ردّ على الأستاذة ألفة يوسف:
واقع اليوم لا يمكن أن يكون واقع المستقبل
عندما نقرأ واقعنا السياسي و واقع أحزابنا ..
نخرج بنتيجة واحدة وهي أنّه لا وجود لحزب قادر على أن يقود البلاد مستقبلا !!!
Olfa Youssef
هذا الرأي يتردد على لسان الكثيرات و الكثيرين وهو سؤال مشروع
خاصة لما نسمع أن في تونس أكثر من مائة حزب و لا نراها في واقع الحال
أو نرى الأحزاب المعلومة عند أكثرية الشعب التونسي كالجمهوري و التكتل و المؤتمر من أجل الجمهورية و غيرها من الأحزاب القريبة أو المتصاهرة أو التي ولدت من هذه الأحزاب المذكورة و الحاملة لأمراضها و ممارساتها و رؤاها قاربت كلها على الإندثار و ما بقي منها إلا أثار باهتة تدلّ على سابق وجودها...
و الجواب على أسباب ذلك الوهن أوردته السيّدة ألفة يوسف أيضا:لآنهم "ضاعوا في الطريق منذ أن استغلتهم النهضة من أجل مصالحها زمن الترويكا، فخسروا كل شيء ولم تخسر هي كثيرا..."
أما ما أوردته من أن الجبهة قد " استغلتها النهضة في القصبة (أو القصبات) من أجل مجلس تأسيسي ونظام برلماني"
نرى أن السيّدة ألفة قد جانبت الحقيقة في كل النقاط :
- أولا لم تكن يومها الجبهة موجودة
ثانيا - فبخصوص القصبة 1-2 لم تكن لا مبادرة الجبهة و لا مبادرة النهضة و للتدليل على ذلك نورد ما قالته هندة الشناوي في دراسة لها بعنوان "القصبة 1و2: عودة إلى أسباب انتكاسة المسار الثوري"على صفحة نواة:
-"مساء الرابع عشر من جانفي 2011، كانت كلّ الوسائل الإعلاميّة تؤكّد مغادرة الرئيس التونسيّ للبلاد أو بالأحرى هروبه، ولكنّ المفاجأة التي ادّخرها النظام كانت بعد ساعة من إعلان ذلك الخبر، حين أطلّ ثلاثة من ابرز وجوه النظام السابق آنذاك وهم محمد الغنّوشي آخر وزير أوّل في عهد بن عليّ وفؤاد المبزّع رئيس مجلس مستشاريه وعبد الله القلاّل الذّي شغل منصب وزير الداخليّة خلال التسعينات وكان منفّذ حرب تكميم الأفواه وتدمير المشهد السياسيّ في البلاد، ليعلنوا توّليهم السلطة إلى حين.
الشباب الذّي كان ما يزال منتشيا بدوره في إنهاء حكم بن عليّ وعائلته لم يستطع استساغة هذا الخبر الذّي اعتبره التفافا على تضحياته ومطالبه، لتبدأ القصّة بفكرة اقترحها أحد شبّان منزل بوزيّان من ولاية سيدي بوزيد تقضي بتنظيم مسيرة إلى العاصمة مشيا على الأقدام. انتشرت الفكرة على صفحات التواصل الإجتماعيّ وحضيت بدعم منقطع النظير من مختلف الجهات لتتبلور في النهاية ملحمة اعتصام القصبة.
يستذكر هنا أحد الوجوه النضاليّة في المدينة الشاب صفوان بوزيد لحظات انطلاق اعتصام القصبة قائلا:
لقد شعرنا بخطر جديّ للالتفاف على الثورة وطمس المكاسب التي تحقّقت، لذلك بحثنا عن فكرة جديدة ونوعيّة، ليستقرّ الرأي على التوجّه إلى ساحة القصبة بما تحمله من رمزيّة سياسيّة لنحتلّها. وفعلا بدأنا السير نحو العاصمة لتلتحق بنا شباب العديد من المدن والقرى، ومن ثمّ استقللنا الحافلات والسيّارات لنصل وجهتنا مساء ذلك اليوم."
ثالثا - أما بخصوص شعار مجلس تأسيسي فكان شعار كل القوى الديمقراطية أنذاك و رغم محاولات الباجي الإلتفاف عليه مدعوما بالنهضة لكنه لم يفلح و هذا أمر طبيعي لأن تونس توجهت بعد رحيل بن علي نحو تأسيس نظام ديمقراطي و هذا التأسيس يتطلب مجلس تأسيسي و دستور جديد و شكل جديد من الحكم و كان جل القوى السياسية تميل للنظام البرلماني لأن الشعب عانى من ويلات النظام الرئاسي
أما قولها:"وهذا النظام البرلماني نفسه هو ما لن يمكن الجبهة من الفعل السياسي وستكتفي باللا الأزلية الابدية..." فهو تجنّي فاقد لكل موضوعية على الجبهة الشعبية لم نعهده في الأستاذة
لأن الجبهة ليست المرادف لكلمة "لا" و احتراف "الرفض للرفض" بل لها مشاريعها في كل ما رفضته ما على الأستاذة إلا أن تكلّف نفسها عناء البحث على صفحات الجبهة و مكوناتها و صفحة جريدة الشعب و ستكتشف الكثير من البدائل و الدراسات لكل ما رفض من الجبهة و بأقلام خبراء في الميدان المرفوض
أما الوصول للأغلبية في البرلمان يحددها نضالية الجبهة و إلتحامها أكثر فأكثر بمشاغل المواطنين و العمل الميداني و الحضور القيادي في الإحتجاجات و الهبّات الجماهيرية في المدينة و الريف في الأحياء الشعبية و الأحياء الراقية و تطوير قنوات الإتصال و الدعاية و التحريض في كل الأوساط الشعبية و هذا ما ينقص الجبهة الشعبية و قد يميتها إن لم تتلافاه
وهي التقطة الوحيدة التي لم تجانب فيها الأستاذة الحقيقة بل نشاطرها تخوفاتها:
"هل هناك حزب قادر على أن يقود البلاد مستقبلا؟
هل ستُحلّ "وحلة المنجل في القلة" بتكسير القلة أم أن للتاريخ منطقا آخر؟
والأهم من هذا كله، كيف سيتعامل السياسي مع الواقع بين مطرقة الأزمة الاقتصادية وسندان الإرهاب؟
الله أعلم..."
و هذا السؤال مطروح اليوم بجدّية من أكثر من طرف و على الجبهة الشعبية أن ترفع التحدّي و تتحول من حزب معارض إلى حزب بديل
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire