هيئة الحقيقة والكرامة: كيف يستقيم الظلّ والعود أعوج ؟
الثلاثاء 17 جوان 2014 جريدة المغرب
تستعدّ هيئة الحقيقة
والكرامة لتسمية رئيس لها وتوزيع المهام بين أعضائها. ولا بدّ في البداية من
التأكيد على أنّ هذه الهيئة هي من أهمّ الهيئات التّي وقع إحداثها بعد الثورة
بالنظر إلى الدور المناط بعهدتها في المساهمة في تحقيق الإنتقال الديمقراطي
من خلال كشف حقيقة الإنتهاكات التّي وقعت ببلادنا منذ
1955 إلى تاريخ صدور القانون المحدث لها في 24 ديسمبر 2013 وذلك بالعمل على تفكيك
منظومة الفساد والإستبداد لمنع تكرارها مستقبلا عبر تكريس مبدأ عدم الإفلات من
العقاب على أن يقع في الأثناء جبر ضرر الضحايا وردّ الإعتبار إليهم وإصلاح أجهزة
الدولة الفاسدة قبل الوصول إلى مصالحة حقيقية بين كافة أفراد المجتمع وفئاته.
لم تكن بداية هيئة الحقيقة والكرامة موفّقة ولا مطمئنة
ذلك أنّه بعد أن أدّى أعضاؤها اليمين أمام رئيس الجمهورية حضر جميعهم إحتفالية
التنصيب التّي حضرها الرؤساء الثلاثة ومنظمات وشخصيات دُولية وأشرف عليها وزير
العدل ووزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية الذّي يعلم الجميع أنّه مُورّط مع
النظام السابق في إنتهاك حقوق الإنسان.
بحيث ومن الناحية الرمزية البحتة يكون إشراف هذا الوزير
على تنصيب الهيئة إهانة لها وللشعب التونسي عامة. لكن رغم ذلك فإنّه لا أحد من
أعضاء الهيئة تجرّأ على المقاطعة وفي ذلك دلالة واضحة على عدم إستقلالية وحيادية
أعضائها وعلى عدم إدراكهم للدّور الهام المناط بعهدتهم. ويجب التذكير في هذا
السياق بما سبق أنّ أكّدنا عليه المرار العديدة من أنّ العدالة الإنتقالية هي
تجربة وحيدة لا تتكرّر في حياة الشعوب. فإمّا أن تكون تجربة ناجحة وتُساهم فعلا في
الإنتقال السلس نحو الديمقراطية وإمّا أن تكون تجربة فاشلة تزيد من حالة الإحتقان
وتعمّق الهُوة بين مطالب الشعب وبين ساسية السلطة وتوظيفها لمنظومة العدالة
الإنتقالية لأغراض حزبية ضيقة لا تتماشى مع إستحقاقات الثورة.
وبالفعل وللأسف الشديد فإنّ مسار العدالة الإنتقالية لا
يبشّر بخير ذلك أنّه فضلا عن وضع السطلة وهيمنتها على هذا المسار وإستعمالها
المجتمع المدني الوطني والدّولي كواجهة فإنّ ما تضمنه قانون العدالة الإنتقالية من
فصول شيطانية ستعرقل حتما عمل هيئة الحقيقة والكرامة ويمكن أن تُفشل التجربة في
بلادنا في هذا المجال. وفضلا عن ذلك فإنّ التركيبة الحالية لهيئة الحقيقة والكرامة
والتّي وقع إختيارها على أساس الموالاة والمحاصصة الحزبية ستجعل من الهيئة هيئة
تصفية حسابات أكثر منها هيئة لكشف الحقيقة. وهو ما سيؤدّي إلى إنتكاسة محققة لمسار
العدالة الإنتقالية ببلادنا.
الفصول الشيطانية في قانون العدالة الإنتقالية وتأثيرها على
مسار العدالة الإنتقالية :
العديد من مكونات المجتمع المدني وعلى رأسهم التنسيقية الوطنية المستقلّة للعدالة الإنتقالية نبّهت إلى أنّ قانون العدالة الإنتقالية لا يعكس إطلاقا مشاريع القوانين التّي قدّمها المجتمع المدني التّي وقع تنقيحها بصفة جذرية أفقدتها فلسفة وروح العدالة الإنتقالية وجاءت النصوص المنقحة تعكس إرادة سياسية واضحة في إتّجاه مواصلة الهيمنة على المسار وإستعمال المجتمع المدني الوطني والدّولي ديكورا لا غير.
العديد من مكونات المجتمع المدني وعلى رأسهم التنسيقية الوطنية المستقلّة للعدالة الإنتقالية نبّهت إلى أنّ قانون العدالة الإنتقالية لا يعكس إطلاقا مشاريع القوانين التّي قدّمها المجتمع المدني التّي وقع تنقيحها بصفة جذرية أفقدتها فلسفة وروح العدالة الإنتقالية وجاءت النصوص المنقحة تعكس إرادة سياسية واضحة في إتّجاه مواصلة الهيمنة على المسار وإستعمال المجتمع المدني الوطني والدّولي ديكورا لا غير.
ومن الغريب أنّ المشرّع التّي تكون عادة أعماله مصانة
عن العبث شذّ هذه المرة عن القاعدة ذلك أنّ قانون العدالة الإنتقالية الذّي جعل
للتصدّي لإنتهاكات حقوق الإنسان إنقلب بدوره لإنتهاك حقوق الإنسان. فالفصل 8 من
القانون عدد 53 لسنة 2013 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 المتعلّق بتنظيم وإرساء
العدالة الإنتقالية أحدث دوائر متخصّصة على مستوى المحاكم الإبتدائية للبتّ في
الجرائم المنصوص عليها بالفصل 8 ذاته. لكن لم يحدث مثيلتها على مستوى محاكم
الإستئناف. وفي ذلك خرق لمبدإ التقاضي على درجتين والــذّي يضمنـه الفصـل 108 من
الدستـور بفقرتـه الثالثـــة " ويضمن القانون التقاضي على درجتين".
كما أنّ نفس الفصل 8 من القانون المنظم للعدالة
الإنتقالية أحدث جريمة تزوير الإنتخابات وجريمة الدّفع للهجرة الإضطرارية لأسباب
سياسية والحال أنّ القانون الجزائي التونسي لا يحرّم مثل هذه الأفعال. وهذا خرق
لمبدإ دستوري آخر تضمّنه الفصل 28 من الدستور من كون أنّ " العقوبة شخصية ولا
تكون إلاّ بمقتضى نصّ قانوني سابق الوضع، عدا إحالة النص الأرفق بالمتهم
".
وعلى مستوى ثالث فإنّ الفصل 25 من قانون العدالة
الإنتقالية عندما إعتبر في فقرته الأخيرة قرارات لجنة الفرز " قرارات نهائية
وباتّة ولا تقبل المراجعة أو الطعن بأي وجه من الوجوه ولو بدعوى تجاوز السلطة
" يكون قد خرق أحد مبادئ القانون التّي كلفتها المواثيق الدّولية وضمنها
الدستور وهو حقّ التقاضي. فقد نصّ الفصل 108 من الدستور بفقرته الثانية على أنّ
" حقّ التقاضي وحقّ الدفاع مضمونان، وييسّر القانون اللجوء إلى القضاء...
".
إنّ خطورة خرق مبادئ قانونية مسلّم بها يكفلها الدستور
لا تكمن فقط في الناحية الرمزية من كون أنّه لا يعقل أن قانون سنّ للتصدّي
لإنتهاكات حقوق الإنسان ينقلب إلى قانون ينتهك بدوره حقوق الإنسان، إنّما الخطورة
الحقيقة تكمن في إمكانية طعن من يثبت تورّطه في إنتهاك حقوق الإنسان بعدم دستورية
القانون المنظم للعدالة الإنتقالية وعدم دستورية الهيئة المنبثقة عنه. وبذلك تصير
أعمال الهيئة معرّضة للإبطال والبطلان وتذهب جميع المجهودات المبذولة لكشف الحقيقة
وجميع الأموال التّي سيقع صرفها في مهب الرياح.
والملفت للنظر أنّ السلطة رغم إقتناعها بوجود هذه
النقائص والإخلالات ووجود نقائص أُخرى ركّز عليها خبراء في المجال خلال المائدة
المستديرة التّي نظّمتها التنسيقية الوطنية المستقلّة للعدالة الإنتقالية، ورغم
إقتناعها بضرورة تنقيح بعض فصول قانون العدالة الإنتقالية إلاّ أنّها عجّلت بتركيز
هيئة الحقيقة والكرامة والحال أنّ هذه الهيئة جزء من المشكل وليست جزءا من الحلّ
على إعتبار أنّ تنصيبها يستند إلى قانون غير دستوري مثلما سلف ذكره. ثمّ أنّ هذه
الهيئة تطرح إشكالية ثانية على إعتبار أنّ إختيار أعضائها تمّ حسب اعتبارات سياسية
وحزبية لا حسب الشروط الموضوعية الواردة بقانون العدالة الإنتقالية. وهو ما
سيجعلها هيئة تخضع لإملاءات الأطراف التّي عيّنتها وتكون بذلك هيئة لتصفية
الحسابات لا هيئة لكشف الحقيقة.
تركيبة هيئة الحقيقة والكرامة تجعلها هيئة تصفية الحسابات :
نصّ الفصل 21 من قانون العدالة الإنتقالية على جملة من الشروط يجب أن تتوفّر في المترشّح لهيئة الحقيقة والكرامة والتّي من بينها الكفاءة والإستقلالية والحياد والنزاهة. وبالتالي فإنّه على لجنة الفرز أن تثبت في توفّر هذه الشروط في المترشحين قبل أن تلجأ إلى إختيار خمسة عشر عضوا بالتوافق حسب الآلية التّي نصّ عليها الفصل 23 من القانون المذكور بفقرته السابعة. لكن يبدو أنّ لجنة الفرز فهمت هذه الفقرة على غير معناها الصحيح إذ هي مرّت إلى إختيار الأعضاء بالتوافق بناءا على المحاصصة الحزبية وعلى الموالاة دون التأكّد من توفّر شروط الكفاءة والحياد والإستقلالية والنزاهة في المترشحين الذّين إختارتهم.
نصّ الفصل 21 من قانون العدالة الإنتقالية على جملة من الشروط يجب أن تتوفّر في المترشّح لهيئة الحقيقة والكرامة والتّي من بينها الكفاءة والإستقلالية والحياد والنزاهة. وبالتالي فإنّه على لجنة الفرز أن تثبت في توفّر هذه الشروط في المترشحين قبل أن تلجأ إلى إختيار خمسة عشر عضوا بالتوافق حسب الآلية التّي نصّ عليها الفصل 23 من القانون المذكور بفقرته السابعة. لكن يبدو أنّ لجنة الفرز فهمت هذه الفقرة على غير معناها الصحيح إذ هي مرّت إلى إختيار الأعضاء بالتوافق بناءا على المحاصصة الحزبية وعلى الموالاة دون التأكّد من توفّر شروط الكفاءة والحياد والإستقلالية والنزاهة في المترشحين الذّين إختارتهم.
وقد سهّل المهمة رئيس المجلس الوطني التأسيسي عندما فرض
مرشّحا تقلّد منصبا نيابيا يحجّر عليه الفصل 22 من قانون العدالة الإنتقالية تقديم
ترشحه لعضوية الهيئة . وبناءا عليه تمّت الصفقــــــة « Deal « وتمكن حزب الأغلبية من تمرير المترشحين المنتمين لحزبه
أو الموالين له أو المؤلفة قلوبهم. وعلى سبيل المثال نُعطي إشارة عن بعض الذين وقع
إختيارهم ونترك الحرية في تحديد الموقف عن مدى حيادهم وإستقلاليتهم. فمن الذّين
وقع إختيارهم مترشحة حضرت إجتماع لرابطة حماية الثورة وكرّمها السيد راشد الغنوشي
يوم 8 مارس 2014 عملا بالمقولة التّي ردّدها في مناسبة أُخرى ما جزاء الإحسان إلاّ
الإحسان. ومن بين الذين وقع إختيارهم أيضا مترشحة سبق رفض ترشحها لهيئة الإنتخابات
لعدم حيادها بإعتبارها قريبة لمستشار وزير عدل سابق. وكذا الشأن بالنسبة لرئيسة
جمعية أكّدت معلومات واردة عن وزارة الداخلية إنتماءها الحزبي. وبالرغم من ذلك وقع
تمييزها على مرشّح عضوي هيئة حقوقية عريقة. ومن المؤلفة قلوبهم أيضا الذين وقع
إختيارهم مسؤول حزبي وعضو لجمعية تترأسها قريبة لوزير عدل سابق.
وفي الحقيقة فإنّ نسبة المقرّبين والمؤلفة قلوبهم من
حزب الأغلبية تُمثل أكثر من ستّين بالمائة في عضوية هيئة الحقيقة والكرامة. وهو
أخطر مؤشّر على إمكانية إنزلاق هيئة الحقيقة والكرامة عن دورها الطبيعي في كشف
حقيقة الإنتهاكات لتصير هيئة لتصفية الحسابات لفائدة طرف سياسي على حساب طرف آخر.
وهو خطر يمكن أن يؤثّر على المسار الإنتخابي وعلى نتائج الإنتخابات إذ يمكن للهيئة
أن تبدأ بالتحقيق في ملفات رجال أعمال منتمين لحزب معين أو أحزاب معيّنة لخدمة
مصلحة حزب أو أحزاب أُخرى. كما يمكن لهيئة لا يتمتع العديد من أعضائها بشروط
الكفاءة والحياد والإستقلالية والنزاهة أن تنزلق في إبتزاز رجال الأعمال ممّا
سيزيد في فقدان هؤلاء لثقتهم في مؤسسات الدولة ويشجعهم على إيقاف الإستثمار وحتّى
إلى تحويل نشاطهم إلى بلدان أُخرى تتمتّع بالإستقرار مع ما يترتّب عن ذلك من زيادة
تعميق الأزمة الإقتصادية والإجتماعية ببلادنا.
لكن لقائل أن يقول لماذا هذه النظرة التشاؤمية ولماذا
نُشكّك في مصداقية أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة قبل أن تشرع الهيئة في أعمالها
بصفة فعلية ؟
والجواب بسيط إذ لا يخفى على أحد أنّ التنسيقية الوطنية المستقلة للعادلة الإنتقالية ساهمت بصفة فعلية وحاولت تركيز منظومة عدالة إنتقالية عادلة تأخذ بعين الإعتبار التجارب المقارنة وتراعي الخصوصيات التونسية. ولهذا الغرض قامت التنسيقية بعدّة ندوات وتحرّكات وقدّمت العديد من المقترحات والتوصيات لكن مع الأسف وقع تهميش دورها ودور المجتمع المدني إجمالا مثلما لم يقع الأخذ بعين الإعتبار توصيات ومقترحات المجتمع الدولي ومنها توصيات السيد بابل ودي قريف مقرّر حقوق الإنسان للأمم المتحدة. وبطبيعة الحال فإنّ المجتمع الدّولي يتحمّل جزءا كبيرا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في مجال العدالة الإنتقالية إذ هو يفي يساند المسار الرسمي رغم تنبيهه من خطورة وضع السلطة يدها على المسار وهيمنته عليه وتهميشها لدور المجتمع المدني. ونتيجة لذلك جاءت نتيجة مسار العدالة الإنتقالية مخيّبة للآمال إذ أنّ قانون العدالة الإنتقالية تشوبه نقائص يُمكن أنتُفشل التجربة ببلادنا.
والجواب بسيط إذ لا يخفى على أحد أنّ التنسيقية الوطنية المستقلة للعادلة الإنتقالية ساهمت بصفة فعلية وحاولت تركيز منظومة عدالة إنتقالية عادلة تأخذ بعين الإعتبار التجارب المقارنة وتراعي الخصوصيات التونسية. ولهذا الغرض قامت التنسيقية بعدّة ندوات وتحرّكات وقدّمت العديد من المقترحات والتوصيات لكن مع الأسف وقع تهميش دورها ودور المجتمع المدني إجمالا مثلما لم يقع الأخذ بعين الإعتبار توصيات ومقترحات المجتمع الدولي ومنها توصيات السيد بابل ودي قريف مقرّر حقوق الإنسان للأمم المتحدة. وبطبيعة الحال فإنّ المجتمع الدّولي يتحمّل جزءا كبيرا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في مجال العدالة الإنتقالية إذ هو يفي يساند المسار الرسمي رغم تنبيهه من خطورة وضع السلطة يدها على المسار وهيمنته عليه وتهميشها لدور المجتمع المدني. ونتيجة لذلك جاءت نتيجة مسار العدالة الإنتقالية مخيّبة للآمال إذ أنّ قانون العدالة الإنتقالية تشوبه نقائص يُمكن أنتُفشل التجربة ببلادنا.
ثمّ أنّ إختيار هيئة الحقيقة والكرامة بالطريقة التّي
تمّ بها سيجعلها رهينة إملاءات الأطراف التّي إخطارتها. ومن هنا يأتي السؤال عنوان
المقال هية الحقيقة والكرامة كيف يستقيم الظلّ والعود أعوج؟.
مسار العدالة الإنتقالية في بلادنا إذا في خطر ويخشى أن
تغرق السفينة بعد مدّة قصيرة من إقلاعها. وبالتالي فإنّ السؤال الذّي يطرح نفسه
بعد أن وضع الشعب التونسي أمام الأمر الواقع بتنصيب هيئة الحقيقة والكرامة هل
يُمكن تصحيح المسار وإنقاذ سفينة العدالة الإنتقالية من الغرق ؟ وإلى أي جهة يجب
التوجه لحثّها على القيام بهذه المهمّة ؟
بطبيعة الحال لا يمكن الإعتماد على الرؤساء الثلاث
الذّي سبق لمكوّنات المجتمع المدني أن حمّلتهم مسؤولية الولادة المبتورة والمشوهّة
لهيئة الحقيقة والكرامة. ونفس الملاحظة تنطبق على المجتمع الدولي الذّي بقيت
منظماته تُساند الموقف الرسمي رغم تعدّد إنزلاقاته.
يبقى الأمل في إستفاقة الأحزاب السياسية التّي ولئن
كانت مقصّرة إلى حدّ الآن ولم تعر العدالة الإنتقالية الأهمية التّي تستحقّها إلاّ
أنّه يجب عليها الآن أن تتدارك الأمر وتتعاون مع الرباعي الراعي للحوار لتجنّب
البلاد مخاطر إبطال جميع أعمال هيئة الحقيقة والكرامة لعدم دستورية القانون المنظم
للعدالة الإنتقالية مع ما يترتّب عن ذلك من خسارة في المجهودات المبذولة وإهدار
للمال العام ومع ما يمكن أن ينتج في هذه الحالة من إحتقان لدى الضحايا وعائلاتهم.
كما أنّ خطر إنزلاق هيئة الحقيقة والكرامة عن مسارها الصحيح للتأثير على مسار
الإنتخابات من خلال التركيز على تمويل بعض رجال الأعمال للحملات الإنتخابية هو خطر
جدّي يستدعي اليقظة ويجعل الأحزاب السياسية والرباعي الراعي للحوار الوطني مطالبون
بالضغط على السلط لحثّها على التريّث والوقوف وقفة تأمّل
لدراسة المخاطر المُشار إليها وإيجاد الحلول لتلافيها
والتّي من بينها أن يكون المجلس الوطني التأسيسي ومن بعده البرلمان الذّي سيقع
إنتخابه رقيبا على أعمال هيئة الحقيقة والكرامة تتم مساءلتها أمامه مثلما تقع
مساءلة أعضاء الحكومة وبذلك نجنّب البلاد الوقوع في المحظور وفي حالة جديدة من
الإحتقان لا أحد يعلم نتائجها في صورة إنزلاق هيئة الحقيقة عن دورها والمهام التّي
أُنشأت من أجلها. والتنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الإنتقالية ستواصل مثلما
تعهّدت به نضالاتها وتحرّكاتها للسعي لتصحيح المسار وستقوم في الأيّام القادمة
بالإتّصال بالأحزاب وبمختلف القوى الديمقراطية والتقدّمية بالبلاد لتحسيسها بأهمية
العمل على تلافي ما شاب قانون العدالة الإنتقالية من نقائص من جهة والحيلولة دون
وقوع هيئة الحقيقة والكرامة في إنزلاقات نتيجة التجاذبات والضغوطات السياسية.
بقلم: الأستاذ عمر الصفراوي
(رئيس
التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الإنتقالية)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire