Tunisiens Libres: إسلاميو تركيا بين (الأخونة) و(العثمنة)!!

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

samedi 12 décembre 2015

إسلاميو تركيا بين (الأخونة) و(العثمنة)!!


إسلاميو تركيا بين (الأخونة) و(العثمنة)!!



اتسمت أحزاب الإسلام السياسي في تركيا، بدءا من حزب النظام الوطني وانتهاء بحزب العدالة والتنمية بنزعتين:

الأولى - الاخوانية: تعود إلى مؤسس الجماعة حسن البنا الذي كان يطالب بضرورة عودة الخلافة الإسلامية إلى تركيا، 

 وعلى الرغم من أن العلاقة بين الجانبين (الإخوان المسلمين في كل من تركيا والعالم) كانت في السابق في إطار التنسيق والتشاور والتعاون من خلال المؤتمرات والاجتماعات الدورية 

إلا أنها انتقلت في مرحلة ( ثورات الربيع العربي ) وتحديدا بعد سقوط حكم محمد مرسي إلى مرحلة الاحتضان التركي لحركات الإخوان المسلمين في مختلف الدول العربية،

 بل والتدخل في شؤونها ومحاولة الاستفادة منها إلى جانب الحركات الإسلامية المتشددة لزيادة دورها ونفوذها الإقليميين في العالم العربي. 

ولعل تركيا انطلقت هنا من بعد إيديولوجي ومشروع إقليمي يجعل من تركيا قائدة للشرق الأوسط على أساس أنها الدولة الأكبر في العالم السني، 

وهو ما تسبب بتوتر شديد في علاقات تركيا مع معظم الدول العربية وحصول اشتباك سياسي مع مصر ودول الخليج وسورية والعراق على خلفية اختلاف الموقف من مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة.

الثانية – العثمانية: مع أن حزب العدالة والتنمية حرص طوال الفترة الماضية على إبعاد صفات كالإسلامي والعثماني عن نفسه والظهور بمظهر الحزب الديمقراطي المحافظ على غرار الأحزاب المسيحية في الغرب، 

إلا أنه من الواضح أن ثمة تحولاً كبيراً بدأ يحصل في خطابه منذ وصول رجب طيب أردوغان إلى سدة الرئاسة، فلسان حاله بات يقول إن العقود التسعة من تاريخ الجمهورية التركية لم تكن سوى فاصل إعلاني في عمر الإمبراطورية العثمانية على حد تعبير تولاي بابوشجو النائب في حزب العدالة والتنمية عن مدينة باليكسير التركية، 

ولعل حفيد السلاطين لم يعد يرى أن لتركيا هوية دون عثمانيتها لغة وثقافة وفضاءً جغرافياً يمتد من بحر الأدرياتيكي إلى سور الصين. 

وهذا التحول من الإسلام السياسي نحو العثمانية الجديدة يعد تحولاً مدروساً، والهدف منه هو تأسيس تركيا جديدة بحلول عام 2023 أي في الذكرى المئوية لانهيار الدولة العثمانية، 

فالعملية حسب هؤلاء تتعلق بتغيير الوعي بالهوية الحضارية والثقافة ونمط التفكير والتعليم على شكل إنهاء لإرث أتاتورك، 

كخطوات لابد منها على طريق إعادة الخلافة الإسلامية بهوية عثمانية جديدة، 

وإن حاول أحمد داود أوغلو وضعها في إطار سياسي من خلال مقارنتها بالرغبة في إقامة كومنولث عثماني على غرار الكومنولث البريطاني كما تحدث أكثر من مرة. 

وهو هنا يعتمد على الإرث الثقافي والتاريخي والعامل الجغرافي، كحوامل للعثمانية الجديدة.

في الواقع، إذا كان من الطبيعي أن تثير العثمانية الجديدة جدلاً في الداخل التركي، 

فإنها في الوقت نفسه تثير هواجس تتجاوز العالم العربي، 

نظراً لما تركته الدولة العثمانية من إرث قام على القتال والغزو تسميها تركيا (بالفتح) بكل ما تحمل هذه السياسة من مفاهيم استعمارية 

 فيما يرى فيه تيار الأخوان المسلمين مخرجا لأزمة الهوية في تركيا ومدخلا لعلاقة جديدة مع العالمين العربي والإسلامي. وحقيقة بين النزعتين الاخوانية والعثمانية، ثمة أسئلة كثيرة عن مشروع حزب العدالة والتنمية المستقبلي، 

ولعل من يدقق في سلوك حزب العدالة والتنمية والذي مازال يقوده أردوغان (علماً أن الدستور التركي ينص على أن لا يقوم رئيس الجمهورية بأي عمل حزبي وعليه الاستقالة إن كان عضواً في حزب ما) 

لا بد أن يرى أن الحزب وعلى الرغم من استفادته من طابعه الاخواني وعلاقاته مع التنظيمات الاخوانية في العالم العربي وحتى استغلال التنظيمات المتشددة والإرهابية مثل (داعش والنصرة) لتحقيق التطلعات التركية الإقليمية تجاه العراق وسوريا، وهو ما أدى إلى حالة استنفار في مواجهة التطلعات التركية الجامحة هذه. 

بعبارة أخرى فان النزعة العثمانية الحاملة للمجد والدور والمكانة باتت تتفوق على النزعة الاخوانية للحزب أو الحرص على تقديم (النموذج) الذي وفق بين الإسلام والعلمانية والاقتصاد إلى مشروع نيوعثماني ينتهي إلى إعادة بناء الخلافة من جديد بعد هدم أصول الجمهورية التركية التي بناها أتاتورك. 

تركيا في كل سبق تبدو نموذجا للدولة الحائرة في هويتها وجغرافيتها وخياراتها السياسية، ولعل مشكلتها الأساسية إزاء العالمين العربي والإسلامي في هذه المرحلة هو حضور البعد الإيديولوجي بقوة في سياستها الخارجية على حساب بناء علاقات تقوم على المصالح المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول.

تركيا بين الإسلام السياسي المتمثل بالطابع الاخواني والعثمانية الجديدة بتطلعاتها المستمدة من التاريخ والجغرافية تبدو في محنة جديدة لها علاقة بالهوية والنظرة إلى الخارج انطلاقا من تحديد الذات والمشروع المستقبلي لتركيا وعلاقتها بالمنطقة.

بقلم: خورشيد دلي كاتب وباحث متخصص بالشؤون التركية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire