Tunisiens Libres: الجبهة الشعبية تنتصر للمبدإ... وتهزم «الإجماع»

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

samedi 23 juillet 2016

الجبهة الشعبية تنتصر للمبدإ... وتهزم «الإجماع»




الجبهة الشعبية تنتصر للمبدإ... وتهزم «الإجماع»






مشكلتها مع الخيارات الحكومية لا مع شخص رئيس الحكومة






بقلم: خليل الرقيق/ جريدة الصحافة


شكّل موقف الجبهة الشعبية من مبادرة «حكومة الوحدة الوطنية» مثار تقييم واسع من طرف جل المتابعين للشأن السياسي، أولا لأنه خرق مفهوم «الإجماع الساحق» الذي لا يتلاءم في كل الأحوال مع الحالة الديمقراطية وثانيا لأنه جاء تناسقا مع جملة مواقف مبدئية اتخذتها أكبر كتلة في اليسار إزاء خيارات الرباعي الحاكم برمتها، وبقطع النظر عن أي مسائل شخصية أو مزاجية (وهذا ليس حال أحزاب تتغير مواقفها وفق المزاج الخاص لبعض أفرادها)...


وفي الواقع، سيكون موقع الجبهة يوم 30 جويلية تاريخ انعقاد جلسة التصويت على الثقة في الحكومة، أكثر راحة، إذ لن تجد عظيم حرج أو إحساس بالتناقض، فهي قد صنفت نفسها منذ البداية في باب معارضة السلطة القائمة، وأطّرت هذا التصنيف وفق مواقف محددة رافضة للخيارات الاقتصادية والإجتماعية التي تفضي في تقديرها الى رهن البلاد، وتبديد سيادتها عبر الإنقياد الأعمى لإملاءات الدوائر المالية العالمية. هذا طبعا الى جانب اعتراضها على الصيغة التي بها بنيت الشراكة الحكومية الحالية.


ويبدو هذا الموقف واضحا تماما وفق تصريح أدلت به أرملة الشهيد محمد البراهمي السيدة مباركة عواينية على موجات الإذاعة الوطنية أمس الجمعة 22 جويلية، حيث أكدت على أن التناقض الجوهري بين الجبهة والسلطة يكمن في عدم استجابة الإئتلاف الحاكم للحد الأدنى من المطالب الشعبية والتنموية. وهو حديث يفهم منه أن المسألة تتجاوز الشكليات.


وإذ تواترت مثل هذه المواقف والتصريحات على لسان أكثر من قيادي بالجبهة ومنهم زياد الأخضر أمين عام حزب الوطنيين الموحد، فإنها تسير في خط سير متناغم مع الثوابت الفكرية والسياسية للجبهة الشعبية، ولهذا السبب تحديدا ترفّعت عن المشاركة في مبادرة بدت وكأنها إعادة إنتاج لموازين القوى السائدة ببعدها المحاصصي الفج تحت غطاء «الوحدة الوطنية».


بهذا المعنى رفضت الجبهة النقاش في الأشخاص دون البرامج، وبنفس المعنى سيكون تصويتها يوم 30 جويلية متناسقا مع منطلقاتها المبدئية، فهي إن قالت «لا» للحكومة الحالية فستقولها لحكومة عارضتها منذ البداية، ولم تبد إزاءها أي شكل من أشكال المجاملة والنفاق وهي إن احتفظت بصوتها سيفهم الموقف على أنه رفض للمشاركة في مسرحية تغيير شكلي.


أما الإشكال الأخلاقي والسياسي فسيكون في عمق المطبخ الداخلي للرباعي الحاكم، إذ سيقول «لا» لحكومة ساندها وزكاّها واختار رئيسها وأعضاءها.


وعند هذه النقطة تحديدا تبدو الجبهة الشعبية في وضع كسب سياسي قد يتسنى لها استثماره وترجمته في مستقبل الاستحقاقات القادمة، هذا الى جانب أن موعد 30 جويلية سيكون مناسبة لأن تحرج الجبهة أحزاب الائتلاف الرباعي وتكشف طبيعتها الإنتهازية واللامبدئية أمام الرأي العام التونسي.


إن الجبهة، كما حال كل حزب لم يكن له التزام سياسي مباشر مع الحكومة الحالية، ستكون داخل اجتماع عادي، في يوم عادي ولن تعيش ـ كما سيعيش آخرون ـ ذلك الإحساس بالتضاؤل الذي يترافق مع التصويت المعاكس للقناعات المبدئية.


ومن المؤكد ـ في قادم المراحل ـ أن كتلة اليسار ستكسب أوراقا إضافية، لا بد أن تترجمها إذا ما أرادت الخروج من المنطق الاحتجاجي المحض، الى التبلور كبديل سياسي واسع التحالفات ومرن الأرضية، أي أن تكون جزءا من قطب جمهوري يحقق التوازن وينافس على السلطة.


ويبدو أن كسر مفاعيل الشراكة المهجّنة التي فرضها لقاء باريس على الساحة السياسية، وهو أول طريق نحو إعادة الإعتبار للكتلة الحداثية، واسترجاع قدرتها على صنع الأحداث الكبرى، كتلك التي أوجدت منعرجا حاسما خلال صائفة 2013 مجسدة في جبهة الإنقاذ الوطني.


لقد هزمت الجبهة من خلال موقفها الأخير نظرية «الإجماع الكامل»، تلك التي تتنافى جوهريا مع خصوصيات النسيج الديمقراطي التعددي، فهل باستطاعتها هزم حالة الإنكسار العضوي التي أحدثها الرباعي الحاكم في جسم الأخلاقيات السياسية؟


المؤشرات تقول أن اليسار الإجتماعي بإمكانه أن يخطف الأضواء، ويسحب البساط من تحت أحزاب عديدة في السنوات القادمة، لكن هذا يتطلب الإسراع بقراءة جديدة ومحّينة للخط السياسي والفكري، والإسراع باستقراء جديد لمسائل كالتحالفات، والخطة الإتصالية والمصالحة الوطنية، وما إلى ذلك من قضايا ذات مساس بمستقبل التموقع داخل الخارطة التونسية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire