يعلّمونهم القرآن نهارا وينكحونهم ليلا
ملاحظة هامّة: إلّي يخافوا ربّي شوف آش عملو
يجاهدون بالدّبر و بالفرج و يقتلون و يغتالون و يفجّرون و ينهبون و يبيعون البلد لكل مشتري و يغدرون و يتخابرون و يسفّرون الشباب حطبا لكل الأماكن المشتعلة و يمارسون كلّ أنواع الفحشاء و المنكر و يكذبون و لا يرفّ لهم جفنا و لا ترى على وجوههم إلاّ قناع براءة إخوة يوسف من دم أخيهم و لا تسمع في كلامهم إلاّ إنكارا شديدا و تكذيبا و تملّصا من كلّ أفعالهم و جرائمهم فحتى الشيطان حار في أعمالهم و مخّو وقف و هجّ من البلاد و خلّهالهم واسعة و عريضة
عودة للنصّ
05 فيفري 2019 15:59
بقلم منجي الخضراوي
قد يكون لهذا المقال تنبيه على ألاّ يقرأه من سنّه دون 18، وقد يكون حلقة من حلقات محاولة فهم ظواهر تنشأ وسط الفوضى وغياب الدولة، فهي رؤية من أربعة جوانب، الأوّل رصد لتكرار أحداث والثاني عودة على الأصول والثالث احصائي أمّا الجانب الرابع فهو إجابة عمّن يتحمّل المسؤولية؟
يوم الأحد 16 نوفمبر 2014 امام جامع ابن عرفة ببن قردان يعتدي جنسيا على طفلة عمرها 5 سنوات كانت تتردّد على الجمع لحفظ القرآن.
يوم الأربعاء 14 ديسمبر 2016 تلقّت الوحدات الأمنية بجهة الملاسين شكاية حول تعرّض طفلة لم تتجاوز سن الرابعة الى اعتداء جنسي من قبل امام خمس بجامع المكان.
20 جوان 2016 شاب سلفي داعية ديني يغتصب فتاة من معارفه في سوسة بعد أن حوّل وجهتها
20 أفريل 2017 داعية ديني معروف بانتماءاته السلفية، يحاول اغتصاب طفلة عمرها لا يتجاوز ثمانية سنوات بعد أن استدرجها الى جامع في حيّ التضامن.
قبل ذلك وفي فيفري من سنة 2010 مؤذّن بجامع في مدينة دوز يعتدي جنسيا على بنتيه 8 سنوات و18 سنة.
يوم 31 جانفي 2019 أجهزة الدولة تقتحم مدرسة قرآنية في مكان ناء بمعتمدية الرقاب من ولاية سيدي بوزيد حيث يقيم 42 طفلا تبيّن أنّ من بينهم من تعرّض للاعتداء الجنسي.
يقول علماء الاجتماع وحتّى علماء الفيزياء أنّ الحدث إذا تكرّر فانّه يكون ظاهرة، وبهذا المعنى فنحن اذن أمام ظاهرة.
الأسلم اذن أن نفكّر في الظاهرة بعيدا عن منطق التجريم والتحريم، هل هناك علاقة بين الفضاءات الدينية والجرائم الجنسية ضدّ الأطفال؟
يمكننا العودة الى الأصول مثلما كان يفعل فريديريك نيشه للبحث في ما نحن بصدده، يقول الجاحظ في الرسالة الثالثة عشرة من رسائله في باب مفاخرة الجواري والغلمان: «إن من فضل الغلام على الجارية أن الجارية إذا وُصفت بكمال الحسن قيل: كأنَّها غلام ووصيفةٌ غلامية».
التاريخ العربي الإسلامي مليء بالاعتداءات الجنسية على الأطفال تحت عناوين شتّى مثل الغلمان. وكان الكثير من الخلفاء يفخرون بغلمانهم حتّى أنّ الخليفة المنصور العباسي أول من استخدم غلمانه في أعماله وميّزهم عن العرب، الخليفة العباسي الأمين بن هارون الرشيد كان يتغزّل بغلامه حتى وصفه بـ «كوثر ديني» ويُقال أيضا إنّ الأمين كان يحب الغلمان، حتّى أنّ والدته أرادت نهيه عن ذلك فكانت تجلب له نساء يشبهن الغلمان لكن دون فائدة. في حين كان وزراء المأمون يتوسّطون لديه عبر الغلام «مهج» لقضاء شؤونهم.
كما اشتهر قاضي القضاة يحي بن أكثم بعشقه للغلمان، فكتب عليه أبو نوّاس متهكّما «أنا الماجن اللوطي ديني واحد // وإني في كسب المعاصي لراغب// أدين بدين الشيخ يحي بن أكثم// وإني لمن يهوى الزنى لمجان».
إنّه يمكننا أن نقول إنّ تاريخنا مليء بالاعتداء الجنسي على الأطفال، فهل كفّ هذا التاريخ عن صنيعه الاجرامي؟
إنّ حادثة المدرسة القرآنية بالرقاب كشفت عن البعد الاجرامي في التعاطي مع الأطفال، اذ تبيّن من خلال الاختبارات الشرجية على بعضهم أنّ منهم من تعرّض للاعتداء الجنسي، وهو أمر صادم، اذ يتمثّل الرأي العام أنّ أماكن حفظ القرآن والعبادة هي أماكن خالية من الرجس ومن كلّ الفواحش، ولكن تأتي حادثة الرقاب لتعرّي ما هو أفظع، وهنا مكمن الصدمة.
لا شكّ أنّ المشكل لا يكمن في الدين، بل في أولئك الذين يروّجون صباحا مساء أنهم مؤتمنون على دين رب العالمين، وأنّهم أوصياء على هذه الأمّة التي ضربها الجهل والكفر، لذلك فهم يتبعون منهج الدعوة والهداية.
أولئك الذين يتاجرون بالدين، يفتضح أمرهم في كلّ مرّة على أنّهم يمارسون أمراضا، تخلّت عنها الإنسانية منذ القرون الوسطى، إنّهم يتزوّجون النساء خفية بمجرّد قراءة الفاتحة وشاهدين وهم يفاحشون الأطفال تحت عنوان تدريسهم القرآن، وهل هناك ما هو أبشع من هذا؟
تفيد المعطيات الإحصائية الرسمية في تونس أنّ 47 ألف طفل في سن الأربع والخمس سنوات يدرسون في الكتاتيب البالغ عددها 1664 كتابا، في حين تتخفّى العديد من المدارس القرآنية تحت عمل الجمعيات التي تهدف في نهاية التحليل الى التأثير السياسي، لها وظائف التعبئة والتحشيد للحظة الحاسمة.
المعطيات الرسمية تؤكد وجود 22076 جمعية الى غاية ديسمبر 2018، من بينها 11254 جمعية أي قرابة النصف ناشطة تحت عناوين ثقافية وفنية ومدارس وعمل خيري واجتماعي، يضمّ عدد منها الكثير من المدارس القرآنية المنتشرة في كامل أرجاء البلاد أكثر من 310 مهتمّة بشكل مباشر بتحفيظ القرآن.
لقد وجدت الكتاتيب في تونس منذ ما قبل القرن التاسع عشر، وقد تلقّت العديد من الأجيال دروسا في حفظ القرآن وكانت تحت رقابة الدولة ومثّلت دعامة للتعليم، ولكن بعد الثورة أصبح مناخ الحرية يتيح التحرّك دون قيود وأصبح للدين عناوين سياسية، تمّ استعمال العديد من الكتاتيب والمدارس القرآنية للدعم والتحشيد مع رسم استراتيجية فصل الأبناء عن الآباء التي تبنّاها في فترة عبد الفتاح مورو نائب رئيس مجلس نواب الشعب حاليا عند لقائه بالداعية الإرهابي وجدي غنيم.
مثل هذه الاستراتيجية تمّ اتباعها في باكستان وأفغانستان عندما صعدت حركات الإسلام السياسي حيث تمّ نشر المدارس القرآنية ومدارس تلقين الدين المعروفة بـ «طالبان» وهي التي حملت السلاح لاحقا وأخذت نفس التسمية وخاضت حروبا ضدّ شعبها وتسبّبت في الخراب والدمار وتحالفت مع تنظيم القاعدة مارست شتّى اشكال الإرهاب.
في تونس هناك إرادة لإعادة انتاج نفس الاستراتيجيات، فتدفّقت الأموال خاصة من بعض الدول الخليجية وتعدّدت منابر التبرير والدعاية، وبرز وجوها «حقوقية وإعلامية وسياسية...» تبشّر بالدين في مجتمع تونسي مسلم وكأنه لم يعرف الإسلام الى مع دخولهم.
إنّ غاية نشر المدارس القرآنية ليست غاية دينية، لأنّه يمكن تحفيظ القرآن في برامج التعليم وفي المساجد التي يجب أن تراقبها الدولة، إذ أنّ غيابها أثبت فشله، ألم تستعمل حركات الإسلام السياسي أو ما اسماه راشد الغنوشي في فترة ما ''الإسلام الغاضب'' بعد الثورة العديد من المساجد كنقطة ارتكاز لارتكاب جرائم إرهابية والتخطيط للاغتيالات والجريمة واستعملت بيوت الله للدعاية السياسية ولأشخاص مجرمين، فتمّ افتكاك العمومي المشترك والاستئثار به لفائدة تنظيمات وأشخاص.
تتواصل الجرائم باستعمال غطاء الدين لتبلغ أقساه وأوسخها وأقذعها وأشنعها وأفظعها... بإحاطة مدرسة في مكان ناء في الرقاب من ولاية سيدي بوزيد بهالة من الاخفاء والتخفّي وبطابور من المدافعين بطلانا عن قيم لا تتوفر فيها، القائم على المدرسة متزوّج خلسة على غير الصيغ القانونية ويملك حسابا بنكيا مهمّا في حين يقبع 42 طفلا في ظروف شبه إنسانية حيث نخر أجسادهم الصغيرة القمل والجرب وهو أسوأ الأمراض الجلدية وأقذرها على الاطلاق، مرض كان يعاقب به نظام بن علي خصومه السياسيين في السجون، يستعمله دعاة ''الفضيلة'' وأصحاب شعار «الإسلام في خطر» لتأكيد سلطتهم وسطونهم على أطفال من أبناء تونس أبناء هذه الأرض الطيّبة.
إنّ المدارس القرآنية جُعلت لإيجاد نظام تعليمي موازٍ للنظام التعليمي الرسمي الذي تشرف عليه الدولة، ولأنّهم لا يؤمنون بالدولة على ماهي عليه، بل يهدفون الى دولة الخلافة، فإنّهم يؤسّسون لكلّ ماهو خارج المنظومة الرسمية، يعملون على الاقتصاد الموازي وعلى التعليم الموازي والثقافة الموازية وحتّى الأمن الموازي.
ولكن السؤال الذي يجب أن يُطرح في هذا السياق، كيف نشأت؟
هناك فئة من التونسيين يريدون حفظ القرآن وهذا حقّهم، اذ لا يمكن أن ننفي أن أجيالا من الأطفال مرّت عبر الكتاتيب والمؤدبين لحفظ القرآن، ولكن عندما تغيب الدولة عن هذه المجالات وتتركها للجمعيات والمجموعات والأحزاب المتخفية، فإنها لن تنتج الاّ مدارس على شاكلة مدرسة الرقاب، فالطبيعة تخشى الفراغ اذ الهواء يملأ المكان الفارغ كما قال أرسطو.
عندما تغيب الدولة يحلّ محلّها المستفيد من غيابها، ولا يستفيذ من ذلك غير المجرمين والمهرّبين والإرهابيين. مسؤولية الدولة قائمة لا محالة.
إنّ الدولة مطالبة بأخذ المبادرة واسترجاع سلطتها على مجال يُعدّ من أخطر المجالات وأكثرها حساسية، أي الديني، فالدولة هي التي ترعى الدين بموجب الدستور وهي مطالبة بأن تعيد النظر في المناهج التعليمية والتربوية بترسيخ العلم والعقل والعقلانية، وبالوقوف بقوّة في وجه المتمرّدين على القانون وإيقاف نزيف صناعة ''طالبان'' وسط هوامش وتفاصيل الفوضى والغياب، يجب التصدّي لأولئك الذين يعلّمون الأطفال القرآن نهارا ويفاحشونهم ليلا، تحت مسمّيات المقدّس وبعناوين ديماغوجية تحلّل المحرّم وتحرّم المحلّل قبل أن يبلغوا مدى تحت جنح الظلام لرفع السلاح وإعلان الجهاد.
ليس أيسر من الانفلات عندما تغيب الدولة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire