Tunisiens Libres: تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

dimanche 19 janvier 2014

تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟

تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟


المقصود بتيار الإسلام السياسي كل التنظيمات السياسية والدعوية والثقافية التي تتخذ من الإسلام مرجعيتها الوحيدة وتجعل قراءتها للنصوص والتراث الإسلاميين المحدد الأوحد لأهدافها وتوجهاتها ، والموجه الوحيد لاختياراتها السياسية ومشاريعها المجتمعية . وتنظيمات هذا التيار لا تتبنى العنف أسلوبا أوحد في الممارسة السياسية أو الدعوية ، لكنها لا تنبذه . فهي تشرعن العنف من باب الجهاد الذي تعتبره فريضة غائبة وجب إحياؤها. وما يقوي عقيدة الجهاد لديها اقتناعها أن سبب ضعف الأمة وتكالب قوى الاستعمار والاستكبار العالمي يكمن في تغييب فريضة الجهاد وكراهية الموت "في سبيل الله" . ومن ثم ليس على الأمة الإسلامية سوى إحياء هذه الفريضة "الغائبة" وإشاعتها بين الأفراد لتعود إليها العزة والقيادة . أما تيار السلفية الجهادية فيقصد به كل التنظيمات الحركية ، مهما كانت صغيرة ،التي تجعل الإسلام منطلقها الوحيد ، والعنف عقيدة ثابتة وملازمة لكل تحرك فردي أو جماعي باسم الجهاد الذي تجعله فرض عين على كل منتم للتنظيم . ويهمنا ، في هذا المقال ، أن نتعرف على طبيعة الاختلاف أو الاتفاق بين التيارين من خلال نموذجين رئيسيين :
1 ـ جماعة العدل والإحسان : تتأسس هذه الجماعة على جملة من العقائد أبرزها :
أ ـ أن الأنظمة السياسية الحاكمة في بلاد المسلمين لا تخرج عن كونها أنظمة "جبرية" ، وفق التعريف الذي حدده الشيخ ياسين (المسلمون اليوم تحت القهر الجبري، أي الديكتاتوري بلسان العصر، ولهو أفضع من العاض؛ لأن الجبر إن كان يلوح بشعارات الدين كما كان يفعل الملك العاض فقد أفرغ أجهزة الحكم والإعلام والتعليم، وأفرغ قوانين الحكم من كل معنى الإسلام) .
ب ـ أن الخلافة الإسلامية ، كنظام سياسي ، ستعود بعد القضاء على أنظمة "الجبر" وفق الحديث النبوي "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها.ثم تكون مُلكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها. ثم تكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة. ثم سكت".
ج ـ أن حكام المسلمين هم "طواغيت" يجب الكفر بهم ومحاربتهم (ونعرف الوهْن –وهو كلمةٌ مِفتاحٌ- على شكل تخاذل قادة العرب والمسلمين واستسلامهم للعدو، بل تملُّقِهِم المَهِينِ على الأعتاب لتبقى الكراسي عليها أصنام طاغوتية تتماثل لتعبدها أمة التوحيد ) . 
د ـ أن الديمقراطية نبتة غريبة لا يمكن استنباتها في التربة الإسلامية . فهي بالضرورة علمانية وأن العلمانية بالضرورة كفر وإلحاد . ومن ثم فالديمقراطية مرفوضة لما تتيحه من حقوق وحريات ترى الجماعة أنها تناقض أحكام الشريعة . لكن الشيخ ياسين لا يرفض الديمقراطية إذا كانت وسيلة ترفعه إلى سدة الحكم ثم لا يلبث أن يلغيها . 
هـ ـ ( لا يصلح الناس فَوضَى، ولا يستقيم أمر المسلمين بلا نظام حكم. ولا يخدم أهداف الإسلام الجماعية والفرديةَ نظامٌ لا يخضع للإسلام ولا تكون طاعتُه من طاعة الله ورسوله. فالإسلام دولة ونظام حكم، لا يُضارّ في ذلك مجادل) .
و ـ تكفير النظام السياسي والقوانين الجاري بها العمل (والذي وجدناه أمامنا، في كل قطر من أقطار التجزئة الشنيعة دولةٌ بلا دين، دولة تستخف بالدين، دولة تنكر الدين.) 
ز ـ السعي لتطبيق الشريعة ( فنحن نريد أن نحكم بما أنزل الله لكيلا تبقى الأمة وعلى عنقها تهديد "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون". ) .
ح ـ المجتمع يعيش "جاهلية" و "فتنة" . وحصر الشيخ ياسين "الجاهلية" في خصائص أربعة مستندا إلى إسقاطات منطلقها آيات قرآنية كالتالي :
1= "ظن الجاهلية"( وطائفةٌ قد أهمتهمُ أنفسهم يظنون بالله غيرَ الحق ظن الجاهلية. يقولون هل لنا من الأمر من شيء) . ليستنتج الشيخ ( ظن الجاهلية باطل، "غير الحق". ظن الجاهلية فراغ في العقيدة، وفقدان للثقة بالله تعالى، وهزيمة وخوف من الموت ونكوص عن الجهاد. ظن الجاهلية عاهة النفوس الجاهلية الأولى، ومصدر بلاء العقل والفكـر والسلوك ) .
. 2 = "حكم الجاهلية" ( ورد ذكر "حكم الجاهلية" في قوله عز وجل عن أهل الكتاب الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم يرضَوْا بحكم شريعته المهيمنة على الكتاب، ولم يرضَخوا لحكومة الرسول).
3 = "تبرج الجـاهلية" (الواردِ النهيُ عنها في قوله تعالى يخاطب نساءَ النبيِّ: "يا نساءَ النبيء لستن كأحدٍ من النساء إن اتقيتُنَّ. فلا تخضعن بالقول فيطمعَ الذي في قلبه مرض. وقُلن قولا معروفا. وقَرْنَ في بيوتكن. ولا تبرجن تبرُّج الجاهلية الأولى. وأقمن الصلاة وآتينَ الزكاة. وأطِعْن الله ورسوله ) . 
4 = "حَمِيّة الجاهلية" ("حمية الجـاهلية" هي روح المعبود القومي. هي نقيصة في الدين وفتنة عظيمـة لأنها تنقُـض أساس وحدة الملة . ورد عيب "حمية الجاهلية" وغضبيَّتِها في قوله تعالى يصف غَلَيَان المشركين يوم الحديبية: "إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميَّة حمية الجاهلية ) .       

وقفنا ، في مقالة سابقة ، عند أبرز العقائد التي تتأسس عليها جماعة العدل والإحسان بهدف استجلاء أوجه التشابه وأوجه التباين بين الجماعة وبين تيار السلفية الجهادية . لأجهل هذا الغرض نتوقف اليوم عند الأسس العقائدية لهذا التيار الجهادي الذي لم ينخرط منظروه فيما بات يعرف بـ"المراجعات" ، بل لازال على عقائده وقناعاته الحركية/العنيفة . وفي مقدمة هذه العقائد ما تضمنه البيان التأسيسي لـ "الجماعة الإسلامية للتوحيد والجهاد بالمغرب الأقصى" ، والتي ألقت السلطات الأمنية المغربية القبض على 28 من أعضائها في فبراير 2007 . ومما جاء في البيان التأسيسي :
(نعتقد أن الديمقراطية دعوة كفرية تعمل على تأليه المخلوق و اتخاذه ربا و ترد له خاصية التشريع والحكم من دون الله تعالى فهي كفر بواح و خروج عن دائرة الإسلام فمن اعتقد بها أو دعا إليها وناصرها أو تحاكم إليها فهو كافر مرتد مهما تمسح بالإسلام وتسمى بأسماء المسلمين.
ونعتقد أن الأنظمة الوضعية السائدة في بلاد الإسلام نظام كفري مقتبس من قوانين اليهود و النصارى واضعوها شركاء لله في الحاكمية و العاملون بتلك الأنظمة أو المقرون لها أو المتحاكمون إليها مشركون
ونعتقد كفر الحكام الذين يبدلون شرع الله بشرائع و قوانين الكفر و الحاكم الذي يجعل من نفسه ندا لله في خاصية التشريع فيشرع التشريع الذي يضاهي شرع الله .
ونعتقد أن العلمانية على اختلاف راياتها ومسمياتها و أحزابها المعمول بها في الأمصار التي تفصل الدين عن الدولة و الحياة و شؤون الحكم و العباد و تجعل ما لله لله و هي زوايا التعبد و حسب و ما لقيصر لقيصَـر و هي جميع مرافق و شؤون الحياة وما كان لقيصر لا يصل إلى الله وليس من حقه ولا من خصوصياته التدخل فيه غرس خبيث و دخيل على الأمة و هي كفر بواح و مروق من الدين فمن اعتقد بها أو دعا إليها أو ناصرها أو قاتل دونها أو حكم بها فهو كافر مشرك.
ونعتقد أن الديار التي تعلوها أحكام الكفر هي ديار كفر و حرب ولا يلزم من هذا تكفير ساكنتها مع اعتقادنا بأنها خليط بين الكفار و الفساق و المسلمين كل يعامل بحسب حاله و لا نقول بقول غلاة المكفرة أن الأصل في الناس الكفر .
و نعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط في صحة الإسلام فمن لم يكفر بالطاغوت منفي عنه الإيمان و غير داخل في دائرة الإسلام إذ هو الركن الركين في شهادة التوحيد بنص القرآن) . 
وبناء عليه ، تلتقي جماعات وخلايا هذا التيار على عقيدة الولاء والبراء التي لا تترك من خيار سوى الانتقال إلى الفعل وممارسة العنف والقتل والتدمير باسم "الجهاد" ضد المجتمعات المسلمة ـ مجتمعاتهم الأصلية ـ بحجة أن الجهاد ضد مواطنيهم مقدم على الجهاد ضد غيرهم بحجة أن ( جهادهم مقدم على جهاد اليهود لسببين : القرب والردة ) كما أفتى بهذا عبد الكريم الشاذلي أحد شيوخ هذا التيار. وتجسيدا لهذه العقائد أصدر شيوخ التيار الجهادي الفتاوى والأحكام التالية : 
ـ المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع كافر ، لأنه استبدل القوانين الإسلامية بالوضعية ، وأن مظاهر الانحلال والفساد فشت فيه، وأن المعروف قد أصبح منكرا ، والمنكر أضحى معروفا .
ـ أفراد هذا المجتمع وحكوماته مرتدون مارقون ، والمظاهر الإسلامية في هذا المجتمع مظاهر كاذبة
مضللة منافقة ، فشيوخ الدين ممالئون للسلطان الكافر .
ـ الجهاد مفروض لتغيير هذا الواقع ، وإحلال شريعة الله مكان شريعة الكفر .
ـ الوسائل السلمية لا تجدي فتيلا ولا توصل للهدف السابق لأن كل عمل سلمي للدعوة يقابل بالدعاية الحكومية الكافرة .
ـ ما دام الحكام كفرة والجهاد واجبا ، فقد وجب الخروج عليهم وقتالهم بالسلاح .
ـ يجوز قتل كل من تترس به الكافر ولو كان من المسلمين .
ـ ليس للنساء والأطفال حرمة ، لأن أولاد الكفار من الكفار . 
ـ يجوز قتل الكفار ـ وهم الحكام والشعوب الراضية ـ ليلا ونهارا ، وبغير إعلام وإشعار لهم ، ولو قتل في ذلك نساؤهم وأطفالهم . 
ـ لأن النظام نظام كافر ، فالدار التي نعيش فيها دار حرب ، وبذلك تكون كل ديار المسلمين الآن ديار حرب ، يجوز فيها ما يجوز في دار الحرب ، من القتل والسلب والنهب والغصب والخطف .
ـ ليست هناك طريقة لإيجاد الحكم الإسلامي إلا بالحرب) .
ونفس الاعتقاد نجده عند باقي شيوخ هذا التيار أمثال الفيزازي والحدوشي والخطاب وأبو حفص وغيرهم . وهو الاعتقاد الذي جعلهم يعلنون "الجهاد" ضد كل المواطنين الذين يؤمنون بالديمقراطية وبحق الناس في التشريع لأنفسهم أو يقبلون بالعيش في ظل الأنظمة "الطاغوتية" . في هذا الإطار أفتى عبد الكريم الشاذلي بالكفر في حق المغاربة كالتالي ( كل من اتخذ مع الله آلهة أخرى في التشريع فقد أشرك بالله .. وعلينا أن نعلم أن المرء لا يكون من الموحدين حتى يكفر بكل طاغوت قديما كان أو معاصرا . فإن لكل عصر وزمان ومكان طواغيته وأشنعها طواغيت عصرنا الذين يحكمون الناس بالقوانين الوضعية في صور شتى ) . من هنا يرى هؤلاء التكفيريون/الجهاديون أن القتل والتدمير هو الأسلوب الوحيد لإقامة مملكة الله في الأرض . ومن ثم زينت لهم عقائدهم قتل الأبرياء بعد أن جعلته أعظم "قربة" يتقربون بها إلى الله تعالى . هذا ما أقر به يوسف فكري زعيم خلية إرهابية في رسالته حيث قال ( وبعد شهرين رجعنا إلى مدينة اليوسفية لكي نترك للسلطة رسالة عملية مفادها أنكم بسبب اعتقالكم لأولئك الإخوة فإننا سنلجأ إلى عمل من نوع خاص والذي يعتمد على السرية التامة فكان المدعو عمر الفراك أول عدو أتقرب به إلى الله عز وجل ) . إنها عقيدة الجهاد والتكفير والانتحار التفجيري التي جعلت الإرهاب دينا والقتل جهادا والانتحار شهادة والإقدام عليهما سعادة" و"مكرمة" كما جاء على لسان يوسف فكري في دعواه وهو المحكوم عليه بالإعدام ( وأنا قادم على لقاء الله عز وجل وقد يكرمني ربي بشهادة في سبيله على يد هؤلاء المرتدين ) للحديث بقية .

بعد عرض أبرز العقائد التي تتأسس عليها جماعة العدل والإحسان وتنظيمات السلفية الجهادية ، يمكن استخلاص نقاط الالتقاء ونقاط الاختلاف كالتالي :
1 ـ نقاط الالتقاء : 
أ ـ كلا الطرفان يكفران القوانين الوضعية ويعتبرانها شركا بالله لأنها تجعل الإنسان ندا لله في التشريع .
ب ـ كلاهما يكفران الحكام وينعتانهم بـ"الطاغوتية" التي هي مفهوم يحيل على ألوهية البشر . ومن ثمة تنعت جماعة العدل والإحسان والتنظيمات الجهادية كل الحكام بـ"الطواغيت" "المتألهين" ( نعتقد أن الديمقراطية دعوة كفرية تعمل على تأليه المخلوق و اتخاذه ربا و ترد له خاصية التشريع و الحكم من دون الله تعالى فهي كفر بواح ) .
ج ـ الدعوة إلى قتال الديمقراطيين والعلمانيين والحكام ، حيث يقرر التيار الجهادي ( أما بخصوص الكفار والمنافقين والمرتدين فقد أمرنا ربنا جل وعلا بعداوتهم وبغضهم ومسبتهم والإغلاظ عليهم وقتالهم ) . وكذلك كان قرار مرشد جماعة العدل والإحسان لما خيّر الديمقراطيين بين الانضواء تحت لوائه ( وإلا فهي المقاتلة عاجلا أو آجلا ) .
د ـ السعي لتطبيق الشريعة ( فنحن نريد أن نحكم بما أنزل الله لكيلا تبقى الأمة وعلى عنقها تهديد "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون". )(مرشد العدل والإحسان) . 
و ـ العمل على إقامة الدولة الإسلامية الموحدة وإحياء نظام الخلافة الإسلامية ليشمل كل البلدان الإسلامية.
ز ـ اعتبار الجهاد فريضة غائبة يجب إحياؤها ، وهي فرض عين على كل مسلم .
ح ـ إن شرع الله لا يمكن تطبيقه إلا بإقامة نظام حكم إسلامي . 
ط ـ اعتماد القوة والعنف في تغيير نظام الحكم وإقامة نظام بديل . 
2 ـ نقاط الاختلاف :
أ ـ طبيعة النظام السياسي الذي يسعى لإقامته كل طرف . فالجهاديون يريدونه على شاكلة نظام الطالبان حيث دوائر التحريم تطوق كل مناحي الحياة وتعدم كل المكاسب الحضارية والثقافية . أما جماعة الشيخ ياسين فتريده نظاما سياسيا لا يقوده فقه البداوة وقيم الهمجية على شاكلة نظام الطالبان ، بل يقوده "شيخ رباني" يزعم أنه "المهدي المنتظر" الذي بعثه الله لإقامة الخلافة الثانية . 
ب ـ أسلوب تغيير نظام الحكم الحالي :
بالنسبة لجماعة العدل والإحسان ، توجد خيارات ثلاثة : 
الخيار الأول "الدخول في تعددية الأحزاب ، والترشيح للانتخابات " ، ومن ثمة الحصول على الأغلبية البرلمانية وتغيير الدستور والنظام السياسي .
الخيار الثاني : خيار العنف والاغتيال السياسي .
الخيار الثالث "هو خط التنفيذ بالقوة بعد أن يتم الإعداد " مثلما فعل الخميني الذي قاد ثورة شعبية وزحف على الحكم . وهذا هو الخيار الذي ينهجه الشيخ ياسين وحدده لجماعته ( مقاومة الظلم حتى الموت ولو نشرا بالمناشير .. ثم مقاطعة الظالمين : لا نواكلهم ولا نشاربهم ولا نجالسهم . وهذه هي الصيغة المثلى للقومة . فلو قدرنا أن نتجنب استعمال السلاح ضد الأنظمة الفاسدة ، ونقاطعها حتى تشل حركتها ، ويسقط سلطانها ، وترذل كلمتها )(ص 36 رجال القومة والإصلاح). فهو يختلف مع الجهاديين كالتالي ( لا نبدد جهودنا في ملاحقة ظواهر المرض ، يأكل طاقاتنا السخط ، ويفتت عزائمنا في آهات التسلية النظر إلى تعدد المناكر ، وفشوها ، وفداحتها ، وعدواها ، وعجزنا عن تكميم الأفواه الفاجرة ، وزجر الزناة والسكارى ، وإغلاق الحانات والسينمات وكسر التلفاز حامل العهارة )(ص393 المنهاج ) . كل هذه الظواهر المرضية يرجع الشيخ سببها إلى عامل واحد هو " فساد الحكم " . لهذا لا يرى بديلا عن القضاء على نظام الحكم القائم ( لا تفن عمرك في التأسف على الثمار السامة ، بل اقطع شجرتها يفن معها السم . لا يمكن أن ننتظر من الأفراد ، ولا الجمعيات ، أن تقوم بواجبها في الأمر والنهي ، ولا أن يكون لذلك معنى ، ما دام روح المنكر وجسده ، وينبوعه ، ولحمته وسداه بيننا ، ألا وهو الحكم الفاجر الكافر )(ص 394 المنهاج) . إذن فالشيخ يترك لجماعته الخيارات مفتوحة( نبرز بمشروعنا ، ونعلنه ، ونحارب دونه بأساليب السياسة ما انفتح لنا فجوة ، وبكل الأساليب إن اضطهدنا )(ص 27 المنهاج ) . 
أما بالنسبة للتيار الجهادي فإن الوسيلة الوحيدة لتغيير الأنظمة الحاكمة هي العنف بكل أشكاله وأساليبه ، بدءا من القتل الفردي إلى القتل الجماعي عبر استعمال كل الوسائل خاصة المتفجرات شديدة التدمير . بينما جماعة العدل والإحسان تجعل حمل السلاح الخيار الأخير بعد استنفاذ الخيار "السلمي" .
ج ـ إستراتيجية "الجهاد" /القومة : 
بالنسبة لجماعة العدل والإحسان تقوم على ثلاث خطوات : الأولى : التربية وتقتضي نشر معتقدات الجماعة ومبادئها وسط الشرائح الاجتماعية بهدف إعادة تشكيل وجدانها وقناعاتها بما يسهل عملية التحكم في هذه الكتلة البشرية . الثانية التنظيم بما يعنيه تجميع هذه الكتلة البشرية في تنظيم مهيكل باعتبارها قوة احتياطية سيتم توظيفها للانقضاض على النظام . الثالثة : الزحف على السلطة بتحريك القوة البشرية المنظمة عبر العصيان المدني والثورة الشعبية . لهذا فمرشد الجماعة لا يريد لـ"قومته" أن تفشل ، بل يحرص على التأني والتدرج حتى تتوفر له الشروط البشرية والمادية التي توفر لمرحلة الزحف على السلطة كل أسباب النجاح . لهذا فالشيخ ياسين يلوم الحركات الجهادية على الاستعجال في مواجهة النظام الحاكم وهي لا تملك أسباب الانتصار . للحديث بقية .

النموذج الثاني للتيار الإسلامي الذي نقف عنده هو حركة التوحيد والإصلاح وجناحها السياسي "حزب العدالة والتنمية" . إن هذا الفصيل يستمد عقائده المذهبية أساسا من الحنبلية وتفرعاتها الوهابية . وهذه الحقيقة أقرها الدكتور فريد الأنصاري في كتابه "الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب" بقوله( لقد كان انطلاق الحركة الإسلامية بالمغرب متداخلا بالفكر السلفي ومتلبسا به . وذلك منذ أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الميلادي الماضي ، حيث كانت التنظيمات الإسلامية الناشئة آنئذ ، تستفيد من التأطير العلمي لرموز الحركة السلفية بالمغرب ، من أمثال تقي الدين الهلالي ، والعلامة محمد الزمزمي وغيرهما ، رحمهما الله . وذلك بوعي تام من الطرفين وإرادة كاملة ، حيث كان بدء العمل الإسلامي بالمغرب في تلك اللحظة يطبعه نوع من التعاون والتآلف بين جميع مكوناته ، وقلما يدخله الاختلاف والشنآن . وذلك بسبب الحاجة المرحلية للتوحد الفكري ضد موجة الإلحاد الماركسي )(ص 123) . غير أن نجاح الثورة الإيرانية بقيادة الخميني وفتح جبهة القتال ضد السوفييت على أرض أفغانستان باسم "الجهاد" ، أديا إلى ظهور تمايزات داخل التيار السلفي بين "السلفية العلمية" و"السلفية الإخوانية" و "السلفية الجهادية التكفيرية" . وكل هذه التنظيمات شكل العنف لديها عقيدة مركزية ستضطر بعضها إلى الإعلان عن التخلي عنه والانخراط في العمل السياسي ، فيما سيزداد اللجوء إلى العنف عقيدة وممارسة لدى التنظيمات الجهادية . والتنظيمات التي أعلنت " نبذ العنف" والالتزام بـ"نهج الاعتدال" ، وضمنها حركة التوحيد والإصلاح وجناحها السياسي ، ظلت وفية لنفس المنطلقات العقائدية والمذهبية التي تقاسمتها مع التنظيمات الجهادية عند مرحلة التأسيس والتشكل . إذ الجميع يطالب بتطبيق الشريعة وإلغاء القوانين الوضعية وإقامة الدولة الإسلامية وإرساء أسس "الحاكمية" وتحكيم عقيدة "الولاء والبراء" في سلوك الفرد والمجتمع والدولة . والاختلافات التي ظلت عالقة تخص أساسا الموقف من الدولة المغربية ونظامها الملكي ، والموقف من المشاركة السياسية في مؤسسات الدولة . بخصوص موقف حركة لتوحيد والإصلاح/ العدالة والتنمية من الدولة والنظام المغربيين ، فهي لا تنفي عنهما صفة الإسلام ، ومن ثمة فهي لا تكفرهما تكفيرا صريحا كما تفعل تنظيمات السلفية الجهادية . وهكذا سبق للحركة أن أصدرت وثيقة " النظام المغربي من وجهة نظر إسلامية " نشرتها أسبوعية الراية عدد 2 بتاريخ 18 غشت 1990 . وكانت مناسبة ذلك نجاح الإسلاميين في الانتخابات المحلية والولائية التي عرفتها الجزائر . ومما جاء في الوثيقة ( أن بين النظام في المغرب ، والأنظمة الأخرى في المنطقة فروقا جوهرية تجعل أي صراع بين السلطات في المغرب وبين الإسلاميين هامشيا حالا ومستقبلا . إن النظام المغربي نظام أصيل وعريق لم ينشأ إبان الاستعمار أو بعده ، بل يتمتع بأصالة تاريخية ممتدة عبر الدولة العلوية وما قبلها إلى المولى إدريس رحمه الله ، وهو كذلك ليس نظاما علمانيا يتنكر للدين ، بل هو نظام يقوم أساسا على المشروعية الدينية المبنية على البيعة التي هي الصيغة الشرعية للحكم في الإسلام وأضاف إلى هذه الهوية الإسلامية الأصيلة الموروثة الصفة القانونية الحديثة ، بإحداث الدستور الذي أكد على الصفة الإسلامية للدولة المغربية ، ولهذا لم يتنكر أحد لهذه الصفة في المغرب ولن يستطيع في ظل نظام بهذه الصفة . إن المغرب ، في ظل نظام الملكية الدستورية المعمول به حاليا ، قادر على استيعاب التيار الإسلامي بطريقة إيجابية ، لأنه النظام الوحيد الذي يتبنى الشرعية الإسلامية على مستوى رئاسة الدولة بوصف الملك أميرا للمؤمنين ) . طبعا لم تقر هذه الوثيقة بأن النظام المغربي "نظام إسلامي" يطبق أحكام الشريعة ، بل اكتفت بعدم إخراجه من دائرة الإسلام . الأمر الذي يجعل وجودها مرتبطا بالعمل من أجل جعل النظام المغربي لا يكتفي فقط بـ"تبني الشرعية الإسلامية" ولكن بتطبيق " أحكام الشريعة الإسلامية" . لهذا نجد الحزب كما الحركة يركز أساسا على نظام البيعة كمؤشر على "الأصالة الإسلامية" للنظام الملكي . هكذا أعلن الحزب عن موقفه من الملكية في المغرب كالتالي : ( وكان هذا الحدث ـ حدث وفاة الملك الحسن الثاني ومبايعة الملك محمد السادس ـ مناسبة لتأكيد الأصالة الإسلامية التي يقوم عليها نظام الحكم في المغرب منذ أزيد من اثني عشر قرنا ، والذي يرتكز على البيعة كعقد يضبط علاقة الحاكم بالمحكومين على أساس الكتاب والسنة ) . وبناء عليه حدد الحزب مطالبه السياسية والدستورية ، في إطار ما ما يسميه بـ"التدافع" السياسي ، كالتالي :
أ ـ ( التأكيد على دعم الهوية الإسلامية للدولة المغربية في إطار الملكية الدستورية وعدم قابلية مبدأ إسلامية الدولة للمراجعة ) . 
ب ـ التأكيد على الدور المركزي للملكية ، ( ومن ثم لا يمكن استنساخ بعض نماذج الملكية في الغرب التي تبلورت في إطار خصوصيات تاريخية وحضارية غريبة عن الواقع المغربي في خصوصياته التاريخية والحضارية ، وهو ما يقتضي أن يظل للمؤسسة الملكية دورها الفاعل في الحياة السياسية ، باعتبار الملك أميرا المؤمنين وحاميا لحمى الملة والدين ، وضامنا لوحدة المغرب وسيادته ، وملكا لجميع المغاربة وحكما فاعلا بين مكوناته ) . ودعما لهذا الموقف من الملكية ، ظل الحزب يرفع شعار " نريد ملكية يسود فيها الملك ويحكم " . 
ج ـ التأكيد على أن ( المرجعية الإسلامية كانت ولا تزال تمثل الإطار الموحد للمغاربة بجميع فئاتهم ومكوناتهم ) .
وهذه المطالب لا تخرج عن الإطار الذي حددته الحركة لنشاطها السياسي والمتمثل في دعم "الهوية الإسلامية" للدولة وللنظام المغربيين بما يعنيه من ( دعم مبدأ إسلامية الدولة باعتباره معطى تاريخيا ومكسبا دستوريا ومبدأ غير قابل للمراجعة وإعطاؤه مصداقية في الحياة العامة ، بحيث يعلو على جميع بنود الدستور ويكون منطلقا في الحكم على دستورية القوانين والأحكام التي تصدرها المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية . إن الإقرار بإسلامية الدولة يقتضي اتخاذ الشريعة مصدرا أعلى لجميع القوانين كما يعني من الناحية العملية بطلان جميع القوانين والتشريعات والسياسات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية )( الرؤية السياسية ـ حركة التوحيد والإصلاح ) . وجاء بيان الحركة ، بمناسبة مبايعتها للملك محمد السادس ، يؤكد على الأساس الذي تمت بمقتضاه البيعة كالتالي ( وإن حركة التوحيد والإصلاح ، وهي تجدد تعازيها لخلفه أمير المؤمنين جلالة الملك محمد بن الحسن .. تعلن تأييدها لجلالته وللبيعة التي تمت له ، على أساس العمل بكتاب الله وسنة رسوله (ص) والطاعة في المعروف ، خدمة للمصالح العليا لشعبنا وبلدنا في إطار الإسلام وقيمه وشريعته ، سائلين الله سبحانه وتعالى بهذه المناسبة أن يوفق عاهلنا أميرا للمؤمنين وملكا للبلاد .. وأن تتعزز في عهده الهوية الإسلامية للدولة المغربية والشعب المغربي .. دولة إسلامية تتعزز ، المشروعية العليا فيها للشريعة ) . وإذا كانت حركة التوحيد والإصلاح ظلت وفية للأحكام الفقهية الحنبلية التي ظهرت جلية في موقفها من مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية ، وفي طبيعة التعديلات التي قدمتها للجنة الملكية الاستشارية التي عينها الملك للنظر في اقتراحات الفاعلين السياسيين والحقوقيين والجمعويين بخصوص مدونة الأسرة ، فإنها ـ أي الحركة ـ تميزت عن جماعة العدل والإحسان وتنظيمات السلفية الجهادية بقبولها الانخراط في العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات المحلية والتشريعية  .
إن تيار الإسلام السياسي ، رغم ما يعرفه من تباينات واختلافات في المواقف من قضايا الدولة والحكم والديمقراطية والتعددية ، فهو يعرف كذلك ديناميكية داخلية وإن لم ترفع بعد من سقف الاجتهادات بما يجعل هذا التيار يقطع نهائيا مع ثقافة الغلو وفقه البداوة كما أصل لهما المذهب الوهابي وأشاعهما ولا يزال ، ويتصدى لقضايا المجتمعات بفقه الواقع ومنطق العصر . وحسبنا في هذا المقال التذكير بأبرز التقاطعات بين التيارين وموقف التيار الجهادي من تيار الإسلام السياسي . 
1 ـ أبرز التقاطعات بين التيارين :
أ ـ على المستوى العقائدي : كلاهما يؤمن بعقيدة الولاء والبراء التي تقتضي ، من جهة ، المودة والنصرة بين "المؤمنين" في كل الأحوال ، ومن جهة ثانية البغض والكراهية ومقاتلة "غير المؤمنين" . وقد يختلف التياران قليلا في تحديد "غير المؤمنين" ، إلا أنهما يتفقان في حشر فئة اليساريين والعلمانيين أيا كانت ديانتهم ضمن "الكفار" الذين تجب البراءة منهم ومقاتلتهم . 
ب ـ على المستوى التشريعي : ينطلق التياران معا من الإعلان عن هدفهم الأسمى وهو إقامة الدولة الإسلامية التي تحتكم إلى شرع الله ، على اعتبار أن الأنظمة السياسية الحاكمة في بلاد المسلمين ليست أنظمة إسلامية بقدر ما هي تجسيد لأنظمة "العض والجبر" . وإذا كانت بعض تنظيمات تيار الإسلام السياسي تتحاشى استعمال مفهوم "النظام الطاغوتي" لوصف الأنظمة الحاكمة ، فإن أغلب تنظيمات التيارين تركز على "الطاغوتية" كحمولة عقائدية تستوجب الخروج على هذه الأنظمة ومحاربتها بكل الوسائل والسبل ، بل إنها تجعل الكفر بهذه الأنظمة ومحاربتها شرط صحة الإيمان . لهذا تلتقي كل مكونات التيارين عند شعار "الحاكمية" بما يعنيه من رفض الاحتكام إلى الشرائع الوضعية والاقتصار على تحكيم الشرع الذي له السيادة المطلقة ، وقد سبق لجماعة الإخوان المسلمين أن حددت موقفها في وثيقة أصدرتها تحت عنوان "موجز عن الشورى" قررت فيها ما يلي: (الناس لا يملكون الحكم إلا بما أنزل الله، وبمقتضى شريعة الإسلام، ومن ثم فالأمة الإسلامية لا تملك أن تفوض من اختارته ليلي أمراً من أمورها إلا فيما قرره الشرع لها ولا يجوز لها أن تفوضه فيما لا تملكه ولا حق لها فيه فإذا ما اختارت والياً لبعض شؤونها فليسوس الأمور على مقتضى أحكام الدين؛ لأن الدين هو الأساس والسلطان حارس). 
وانسجاما مع مطلب "الحاكمية" يرفض التياران الديمقراطية كقيم وثقافة وإن قبلتها بعض مكونات الإسلام السياسي كأداة فقط فسرعان ما يتم الانقلاب عليها حين التمكين . وهذا ما أكده الشيخ عبد الآخر حماد الغنيمي في كتابه "مصطلحات ومفاهيم" بقوله : ( فإذا انتقلنا إلى الجزائر فسنجد أن جبهة الإنقاذ رغم خوضها للانتخابات البرلمانية فإنها كانت رافضة للديمقراطية الغربية وتصريحات الأخ الشيخ علي بلحاج فك الله أسره كانت قوية في رفض الديمقراطية، وفي أنهم إنما دخلوا حلبة العمل السياسي مضطرين وأنهم إن مكن الله لهم فسوف يغيرون الدستور وكل الأوضاع المخالفة لشرع الله ، وقد صدرت له رسالة بعنوان (الدمغة القوية لنسف عقيدة الديمقراطية)) . ومادام الأمر كذلك ، فإن عقيدة "الحاكمية" لا تسمح بتطبيق آلية الديمقراطية التي تسمح بالتناوب على الحكم بين الإسلاميين وخصومهم السياسيين . فالتناوب مرفوض ، كما قال الشيخ الغنيمي ( وأخطر من هذا أن يقال: إن الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم عليهم أن يتركوه إذا اختار الشعب غيرهم؛ فإن معناه أن الحاكم المسلم الذي مكن الله له أن يحكم البلاد بشرع الله، عليه أن يسلم الأمر لمن يسوسه بشرعة الشيطان. إن القضية هنا ليست قضية أفراد ولكنها قضية منهج فإذا رأت الأمة أن حاكمها قد قصر فيما أوجبه الله عليه وصار لا يصلح للولاية فإنها تعزله وتأتى بغيره ممن يتبعون نفس المنهج الإلهي ولا يصح أن يُترك للناس الخيار في إتباع أي منهج يشاءون) . والمثير للاستغراب أن تظل فكرة عزل الحاكم خارج قواعد الديمقراطية قائمة بين التنظيمات الإسلامية والجهادية رغم الويلات والفتن الكبرى التي جرتها على الأمة منذ العهود الأولى للدولة الإسلامية . فضلا عن هذا فإن التيارين يرفضان الإقرار بحقوق الإنسان في مجال الاعتقاد والتفكير ، بمبرر أنها تناهض الشرع الذي يحكم على المرتد بالقتل . ويترتب عن هذا بالضرورة رفض مبدأي التعددية الحزبية والمساواة في المواطنة . بخصوص الحيثيات التي يستند إليها الرافضون أجملها الشيخ الغنيمي كالتالي (وإذا كانت حرية تكوين الأحزاب مكفولة في ظل النظام الديمقراطي فإن السؤال الذي نوجهه للمنادين بالديمقراطية من الإسلاميين هو: هل توافقون على تشكيل حزب ماركسي أو علماني في الدولة الإسلامية الديمقراطية التي تنشدونها؟ وقد كنت أظن الإجابة عن هذا السؤال سهلة ومحددة حيث لا مفر أمام الإسلاميين من القول بأن الإسلام لا يجيز تكوين حزب من هذا القبيل؛ إذ كيف يسمح في مجتمع مسلم أن يقوم حزب يطالب بالردة عن دين الله؟ وأرجو أن لا يستغرب البعض قولي هذا فإن هذا الذي يدعو إليه الماركسيون والعلمانيون ما هو إلا ردة عن شرع الله إذ قد بينا من قبل أن من دعا إلى نبذ شريعة الله وتحكيم أهواء البشر فقد دعا إلى الكفر ومن دعا مسلماً إلى كفر فقد دعاه إلى الردة عن دينه ... والواجب في دولة المسلمين أن يناقش هؤلاء الذين يفعلون كفرا أو يقولون كفرا وأن يبين لهم الأمر فإن أصروا بعد الحجة والبيان فحكم المرتد معروف: (من بدل دينه فاقتلوه) ) . فحتى جماعة الإخوان المسلمين التي قبلت المشاركة في الانتخابات ، تنص أدبياتها على منع التعددية الحزبية إذا ما استقلت بالحكم كما يؤكد الشيخ الغنيمي (وها هو الأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام للإخوان المسلمين يقول في الندوة التي نشرها الأستاذ هويدي حول التعددية: ((الأمر يحتاج إلى التفرقة بين مرحلة الدعوة حيث هناك أوضاع مفروضة ولا خيار للإسلاميين فيها، وبين نموذج الدولة التي يتصورها الإسلاميون، وأنا لا أرى محلاً في الواقع الإسلامي لفتح الأبواب أمام المخالفين للإسلام للدعوة إلى مبادئهم سواء كان هؤلاء من العلمانيين أو الشيوعيين...)) أما ما يتعلق بالمساواة في المواطنة فإن رفضه يستند ـ في اعتقاد الرافضين ـ إلى كون الإسلام لا يقر به على إطلاقيته . إذ يتوجب التمييز والتفاضل بين المسلمين وبين أهل الذمة من المواطنين الذين يعتنقون ديانة توحيدية أخرى . فهؤلاء لا حق لهم في الولاية على المسلمين ، أيا كانت درجة هذه الولاية . 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire