متطرّف و أفتخر
في صوت الشعب - صوت الثقافة
المناضل و الشاعر التونسي: خالد الهداجي
مالانسان دون حرية يا ماريانا ؟
قولي لي كيف أستطيع أن أحبك اذا لم أكن حرا ؟
كيف لي أن أهبك قلبي اذا لم يكن ملكي ؟
_ فريديريكو غارسيا لوركا _
أن تكون متطرّفا و عنيفا في انتمائك و عشقك ليس عيبا بل ذلك هو العشق و الانتماء الحقيقي فلا وسطية و لا اعتدال فيما ننتمي اليه هكذا تعلمنا من الشهداء الذين رفضوا اي مقابل لحبهم للوطن سوى الرصاص الفاشيستي
و نحن من طينة أولئك الذين هم ضد كل أشكال العنف و التطرّف و التعصّب و لا نمارسهـا الا في الحب دفاعا و عشقا للوطن و الحبيبة و المباديء فهذه أشياء لا تقبل المساومة و لا الاعتدال ولا التفاوض و لا وجهات النظر هذه أشياء لا تتجزأ أما أن تكون لنا أو الموت دونها و من أجلها نحن ” لانستسلم ننتصر أونموت “..
هكذا هم الثوريون لا وجود في قاموسهم لمفاهيم المهادنة و التنازل و المصالحة..
ان الأمر يتعدى اليسراوية و الثورجية التي تبقى شعاراتها جوفاء ومفرغة من الممارسة و المعنى بل قد تلتقي ممارستها باليمينية و الرجعية ..
لكن الثبات على المبدأ و الانتماء و الشراسة في المواجهة تحمل معنى الصمود و المقاومة و الايمان بالمبدأ ..
هكذا دفع نبيل بركاتي دمه ثمن صموده على المبدأ و هكذا دفع دمه الفاضل ساسي ثمن شراسته في الدفاع عن المفقرين وهكذا دفع شكري بلعيد حياته ثمن حبه العنيف لهذا الوطن و هكذا دفع محمد البراهمي حياته ثمنا لانتمائه للمباديء القومية الثورية..
هكذا دفع الشهداء ثمن يقينهم أن الحرية ليست وجهة نظر يمكن أن نتفاوض من أجلها على موائد الرجعيين و الخونة.. ان من يقايض الوطن و يهادن الخونة لا يمكنه أن يكون عاشقا حقيقيا فمن يبيع قضيته لا شيء يمنعه من أن يبيع حبيبته..
الثورة بالنسبة لنا لم تكن وجهة نظر بل كانت انتما و حب و حلم نمارسه ليل نهار ” تطول الحياة أو تقصر تلك أمور نسبية المهم مايتركه الانسان من أثر ..” هكذا قالها نبيل بركاتي و هكذا ترك أثره فينا في تاريخنا مثلما ترك كل الشهداء قبله و بعده و مثلما سيترك ثوار اليوم و لأجيال قادمة ..
لكن البعض ممن حاد عن الطريق لم يتركوا سوى الخزي و العار
أذكر أن الصحف الصفراء و المأجورة في زمن بن علي كانت تشير إلينا باليسار المتطرّف و المتعصّب لرفضنا مبدأ التفاوض و النقاش مع الديكتاتورية ولرفع شعار” ليرحل بن علي”
و قتها لم نكن نتبادل وجهات النظر مع بن علي و زمرته بل قاومنا و بشراسة حينها كانت الصحف الصفراء تحتفي بالمجموعات اليسارية المعتدلة تلك المجموعات التي كانت تغازل النظام و تقتات من موائده ..
باسم الوسطية و الاعتدال كانت تبرّر الخيانات و المهادنات أولئك هم الذين خذلوا الوطن الذين يحملون وجهين و يضعون ساقا في اليسار و ساقا في اليمين ..
التطرف بالنسبة لنا هو أننا لم نساوم في حبنا في عشقنا لهذا الوطن هو أننا نستميت الى النهاية في الدفاع عما نحب و عن من نحب..
للعنف وجهان أيضا فالفرق كبير بين أن نحب بعنف أو أن نمارس العنف ضد الحب و ضد المباديء و ضد الإنسان ..
للعنف وجهان نعم في حين كان بوليس بن بن علي يواجهنا بعنف كنا نواجهه بعنف أشد..
فحين كانت توجه إلينا الصفعات في مراكز الإيقاف كنا نردها بعنف و شراسة و حتى حين يتم تقييدنا كنا نبصق في وجوه الجلادين بلا خوف و لا رهبة تلك الشراسة كنا نستمدها من حبنا العنيف لهذا الوطن و حقدنا الطبقي على جلاّديه ..
نحن من طينة أولئك الذين هم ضد كل أشكال العنف و التطرّف و التعصّب لكن في حبنا لهذا الوطن نحن متطرّفون و متعصّبون و عنيفون حد الشراسة و كل الذين هادنوا و حادوا عن الدرب و رأيناهم يوما ما في الصف الآخر لا يمكنهم اليوم أن يعطونا دروسا في الوطن …
فالحب يا سادتي ليس وجهة نظر و الوطن ليس وجهة نظر انها أشياء تسري في دماء الأحرار ….
بقلم الشاعر والكاتب الصحفي: خالد الهداجي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire