Tunisiens Libres: أسباب فشل الإخوان المسلمين في الحكم

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

mercredi 9 avril 2014

أسباب فشل الإخوان المسلمين في الحكم

أسباب فشل الإخوان المسلمين في الحكم
شبكة البصرة
الكاتب العدل محمد يحيى
عضو سابق في بلدية طرابلس
لقد فشل الإخوان المسلمون في حكم مصر. فهم لم يستطيعوا الإمساك بالسلطة إلا لسنة واحدة ارتكبوا خلالها وقبلها أخطاء فادحة أدت إلى ما هم فيه. وإذا كان هذا الفشل سوف ينسحب على جميع حركات وتيارات الإسلام السياسي في الوطن العربي.... أما أسباب هذا الفشل فإنها تنقسم إلى أخطاء سياسية وأخطاء فكرية.
أهم الأخطاء السياسية:
أولاً: شعب مصر هو الذي أسقط نظام مبارك بالمظاهرات والاعتصامات والإخوان المسلمون كانوا في البداية على الحياد فلم ينزلوا إلى الشارع ولم يشاركوا بالثورة الشعبية إلا متأخرين. بل كانوا يلعبون دور الوسيط بين النظام والشعب. ولما أسقط الشعب وساطاتهم وسار أمامهم لحقوا به ونزلوا إلى الشارع وشاركوا في الثورة التي أدت إلى إسقاط النظام. وكان عليهم أن يسيروا أمام الشعب المصري لا وراءه. فهم يعدون أنفسهم طليعة قيادية في المجتمع. والقادة هم الذين يحرضون الناس على التحرك من أجل المصلحة الوطنية.
ثانياً: صرح قادة الإخوان المسلمين في البداية بأنهم لا يريدون السلطة. وهم وإن كانوا يستطيعون أن يحصدوا الأكثرية الساحقة من عدد أعضاء مجس الشعب إلا أنهم لن يرشحوا أكثر من نصف عدد الأعضاء حتى لا تكون لهم الأكثرية. وكذلك صرحوا بأنهم لن يرشحوا أحداً لرئاسة الجمهورية. ولكنهم لم يلتزموا بما قالوه وفعلوا خلاف ما صرحوا به.
ثالثاً: إن للديمقراطية سلبيات حتى في الدول الغربية. فمن يملك المال والإعلام هو الذي يوجه الرأي العام الوجهة التي يريدها. وقد استغل الإخوان المسلمون الديمقراطية وسخروها لمصلحتهم باعتبارهم الأكثر تنظيماً والأكثر تمويلاً وهم الأقدم في الوجود الزمني وهم الذين يثيرون العواطف الدينية بصفتهم يحملون مشروعاً دينياً أساسه القرآن. وإذا كانوا قد نجحوا في الانتخابات المصرية حاصدين الأكثرية من أعضاء مجلس الشعب كما تمكنوا من تنصيب إخواني في سدة الرئاسة إلا أن الواقع الشعبي مخالف لما أنتجته الانتخابات. ولو كان لخصومهم نفس التمويل ونفس التنظيم لما تمكن الإخوان المسلمون من الفوز. مما يعنى أن التمثيل النيابي لا يعكس حقيقة الواقع الشعبي الذي انفجر من جديد وخرجت المظاهرات والاعتصامات لإسقاط مرسي كما كانت قد خرجت لإسقاط مبارك بل إن حراك إسقاط مرسي كان أكثر عدداً وأشد عنفاً.
رابعاً: الخطاب الخاطئ للإخوان عموماً وللرئيس مرسي خصوصاً كان سبباً هاماً من أسباب الفشل. فخطاب الإخوان للغرب ولإسرائيل كان خطاباً مائعاً مهادناً لا يعبر عن الروح النضالية والجهادية ضد أعداء الأمة وهو خطاب مخالف للخطاب السابق لتولي السلطةوكذلك سكوتهم في معرض الحاجة للكلامأما الرئيس مرسي فقد أرسل رسالة إلى رئيس وزراء الكيان الصهيوني يفتتحها بقوله "عزيزي" ويختمها بقوله "صديقك المخلص" كما كان الرئيس مرسي يوجه خطابه للمصريين بقوله "أهلي وعشيرتي" وكأنه يخاطب الإخوان المسلمين فقط فهم بنظره كل الشعب المصري.

خامساً: الممارسات السياسية الداخلية للإخوان المسلمين جعلت الشعب المصري يتذكر الدكتاتورية السابقةصياغة الدستور المصري الجديد حصلت دون مشاركة القوى السياسية والحقوقية المختصة بل رغم معارضتها وإقراره بالاستفتاء كان بأكثرية ضئيلة علماً بأن الدستور يجب إقراره بالاستفتاء بأكثرية موصوفةأضف إلى ذلك سعي الإخوان المسلمين إلى أخونة الدولة من خلال تعيين أنصارهم ومحازبيهم في المراكز الهامة والحساسة.وكذلك سن القوانين والقرارات الإدارية وفق هوى الإخوان دون الأخذ بالاعتبار وجود قوى سياسية أخرى على الساحة المصرية فضلاً عن وجود طوائف غير الطائفة الإسلامية السنية وجميعها كان لها الفضل الكبير في إسقاط النظام السابق.

سادساً: مواقف الإخوان المسلمين من القضايا العربية كانت أحد الأسباب لإسقاط الرئيس مرسي. بالنسبة للكيان الصهيوني بقيت العلاقة هي هي منذ أيام السادات فلم يبادر الرئيس مرسي إلى طرد السفير الصهيوني ولم يقم بإلغاء اتفاقية كمب ديفيد وهو يستطيع ذلك لأن الشعب المصري كله يؤيد هذه الخطوة، وهو لم يلمح إلى إمكانية فعل ذلك في المستقبل بل على العكس كانت تصريحاته تفيد طمأنة العدو الصهيوني والغرب على الاتفاقيات المعقودة.

سابعاً: لم يعلن الرئيس مرسي ولا الإخوان المسلمون موقفاً - ولو لمرة واحدة - معادياً للاستعمار والمصالح الاستعمارية في الوطن العربي. وهذه السلبية لا يمكن تفسيرها إلا مهادنة وتراجع أمام الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وأمام الاستعمار بشكليه القديم والحديث. بل كانت العلاقة مع الأميركيين على خير ما يريد الأمريكان وكان السفير الأميركي والمبعوثين السياسيين يتوافدون للقاء الرئيس مرسي وأعوانه بشكل مكثف. والمعلوم أن توافدهم لا يفيد المصريين في شيء وكل همومهم محصورة بمصالحهم التي كانت تجد آذاناً صاغية لدى الرئيس ومعاونيه وهذا دليل على أن نظام الإسلام السياسي في مصر مماثل لنظام الإسلام السياسي في تركيا التي تتحالف مع الغرب في الحلف الأطلسي ويوجد على أراضيها قاعدة عسكرية أميركية كبرى وتقيم علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني وتتعامل معه تجارياً وعسكرياً.
أهم الأخطاء الفكرية:
إن الأخطاء الفكرية هي نفسها عند جميع حركات الإسلام السياسي والسبب في ذلك أن هذه التيارات كلها ترتكز في ممارستها على الأحكام الفقهية التي استنبطها فقهاء القرون الأولى وهذه الأحكام لا تستقيم كلها مع الأمور المستحدثة والمشاكل الجديدة للمجتمعات الإسلامية والتي لا تجد لها حلاً فقهياً في الكتب القديمة. بعض الحركات الإسلامية تغالي في تعظيم السلف الصالح ولا تقبل أي اجتهاد جديد ما لم يكن مؤسساً على أقوال السلف الصالح. أما الإخوان المسلمون في مصر وفي غيرها فهم يقولون بالتجديد في الفقه، إلا أنهم لم يطبقوا هذا الأمر في ممارساتهم وفى فكرهم. كانوا في البداية يحرمون الاشتراك في الحكم ما لم يكن نظام الحكم إسلامياً. ثم بعد ذلك بعقود أجازوا لأنفسهم ان يشتركوا في حكم البلاد شرط العمل على تطبيق أحكام الإسلام. كانوا في بداية تأسيس حركتهم يكفرون الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله ومساعديه وعناصر قوات الأمن والجيش وكل من يقوم بمساندة الحاكم ومؤازرته في الحكم. أما اليوم وبعد أخذهم بقاعدة التجديد فلم يعودوا يذكروا علناً هذه الأمور. إلا أنهم لم يقوموا بتطبيق قاعدة التجديد على فكرهم ولم يعملوا على استنباط الأحكام العملية وفق هذه القاعدة. والأمثلة على ذلك كثيرة سوف نذكر بعضاً منها:
أولاً: الأنظمة الدستورية في العالم هي إما أنظمة ملكية أو أنظمة جمهورية والملكية قد تكون ملكية مطلقة كما في المملكة العربية السعودية أو ملكية دستورية كما في المملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية، أما الأنظمة الجمهورية فهي إما أنظمة رئاسية كما في سوريا أو أنظمة برلمانية كما في لبنان.
وفي عصر ظهور الإسلام كانت الأنظمة الدستورية في العالم أنظمة ملكية مطلقة كالإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية. ولما جاء الإسلام كان متقدماً من الناحية الدستورية على غيره حيث أن نظام الخلافة واختيار الخليفة والبيعة وممارسة الحكم بالشورى كان ثورة دستورية حقيقية.
أما اليوم فإن الاتجاه الحضاري الدستوري هو في النظام الجمهوري، فما هو موقف الإسلاممن هذا النظام؟ وهل يمكن اعتماده إسلامياً؟ وما هي شروطه وتفاصيله؟ إن على الإخوان المسلمين أن يجيبوا على هذه الأسئلة وأن يكون بينهم فقهاء يستنبطون الأحكام العملية الدستورية من الأدلة الشرعية لصياغة أحكام دستورية إسلامية ونظريات دستورية ينفرد الفقهاء في مناقشتها والاختلاف فيها لتشكل أساساً لنظام دستوري إسلامي. كان هذا يجب أن يحصل قبل أن يصل الإخوان المسلمون إلى الحكم ليكون لديهم مشروع لنظام متقدم ومتطور متوافق مع العصر الحاضر وغير متخلف ألف سنة إلى الوراء.
أضف إلى ذلك أن السلطات في كل دولة حديثة هي ثلاث: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية. والمبدأ المعتمد في الدول الديمقراطية هو الفصل بين السلطات مع إبقاء علاقة بينها وتأثير كل منها على السلطتين الأخريين، كل هذه الأمور كان على الإخوان المسلمين ان يجدوا حلولاً لها على الطريقة الإسلامية أي بالرجوع إلى المبادئ العامة والقواعد الكلية.
أما الصحافة التي تعتبر السلطة الرابعة لما لها من تأثير على الجماهير فلم يتحدث الإخوان المسلمون عن حريتها وقيودها وتنظيمها في الدولة.
ثانياً: الديمقراطية هي حكم الشعب والحركات الإسلامية تعارض الديمقراطية لأن الحكم لله لا للشعب. وفي هذه مغالطة كبيرة لأن حكم الشعب ليس دائماً مخالفاً للحكم الإلهي، بل إن المقصود بحكم الشعب أن يختار الشعب الحاكم الذي ينظم ويشرع ويدير الدولة بالاستناد إلى المبادئ الشرعية التي لا تأتي على تفصيل كل شيء في المعاملات والقوانين فيتولى الحاكم التفاصيل ويسن القوانين التنظيمية في جميع تفاصيل الحياة مستنداً في ذلك على الأصول فيكون الإسلام مصدراً للتشريع. ولا شيء يمنع أن يكون مصدر التشريع غير إسلامي إذا كان لا يعارض المبادئ العامة للشرع الإسلامي.
جماعات الإسلام السياسي لم تأخذ بمرونة الإسلام بهذا الخصوص ولم تعتمد المبادئ الديمقراطية التي قامت الثورة المصرية من أجلها. فتسلم الإخوان المسلمين الحكم في مصر ليستبدلوا ديكتاتورية بديكتاتورية أخرى لتذكير الشعب المصري بديكتاتورية مرشد الثورة في مذهب ولاية الفقيه.
ثالثاً: النظام الاقتصادي:
إن الأنظمة الاقتصادية في دول العالم إما أنظمة رأسمالية وإما أنظمة اشتراكية. والأنظمة الرأسمالية في الغرب تعطى شعوبها ضمانات اجتماعية واسعة. الإخوان المسلمين يعتبرون نظام الزكاة هو النظام الاقتصادي الإسلامي الواجب اعتماده. إلا أن هذا النظام ليس إلا مبادئ عامة لو أردنا تطبيقها في الواقع الحاضر نحتاج إلى تفاصيل غير موجودة في الكتب القديمة فمثلاً وسائل الإنتاج الصناعية لا زكاة فيها حسب الفقه القديم لكن في الفقه الحديث يجب إخضاعها لنظام الزكاة لأنها ذات قيمة عالمية ولا يملكها إلا شركات كبيرة تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة فكيف تعفى هذه من الزكاة ونوجبها على من يملك من النقود ألف دولار.
الإخوان المسلمون يأخذون بالنظام الإسلامي الاقتصادي الذي يعطي ضمانات اجتماعية لجميع أفراد الشعب من المسلمين ومن غير المسلمين. ولكن التطبيق العملي لذلك يوجب على الدولة أن تكفل الطبابة والاستشفاء للجميع والمعاش التقاعدي للمسنين ومعاش البطالة للعاطلين عن العمل. كما ان على الدولة ان تتولى التعليم بجميع مراحله من الابتدائي حتى الجامعي مجاناً للجميع. وهذه الضمانات لا تستطيع الدولة إجراءها إلا إذا فرضت الضرائب على الأغنياء الذين كانوا على رأس الحكم في البلاد وكانوا يسنون القوانين التي تعفيهم من الضرائب وتفرضها على الفقراء وبمعنى آخر الفئة القليلة الفاحشة الغنى كانت تستغل الحكم لزيادة ثرواتها على حساب الشعب. وهذه الثروات كلها مسروقة بسرقة مشرعنة على الدولة ان تصادرها، والمصادرة هي قاعدة من قواعد النظام الاشتراكي. وكذلك المصانع الكبرى ووسائل الإنتاج الضخمة التي تملكها شركات كبيرة والتي تستغل العمال وتتهرب من دفع حقوقهم لتبني الأرباح وتزيد الثروات وتتحكم بالبلاد والعباد فهذه يجب تأميمها لأنها تأسست بأموال ناتجة عن استغلال السلطة واستغلال الشعب وهضم حقوقه. والتأميم قاعدة من قواعد الاشتراكية.
أما الأرض فإن لها دوراً اجتماعياً اقتصادياً فهي إما أرض معدة للبناء وإما أرض زراعية. وفى عصرنا الحاضر أصبحت الأرض مخزناً للثروة فقد شغلها مالكوها بدور ليس لها ومهمة ليست مهمتها ولذلك ترتفع أسعارها ويصبح الفقراء عاجزين عن السكن اللائق بسبب ارتفاع الأسعار وحبس الأراضي المعدة للبناء عن أداء دورها في تأمين السكن للناس. وهذه المشكلة ليس لها حل إلا في النظام الاشتراكي.
والأرض الزراعية أصبحت ممتدّة يأخذ منها الملاك الكبار كل شيء ولا يعطى للفلاحين إلا الفتات وهو لا دور له في العملية الزراعية بل يستغل عمل الفلاحين وشقاءهم لزيادة ثروته على حسابهم. والحل هو في النظام الاشتراكي.
ولا بد أن نذكر في هذا السياق ان الرأسمالية المتوحشة تتعامل مع الرأسمالية الغربية والصهيونية لأن مصلحتها واحدة في استغلال الناس والتحكم بالرقاب والمحافظة على سلطانها وسن القوانين لحماية مصالحها. أما الاستعمار فليس إلا وسيلة من وسائل الرأسمالية لسرقة خيرات الشعوب.
النظام الاشتراكي أوجد حلولاً للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعانى منها المجتمع إلا أن الإخوان المسلمين يرفضون الاشتراكية ويعتبرونها خروجاً على الدين لأن مؤسسها كارل ماركس كان يقول بأن الدين هو أفيون الشعوب. وإذا كنا نرفض هذا القول فليس معنى ذلك ان نرفض كل شيء أتى به هذا الرجل بل نأخذ منه ما هو مقبول ونرفض ما هو مرفوض وكل إنسان في هذا العصر يؤخذ منه ويرد عليه. وإذا كان الإخوان المسلمون يرفضون الاشتراكية فعليهم أن يأتوا بما هو أفضل. وليس عندهم الأفضل لأن فكرهم وكتبهم الفكرية أكثرها دعوى لا تحتوي على حلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية الحديثة إلا ما انطوى علي المبادئ الإسلامية العامة دون الخوض في التفاصيل ودون ملامسة الحلول الجذرية لهذه المشاكل المعيشية والحياتية والتنموية.
رابعاً: القومية العربية:
حمل العرب رسالة الإسلام وبلغوها للعالم وكانت هي الدافع لهم للفتوحات ولتأسيس الدولة التي توسعت وأصبحت إمبراطورية مترامية الأطراف. والرسالة كانت في أصل إنتاج حضارة عاشت ألف سنة بدأت مع أول دولة نشأت في المدينة المنورة. هذه الحضارة كانت تتأثر بقوة العرب وعصبيتهم على مدى التاريخ الإسلامي. فلما ضعف العرب وسيطر الفرس على مقاليد الحكم أيام الدولة العباسية ضعف المسلمون وانقسمت إمبراطوريتهم إلى دويلات. وهذا ما نراه اليوم من تمدد المجال الحيوي الفارسي خارج حدود إيران نتيجة ضعف المشروع القومي العربي الذي تلقى ضربات موجعة في العراق من الأمريكان بمساعدة فارسية. وفي عهد الدولة العثمانية التي لا ينكر أحد فضلها في الدفاع عن المشروع السياسي العربي الإسلامي. فهي التي حاربت أوروبا حتى وصلت الجيوش العثمانية إلى فيينا مما أدى إلي تخفيف الضغط العسكري الأوروبي على شمال إفريقيا. وهي التي حاربت الدولة الصفوية في إيران في القرن السادس عشر الميلادي. وبالرغم من كل ذلك فقد كان العصر العثماني عصر انحطاط لأن ضعف العرب وانحطاطهم هو ضعف للإسلام والمسلمين فقد تمكن الأوروبيون من احتلال أقسام كبيرة من الأرض العربية. فاحتلت إسبانيا القسم الغربي من شمال إفريقيا كما احتلت فرنسا في عهد نابوليون مصر الذي هاجم فلسطين وحاصر عكا.
وكانت المؤامرات الإيطالية تحاك ضد الدولة العثمانية من لبنان والتدخلات الفرنسية والبريطانية في شؤون البلاد العربية كلها تنهش في جسد الدولة العثمانية حتى استطاع الأوروبيون في الحرب العالمية الأولى من هزيمة الدولة العثمانية وصولاً إلى إلغاء الخلافة. والأصل في كل هذه المصائب هو ضعف العرب وتخلفهم.
لقد جعل الله الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا ولكن الإخوان السلمين لا يعترفون بالقوميات. فهم يعتبرون الفكر القومي العربي معادياً للدين مع أن الدين لم يعمل على إلغاء أي قومية. أضف إلى ذلك كيف يمكن للمسلمين أن يشكلوا دولة واحدة بدون العرب بل إن العرب هم الأساس في تقدم المسلمين ونهضتهم والعروبة هي حاضنة الإسلام وحاملة الرسالة الإنسانية العالمية. بل أن أمر المسلمين لن يستقيم ويصلح إلا بما صلح به أوله أي عودة العرب إلى إعادة إنتاج حضارتهم الإسلامية ليعودوا كما بدأوا مؤسسين لدولة حضارية ناشرين لرسالة خالدة من أجل سعادة الإنسانية ورفاهيتها.

خامساً: العلاقة مع الطوائف والمذاهب الأخرى والأحزاب:
ليس لدى الإخوان المسلمين أي تصور للعلاقة مع الآخر خارج إطار الفقه القديم بخصوص أهل الذمة. وهذا المصطلح لم يعد صالحاً لهذه الأيام لأن الطوائف غير الإسلامية تشترك مع المسلمين في انتهاك حقوقها واغتصاب أراضيها وعليها أن تحمل السلاح معهم للدفاع عن النفس وعن الأرض وهذا لا يمكن أن يكون إلا إذا تساوى الجميع في المواطنة.
أما الأحزاب غير الإسلامية فهي جميعها بنظر الإخوان المسلمين أحزاب كافرة لأنها علمانية. والإخوان لا ينظرون إلي العلمنة إلا من زاوية الإيمان والكفر علماً بأن العلمنة هي فصل الدين عن الدولة بمعنى أن لا وجود للحق الإلهي في السلطة. وهذا متوافق مع الإسلام إلا أن الإخوان المسلمين يفهمون فهماًُ جامداً قاعدة "إن الحكم إلا لله" التي يقصد بها أن يكون الشرع الإسلامي مصدراً للتشريع في الدولة ولا مانع شرعي من أخذ قوانين من مصادر غير إسلامية إذا كانت لا تخالف المبادئ العامة في الإسلام.
هذا الفهم الجامد للقواعد الشرعية العامة يؤدي إلى عدم قبول الآخر والخصومة الدائمة معه علماً بأن كل كائن طبيعي أو معنوي له إيجابيات وله سلبيات. فالرفض جملة لكل شيء خطأ والقبول جملة بكل شيء خطأ. لا يتمتع الإخوان المسلمون بالمرونة تجاه الآخرين. ولا يقبلون بوجود الآخر المخالف وليس لديهم أي نظام للعلاقة بين مختلف مكونات المجتمع.
لكل هذه الأسباب نرى الغرب يحرص ويؤيد وصول الإسلام السياسي إلى الحكم في الأقطار العربية من أجل بقاء العرب متخلفين بجمودهم على الفهم القديم للقواعد الشرعية وعدم وجود أي تجديد لهذا الفهم على ضوء الحداثة والتطور. وهذا هو حال المسلمين في العالم: متخلفون وعندهم أعظم رسالة وفقراء وعندهم أكبر الثروات الطبيعية وجهلة وبين أيديهم كل العلوم الشرعية والدنيوية.
هذه أهم الأخطاء السياسية والفكرية التي ارتكبها الإخوان المسلمون والتي أدت إلى عزلهم عن السلطة في مصر. وأكبر أخطائهم أنهم لا يعترفون بالخطأ ولا يرجعون عنه وهم لم ينظموا في تاريخهم أي مؤتمر كما تفعل الأحزاب الأخرى لتصحيح الأخطاء والتغيير نحو الأفضل بل يصرون على أنهم على حق ولو أدى ذلك إلى ما وصلوا إليه.
لماذا فشل الإخوان؟ 
الانبطاح من ضمن الاسباب..
و لأنهم ارادوا الحكم حصراً فازاحهم الشعب قسراً

ارادوا الحكم حصراً فازاحهم الشعب قسراً: الإخوان فضلوا التبعية لقطر، والتقارب مع السلفيين، والتماهي مع حماس، وأنتجوا خطاباً مزدوجاً تجاه واشنطن واسرائيل، ولم يفهموا أن نسبة نجاحهم في الانتخابات لا تؤهلهم للاستحواذ الكامل على السلطة.

بقلم: د. محمد رياض
في الحقيقة اعترف أني أسأت التقدير والحساب، فلقد توقعت في السابق أن يتحرك الشارع المصري ضد حكومة الإخوان بعد مرور سنتين إلى ثلاث في حكمهم لمصر، فجاء التحرك بعد مرور سنة واحدة بسرعة أدهشتني.

المهم، بغض النظر عن مسألة التوقيت، كان ما حدث متوقعاً جداً، فقيادة جماعة الإخوان المسلمين التي تتسم بغباء سياسي مطلق ارتكبت اخطاء فادحة كثيرة كان بإستطاعة أي سياسي مبتدئ ان يتجنبها، لعل أهمها:

1.
لم يستوعب الإخوان أن من يحكم دولة بحجم مصر لا يجوز أن يتبع دولة مثل قطر!
ظهرت القيادة المصرية الإخوانية بمظهر التابع والمنفذ لسياسات شبه جزيرة قطر وأميرها الأمي، مما أضر بصورة ومكانة مصر كأكبر دولة في المنطقة، وربما لعب القرضاوي بما له من نفوذ داخل الجماعة دوراً في تجيير الموقف الإخواني المصري لصالح تنفيذ المشاريع القطرية في المنطقة، بحيث كان واضحاً أن السياسة المصرية باتت تردد بصورة ببَّغائية مواقف الخارجية القطرية بخصوص مجمل القضايا الإقليمية بدءاً من القضية الفلسطينية ومروراً بالمسألة السورية.

ناهيك عن تدخل قطر السياسي والمالي في الشأن المصري الداخلي، فالتسهيلات غير العادية التي منحت للأموال القطرية في السوق المالية ومناقصات قناة السويس والتنقيب عن الغاز وغير ذلك من الإستثمارات الحيوية، اثارت حفيظة معظم الكتاب والمثقفين والسياسين المصريين حتى المحسوبين منهم تقليدياً على التيار الإسلامي.

ولو ثبتت صحة السند المالي الذي وجده المتظاهرون المقتحمون للمقر العام للإخوان والتي تشير إلى إستلام قيادات إخوانية رفيعة منح مالية منتظمة من امير قطر، فإن ذلك سيضيف بعداً أخر لما أقول.

2.
لم يستوعب الإخوان أن تملقهم وتقربهم من السلفيين أضر بصورتهم، واظهرهم وكانهم ينتمون لثقافة مغايرة، فمصر ليست السعودية!

غلب على معظم قيادات الصف الأول الإخواني الانتماء للتوجه السلفي المعروف بتشدده، وذلك بعد إستطاعة التيار المتشدد بين الأعوام 2005 -2010م إزاحة التيار الإخواني المعتدل والأقرب لنبض وثقافة الشارع المصري الوسطية. هذا التشدد الديني والمظهري والسلوكي لم يتقبله الشارع المصري بأريحية. كذلك ساهم وجود أصوات مغالية في تشددها الديني ضمن الإخوان وحلفائهم السلفيين في تخويف قطاع عريض من أبناء الشعب المصري ورسم صورة قاتمة للمستقبل، بحيث لم يستطع هؤلاء إقناع الشباب المصري غير المتحزب أنهم سيحافظون على هامش الحريات الشخصية والسياسية الموجودة.

طبعاً لاحظ أن المظهر الخارجي من ناحية سيكولوجية مهم، لان السياسي عليه أن يشبه في مظهره الخارجي معظم أفراد شعبه، لذلك لم يظهر أصحاب اللحى الطويلة والأثواب الخليجية القصيرة وكأنهم جزء من المجتمع المحيط بهم، مما ساهم في تكوين صورة نمطية عند رجل الشارع البسيط أن الإخوان والسلفيين شيء والمصريين شيء آخر.

3.
لم يستوعب الإخوان أن الرئاسة غير النقابات واتحادات الطلبة، لذلك فنسبة 50% وكسور لا تؤهلم للاستحواذ الكامل على السلطة.

بما ان الإخوان وجماهيرهم جديدون على ممارسة اللعبة الديمقراطية، فإنهم لم يستوعبوا أن نسبة 50% وكسور التي حصل عليها مرسي لا تؤهله للإستحواذ على كامل مقاليد السلطة في البلاد، لأن رئاسة الدولة تختلف عن الفوز في اتحادات الطلبة والنقابات المهنية، فرئيس الدولة يجب أن يراعي حجم وثقل معارضيه في الشارع، لذلك وحتى يضمن فترة مستقرة لحكمه، إذا علم أن شعبيته في أحسن حالاتها لم تتعدَّ النصف، عليه أن يظهر بمظهر الأب الراعي للجميع ويضمن مشاركة مقنعة للأطياف الأخرى في المجتمع في إدارة شؤون البلاد وفي تقلد المناصب العامة.

4.
الانبطاح للسياسة والأوامر الأميركية والليونة الشديدة مع إسرائيل لا أقنعت أميركا ولا استوعبها الشعب المصري وصورت الإخوان أمام الإدارة الأميركية كأنهم منافقون يظهرون غير ما يبطنون وأظهرتهم أمام الشعب وكأنهم كذبوا على جماهيرهم التي عودوها على خطاب معاداة الغرب.

لطالما شتم خطباء الإخوان أميركا وإسرائيل طوال العقود الماضية، ولطالموا وعدوا الشعب بالرخاء والإستقلال والتحرر من التبعية بمجرد أن يصل الإسلام إلى الحكم، ولطالما هتفوا للقدس وللمقاومة.

ولكن ما أن وصلوا للسلطة حتى سارعوا بسحب السفير المصري من سوريا وتعيين آخر على وجه السرعة في إسرائيل، لتطير رسائل المودة والمحبة باسم الشعب المصري لصديق الرئيس المخلص بيرس ولشعبه "حسب وصف مرسي نفسه".

كذلك وقع مرسي في فخ سهل لا يقع فيه إلا السذج والمغفلون وضعه له اردوغان، حيث أقنعه بممارسة نفوذه على حركة حماس، التي لا تقل قيادتها السياسة غباءً وحمقاً عن نظيرتها المصرية، لتدخل في التزام مضمون بضمانة مصرية تركية لوقف الاعتداءات على إسرائيل ووقف أية أعمال عدوانية على الشريط الحدودي مقابل لا شيء عملياً سوى وقف الاجتياحات الإسرائيلية التي لم تكن إسرائيل بحاجة لها لو يكن هناك "اعتداءات فلسطينية"!

لم تفهم قيادة حماس الغبية طبيعة الفخ، فأوقفت المقاومة وحولت كتائبها لحراس حدود على طول الشريط الحدودي لضمان عدم الاعتداء من الجانب "الفلسطيني" وفي المقابل لم يجرؤ مرسي بفعل الضغوط الأميركية على رفع الحصار عن قطاع غزة، بينما رجع أردوغان إلى دياره تتملكه السخرية من سذاجة العرب.

وهناك الكثير من الأسباب تحتاج إلى كتاب لسردها، لكن في الحقيقة يبدو أن الله تدخل بلطفه لوقف هذه المهزلة في مصر، لكي لا يصل الأمر بالشعب المصري لأن يخرجوا من دين الله أفواجاً لو استمر حكم الإسلاميين لهم بهذه الطريقة لفترة أطول.

وكما قلت في مداخلة سابقة: الإخوان ارادوا الحكم حصراً فازاحهم الشعب قسراً.


درس يجب علينا جميعاً أن نتعلمه، لأن الواقع على الأرض في كل الدول العربية يشير إلى تنوع ألوان الطيف بوضوح، لذلك لن يطغى لون على بقية الألوان إلا ان يكون احمر فاقعاً جداً، المطلوب الآن وجود سياسيين يتقنون ممارسة الفن التشكيلي ليتمكنوا من التعامل مع كل هذه الألوان بطريقة منسقة.
د. محمد رياض
ميدل ايست أونلاين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire