لا تبحثو كثيرا......
تزامن غريب بين عودة الثلاثي المجمد و عودة الإرهاب
للنشاط المزلزل على قول سي حمدان الذي لم يقع سماعه للآن
عودة مصطفى
بن عمر و عادل العرفاوي و ياسين التايب إلى الواجهة في وزارة الداخلية:عنوان مواجهة
سياسية جديدة
مقال ورد بجريدة المغرب12/07/2014
لطالما كانت وزارة الداخلية مفتاح فهم الصراع
السياسي بين الفاعلين في المشهد التونسي منذ جانفي 2011، فهي في نظرهم "صندوق
بريد" يضع كّل طرف فيه "رسائله" ليتبادلها مع بقية الأطراف، ويبدو ان
الجدل الذي تشهده الوزارة هذه المرةعلى خلفية عودة ثلاثة إطارات أمنية عزلت اثر اغتيال
المعارض محمد البراهمي تعبيراً واضحاً عن "استغلالها" لهذه الغاية ولغايات
أخرى أبرزها الاحتكام إلى اكبر عدد من أوراق اللعب قبل الانتخابات التشريعية القادمة.
يحرص البعض على تقديم المشهد السياسي في البلاد
اليوم على انه "عودة إلى نقطة الصفر" فيما يتعلّق بـ"تحييد وزارة الداخلية"،
التي تتهم حركة النهضة من قبل خصومها بأنها "اخترقتها"، هذه العودة استدّل
عليها بنص برقية ورد فيها أن وزارة الداخلية أوكلت لمصطفى بن عمر، مدير الأمن العمومي
في فترة اغتيال محمد البراهمي، خطة مكلف بمهمة لدى مدير الأمن الوطني الحالي عماد الغضباني.
العائدون
مصطفى بن عمر الذي حمّل مسؤولية إخفاء الوثيقة
التي أرسلتها المخابرات المركزية الأمريكية إلى الوزارة لتحذّرها من وجود مخطط لاستهداف
محمد البراهمي قبل عملية اغتياله بأكثر من عشرة أيام، لكن الوزارة والجهاز الأمني تجاهلا
الرسالة التي كشفت في أوت 2013، عاد الى الوزارة تزامنا مع قرار بتعيين ياسين التايب
في ديوان الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية رضا صفر، وبذلك يكون التايب الذي أعفاه
لطفي بن جدو وزير الداخلية من منصبه كمدير للتفقدية العامة للأمن الوطني وعينه في المدرسة
العليا للأمن الوطني، قد عاد إلى مراكز القوة والقرار في الوزارة.
والعودة بعد "التجميد" لم تقتصر على
مصطفى بن عمر او ياسين التايب اللذين يتهمان بإخفاء وثيقة المخابرات الأمريكية والتقصير
الذي أدى إلى اغتيال محمد البراهمي في 25 جويلية 2013، بل أيضا عاد معهما عادل العرفاوي
الذي وقع الحطّ من رتبته الوظيفية في أوت 2013 من مدير بمصالح مكافحة الارهاب إلى إطار
في المدرسة العليا للأمن الوطني ليعود في الأخير إلى منصب مدير للوحدة الوطنية لمكافحة
الإرهاب.
المسار والتيار الشعبي أبرز الرافضين
عودة الثالوث بن عمر، التايب والعرفاوي إلى أروقة
وزارة الداخلية لم يستسغه البعض خصوصا التيار الشعبي حزب محمد البراهمي الذي طالب بالتراجع
عن القرار واعتبره "إجراء مسترابا" الهدف منه طمس حقيقة اغتيال محمد البراهمي،
فمن وجهة نظر الحزب ما أقدمت عليه وزارة الداخلية من إعادة الكوادر الأمنية المذكورة
هو خطوة إلى الوراء، خصوصا وان العائدين سبق وان وقع إبعادهم عن العمل على "خلفية
شبهة تورّطهم بالتقصير أو بالتواطؤ في جريمة اغتيال البراهمي".
ذات الموقف تبناه حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي
الذي اعتبر امينه العام سيمر الطيب ان عودة المبعدين هو "ضرب لمبدإ تحييد وزارة
الداخلية" فالعائدون من وجهة نظره هم من المقربين من حركة النهضة والمحسوبين عليها،
خصوصا وانه في فترة حكومة علي العريض وقبله حمادي الجبالي صعد نجم هؤلاء، لاسيما مدير
الأمن العمومي السابق مصطفى بن عمر الذي تم إبعاده اثر بحث إداري تعلّق بقضية وثيقة
المخابرات المركزية الأمريكية التي حذرت من عملية الاغتيال.
هذا الجدل الذي تصاعد منذ نشر قرار عودة الثالوث
في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية منذ أكثر من أسبوع، أولى الخطوات كانت الدعوة
إلى التراجع عن القرار وثانيها كان ما أتاه حزب المسار بتقديم قائمة الأسماء إلى الأمين
العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي مع مطالبته بالتحرك لعزل الثلاثي.
هذه الخطوات التي تسارع نسقها ثم خفتت فجأة يقابلها
إتباع سياسة الصمت من قبل وزارة الداخلية ووزيرها، لطفي بن جدو وكما هو الحال للوزير
لدى الوزير رضا صفر المكلف بالأمن، هذا الخيار الذي اتبعه كلاهما يعود بالأساس إلى
أنهما وقبل اتخاذ القرار تشاورا سويا، ووفق تاريخ الوزارة يتّضح أن قرار العودة اقترح
من رضا صفر الذي نحج في إقناع لطفي بن جدو بضرورة عودة الإطارات المبعدة بعد ان سبق
للأخير ان اصدر قرار "الإبعاد" أو التجميد.
تناغم الوزيرين لم يحل دون عودة أجواء التوتر
مجدداً، ما يهدد جدّياً "بحملة ضغط" قد تستأنف في أية لحظة، وهو ما تخشى
الوزارة ان وقع ان يؤثر على بحثها عن النجاعة والاستقرار، فالقائمون على الوزارة، يعتبرون
بالأساس عادل العرفاوي، وياسين التايب من الكفاءات التي ادى الاستغناء عنها الى تعثّر
جهود الوزارة في حربها على الإرهاب، فوفق مصدّر مطلع هذا الثنائي يتمتع بالخبرة والكفاءة
التي ستساعد على تحسين الأداء الأمني.
وزارة الداخلية تدافع عن أبنائها
ما تبحث عنه الوزارة أكثر هو المرور من حقل الألغام
الذي وضعت نفسها فيه او اضطرت إليه، دون أية خسارة أو عواقب وخيمة، لذلك تحرص قيادتها
لدى مخاطبتها للفاعلين السياسيين على التأكيد أن قرار عودة كلّ من عادل العرفاوي وياسين
التايب الى الوزارة في خطط مختلفة يعتبر ترقية كان اثر دراسة الأمر من مختلف جوانبه
بين الوزير بن جدو ووزيره المكلف بالأمن رضا صفر، وان عودة الإطارين ساهم في تحسن نسبي
للأداء الأمني خصوصا في مجال مكافحة الإرهاب.
ولم تتخل وزارة الداخلية على لسان مصدر مطلع
عن ورقة تعتبرها هامة في دفاعها عن قرار العودة، وهي ان ياسين التايب الذي أبعده لطفي
بن جدو في أول عهده بوزارة الداخلية في ماي 2013 وعادل العرفاوي الذي ابعد في أوت من
نفس السنة لم يقع إبعادهما لتورطهما في إخفاء وثيقة المخابرات المركزية الأمريكية وإنما
لخلاف بينهما وبين محرز الزواري مدير المصلحة العامة المختصة (الاستعلامات) وابعدا
عن عملهما لخلافات بينهما وبين محرز الزواري بشأن آليات وطريقة العمل.
هذه الورقة تهدف إلى إبعاد شبهة "الولاء"
لحركة النهضة على الإطارين الأمنيين وتقدّمهما كمن وقف في وجه تطويع الوزارة من قبل
رجالات حركة النهضة فيها، فالقائمون على الوزارة يعتمدون على الصورة المكونة على الزواري
وهي انه ابرز اذرع النهضة في الوزارة.
في خطابات قادتها مع السياسيين وقادة الأحزاب
تحرص وزارة الداخلية على حماية ياسين التايب وعادل العرفاوي وتجنب التفريط فيهما متخلية،
على مستوى الخطاب، عن مصطفى بن عمر، مدير الأمن العمومي السابق، الذي وقع نقله إلى
المرصد الوطني للمرور اثر قضية الوثيقة الاستخباراتية، فوفق مصدر مؤذون في الوزارة
قرار عودة بن عمر في خطة مكلف بمأمورية ليس سوى حلّ لاجاد وضعية قانونية له، وان مصطفى
بن عمر لا يباشر اية مهام حاليا في الوزارة بل انه لم يحظ بعد بمكتب خاص به.
هذه التأكيدات بأن عودة مصطفى بن عمر ليست سوى
مسألة شكلية يفرضها قانون الوزارة لن يكون لها أي تداعيات أخرى ولن تجد اهتماما من
الساسة الذين يعتبرون ان في عودة بن عمر "شبهة" تطال مدير الأمن الوطني عادل
الغضباني لكونهما "ابناء دفعة واحدة" و"صديقين".
كل الجدل على التعيينات المذكورة تشكل ستارا
يحجب الرؤية، وتمثل قنابل دخانية "تغشي" الأعين وتُصرفها إلى التركيز على
المشهد السياسي أكثر،
فتأكيد خصوم حركة النهضة على انّ للحركة اذرعا
و"رجالا" في الوزارة يخدمونها وان استمرار وزير الداخلية لطفي بن جدو في
ذات التمشي يساعد على توسيع نفوذ هؤلاء ويهدّد الانتخابات،
لذلك فان استهداف العائدين هو ورقة ضغط تسلّط
بالاساس على الوزير وعلى رئاسة الحكومة من قبل الاحزاب وتمهيدا لاعادة ترتيب اوراق
اللعبة قبل حلول آجال الحملة الانتخابية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire