصف المجتمع و لعزله عن الصراع الوطني الدائر ضد المستعمر و ضد أذنابه في أوطاننا بمن فيهم الإخوانجية
أعيد و أكرّر الحرب ضد الحجاب ليست حربا ضد خرقة تنزعينها أو تلبسينها بل هي حرب ضد العمالة و ضد الإستعمار و ضد الصهيونية و ضد نهب ثرواتنا و ضد التخلّف و ضد الرجعية بكل ألوانها و مسمّياتها ضد بيع الأرض و العرض
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire