Tunisiens Libres: القرامطة، شعاع نور في تاريخ الإسلام الأسود

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

mardi 21 janvier 2014

القرامطة، شعاع نور في تاريخ الإسلام الأسود

                          القرامطة، شعاع نور في تاريخ الإسلام الأسود



أفتى أحد الدعاة المسلمين في أوروبا بتحريَم ملامسة النساء والفتيات لبعض أنواع الخضراوات والفاكهة مثل الموز والخيار بدعوى أنها ربما تؤدي إلى إغوائهن

أفتى رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث الشيخ عبد الباري الزمزمي بجواز معاشرة الزوج لزوجته الميتة تواً

نموذجان للفتاوي السنية لهذا العام، ومع ذلك يتهجمون على القرامطة كذباً، وخصوصاً فيما يخس النساء

فقد تعرض القرامطة ككل الحركات الثورية في العالم الإسلامي لسعار السلطة وأذنابها ودامت حملة الكذب والتضليل من طرف السلطات العباسية والفاطمية ومن فقهاء ومؤرخي البلاطات. واستخدم المكر والكيد البدوي الإسلامي لتشويه صورة هذه الحركة. أوأليس إلله تعالى هو الذي يقول في قرآنه المجيد: "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين". كما يقول : وتكيدون كيداً وأكيد كيداً".فقد قالوا عنهم أنهم نادوا بمشاعة النساء وأجازوا اللواط وحللوا الزنا بالغلمان وسرقوا الحجر الأسود...الخ من أجل تنفير العامة منهم. فهل كان الأمر كذلك.
إن صعوبات جلى تعترض الباحث من جراء هذا الكم الهائل من الأكاذيب والتخرصات والدعاية المضللة، وحتماً سيكون البحث ناقصاُ من جوانب عديدة، ولكنه أسهام بسيط من أجل دق إسفين صغير في نعش هذا التاريخ الإسلامي المزيف.

ظروف النشأة 
استغلّ القرامطة كغيرهم من الحركات الثورية الظروف المحيطة بهم، خاصّة وأنّ بداية دعوتهم وافقت القضاء على حركة الزنج، ولقد كانت الدولة الإسلاميّة آنذاك في بداية ضعفها وتسلّط العسكر عليها من ناحية، وكثرة الانفصالات عنها من ناحية أخرى، واستقلال بعض الأسر المشهورة، كالصفاريين والسامانيين والعلويين واليعفريين والطولونيين حيث لم يبقَ للعباسيين في كثير من الأقاليم سوى الدعاء لهم يوم الجمعة والعيدين، ونزر يسير من الهدايا. كماأن ذكاء القرامطة في دعوتهم جعلهم يركّزون على الأراضي الخصبة، والعاملين فيها كالموالي والعبيد والأُجراء والمزارعين الناقمين على أصحاب الأراضي، ولاستقطابهم ابتدعوا فكرة إشاعة المال وإشاعة الأراضي، عملاً بقاعدة فقهية شهيرة، تنص على "أن الأرض المفتوحة عنوة لا تُمَلّك للخواص"، وهي قاعدة عمل بها الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي رفض تفويت أرض العراق للخاصة.

دامت هذه الحركة قرابة قرن من الزمان، وقد بدأت من جنوبي فارس وانتشرت في الكوفة وواسط والبصرة في العراق، ثم في البحرين والأحساء والقطيف ثم تقوّت بعد ظهور زعيمها في البحرين "أبي سعيد الجنَّابي"، الذي استطاع أن يبسط نفوذه على البحرين وهجر، وأن يكسب أنصارًا كثيرين، وتحول إقليم البحرين إلى مركز للقرامطة، وخرجت منه حملاتهم الحربية لنشر أفكارهم، وانتشروا في الأحساء وحتى اليمن ثم ساروا إلى بعلبك وسلمية ثم في دمشق، ثم توجهوا بجيوشهم إلى مصر حيث عسكرت في عين شمس قرب القاهرة

مع ازدياد أعدادهم اتّجهوا إلى تنظيم صفوفهم وإعداد خططهم، فلمّا قويت شوكتهم واشتدّ ساعدهم ووجدوا أنّ الفرصة سانحة للخروج على دولة الخلافة أعلنوا تمرّدهم وكانت بدايتهم من البحرين، وكان على رأسهم أبو سعيد الجنابي القرمطي، وكان جلّ جنده آنذاك من بقايا فلول الزنج والخرميّة وبعض الأعراب وقد بدأ تمرّده بغزو القرى المجاورة لمكان إقامته في الأحساء ولم يمض وقت يسير حتّى كوّن لنفسه جيشاً عظيماً واحتلّ أغلب المناطق المحيطة به كالقطيف وغيرها من المدن، وحوّل وجهته للبصرة بقصد أخذها وقد وجّه لهم الخليفة العبّاسي المعتضد جيشاً قوامه عشرة آلاف بإمرة العبّاس بن عمرو الغنوي، والتقى الجيشان في الطريق إلى البصرة وكانت نتيجة المعركة أن أُسِر الجيش العبّاسي بكامله وأميرهم معهم. كما قطع الطريق على حجّاج العراق وبقي على حاله تلك في قطع طريق الحجّاج أكثر أيّامه، حتّى أنّ حجّاج خراسان والعراق والمشرق توقّفوا عن الذهاب إلى الحج ثم قصد بغداد والتقى بجيش المسلمين في الأنبار وكان عدد جيشه ألف فارس وسبعمائة راجِل، وجيش الخليفة أربعين ألف فارس وعلى الرغم من ذلك فقد فرّ جيش العراق حتّى قبل أن يلتقوا بجنود القرمطيّ، فدخل القرمطي الأنبار واتّجه سليمان أبو طاهر القرمطيّ إلى مكّة فدخلها يوم التروية فعرّى البيت وقلع بابه وقلع الحجر الأسود وأخذه معه إلى عاصمته هجر

كما أسس القرامطة دولة لهم في اليمن على يد علي بن الفضل، لم تعمر تلك الدولة كثيرا، وإنتهت بموت علي بن الفضل، ولم تترك أثارا هامة باليمن

إتبعت قبائل الجزيرة العربية دعوة القرامطة، مثل بنو هلال وبنو سليم وبنو معقل، وبنو كلب وفزارة وأشجع وغيرهم، وكانوا هم عماد جيش القرامطة الذي غزوا به أنحاء الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر، إلى أن بدأ الفاطميون في استقدام بني هلال وسليم وفزارة وأشجع وبنو معقل للاستقرار بمصر، فنزلت تلك القبائل في بحري وقبلي مصر وإستقرت بصعيد مصر خصوصا لمدة تربو على القرن، ثم شجعها الخليفة الفاطمي المستنصر للاستقرار بشمال أفريقيا للقضاء على الحركة الاستقلالية التي قادها عامل الفاطميين في أفريقية (تونس اليوم)، فنزحت بنو هلال وبني سليم وفزارة وأشجع وبنو معقل من صعيد مصر إلى شمال أفريقيا فيما عرف بتغريبة بني هلال، اسم أكبر قبائل التغريبة، على أنه بقيت بقية لتلك القبائل في مصر

وقد عرف القرامطة خطورة تهريب المال والذهب خارج حدود الدولة، فقاموا بصك نقود من الرصاص. ذكر الباحث السوري محمد أمين جوهر أن الدولة القرمطية كانت تقدم العون المادي لمن يستطيع أن يبني عملا أو حرفة أو زراعة، وأنهم قاموا بشق الأقنية وزراعة النخيل، وكانوا يمنعون ذبح الحيوانات بين الناس، أما تمويل الدولة فكان من خلال الضرائب التي تأخذها نتيجة مشاركتها في معظم الأعمال، وكان يدخل كذلك خزينة الدولة الضرائب، التي فرضها القرامطة على الدولة العباسية

اما الاقتصاد عند آل الجنابي فهو مميز، ومثير للاعجاب، كما نقله لنا نفس الرحالة ناصر خسرو في كتابه سفرنامه، فهو يقول أن البيع والشراء والأخذ والعطاء يتم هناك "في الأحساء" بواسطة رصاص في زبيل يزن كل منها ستة آلاف درهم، وهذه العملة لا تسري في الخارج، وفي الحسا تباع لحوم الحيوانات كلها من قطط، وكلاب، وحمير وبقر، وخراف وغيرها، ويوضع رأس الحيوان وجلده بقرب لحمه، وينسجون هناك فوطا جميلة، ويصدرونها للبصرة وغيرها وفي الحسا تمر كثير، حتى انهم يسمنون به المواشي، ويأتي وقت يباع فيه أكثر من ألف (منٌ) والمن يساوي وزن مائتين وسبعة وخمسين درهما وسبعة دراهم"، بالاضافة الى نظام دعم الفلاحين والصناع وتوفير رؤوس الأموال لهم لتشجيعهم على العمل والانتاج

وكانت نهضتهم الفعلية أنهم قاموا بمساعدة الفلاحين بطحن حبوبهم مجانا في مطاحن مملوكة للدولة، وألغوا الأعشار، واقرضوا الفلاحين المال وقاموا بمساعدة الملاكين في اصلاح بيوتهم وطواحينهم مجانا، ودعموا الصناعة اليدوية عن طريق إمداد الصناع بالقروض الطويلة الأمد اللازمة لشراء الآلات دون فائدة

وكانت جهودهم مثالية بالنسبة لتلك الفترة في تطوير الصناعة والزراعة باتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي، ويدلل على ذلك الممارسات التقشفية والضابطة للاوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، ويصف المقريزي ذلك قائلاً : حتى بلغ في تفقده أن الشاة اذا ذبحت يتسلم العرفاء اللحم ليفرقوه على من ترسم لهم، ويدفع الرأس والاكارع، والبطن الى العبيد والاماء، ويجز الصوف، والشعر من الغنم ويفرقه على من يغزله، ثم يدفعه الى من ينسجه عبياً وأكسية، وغرائز وجوالقات ويفتل منها حبال، ويسلم الجلد الى الدباغ، ثم الى خرازي القرب والروايا والمزاود، وما كان في الجلود يصلح نعالا وخفافا فأعمل منه ثم يجمع ذلك كله الى خزائن، وكان في الوقت نفسه قد جمع الصبيان في دور وأقام عليها قوما، وأجرى عليهم ما يحتاجون اليه، ونصب لهم عرفاء، وأخذ يعلمهم ركوب الخيل والطعان، فنشأوا لا يعرفون غير الحرب

ويذكر أن جيش المقتدر بالله الذي أرسله للقضاء على الدولة القرمطية كان يزيد على الثمانين الف محارب وجيش القرامطة الذي تصدى له حسب ما اتفق عليه الباحثون لم يتجاوز الفان وسبعمائة رجل وجاء ذكر ذلك في رسالة أبي طاهر للخليفة المقتدر. ويدل هذا على مدى تمسك الناس بدولة قامت بتأمين العدالة الاجتماعية للناس وقضت على الفقر

في رسالة لأبي طاهر للخليفة المقتدر أبدى رغبته في الاستيلاء على البصرة، والأهواز في مقابل الكف عن التعرض للحجيج، ويتضح من خلال الكتاب، مستوى الضعف الذي وصلت اليه الدولة العباسية حينها، واللامبالاة التي يبديها القرامطة لتهديدات الخليفة المقتدر، فقد جاء فيه وصف الخليفة بقائد الأرجاس المسمى بولد العباس، وبعد ذلك يذكر أبو طاهر القرمطي الأسباب التي دعته للإعتداء على قوافل الحجيج، ويعيب على المقتدر تسمية نفسه بالمقتدر بالله، فيقول : أي جيش صدمك فاقتدرت عليه، أم أي عدو ساقك فابتدرت اليه ؟ فأما ما ذكرت من قتل الحجيج واضراب الامصار، واحراق المساجد فوالله ما فعلت تلك إلا بعد وضوح الحجة كإيضاح الشمس، وادعاء طوائف منهم أنهم أبرار، ومعايشتي فيهم أخلاق الفجار، فحكمت عليهم بحكم الله "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، خبرني أيها المحتج لهم أي المقتدر والمناظر عنهم، في أي آية من كتاب الله او اي خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إباحة شرب الخمور، وضرب الطنبور، وعزف القيان، ومعانقة الغلمان، وقد جمعوا الأموال من ظهور الأيتام، وحووها من وجوه الحرام. وختم أبو طاهر سليمان بن ابي سعيد الجنابي رسالته بدعوة الخليفة العباسي بعدم اللجوء الى التهديد "بل اعزم على ما أنت عليه عازم، واقدم على ما أنت عليه قادم"

أظهر أبو طاهر الجنابي في هذه الحملة قوة البأس والشجاعة، وشهد له أعداؤه حضوراً في مقدمة كل الحملات والمعارك التي خاضها جيشه المكون من ألف وخمسمائة، أو قيل ألفين وسبعمائة مقاتل، فيهم سبعمائة فارس وثمانمائة راجل وكانت جيوش الخلافة التي قابلوها أقلها ستة آلاف، وأكثرها ثمانون ألف مقاتل، حتى ان المقتدر لما سمع بعدة جيشه، وجيش القرامطة قال لعن الله نيفا وثمانين ألف يعجزون عن قتال الفين وسبعمائة. هذا هو أبو طاهر الذي وصلت في عهده الدولة القرمطية الى أوج قوتها، وفترتها الذهبية

إن القرامطة لم يكونوا أول من قطع طريق الحجيج، فقد سبق لقبيلة بني سليم قطع طريق الحج لسنوات عديدة قبل ظهور القرامطة، كما قطع بنو عقيل طريق الحج وغيرهم من القبائل مثل طي والمنتفق ولم تكن الدوافع لدى هؤلاء ذات صلة بالعقائد، لا عند القرامطة ولا عند القبائل الأخرى واستناداً الى الأزهري كما جاء في معجم الأدباء لياقوت الحموي وغيره، بأن غالبية القرامطة من الفلاحين البدو وأصحاب الحرف في المدن وهؤلاء لا يعنيهم الدين في كثير أو قليل، لأنهم يتعاملون معه بالحدود السطحية التي يسهل عليهم فهمها

ان قطع طريق الحجيج مهنة مربحة تدر أموالا منذ مطلع القرن الثاني للهجرة، و كانت القبائل تتصارع للفوز بهذه المهنة، وأبو طاهر القرمطي نفسه كان حارسا لطريق الحج، وكان يتقاضى مخصصات مالية من خليفة بغداد لقاء قيامه بهذا العمل. أما الحجر الأسود فقد جاء في الحاشية الرابعة في كتاب أخبار مكة انه قد أزيل من مكانه غير مرة من قبائل جرهم، والعمالقة، وخزاعة، ثم القرامطة، وقد اختلف المؤرخون حول من أرجعه ومتى ؟

مرحلة أبي طاهر كانت فترة ذهبية لقرامطة البحرين، وطدوا فيها سلطانهم في الأحساء، والقطيف والبحرين، واستولوا على عمان مرات متتالية بطلب من أهلها، كما أنهم كانوا يتقاسمون الإشراف على البصرة مع العباسيين، وكان لهم ديوان بميناء البصرة ورجل يأخذ المكوس باسمهم، ذكر ذلك المقدسي في كتابه (احسن التقاسيم) وقد استولى ابو طاهر على الكوفة عدة مرات وتركها مختارا لعدم ثقته باهلها كما استولى على الكوفة والأنبار بل لقد اقترب من فتح بغداد لولا قطع القنطرة

ان الحروب التي خاضها أبو طاهر والقرامطة بشكل عام لم تكن فتوحات ولا نشراً لدعوة، إنما هي غزواً لزيادة موارد الدولة المالية، فعلى الرغم من وجود النخيل الكثير في المنطقة التي سيطر عليها القرامطة، وعلى الرغم من خصوبة الأرض النسبية التي استخدم القرامطة لزراعتها ثلاثين ألف عبد زنجي وحبشي، عدا الفلاحين المحليين وملاك الأرض الزراعية من غير آل الجنابي ووزرائهم من آل سنبر، فان مدخول الدولة من الزراعة كان أقل بكثير من مداخيل مكوس حماية طريق الحجيج، ومكوس سواد الكوفة والبصرة، ومن رسوم المرور التي تأخذ من السفن التي تبحر من الخليج، والضرائب السنوية القادمة من عمان، وعائدات الجزية المفروضة على البدو، وحصة الحكام من صيد اللؤلؤ اضافة الى الغنائم التي كانت تأتي بها السرايا من الغزوات التي تشنها في كل اتجاه أي أن واردات دولة القرامطة من الزراعة لم تكن أكثر من 5 % من مجموع وارداتها ولعل ذلك هو الذي يفسر هذا السعي للحرب

لابد هنا من ذكر بعض المفارقات في تاريخ القرامطة. هناك نص في "تاريخ بغداد" يفيد بأن أبا حنيفة كان يفتي بالقتال إلى جانب القرامطة وهذه الفتوى تجعلنا نعيد النظر في كل الاتهامات الإلحادية التي ألحقت بهم، فقد يعني هذا أن تفسيرهم للدين لا يبعدهم كثيراً عن حظيرة الاسلام. وتأييد ابي حنيفة لهم غير مستغرب، فقد كان قبل ذلك -كما يقول الزمخشري في الكشاف- يفتي سراً بوجوب نصرة الامام الثائر زيد بن علي الذي ثار ضد الدولة العباسية، كما أن علي بن عيسى، -أحد الوزراء العباسيين- ورغم الضغوطات الشديدة التي واجهها لم يقبل بتكفير 

هناك تساؤل منطقي آخر عن هذا الضعف الذي طرأ على الدولة العباسية وأمرائها، حيث ان أبا طاهر هاجم الكعبة ومعه ستمائة فارس وتسع مائة راجل وقلع باب البيت الحرام، وقبة زمزم والحجر الاسود ثم عاد ومعه الحجر الأسود الى الأحساء. ولم تتمكن الخلافة العباسية من اتخاذ أي إجراء ضده، بل اكتفى الخليفة المقتدر بارسال رسالة اليه يعاتبه فيها ويتوعده، فرد عليه أبو طاهر بما يدل على عدم اكتراثه به، والأدهى من ذلك كيف يعقل أن يبقى الحجر الاسود زهاء عشرين سنة في الأحساء ولم يتحرك جيش ولا كتيبة، ولا غيور من المسلمين لاسترجاعه، لا من قبل الدولة العباسية التي حشدت أربعين الف مقاتل لمنع ابي طاهر من دخول بغداد، ولا من الدولة الفاطمية التي بسطت نفوذها على المغرب العربي، ومصر وبلاد الشام، والتي كانت جيوشها في حالة أفضل من التشرذم الذي بليت به جيوش الدولة العباسية، ولم يذكر أحد من الكتاب أو الأدباء أو الشعراء أو المؤرخين انه زار مكة، وأراد استلام الحجر الأاسود فلم يجده في مكانه، ولم يذكر أحد من التجار أو قوافل الحج القادمة من فارس أو العراق خلال العشرين سنة أنه رأى الحجر الأسود في طريقه الى الحج عند عبوره الأحساء

كما لم نجد في كتب السير ولا في قصائد الشعراء ردود أفعال بكائية أو عاطفية عن غياب هذا الحجر المعبود، ولم نجد أيضا كلاماً عن احتفال ما بمناسبة رجوع الحجر الاسود الى مكة، ولم يفتخر سلطان ذلك الزمان، وينادي باسمه في كل بلاد المسلمين على أنه حقق انتصاراً للإسلام وأرجع الحجر الاسود بعد عشرين سنة من اغتصابه. هل يعني هذا أن هذا الحادث ربما لم يقع أصلاً. وما ذكر من أقوال متضاربة حول رد الحجر تكفي على ضعفها، فقد ذكر ابن الاثير ان أبا طاهر هو من رده، وذكر ابن الاثير نفسه في رواية اخرى ان ابا طاهر لم يقبل عرضا ولم يستجب لطلب الفاطميين والعباسيين برده، وهناك كثير من الروايات الاخرى
فهل حقيقة أن الحجر الأسود اقتلع من مكة أم أن هذه الرواية ليست سوى دعاية نسجتها السياسة العباسية للمساس بسمعة أعدائها القرامطة كما فعلت سابقا مع الأسرة الفاطمية حيث شككت في صحة نسبهم العلوي مدعية انهم من أصل يهودي

حقوق المرأة
يرى البعض أن دولة القرامطة شكلت إحدى الحالات الإشتراكية الأقدم في التاريخ البشري، إذ تم بناء تعويض إجتماعي حيث أن أي مواطن مثلا كان يحرق بيته كانت الدولة تبني له بيتاً جديداً و تعوض خسارة الفلاح او الحرفي و قد ذكر الباحث السوري محمد أمين جوهر أن الدولة القرمطية كانت تقدم العون المادي لمن يستطيع أن يبني عملا أو حرفة أو زراعة، و أنهم قامو بشق الأقنية وزراعة النخيل، وكان يمنع ذبح الحيوانات بين الناس فقد كانت الدولة هي التي تقوم بذبح الأغنام والحيوانات وتوزع اللحم على الناس وهم أول من بنى مطاحن الحبوب لتخفيف عبء العمل عن المرأة التي كانت بدورها تشارك بالعمل، حيث تعتبر حقوق المرأة عند القرامطة متطورة جدا مقارنة مع باقي الدول الإسلامية التي توالت في ذلك التاريخ، أما تمويل الدولة فكان من خلال الضرائب التي تأخذها نتيجة مشاركتها في معظم الأعمال وكان يدخل كذلك في خزينة الدولة الضرائب التي فرضها القرامطة على الدولة العباسية و يذكر أن جيش المقتدر بالله الذي أرسله للقضاء على الدولة القرمطية كان يزيد على الثمانين ألف محارب وجيش القرامطة الذي تصدى له حسب ما اتفق عليه الباحثيون لم يتجاوز ألفان وسبعمائة رجل و جاء ذكر ذلك في رسالة أبي طاهر للخليفة المقتدر و يدل ذلك على مدى تمسك الناس بدولة قامت بتأمين العدالة الإجتماعية للناس وقضت على الفقر في فترة أوجها

عقائد القرامطة (بتحفظ كبير)
أخذوا على عاتقهم إيجاد مجتمع يعتبر الدين خرافة والثواب والعقاب والمعاد أمورًا لا تصدق
كانوا يجحدون شعائر الإسلام كلها خصوصًا شعائر الحج والتي قالوا عنه أنها شعائر جاهلية وثنية لذلك فلقد عملوا دائمًا على قطع طريق حجاج العراق
أنكروا يوم القيامة وأنكروا بعث الأجساد والجنة والنار
أنكروا وجود الأنبياء

أهم شخصياتهم 
حمدان بن الأشعث، المعروف أيضاً باسم قرمط
أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد
أبو القاسم سعيد بن أبي سعيد
أبو المنصور أحمد بن أبي سعيد
أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي 
أبو هارون الخطي
أبو يعقوب يوسف بن الحسن الجنابي
عبدان الداعية
يحيى بن زكرويه

أراء وكتابات أعدائهم
أهل السنة: يعتقد أهل السنة أن القرامطة هي حركة باطنية هدامة، تنتسب إلى شخص اسمه حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه وهو من عربستان في الأحواز ثم رحل إلى الكوفة، وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية
هذه الحركة كان هدفها محاربة الإسلام بكل الوسائل وذلك بارتكاب الكبائر وهتك الأعراض وسفك الدماء والسطو على الأموال وتحليل المحرمات بين أتباعهم حتى يجمعوا عليهم أصحاب الشهوات والمراهقين وأسافل الناس

كتاب فضائح الباطنية / الغزالي : ..لان سبيل دعوتهم أنهم يخاطبون كل فريق بما يوافق رأيه بعد أن يظفروا منهم بالانقياد لهم والموالاة لامامهم فيوافقون اليهود والنصارى والمجوس على جملة معتقداتهم ويقرونهم عليها

تاريخ ابن خلدون : ثم سار أبو طاهر القرمطي سنة تسع عشرة إلى مكة، وحج بالناس منصور الديلمي، فلما كان يوم التروية نهب أبو طاهر القرمطي اموال الحجاج وفتك فيهم بالقتل حتى في المسجد والكعبة واقتلع الحجر الأسود وحمله إلى هجر، وقسم أبو طاهر القرمطي كسوة البيت على اصحابه ونهب بيوت اهل مكة

البداية والنهاية لابن كثير : ‏ثم دخلت سنة ثمان وسبعين ومائتين‏ قال‏‏ وفيها تحركت القرامطة وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة اتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك ويقال لهم‏‏ الباطنية‏

ابن تيمية : والشيعة استتبعوا أعداء الملة من الملاحدة والباطنية وغيرهم، ولهذا أوصت الملاحدة -مثل القرامطة الذين كانوا في البحرين وهم من أكفر الخلق، ومثل قرامطة المغرب ومصر وهم كانوا يستترون بالتشيع- اوصوا بان يدخل على المسلمين من باب التشيع، فانهم يفتحون الباب لكل عدو للإسلام من المشركين و،هل الكتاب والمنافقين، وهم من أبعد الناس عن القرآن والحديث، وهذا كما أن الفلاسفة ومن سلك سبيلهم من القرامطة والاتحادية ونحوهم يجوز عندهم أن يتدين الرجل بدين المسلمين واليهود والنصارى.‏‏ ومعلوم ان هذا كله كفر باتفاق المسلمين

رأي الشيعة في القرامطة : إعلموا أسعدكم الله أنّ ضرر الباطنيّة على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم، بل أعظم من مضرّة الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم، بل أعظم من ضرر الدجّال الذي يظهر في آخر الزمان لأنّ الذين ضلّوا عن الدين بدعوة الباطنيّة من وقت ظهور دعوتهم إلى يومنا أكثر من الذين يضلّون بالدجّال في وقت ظهوره، لأنّ فتنة الدجّال لا تزيد مدّتها على أربعين يوماً وفضائح الباطنيّة أكثر من عدد الرمل والقطر» 
وإذا نظرنا خلال التاريخ الإسلامي، لوجدنا أنّ كلّ من أنشأ خرقاً في الإسلام كان من أحفاد اليهود أو النصارى، وأغلب مُنشئي مذاهب الباطنيّة من المجوس، قصدهم بذلك هدم الإسلام وإعادة عبادة النيران ومن ضمن هذه الطوائف الباطنيّة. الإمام الإسفرائيني

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire