Tunisiens Libres: الاغتيال السياسي والرهان الخاسر

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

vendredi 24 janvier 2014

الاغتيال السياسي والرهان الخاسر


                      الاغتيال السياسي والرهان الخاسر
ان انتقال جرثومة الاغتيال السياسي الى تونس يعد تحولا خطيرا في ظل التحول الثوري الذي فجرته هذه الدولة العريقة في جسد عربي كان في طور موته السريري . فالمجتمع التونسي لم يعرف مثل هذه الاغتيالات منذ شهيد العمال فرحات حشاد منذ ما يقرب من 65 عاما . لكن اغتيال المناضل العمالي كان على يد عصابة من الفرنسيين الذين استأجرهم النظام الفرنسي لهذه المهمة .
أما وقد انتقلت آلة القتل الى يد التونسيين فهذا يعد مؤشرا خطيرا على ما يمكن أن ينتظر مستقبل تونس اذا لم يتم تقديم الجناة في أقرب وقت الى القضاء ومعاقبتهم أشد العقاب ، شخصا كان او جماعة .
الاغتيال السياسي لا يتعلق بشخص بعينه ، بقدر ما يتعلق بجماعة ائتلفت حول فكرة محورية وحول هدف صميم ، وحول مبدأ سام . وهو ما يجعل الاغتيال السياسي يكتسب بعده الرمزي القوي ، والرموز لا تموت ، بل تزداد عنفوانا وشموخا في مثل هذه الأحداث. لكن دخول الفرقاء السياسيين في عمليات ردود الفعل قد يجر البلاد الى متاهات لا مخرج منها ، كما حدث في لبنان ، وهو الثقل الدموي الذي لم تتخلص منه هذه البلاد منذ البدايات الأولى لاستقلالها ، وخاصة بعد سنة 1975 زمن الانفجار الطائفي الكبير بعد الحرب الهلية مباشرة . ولعل مصطلح الحرب الأهلية هو تلطيف لمصطلح الحرب الطائفية ذات الذيول البذيئة والمنبوذة من الطائفيين أنفسهم .
ان ماحدث في تونس يعد سابقة في تاريخ الاغتيال السياسي بهذا البلد ، ويؤشر الى مدى الاحتقان الذي تشهده العملية السياسية بين الفرقاء ، كما يعلن بوضوح مدى ضيق بعض الجهات من الممارسة الديمقراطية ، وانغلاق أفقها السياسي ، وتنصيب نفسها وصية على الشعب وعلى أفكاره وطموحه ، وهو المنزلق الذي انزلقت اليه كثير من الدول العربية ، ويبقى النموذج العراقي في هذا الشأن نموذجا حيا ، مع وعينا بالتمايزات الاجتماعية والعقدية بين المجتمع التونسي والمجتمع العراقي .
لماذا يتم اللجوء الى التصفية الجسدية للخصوم السياسيين ؟ فالسياسة هي فن التراشق بالأفكار والاستراتيجيات ، اذا جاز التعبير ، والسياسة هي حرب مهذبة ، اذا جاز التعبير مرة أخرى .
ان اللجوء الى استخدام العنف ، وخاصة في حالاته القصوى ، القتل ، هو عنوان بارز الى افتقاد الرؤية الانسانية ، والامتلاء بالغريزة الحيوانية الدموية المنحطة . وهو مؤشر على فراغ القاتل من حس العقلانية ومن نعمة البناء . من هنا وجب على الجميع تكثيف الجهود الى استئصال هذا الورم الخبيث الذي من شأنه أن يدخل أي بلد في نفق معتم لابصيص أمل فيه .
فتونس تحتاج الى سلم اجتماعي أكثر من أي بلد آخر ، وهي البلد النموذجي العربي ، الذي استأثر دو
ما عن باقي الدول العربية بالريادة الثورية ، ومنح الشعوب العربية ما كان ينقصها من جرأة التعبير ، والانتفاض ضد الطاغية ، وتغيير النظام السياسي المتجبر والمتغطرس ، وافساح المجال للتداول السياسي الديمقراطي ، بل كان سباقا الى اعادة الحيوية الى جسد كان في مرحلة التحنيط ، وهذا فضل اذا نسيه العرب والعالم ،فان التاريخ أمين على تذكير من ينسى .
لكننا هنا لسنا بصدد نوستالجيا أو وضع الأكاليل على رؤوس من يستحقها ، بل نحن أمام حدث مهول ،وأمام تحول دراماتيكي ، يجب على الجميع أن يتجند له كي تخرج الشعب التونسي من هذه التجربة القاسيةى بأقل الخسائر .
لماذا يتم اللجوء الى القتل والتصفية في حالات التجاذب السياسي ؟ وهل هو من صميم ثقافتنا كعرب ومسلمين ؟ نحن الذين يعتبر نص كتابنا المقدس ، أن من قتل النفس كأنما قتل الناس جميعا ، في اعلاء واضح لشأن النفس الانسانية الواحدة وتبويئها مقاما يوازي مقام جميع الناس ، ونحن الذين أنتج عقل من عقولنا مقولة رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب . وغيرها من الآيات المقدسة والأحاديث النبوية الشريفة والمقولات الانسانية الراقية التي تنهى عن البغض والكراهية ، وتأمر بالحب والتسامح .
الاغتيالات السياسية في تاريخ الاسلام السياسي ، كانت دخيلة على عرب الحجاز والعراق والشام ، وكثير من مرتكبيها كانوا من المنافقين ، دون تزكية العرق العربي ، لكن الوقائع التاريخية هي ما يثبت ذلك . والهدف من هذه الاشارة ، هو التنبيه الى أن القتل والدعوة اليه والحظ عليه لا يمثل الثقافة العربية ولا خصال العربي الذي تربى على مقارعة العدو وجها لوجه ، بل ان ابا جهل في هذا الشأن قد يصبح نموذجا للاحتذاء حين اعترض على دخول بيت النبي أعدى أعدائه مخافة أن يتفاجأ بغيابه ، فيتهم هو وأتباعه باختراق حرمة اماء رجل .
الاغتيال السياسي لا يأتيه الا ضعيف العقيدة ، واهن العزيمة ،
حصير الرأي ، فهل على العرب في عصر الانفتاح والتعدد والديمقراطية والفردانية والنانو،وصناعة الكبد ، أن يترك ابله تساق من قبل الذئاب ؟؟؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire