لمّا
انتصر القرامطة و أقاموا دولة الفقراء التي دامت سبعين سنة جنّ جنون الإقطاعيين و
الملوك الحاكمين آنذاك و شنوا عليهم حروبا دامية عسكرية و فكرية و دينية و كذلك
لما انتصر العمّال في فرنسا و أقاموا كمونة باريس تعرّضوا لنفس الحرب و لما انتصر
العمّال في روسيا و لحقت بهم الصين و فيتنام و كوريا جنّ جنون الرأسمال العالمي و
شنّوا عليهم كذلك حروبا عسكرية و فكرية و دينية لم تهدأ نارها إلى يوم الناس هذا
خاصة و نحن نعيش هذه الأيام ثورات الربيع العربي وبعد أن تزعمت أمريكا هذه الحرب
مبشرة أقرانها بأنها المنتصرة لامحالة و لكنها تكتشف كل مرّة أنها لن تستطيع إخماد
صوت الحقّ مهما أهدرت من أموال و قتلت من مناضلين و مناضلات و مهما أزهقت من أرواح
الشعوب فالنصر مسافة قلم حبر و صفحة جريدة و مسيرة ناجحة و تهوي كل امبراطوريات
الظلم و الإستغلال و لكم البعض من جرائمها و تحركاتها المشبوهة و المنظمات العاملة
في ركابها و إلى نصر قريب
نشاطات ومنظمات و مؤسسات أمريكية مشبوهة!!
باحثة امريكية تفضح امريكا ومنظماتها المشبوهة
|
هذا
التحليل ببساطة اشبه ما يكون بصفعة على وجه الادارة الامريكية و عملائها في المنطقة سوى كانوا في الحكومة أو في منظمات أو
في أحزاب، ويفضح كل دعاويها واكاذيبها فيما يتعلق بالدور
الذي تلعبه المنظمات والمؤسسات الامريكية المدعوة زورا بمنظمات مجتمع مدني في مصرو
تونس ومختلف دول العالم.
التحليل
كتبته مارلين سبويري، وهي باحثة في معهد كارنيجي، ونشرته صحيفة "كريستيان
ساينس مونيتور" الأمريكية الشهيرة قبل يومين.
الفكرة
الجوهرية في التحليل ان غضب المسئولين الامريكيين وتصريحاتهم التي تندد
بالاجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية ضد المنظمات الامريكية والتهديدات التي
تطلقها امريكا، كل هذا بلا معنى ولا مبرر، وان مصر في حقيقة الامر محقة في
موقفها.
الباحثة
الامريكية قدمت في تحليلها كثيرا من المعلومات والحقائق التي تؤكد وجهة نظرها
هذه، الخص اهمها فيما يلي:
أولا
: ان الانشطة التي تقوم بها هذه
المنظمات الأمريكية في مصر و تونس ومختلف دول العالم هي انشطة لا تسمح بها
الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية نفسها ولا تتسامح معها. ذلك ان تقديم أي
دعم اجنبي للأحزاب السياسية او للحملات الانتخابية يثير غضبا عارما ورفضا قاطعا
في الولايات المتحدة و أروبا يصل حد المحاكمات و لإسقاط القائمات المدعومة من
الخارج .
ثانيا
: ولتأكيد ما سبق، تتساءل
الباحثة : ماذا حدث في امريكا عندما اثيرت مجرد ادعاءات عن وجود تدخل اجنبي في
الحملات الانتخابية الامريكية؟
تجيب
عن هذا السؤال بتقديم مثالين مما حدث في مثل هذه الحالات.
في
عام 1996، ثارت اشاعات، مجرد اشاعات، عن ان السلطات الصينية تقوم سرا بتمويل
"اللجنة الوطنية الديمقراطية " الامريكية. على الفور، تفجر غضب عارم
في امريكا، ووصل الأمر الى حد ان الكونجرس قام باجراء سلسلة من التحقيقات، وتمت
ادانة 22 شخصا بتهم الاحتيال في علاقة بالقضية.
وفي
عام 2003، ترددت ادعاءات بأن السويديين والكنديين يقدمون اموالا لحركة "
موف اون" الأمريكية. على الفور، تم اتهام الاجانب بالتآمر من اجل تقليل فرص
اعادة انتخاب جورج بوش. وفي خلال ايام، اتخذت : موف اون" خطوات واجراءات
لحظر تلقي أي مساهمات مالية اجنبية.
لنلاحظ
هنا ان الامر يتعلق ببلدين صديقين بل حليفين لأمريكا هما السويد وكندا.
ثالثا
: ان عديدا من الدول الديمقراطية
في العالم تضع بالفعل تشريعات تحرم على الاجانب تقديم أي دعم مالي او مادي الى
الاحزاب السياسية المحلية. وهي تفعل ذلك على اعتبار ان هذا الدعم الاجنبي يعرقل
ويشوه ارادة الشعب، ويتناقض مع جوهر العملية الديمقراطية.
رابعا
: ان المنظمات والمؤسسات
الامريكية في مصرو تونس وفي كثير من دول العالم تتدخل بالفعل في الشئون المحلية.
فهي تقوم بعمليات تدريب وتضع استراتيجيات انتخابية لبعض الاحزاب، وتقدم لها
الدعم المادي والمالي، وذلك بهدف التاثير على مواقفها وتصرفاتها.
خامسا
: ان السلطات الامريكية تزعم ان
هذه المنظمات الامريكية المدانة في مصر و تونس ومختلف دول العالم هي منظمات غير
منحازة لأحزاب بعينها وتتخذ مواقف وتنفذ انشطة مستقلة وليست تابعة للحكومة
الامريكية. وهذا ليس صحيحا بالمرة.
ففيما
يتعلق بمزاعم عدم الانحياز لأحزاب، فان ما فعلته مؤسسات مثل المعهد الديمقراطي الامريكي،
اما
فيما يتعلق بمزاعم ان هذه المنظمات والمؤسسات الامريكية غير حكومية، فعلى الرغم
من ان هذه المنظمات تطلق على نفسها منظمات مجتمع مدني، الا ان الحقيقة ليست
كذلك.
المعهد الديمقراطي والمعهد الجمهوري مثلا تمولهما بالأساس جهات حكومية
امريكية، والمسئولون عنهما عادة ما يكونون من كبار المسئولين الامريكيين السابقين.
والحقيقة
هنا، كما تقول الباحثة الامريكية، ان هذه المنظمات ما هي الا ادوات
للسياسة الخارجية الامريكية.
هذه
هي اهم الافكار التي طرحتها الباحثة الامريكة في تحليلها.
وما
طرحته كما نرى يمثل شهادة ادانة للولايات المتحدة، وانصاف لمصر و تونس وغيرهما
من الدول التي تتخذ اجراءات من هذه المنظمات المشبوهة.
الذي
طرحته يعني ببساطة ان امريكا تكذب بداية في كل ما تردده في محاولة تبرئة ساحة
هذه المنظمات او في محاولة تجميل الاهداف والمخططات التخريبية من وراء انشطتها،
ويؤكد ان هذه منظمات مشبوهة بالفعل. ويعني من جانب آخر ان امريكا تريد ان
تفرض على مصرو تونس وغيرها من الدول ما لا تقبله هي لنفسها. وهذا في حد ذاته
تجسيد لقمة العنصرية والنوايا الشريرة.
|
تعتبر مكونات المجتمع المدني من جمعيات و منظمات حقوقية و غيرها رافدا مهما من روافد تماسك المجتمعات الحديثة و الحفاظ على أسسها الديمقراطية وتدعيمها وصدا منيعا أمام كل أنواع الانتهاكات التي يمكن أن يتعرض لها أفراد المجتمع وجماعاته ، وما من شك أننا في تونس اليوم في أمس الحاجة إلى هذه الجمعيات والمنظمات الحقوقية وغيرها للحفاظ على مكاسب ثورتنا و تدعيم الحريات والحقوق التي اكتسبناها بعد سنين من الديكتاتورية وهضم للحقوق والحريات.
لكن
بدل أن تكون مكونات المجتمع المدني حلا لكثير من المشاكل أصبحت في بلادنا بعد
الثورة تمثل مشكلا في حد ذاتها إذ تحوم حولها كثير من الشبهات أهمها مصادر تمويلها
و خصوصا التمويل الأمريكي الذي لا يمكن أن يكون حسب الكثيرين من دون مقابل و
لأهداف إنسانية بحتة كما تدعي الولايات المتحدة الأمريكية ذلك باستمرار.
فما
حقيقة هذه التمويلات الأمريكية المشبوهة؟ و لماذا؟
بدا
الاهتمام الأمريكي بمكونات المجتمع المدني في تونس عقب الثورة واضحا ومتزايدا
بكيفية تجلب الانتباه و أعلنت السفارة الأمريكية بتونس على موقعها على شبكة الانترنت
عن فتح باب لترشح منظمات المجتمع المدني الراغبة في الحصول على منحة بموجب برنامج “الشراكة
الأمريكية الشرق أوسطية” (مابي)، ثم تدفقت ملايين الدولارات على جمعيات و منظمات
تونسية(على غرار الغرفة الفتية الدولية بتونس و منتدى الجاحظ و الجمعية التونسية
لقانون التنمية) سواء كانت متأتية من الحكومة الأمريكية مباشرة أو من منظمات
حكومية أو أخرى غير حكومية علما أن قيمة المنحة التي تتلقاها المنظمة الواحدة حسب
ما ورد في موقع السفارة الأمريكية يتراوح من 25 ألف دولار إلى 100ألف دولار ، مع
العلم أن مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية
بإشراف وزارة خارجيتها التي ورد في بيانها حينئذ أن هذه المبادرة تأتي في إطار
خدمة أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في شمال إفريقيا و الشرق الأوسط.
الوكالة
الأمريكية للتنمية الدولية
تعنى
الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية حسب الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم
المساعدات الإنسانية للدول و الشعوب المحتاجة أو المنكوبة و دعم سياسة الولايات
المتحدة الخارجية و قد رصدت لمكونات المجتمع المدني في تونس ما يفوق 60 مليون
دولار كما أنها تمول ما يعرف بـ”مدارس المواطنة” في كامل أنحاء الجمهورية و هي
بمثابة النوادي المسيسة التي تتهم بأنها تستقطب التلاميذ المتفوقين و تجندهم منذ
الصغر ليكونوا في خدمة المصالح الأمريكية في المستقبل فضلا عن إطلاق برنامج “شبكات
المجتمع المدني الإقليمية” التي تجمع بين عدد من الجمعيات التونسية بدعوى دعم
المرحلة الانتقالية في حين أنها متهمة بالترويج للنموذج الأمريكي و التسويق
للتطبيع مع الكيان الصهيوني .
مركز
دراسة الإسلام و الديمقراطية المرتبط بمنظمة “فريدوم
هاوز“ ينشط في تونس
يهتم
هذا المركز الأمريكي بإقناع المسلمين بالمبادئ الغربية بالاستيناد إلى القرآن
والحديث لتسهيل ترويج النموذج الأمريكي و أنشأه جون اسبوزيتو الذي كان مستشارا لدى
وزارة الخارجية الأمريكية و كانت له علاقات وثيقة ببعض رموز الإخوان المسلمين مثل
طه جابر العلواني الذي افتى بجواز الزكاة لهذا المركز لأن “عمل المركز في سبيل
الله” حسب ادعائه، في حين أن أغلب نشاطات المركز كما يبدو مرتبطة بشخصيات و منظمات
مرتبطة بالمخابرات الأمريكية مثل منظمة “فريدوم هاوز” الني ترأسها جايمس ولسي رئيس
وكالة المخابرات الأسبق و التي يتهمها الكاتب نعوم تشاومسكي بأنها ذراع لوكالة
الاستخبارات الأمريكية.
و
الخطير أن مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية يحظى بتمثيلية واضحة في تونس كما بينت
إحدى وثائق ويكيليكس المسربة.
مكونات
المجتمع المدني في تونس مخترقة أمريكيا
أدى
التزايد الملحوظ للاهتمام الأمريكي بالجمعيات و المنظمات بتونس و تمويلها إلى دفع
الكثير من الكتاب و الناشطين السياسيين والحقوقيين في تونس إلى التحذير من خطورة
هذه الظاهرة التي اعتبروها استراتيجية أمريكية متنامية لاحتواء البلدان التي حدث
فيها تغيير وتوجيه مسارها وجهة تتلاءم مع الرؤية الأمريكية و منع كل مسار آخر لا
يتفق مع النظام الرأسمالي الأمريكي والاستراتيجية الأمريكية الداعمة للكيان
الصهيوني والمسوّقة لتطبيع العلاقات معه . فضلا عن اعتبار استهداف الولايات
المتحدة الأمريكية لمكونات المجتمع المدني ليس بالعبثي بل للتستر وراء دعم تجربة
الانتقال الديمقراطي وتدعيم مبادئ الديمقراطية لجمع قاعدة بيانات عن المجتمع
التونسي في إطار عمل استخباراتي منظم ييسر التحكم في الخيارات المستقبلية لبلدنا و
يخدم الأجندة الإمبريالية للولايات المتحدة الأمريكية.
و
بالتالي فإن التمويلات المشبوهة التي تتلقاها جمعيات تونسية من قبل أطراف أمريكية
متشعبة و مرتبطة بالمخابرات الأمريكية حسب هؤلاء تمثل “تغلغلا ناعما” في النسيج
التونسي يهدد استقلالية تونس و السيادة الوطنية و يفتح الباب على مصراعيه حتى تصير
تونس مرتعا للأجهزة الاستخباراتية التي من شأنها مزيد إرباك الواقع التونسي في ظل
غياب رؤية سياسية واضحة و مستقرة يمكنها التصدي لمثل هذه المحاولات.
كما يرى عديد الباحثين و
بعض مراكز البحوث الاستراتيجية أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد الانتكاسة التي
تعرضت لها في حربيها على العراق و أفغانستان اللتين كان لهما انعكاس شديد السلبية
على صورتها في العالم و خصوصا في العالم العربي صارت تعول أكثر على انتهاج سياسة
استعمارية “ناعمة” تقوم على تسخير اعتمادات و أموال لصنع منظمات في قلب العالم
العربي تكون عينها التي لا تنام على مصالحها في المنطقة بالإضافة إلى صنع “كفاءات”
من طلبة و إعلاميين ومفكرين و كتاب و حقوقيين يدينون بالولاء لبلد “العم سام” و
يمدونه بالمعلومات التي يحتاجها.
كما
يؤكد الخبراء و الملاحظون أن شهية الولايات المتحدة لتطبيق هذه السياسة الناعمة
صارت مفتوحة أكثر على البلدان العربية التي شهدت تحولات سياسية -وعلى رأسها تونس- لاستغلال
الاضطرابات و حالة عدم الاستقرار التي تلت الثورات .
لا بد
من إيجاد حل
رغم
تزايد هذه التمويلات الأمريكية المشبوهة لمكونات المجتمع المدني و تزايد الحديث
حولها إلا أننا لم نر إلا أصواتا عالية و أخرى خافتة و شعارات في الأفق في مقابل
أغلبية صامتة لا تعير الموضوع أي اهتمام في حين أنه من الأهمية بمكان، إذ أنه
يتعلق بسيادة تونس و شعبها. فهل من مجيب؟
بقلم رياض الرّهيف
منظمة لحرية الثقافة؟
كانت الأداة الأساسية في التضليل الثقافي هي" منظمة حرية
الثقافة" الشهيرة، وقد بنيت بتأن وحكمة. وبالتأكيد تبين العاملون فيها ما
سمي"روح العصر"، ودرسوا الثغرات الموجودة في الثقافة التي يريدون
مناهضتها. كانت "منظمة حرية الثقافة" قد اتخذت من باريس مركزاً لها
كمنظمة تعنى بالثقافة ولكنها كانت منظمة مسيطرٌ عليها سيطرة كلية من قبل وكالة
المخابرات المركزية، تمول من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وعبر مشروع
مارشالقادت المنظمة حملة جادة كرست لها العديد من المثقفين المرموقين لتسفيه ما
سمته بـ " الإيديولوجية" لرفضها وبؤسها ومن ثم " سقوط
الإيديولوجيا". ولهذا الغرض وسعت شبكتها النقدية أوسع من قاعدة المفكرين
والمختصين إلى صفوف الصحافيين والعاملين في أجهزة الإعلام. ويبدو أن الكفاح المسلح
الذي تغلغل في ضمير الناس وانتصار الثورة الفياتنامية وبروز عدد كبير من المثقفين
في هذا المجال كان الدافع الرئيسي للحملة. ولكن المنظمة لم تستطع أن تسجل انتصاراً
في هذا المجال وأن تستمر في تبشيرها عندما وصلت الحرب الفياتنامية إلى مرحلة
متطورة وتداعى المثقفون ليجمعوا على موقف موحد في مناهضة السياسة الأمريكية في
جنوب شرق آسيا والتعاطف مع فياتنام. وفعلاً ارتعب توم برادلي، أحد القياديين
المعنيين بالحملة في المخابرات المركزية والذي أدار "المنظمة" في الظل"
لسنوات طويلة، ارتعب من الواقع الذي رآه آنذاك، وأعترف بتأثير المخابرات المركزية
على" منظمة حرية الثقافة" في لقاء صحافي معه.
مالفين لاسكي مهندس" الحرية"
يركز هانزـ رودريغر مينوف، في فيلمه الوثائقي، على مالفين
لاسكي باعتباره أهم شخصية لعبت دورا فكرياً وتنظيمياً في تشكيل "منظمة حرية
الثقافة". ولد لاسكي في العام 1920في الولايات المتحدة الأمريكية وتوفي في 19
مايس 2004 في برلين. كان أحد أهم الإعلاميين الأمريكيين. درس التاريخ في جامعة
ميشيغان، وخدم إبان الحرب
ملفين لاسكي
العالمية الثانية في ألمانيا وفي فرنسا. مكث لاسكي بعد انتهاء
الحرب في خدمة الجيش الأمريكي ببرلين موظفاً في إطار الثقافة. وعمل فيما بعد
مراسلاً لعدد من المجلات والصحف الأمريكية.
في المؤتمر الأول للصحافيين الألمان الذي انعقد في برلين عام
1947 عبّرَ لاسكي عن أفكاره وشكك" في فهم واستيعاب السوفييت
للديمقراطية" واهتم كثيراً بأن يركز جهوده على استيعاب فكرته من قبل الآخرين
واستقطاب الصحافيين والمثقفين لفكرته وطروحاته في هذا المجال كبدء رأس الحربة في
الهجوم على السفيات والبلدان الإشبراكية الوليدة. وبعد عام، أثناء حصار برلين، أسس
وأصدر مجلة" دير مونات" السياسية والثقافية، واعتبرت المجلة في وقتها
أهم مجلة تصدر بعد انتهاء الحرب وتؤسس لقاعدة سياسية وثقافية تحتاجها المرحلة
الجديدة. وفي العام 1950 ركز لاسكي اهتمامه نحو استقطاب مجدد للمثقفين، وطرح
أفكاراً جديدة مكملة لفكرة " الديمقراطية المستحيلة لدى السوفييت". ولدى
ظهوره في مؤتمر لحرية الثقافة الذي انعقد في برلين في فندق طالب بـ" انتخابات
حرة وبتطبيق حقوق الإنسان في أوربا الشرفية"، وقد نال الدعم في سياسته
الثقافية من قبل عاملين في حقل الثقافة ومثقفين وكان على رأسهم الفيلسوف هانا
آرندت والفيلسوف كارل ياسبرز والكاتب ألبير كامو وغولو مان وجورج أورويل وغيرهم.
وكان لاسكي منذ العام 1953 وحتى 1992 يساهم في تحرير مجلة " انكاونتر "
البريطانية التي لعبت دوراً مهما في الثقافة الأوربية على الأخص وأثرث تأثيراً
كبيرا في بناء قاعدة ثقافية لدى جيل مهم من الكتاب. وكما هو معلوم فإن مجلة
"انكاونتر" و" دير مونات " أصبحت هدفاً للانتقاد باعتبارهما
ممولة من قبل المخابرات المركزية. وتوفي لاسكي عن عمر ناهز 84 عاما ووصف بأنه كان
معاديا متطرفا للشيوعية. وعبر صلاته وتأثير أفكاره كان ضيفاً شبه دائمي في حلقات
الحوار وفي استضافة منابر النقاش والحوار.
شبكة في أنحاء العالم
ويعرض رودريغر في الفيلم الوثائقي كيف موّلت وكالة المخابرات
المركزية، إثر الحرب العالمية الثانية، بمبالغ طائلة نقاطاً ومراكز متعددة لكسب
مثقفين وفنانين وكتاب مرموقين وصحافيين أوربيين لهم مكانتهم الثقافية وتمكنت أن
نكسبهم إلى جانبها بالعطاءات المباشرة أو بتأثير طروحاتها. ويعرض الفيلم كيف وضفت
المخابرات المركزية بسخاء ملايين الدولارات في واحدة من أكبر عمليات الهجوم بعد
الحرب الثانية للإمساك بخيوط الثقافة العالمية والضغط على أزرارها. كان مركز أنشطة
المخابرات المركزية
هاينريش بول
هو" منظمة حرية الثقافة" مركزه في باريس وتدار من
قبل عملاء مختصين. وتعود للمنظمة فروع وطنية في معظم بلدان أوربا الغربية. وكانت
المنظمة الأم تموّل بمبالغ طائلة مجلات المنظمة في أفريقيا وفي أمريكا اللاتينية
وفي البلدان العربية. أما الهدف فقد كان هو النضال من أجل تعميم وإعلاء شأن القيم
الأمريكية ونظرتها إلى الأدب والموسيقى والفنون التشكيلية. وكانت المنظمة
تعيرأهمية استثنائية لكسب أولئك المثقفين والمفكرين الذين ينشطون في مجال النقد
الاجتماعي من كتاب ومفكرين من جهة اليسار وتركز على كسبهم إلى جانبها لتصطف بوعي
أو بدون وعي لإشاعة مبادئها. وكانت المنظمة تسعى بأساليب مخابراتية وبتخطيط مدروس
لنزع تأثير الماركسية من الأوساط الثقافية، وتوسيع قاعدة الثقافة الأمريكية.
وكقاعدة أساسية مؤثرة خدمت مجلة "بروفي" على سبيل المثال، تحت إدارة
السوسيولوجي رايموند آرون، التوجه المرسوم بخطوطه العريضة وأصبحت منبراً للمثقفين
الذين يعكسون التوجه الثقافي لمنظمة حرية الثقافة.
أما في ألمانيا الإتحادية فقد راكمت منظمة حرية الثقافة كوادر
ثقافية، في غفلة من بعضهم، أحاطت بمجلة" ديرمونات". ومنذ العام
1958تقريباً اتخذت المخابرات المركزية على عاتقها بشكل مباشرعملية الدعم والتمويل
المالي وتمكنت أن تكسب العديد من الكتاب والمفكرين وأهم ممثلي الصحافة الألمانية
الغربية وشكلت لها نقاط ارتكاز في "ميونيخ" و"فرانكفورت"
وتمكنت أيضاً أن تقيم مركزاً مهماً في "كولونيا" وأن تقيم علاقات وشيجة
مع في عدد من أقسام التحرير ومقدمي البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ووصلت إلى عالم
الطباعة والنشر. ومن بين العديد من الشخصيات الأدبية المرموقة تمكنت من الوصول
واحتواء حامل جائزة نوبل للأدب هاينرش بول الذي عمل في في إطار أفكارها وسياستها
الثقافية قرابة عشر سنوات، دون ان يعلم بخلفية المنظمة.
يقول هيندريك فايندت في تعليق نشرته صحيفة "
تاغسشبيغل" إن الأفكار التي طرحها مينوف في فيلمه التسجيلي جدية وصحيحة فيما
يتعلق بعمل المخابرات المركزية، ويعتقد بأن المخرج نفسه سقط فيما يسمى بالدعاية
المضادة. وعندما يحدد المجال الرحب من اليمين إلى اليسار في تجميع المثقفين يعدد
اسم جوزيف كاسبر الذي كان كادراً ثقافياً لدى الحزب الاشتراكي القومي "
النازي" ومن ثمّ أسس دار النشر الشهيرة
" كيبنهاور" التي قامت بمشاريع طموحة دون أن يكون لها
إمكانية تحقيقها مالياً. وكانت الدار تعين هاينريش بول وتنشر أعماله. ويضع مينوف
بول وفق مصادره في قائمة المتعاونين. أن مؤسسة هاينريش بول القائمة حتى الآن رفضت
تصديق " المزاعم" عن موقف بول في سؤال
من محرر" تاغسشبيغل". ويعتقد بأن المنظمة حاولت ايضاً مع غونتر
غراس الذي كان أحد أهدافها لكسبه إلى جانب سياستها.
إن الرعيل الأول من الكتاب والفنانين التشكيليين والنقاد
والموسيقيين الألمان قدموا أنفسهم وسقطوا في شبكة المخابرات، ومعظم هؤلاء لم يكن
يعلم ما الذي يدار في الخفاء فيما هم يمضون في الطريق الخطر. وهكذا أيضاً بالنسبة
إلى عدد كبير من الكتاب والمثقفين في العالم
قراءة في كتاب ’من الذي دفع للزمّار – الحرب الباردة
الثقافية
’
على مدى أكثرمن عشرين عاماً، كانت وكالة المخابرات الامريكية تنظم وتدير جبهة ثقافية عريضة في معركة ضارية بدعوى حرية التعبير. وبتعريفها للحرب الباردة بانها معركة من أجل( الاستيلاء على عقول البشر)، وبعد ان سكت هدير المدافع وازيز الطائرات ودوي القصف، أخرجت الترسانة أثقالها الثقافية: الصحف والمجلات والاذاعات والمؤتمرات ومعارض الفن التشكيلي والمهرجانات الفنية والمنح والجوائز.. وتكونت شبكة محكمة من البشر الذين يعملون بالتوازي مع الـCIA لتمحو من الاذهان فكرة أن(أمريكا صحراء ثقافية) وتزرع فيها فكرة جديدة مؤداها ان العالم في حاجة الى سلام امريكي والى عصر تنوير جديد وان ذلك كله سيكون اسمه( القرن الامريكي )..
على مدى أكثرمن عشرين عاماً، كانت وكالة المخابرات الامريكية تنظم وتدير جبهة ثقافية عريضة في معركة ضارية بدعوى حرية التعبير. وبتعريفها للحرب الباردة بانها معركة من أجل( الاستيلاء على عقول البشر)، وبعد ان سكت هدير المدافع وازيز الطائرات ودوي القصف، أخرجت الترسانة أثقالها الثقافية: الصحف والمجلات والاذاعات والمؤتمرات ومعارض الفن التشكيلي والمهرجانات الفنية والمنح والجوائز.. وتكونت شبكة محكمة من البشر الذين يعملون بالتوازي مع الـCIA لتمحو من الاذهان فكرة أن(أمريكا صحراء ثقافية) وتزرع فيها فكرة جديدة مؤداها ان العالم في حاجة الى سلام امريكي والى عصر تنوير جديد وان ذلك كله سيكون اسمه( القرن الامريكي )..
راديكاليون سلبقون
ومثقفون يساريون من الذين تحطم ايمانهم بالماركسية والشيوعية، ومؤسسات وهمية
وتمويل سري ضخم وحملة اقناع هائلة في حرب دعاية ضارية تخطط لها وتديرها( منظمة الحرية الثقافية ) التي كانت بمثابة وزارة غير رسمية
للثقافة الامريكية، او لتكون( الزمار )
الذي تدفع له ال سي. آي. ايه ثمن ماتطلبه منه من ألحان..
المخابرات المركزية الامريكية في دنيا الثقافة
يتضمن كتاب "من الذي دفع للزمّار – الحرب الباردة
الثقافية" للكاتبة البريطانية ف. اس. سوندرز الصادر في العام 1993 والذي ترجمه إلى العربية طلعت الشايب وصفاً
مفصلاً للأساليب التي تستعملها وكالة المخابرات المركزية الأميركية في اختراق
المنظمات الإنسانية والمؤسسات الثقافية. فقد تمكنت من اختراق العديد من المنظمات
الثقافية والإنسانية والمنظمات الخيرية مثل تلك التابعة لـهنري فورد وجون روكفلر.
وتشرح المؤلفة لماذا وكيف أن وكالة الاستخبارات الأميركية تقوم
برعاية مؤتمرات ومعارض وتنظيم حفلات موسيقية وندوات ولقاءات ثقافية وفكرية، كما
تقوم بالنشر والترجمة والترويج للعديد من المثقفين المرموقين الذين يسوقون
للسياسات الأميركية.
كما دعمت الوكالة الفنون لمواجهة أي مضمون اجتماعي يمكن أن
تقدمه هذه الفنون يخالف الرؤى الأميركية، ودعمت المجلات والجرائد التي تنتقد
الماركسية والشيوعية وثورات التغيير السياسية. وتشرح الكاتبة كيف تمكنت
الاستخبارات الأمريكية من الاستفادة من أبرز دعاة الحرية الفكرية في الغرب لخدمة
هذه السياسات إلى حد أنها كانت تشرف مباشرة على رواتب بعضهم، وكيف أن بعضهم كان
على علم بتورطه في مشاريعها في حين أنكر بعضهم الآخر علمه بتورطه.
ومن الذين مولتهم الولايات المتحدة والدول الأوروبية تمويلاً
مباشراً أو غير مباشر مثقفون ومنشقون وسياسيون، كما مولت حملات بعضهم الحزبية، ومن
بين مَن مولتهم: إيرفينج كريستول ، أشعيا برلين، ستيفن سبندر، سيدني هوك، دوايت
ماكدونالد، حنا ارنت وماري مكارثي وآخرون.
كما روجت المخابرات المركزية الاميركية لحركة اليسار
الديمقراطي واليساريين السابقين ومنهم: اجناسيو سيلون، ستيفن سبندر، ريمون آرون ،
وجورج أورويل.
والملفات أن دعم هؤلاء المثقفين الممولين من الوكالة يصوّر
وكأنه يقدّم لهم لكونهم أحراراً باحثين عن الحقيقة، مضطهدين، فنانين من أجل الفن
كقيمة، لا على أساس ميولهم السياسية كما هي الحقيقة.
وتصور الكاتبة قائمة النخبة في وكالة الاستخبارات الأمريكية
وهي تضم نقاداً يهوداً ويساريين سابقين،
ومنشقين عن اليسار مولت الوكالة نتاجهم الأدبي في مواجهة الشيوعية.
وتقدم لنا الكاتبة معلومات قيمة تجيب عن عدة أسئلة حول أساليب
الوكالة في توظيف الثقافة للدفاع عن المصالح الامبريالية الأمريكية. كما تدحض
الادعاءات القائلة إن الوكالة ومؤسساتها الصديقة قدمت دعماً غير مشروط ودون مقابل،
مبينة أن الأفراد والمؤسسات التي دعمتها كان من المتوقع أن يُستخدموا كجزء من حرب
دعائية. كما استغلت الوكالة محاولاتهم للإصلاح الاجتماعي في اليسار الديمقراطي
ومحاربتهم الستالينية لمحاربة المفكرين الماركسيين في الغرب والكتّاب والفنانين
السوفيات.
واهتمت الوكالة بالحرب الثقافية ضد الشرق خلال الحرب الباردة
مركزة على أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. فبعد تجربة عقدين من آلام الحرب
والاحتلال كان معظم الرأي العام في أوروبا معادياً للرأسمالية ومنتقداً الهيمنة
الأميركية، ولمواجهة نمو الأحزاب اليسارية وحصر المد الشيوعي خصوصاً في فرنسا
وايطاليا، ابتكرت الوكالة برنامجاً من اتجاهين:
الاتجاه الأول جرى العمل على ترقية بعض الكتاب الأوروبيين كجزء
من برنامج معادٍ للشيوعية. وكانت الوكالة حريصة على نشر أفكار لشيوعيين سابقين
أمثال كويستلر وغيد ودعم العديد من الكتاب المعادين للشيوعية وتمويل مؤتمراتهم في
باريس برلين و غيرهما وكان المستهدفون علماء وفلاسفة ومفكرين كباراً مثل اشعيا
برلين ودانيال بيل وكزيسلو بيلوز الذين تغنوا بمزايا الحرية الفكرية والاستقلالية
الثقافية الغربيتين ضد الشيوعية، وفق معايير صنعت في وكالة الاستخبارات الأميركية
وبتمويلها.
كل هذا دون أن ينتقد هؤلاء أو يلفت نظرهم دعم أمريكا للمجازر
والقتل الجماعي في الجزائر والهند الصينية وملاحقة مثقفي الرأي في الولايات
المتحدة، فمثل هذه الأعمال هي فقط سمة الأنظمة الشيوعية في نظر هؤلاء المتلهفين
للأموال ودعم أعمالهم الأدبية المفلسة.
الاتجاه الثقافي الثاني الذي عملت عليه الوكالة كان أكثر
تأثيراً، حيث قامت بتشجيع الفنون من مسرح وموسيقى و باليه وشجعت إقامة المعارض
والترويج للسيمفونيات، كما شجعت الأشخاص والمجموعات الشهيرة في الجاز والباليه
بهدف تحييد المشاعر المناهضة للامبريالية في أوروبا وخلق الاهتمام والتقدير
للثقافة والحكومة الأميركيتين.
وكانت الوكالة تركز خصوصاً على إرسال الفنانين السود إلى
أوروبا كالمغني ماريون اندرسون والموسيقي لويس ارمسترونغ لإسكات الانتقادات
الأوروبية ضد سياسات واشنطن العنصرية ضد السود والملونين وغيرهم. وكانوا يستبعدون
من قوائمهم كل كاتب أسود لم يسر على خط واشنطن أو انتقد سياستها كالكاتب ريتشارد
رايت.
كما تطرقت الكاتبة سندورز في كتابها إلى علاقة الوكالة
وعملائها بمتحف الفن الحديث حيث تدفقت مبالغ طائلة لترقية فن التعبير التجريدي في
محاولة لإفراغ الفن من كل مضمون اجتماعي. وفي سبيل ترقية هذا النوع من الفن قامت
الوكالة بصد كل الأصوات اليمينية المناهضة له في الكونغرس حيث اعتبرت ترقيته في
صالح مناهضة الفكر الشيوعي، على اعتبار أن الفن التجريدي نوع من التعبير الصحيح عن
إرادة التحرر الوطني. وتم تمويل معارض كبيرة لهذا النوع الفني في جميع أنحاء
أوروبا وجُنّد له نقاد فنيون كثر وامتلأت صفحات مجلات فنية كثيرة بمقالات مليئة
بالمديح والإشادة به. هذا التمويل الضخم أدى إلى تعاون دور العرض الكبرى في أوروبا
وبالتالي التأثير على علم الجمال في كل القارة.
وقد رمى مجلس الحريات
الثقافية الذي هو واجهة الوكالة بكل ثقله لدفع فن الرسم التجريدي أمام الفن
التصويري في فعل سياسي فاضح. وتعلق سندورز على الدور السياسي الذي لعبه فن التعبير
التجريدي بقولها إن أحد الأدوار الأساسية الذي لعبه فن الرسم الأميركي في الحرب
الثقافية إبان الحرب الباردة هو أنه زيادة على أنه صار جزءاً من مؤسسة دعائية أصبح
راسماً لتوجه سياسي محدد.
وتذكر الكاتبة أنه بعد الحرب العالمية الثانية أدركت الوكالة
أنه لتقويض المثقفين والنقابيين المعادين للناتو هناك حاجة لخلق ما يسمى اليسار
الديمقراطي كأيديولوجيا لاستيعاب الصراع الطبقي والاجتماعي. وجند قطاع متخصص في
الوكالة للالتفاف على المعارضين اليمينيين للمشروع في الكونغرس. وقد استُعمل
اليسار الديمقراطي خصوصاً ضد اليسار الراديكالي وكستار للهيمنة الأمريكية على
أوروبا.
وتذكر الكاتبة أنه فقط عندما ظهرت الاعتراضات الكبيرة على حرب
فييتنام في الولايات المتحدة وأوروبا وبعد أن انكشف غطاء الوكالة عنهم بدأ بعض
الفنانين والمثقفين بالخروج عن الدرب وانتقاد السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
إنه ملخص بسيط لكتاب استعرض الأسلوب الذي لجأت إليه وكالة المخابرات
المركزية للعب في الميدان الثقافي متخذةً من الفنون والآداب غطاءً لها تسترت خلفه
في عملها ضد الشيوعية والاتحاد السوفياتي.
مؤسسة “راند”
أوصت دراسة حديثة جداً لمؤسسة “راند” الأمريكية نشرت بتاريخ
الإدارة الأمريكية إلى الانفتاح التام على مختلف فئات الإخوان وشبابهم.
وخلصت توصيات الدراسة التي حملت عنوان “الإخوان المسلمون،
شبابها وتبعات للتواصل الأمريكي” أن على صناع القرار الأمريكيين الوصول إلى شباب
الإخوان في الأقاليم والتعامل مع فئات الإخوان كما هي بدون تجميل وتخطي أولئك
الذين تقدمهم قيادة الجماعة للمسئولين الأمريكيين ويكونوا عادة مختارين بعناية ممن
يتقنون اللغة الانجليزية ولديهم رؤى سياسية معتدلة.
ودعى تقرير مؤسسة راند الأمريكية إلى التركيز على شباب الإخوان
ضمن برامج الدبلوماسية الشعبية الأمريكية المطبقة في مصر من اجل تغيير أرائهم تجاه
أمريكا وسياستها.
ومن الجدير ذكره أن مؤسسة راند هي مؤسسة بحثية أمريكية يمينية
تقدم توصياتها لصناع القرار الأمريكيين في كيفية التعامل مع الشعوب العربية
والإسلامية، ومن اهم أفكارها التي دعت إليها وقامت الإدارة الأمريكية بالعمل
بناءاً عليها هو التفريق بين ما يسمى “الإسلام المعتدل” و”الإسلام المتطرف” عن
طريق دعم القوى والحركات والشخصيات “الوسطية المعتدلة” لتقوم بالتصدي للإسلاميين
“المتطرفين” بدلاً من الدخول في مواجهة مباشرة معهم تكلف امريكا كثيرا من الخسائر
في أرواح جنودها واقتصادها.
((Enterprise)) الإنتربرايز الأمريكي،
وبعض المنظمات المحلية المشبوهة!!
سبق أن كتبت في ذه المساحة عن مؤسسة راند الأمريكية كأحد أذرع
المخابرات المركزية واليوم أكتب عن أكثر المؤسسات الأمريكية شبهةً، مؤسسة
))الإنتربرايز Enterprise)) من خلال اطلاعي على ما نشر عبر مواقع الشبكة العنكبوتية ومن
قراءات وإصدارات عربية وانجليزية في
شأنها، فهذه المؤسسة المشبوهة هي أحد أعتى
وأهم أذرع المخابرات المركزية وأعتى مراكز
اليمين المتطرف المعادي للمسلمين ونهمتها الرئيسية الانقلاب على الأنظمة التي حررت
قرارها السيادي من هيمنة الإمبريالية والاستخبارات الأمريكية وذات توجهات غير
علمانية أو ليبرالية، وهنا في سوداننا المضياف الكثير من منظمات العمل المدني
الوافدة عبر أبناء لنا وهي ترفع الشعارات
الشعبوية الرنانة وتحصل على الدعم بعد أن تقدم خطة عملها وطريقة ومدة التنفيذ ،
وقياس النتائج!!. ورأيت أنه من الضروري
بمكان أن أكتب منبهاً عن خلفية هذه المؤسسة الأمريكية الأخطبوط والتي انتشرت
كالسرطان في جسد العالم العربي والاسلامي
تحديداً، والمهمة الرئيسية ، هذه الأيام التي تكثف فيها الإنتربرايز جهودها هو نشر الفوضى الخلاقة في الدول
المقاومة للهيمنة الأمريكية كهدفٍ أول،
أما الهدف الثاني لها ، هو الانقضاض على ثورات الربيع العربي التي فاجأت
الإمبريالية الاستعمارية وتحويلها لفوضى خلاقة عبر منظمات العمل المدني التي دفعت
بها لبدان بعينها بعد أن تمّ تدريبها تدريباً عالياً.
ينبغي على جهاز أمننا الوطني متابعة تحركات كل منظمة عمل مدني
تتلقى تمويلها من الخارج ، ويجب أن يقتصر الأمر على منظمات العمل المدني الوطنية ،
والأسباب لا تحتاج إلى أدلة ثبوتية ، فما
طرد الدولة لبعض هذه المنظمات من دارفور وما ضبط
من أدلة ووثائق تثبت تورطها في غير
العمل الإنساني إلا شاهدٌ قوي على ما أسوقه.
فلتراجع أجهزة الأمن الوطني تاريخ من يقود هذه المنظمات
المشبوهة داخل البلاد ، جُلّهم إن لم يكن
كلهم من مزدوجي الجنسية الذين لجأوا لأمريكا
أو على أقل تقدير أن تكون مشروطة فالذين يعملون ضد البلاد كطابور خامس
ويدخلونها ويخرجون منها وقت شاءوا هؤلاء يجب أن لا يتمتعوا بهذا الحق، أما
علمائنا، أطبائنا ، اقتصاديينا ومهندسينا من الخبراء والأكاديميين الذين شغفوا
بالعلم وهاجروا لتحصيله، والذين شرفوا الوطن ولم يعملوا كمخلب قط فهؤلاء يستحقون
منا التقدير والإجلال والتمتع بهذا الحق بجدارة.
هناك من يرأس مراكز ومنظمات عمل مدني يفوق راتبه راتب رئيس
الجمهورية ، فهل أتوا بهذا المال من بيت أبيهم أم وثروةٍ من أعمامهم الذين هاجروا
للبرازيل منذ قرن ولم يكن لهم وريث ؟!
أُسس معهد المشروع الأمريكي للأبحاث عام 1943 وكان
منبعه منظمة تدعى ("جمعية المشروع الأمريكي" American
Enterprise Association) التي أنشأها مجموعة من رجال الأعمال بمدينة نيويورك. وكان السبب
الرئيسي لإنشاء الجمعية التي انبثق منها المعهد هو مراقبة السياسات الاقتصادية
الحكومية وتقديم النصائح لأعضاء الكونغرس في نفس المجال. وقد حرص المعهد منذ
تأسيسه على التمسك بمبادئ الليبرالية الاقتصادية وتعزيز حرية القطاع الخاص. وكانت
تلك الجهود منتشرة في تلك الفترة نظرا لوجود حالة من الانزعاج داخل الأوساط
التجارية ومجتمعات رجال الأعمال نتيجة لسياسات الرئيس الراحل فرانكلن روزفيلت الذي
قوى الدور الحكومي في إدارة الاقتصاد القومي من خلال مجموعة سياسات معروفة باسم "الاتفاق
الجديد (The
New Deal) . من هذا المنطلق كانت أهداف المعهد مماثلة لمبادئ وسياسات الحزب
الجمهوري الذي ظل يؤيد الحد من تدخل الحكومة الأمريكية في الشئون الاقتصادية
المحلية وخفض حجم الإنفاق الحكومي طوال القرن الماضي. ولعل من الصعب اليوم ملاحظة
هذا الخلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لأن كل الإدارات الأمريكية سواء كانت
جمهورية أو ديمقراطية أصبحت مرغمة على تأييد ميزانيات حكومية كبيرة نظرا للارتفاع
الحاد في الأنفاق بمجال الدفاع. وهكذا تحولت القضية من خلاف حول مستوى الإنفاق
الإجمالي إلى خلاف حول أولويات الإنفاق الحكومي] .
[ لقد تحول المعهد عبر السنين من مركز أبحاث اقتصادي إلى هيكله
الحالي الذي يشمل الأبحاث في مجالات السياسة المختلفة منها سياسة البيئة والصحة
والاتصالات والتعليم والقانون الشئون الدينية وطبعا سياسة الولايات المتحدة
الخارجية وأمنها القومي. ومن الشخصيات المؤثرة في تاريخ تطوير المؤسسة هو رجل
الأعمال الأمريكي اللبناني الأصل وليام بارودي الذي رأس المعهد في الفترة ما بين
عام 1954 وعام 1980. وتحت قيادة بارودي توسع المعهد وارتفع عدد باحثيه من 12 إلى
145 علاوة على 80 باحثا يمارسون نشاطهم خارج مقر المعهد].
[ وبعد وفاة البارودي رأس المنظمة وليام بارودي الابن ولكن في ظل
المشاكل المالية التي واجهها المعهد خلال رئاسته تنحى بارودي الابن عام 1986، وبعد
ذلك جاءت فترة رئاسة قصيرة لبول ماكراكان الاقتصادي المشهور الذي رأس مجلس
الاقتصاد الاستشاري للرئيس ريتشارد نيكسون كما عمل مستشار بلجنة الاقتصاد
الاستشارية للبيت الأبيض في عهد الرئيس ريغان وكمستشار لوزارة التجارة الأمريكية.
وبعد ذلك تولى قيادة المعهد كريستوفر ديموس، رجل أعمال سابق وأستاذ بجامعة هارفارد
عمل بالبيت الأبيض خلال إدارة نيكسون، ولازال المعهد تحت قيادته حتى اليوم].
من دهاقنة هذه المؤسسة : وليام بارودي الأب كان المستشار
الأساسي لحملة باري جولدوتر الانتخابية في سباق الرئاسة عام 1964. ويعتبر
السيناتور الأمريكي من الشخصيات المؤثرة في تاريخ الحزب الجمهوري وتاريخ التفكير
المحافظ بالولايات المتحدة. العديد من باحثي
المعهد عملوا بالحكومة الأمريكية لإدارات جمهورية ومنهم
- ارثار بيرنز
رئيس مجلس الاقتصاد الاستشاري للرئيس ايزنهاور،
- ولورانس
سيلبرمان قاضي يميني عمل لإدارة ريغان ،
- وجيمس ميلر
الذي عمل بجهاز مجلس الأمن القومي في فترة رئاسة ريغان، ووزير المالية الحالي جون
سنو،
- وديفيد غيرغن
مستشار سابق بالبيت الأبيض خلال رئاسات نيكسون وفورد وريغان والسفير السابق والمفكر اليميني مايكل نوفاك.
- عمل بالمعهد
روبرت بورك الذي رشحه الرئيس ريغان لمنصب قاض بالمحكمة الدستورية العليا ولكن نظرا
لشدة سياسته اليمينية لم يوافق الكونغرس على تعينيه.
- الأب الروحي
للتفكير المحافظ الجديد ايرفينغ كريستول يعمل اليوم كباحث بالمعهد.
- أنتوني سكاليا
أحدي قضاة المحكمة الدستورية العليا والمعروف بالميول المحافظة عمل بمعهد المشروع
الأمريكي بالماضي.
يتلقى المعهد تبرعات هائلة من مؤسسات يمينية مثل:
- مؤسسة ريتشارد
سميث وأولن وسكييف.
- ووديعة جاي
هوارد فريدوم.
- كما تلقى
المعهد بالماضي الكثير من التبرعات من الشركات الكبيرة الداعمة للجهود السياسة
بواشنطن التي تهدف لتحصين التحرر الاقتصادي ومنهم الشركة الأمريكية للصلب ، أي تي
أن تي AT&T ، جنرال الكتريك ،
كوداك شل ، موبيل إكسون وفورد.
الدفاع عن "الديمقراطية" في كل العالم: وكان ظهور شعار دعم
الديمقراطية في أنحاء العالم خلال السنوات الماضية في الأوساط اليمينية نقطة تحول
للمعهد الذي كثف نشاطه في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية وقدم العديد من الرؤى
الفكرية والأبحاث التي دفعت المجتمع في العاصمة الأمريكية لتقبل حتمية غزو العراق.
وقد عقد مؤتمراً للمحافظين الجدد بهذه المؤسسة وأذيالهم من الرموز العراقية المشبوهة،
وسنأتي على ذكرهم لاحقا إذ يعد ذاك المؤتمر باعتقادهم مثالا للدعم البحثي والفكري
الذي قدمه المركز للجهود الأمريكية بالعراق. فنجد أن الكثير من الذين شاركوا بهذه
المناقشة (وأيضا بنشاطات المعهد الأخرى) لعبوا دور مباشر في المشروع الأمريكي لغزو أو ما أطلقوا عليه العراق الجديد - :
كنعان مكية أستاذ جامعة
هارفارد كان أحدى المستشارين للإدارة الأمريكية في الشؤون المتعلقة بالعراق.
أحمد شلبي( الجلبي)،
مستشار رئيسي للإدارة الأمريكية منذ حرب العراق الأولى لعب دور كبير بالمشهد
السياسي بالعراق الجديد، فكان شلبي عضو بالمجلس الحكم المؤقت وهو الآن وزير
البترول العراقي ونائب رئيس الوزراء.
رند رحيم أصبحت أول سفيرة
العراق للولايات المتحدة بعد نهاية نظام صدام حسين.
سيامند عثمان أصبح رئيس
المجلس القومي للاتصالات والأعلام بالعراق.
ريتشارد بيرل باحث بالمعهد
رأس اللجنة الاستشارية لسياسة الدفاع في 2001-2003
ولعب دور كبير في التخطيط للحرب.
رووث ويجغود أستاذة بجامعة
ييل كانت أيضا عضوه باللجنة الاستشارية لسياسة الدفاع.
فيصل الاسترابادي يشغل
الآن منصب نائب الممثل الدائم للأمم المتحدة العراقي.
منتصر الفضل يعمل الآن كعضو
في البرلمان العراقي.
إبراهيم العلوم شغل منصب
وزير للبترول العام الماضي.
سينان الشبابي أصبح محافظ
البنك المركزي العراقي.
الهامـش:
على سبيل المثال نجد في الوقت الحالي أن إدارة أوباما و
السياسيين الديمقراطيين يطالبون بإنفاق أعلى على برامج التأمينات الاجتماعية
ومساعدة محدودي الدخل، أما الجمهوريون فعادة ما يؤيدون المبادرات الحكومية التي
تسعى لخفض الإنفاق على مثل هذه البرامج حتى تستطيع الحكومة تقديم التسهيلات
الضريبية للشركات الكبيرة وفقا لمنطق الاقتصاد الليبرالي. ويعبر هذا المنطق عن
الرؤية السياسة التي بنيت عليها الهوية الفكرية للمعهد وتشجيع الحروب حتى تدور
عجلة مصانه السلاح. إن أول مهام أي غزو أو الزعم بمساعدة أ] بلد عربي إسلامي هو
تحطيم وتفكيك الجيش والأمن لفتح أسواق لسلاحهم بزعم بناء القدرات الدفاعية لبلدٍ
ما أولاً وثانياً أن ينتج الفراغ الأمني
والدفاعي الفوضى الخلاقة، وإذ تم
وبأياديهم توفير المناخ والمعطيات الموضوعية لها.!! هكذا تبشرنا أمريكا
بالديمقراطية والحرية!!
التوطـئة:
تحدثت بالأمس عن
الإنتربرايز التي هي وكر المحافظون الصليبيون الجدد Kبغزوها وإشعال الحروب فيها ولتفتيت وحدة الدول الإسلامية
، وخير شاهدٍ على ذلك غزو افغانستان وغزو العراق ، والتدخل في شئون الدول وتحريض
شعوبها ضد حكامها عبر منظمات أطلقت عليها
( منظمات العمل المدني ) وهو مصطلح دخيل على معجم المصطلحات السياسية فأنشأتها
ومولتها وها هي هذه المنظمات التي أغدقت عليها
تحاول الالتفاف على الثورات العربية بغية إجهاضها، ثورات أطاحت بأباطرة
متجبرين من صنع أمريكا نفسها ، وقد قامت
برعايتها لتنفذ أجندة مصالحها .
اليوم تحاول أمريكا
الضحك على الذقون وتحاول بالآلة الإعلامية
الغربية والمال النجس لتمويل العلمانيين
في هذه الدول حتى تنقض على هذه الثورات
لإجهاضها ، حيث كانت المفاجأة الصاعقة لأمريكا والغرب عموما، عندما أفرزت صناديق
الاقتراع فوز التيار الإسلامي لتجهض
المسبرة الديمقراطية التي ثار الثوار من أجل الحصول عليها وهي التي كانت تضع (
بطيخة صيفي) في بطنها لاعتقادها الجازم
بأن شعوبنا شعوبٌ خانعة لن تنتفض، لذلك
كانت تقوم بابتزاز الأنظمة الدكتاتورية بذات منظمات العمل المدني التي تحمل مسميات
من ضمنها الديمقراطية ، حقوق الإنسان ، الجندر والختان والعنف ضد المرأة ، مساواة الشواذ المثليين ، حرية المتقدات الدينية و
الاضطهاد الديني والعرقي إلى آخر هذه المبادئ الإنسانية الأخلاقية ليوظفها الغرب
لممارسات غير أخلاقية لتجبرهم على تنفيذ أجندتها الاستعمارية.
دعونا نطرح بعض
الأسئلة: من الذي كان وراء إجهاض الديمقراطية في الجزائر عندما فازت جبهة الإنقاذ
بالانتخابات؟! من كان وراء إجهاض الديمقراطية في فلسطين عندما فازت حماس؟!.. من
الذي كان وراء إجهاض الديمقراطية في تركيا بقيادة نجم الدين أربكان ؟ .. أليس
الغرب من فعل ذلك للإبقاء على العلمانية
من أجل سواد عيون أمن إسرائيل؟!
من الذي كان وراء
إشعال الفتنة في تيمور الشرقية وانفصالها عن الدولة الأم إندونيسيا ، ولماذا؟ ..
هل لأن إندونيسيا بلد مسلما يجب تمزيقها؟! من الذي كان وراء انفصال جنوب السودان
أليس الغرب الذي كانت رموزه في حركة سفر ترددية
وهي التي قوّت شوكة الانفصاليين؟! .. من وفر الدعم اللوجستي والاعلامي والمالي والساسي وموّل منظمات ما يسمى بالمجتمع
المدني .. أليس هم أمريكا والتحاد
الأوروبي واللوبي الصهيوني الأمريكي (الآيباك )هم
دعم الحركة الشعبية؟!
أمريكا التي تدعي
وتتشدق بحقوق الإنسان ، هل نسينا أنها من
مارس أسوأ وأبشع الانتهاكات ضد
الإنسانية في المعتقلات ، هل نسينا جوانتانامو
، هل نسينا أبو غريب ، هل نسينا سجن القاعدة الأمريكية في مطار بغداد؟! هل نسينا
قصف المدنيين في أفغانستان؟!.. هل نسينا
سجونها السرية وخطف الإسلاميين وتعذيبهم فيها في بعض الدول العربية ودول أوروبا
الشرقية؟ هل نسينا جرائم بلاك ووتر (Black Water) في بغداد
وكابول؟! ماذا كان موقف أمريكا من قانا (1)
وقانا (2) التي استهدفت الأطفال في مباني الأمم المتحدة؟! من الذي أمد
إسرائيل بالقنابل الفسفورية أثناء الهجوم الإسرائيلي البربري الغادر على غزة؟!
..ما موقف أمريكا من الجرائم البربرية الإسرائيلية؟! من الذي قام بحصار أطفال
العراق وموتهم الجماعي وتشويههم وتشويه الأجندة في بطون الأمهات العراقيات؟! من
الذي استعمل قنابل اليورانيوم المنضب في أفغانستان والعراق فأصابت النسل
والحرث؟!.. والآن تفجرت آخر فضيحة من حامد
كرازاي تدين أمريكا وانتهاكاتها
الصارخة ضد الانسانية فيمت معتقل قاعدة(
باغرام) الجوية بأفغانستان فقد تمّ الكشف عن
سجنٍ هو أسوأ من غوانتانامو تمارس
فيف أجهزة المخابرات آخر ما توصلت إليه من فنون التعذيب ، والإذلال لامية البشر والاضطهاد
ضد الكرامة الإنسانية!! .. فهل لمن يمارس هكذا جرائم الحق أن يحاضرنا عن حقوق
الإنسان؟! .. فأي جرأة ، بجاحه ووقاحة هذه
بالله عليكم؟!!
لقد وجد المحافظون
الجدد في جورج بوش الإبن ضالتهم المنشودة لتحقيق أجندة أهدافهم العدوانية ضد العرب
والمسلمين عموماً، وعليّ هنا أ، استخلص بعض من دراسة أعدها الباحث العربي محمد السماك ، عن مدى علاقة
الرئيس جورج بوش (الابن) وارتباطه العضوي بالصهيونية فإن الباحث العربي محمد
السمّاك يشير في بحثه إلى أنه لم يكد يمر عام على تسلّم الرئيس مقاليد الرئاسة في
البيت الأبيض حتى تجمّعت لديه، وفيه العوامل التالية( ص87):
- إيمانه والتزامه
بعقيدة حركة الصهيونية المسيحية.
- نجاح المنظمات
والمؤسّسات والجمعيات التابعة للحركة الصهيونية المسيحية في تعزيز حضورها السياسي
والإعلامي والديني على حدّ سواء وتحوّلها إلى قوة انتخابية شديدة الفعالية.
من المهم أيضاً أن
نستشهد بـ 11 سبتمبر 2001 كحدث رئيس وُظف – رغم الشكوك والشبهات التي تدور حوله -
ليلهب مشاعر العداء ضد المسلمين والعرب، وقد تكاملت هذه العوامل لدفع الحركة
الصهيونية المسيحية نحو مزيد من التطرّف تجاه العرب والإسلام. مع هذا فإن الكنائس
الأمريكية الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية المختلفة ترفع صوتها مندّدة
بالتوظيف السياسي للدين، الذي يتناقض مع ما تقول به العقيدة المسيحية، حتى أن القس
ملفين تالبيرت رئيس الكنيسة الميتودية، التي يُعَدّ الرئيس بوش أحد أبنائها، قال
في مقابلة تلفزيونية: إن سياسة إدارة الرئيس بوش في الحرب على العراق "تنتهك
الشريعة الإلهية كما تنتهك تعاليم السيد المسيح، وكانت أشد عبارات التنديد المسيحية
بسياسة الرئيس بوش قد وردت على لسان البابا يوحنا بولس الثاني. من هنا فإن الحرب
على العراق، لم تكن حرباً مسيحية على الإسلام، ولكنها كانت وجهاً متقدِّماً من
الحرب التي أرادتها الحركة الصهيونية بجناحيها اليهودي والمسيحي، التي جعلت من
إدارة الرئيس بوش حصناً لها ومخلباً. هذه هي بالذات الأصولية المسيحية التي تحرّض
بالتحالف مع الصهيونية العالمية على الحرب على الدول العربية والإسلامية ، وكانت
هي نفسها من دبر وخطط ونفذ الحرب على العراق!!.
إن السياسة الأمريكية
ضد الدول العربية والإسلامية، لم تكن في أي وقت منذ عام 1948 إلا الوجه الآخر
للسياسة الإسرائيلية كما هي اليوم. ويمكن قراءة ذلك في مواقف الرئيس الأمريكي جورج
بوش (الإبن) المتوافقة مع مواقف رئيس الحكومة الإسرائيلية شارون حيال القضايا
الدولية.
إن القاسم المشترك
بين بوش (الإبن) وشارون وبالتالي بين سياستي الولايات المتحدة
و"إسرائيل" يحدده اليمين الديني المتطرّف المتمثّل بالحركة الصهيونية
ورموزها الذين هم أعضاء في فريق العمل في البيت الأبيض وفي وزارة الدفاع، ومن
أبرزهم: (دوغلاس فيث، ريتشارد بيرل، كارف روف، إليوت أبرامز، ريتشارد هاس)، ومنها
ما يعمل تحت غطاء ديني توفره شخصيات دينية غير يهودية من أمثال: (القس بارت
روبرتسون، القس جيري فولويل، القس غاري بوير، القس ريتشارد لاند). وفي الواقع فإن
الجمع بين الأصوليين الإنجيليين المتصهينين وغلاة المحافظين السياسيين المرتبطين
بإسرائيل" وبالحركة الصهيونية العالمية في الإدارة الأمريكية يشكل ظاهرة
فريدة تميّز بها الرئيس بوش دون سواه. لقد وجدت المدرسة الإسرائيلية، في العمل
السياسي العسكري رواجاً واسع النطاق بعد أحداث 11 سبتمبر، فالولايات المتحدة
استخدمتها لتمرير عدوانها على العراق، حتى أن الرئيس بوش جعل من الحرب الوقائية
مبدأً جديداً في سياسته الخارجية.
عموماً هناك شبه
إجماع بين المتابعين للشؤون الأمريكية على أن امتزاجاً حدث منذ سبعينيات القرن
العشرين بين إيديولوجية محافظة جديدة ولاهوت ديني-أصولي متشدّد في المجتمع
الأمريكي، خلق أرضية مواتية لدفع الوسط الأمريكي نحو اليمين والتطرّف وسمح
للتيارات المحافظة في أن تؤثّر بقوّة في السياستين الداخلية والخارجية على حدّ
سواء، وقد شكّلت العديد من المؤسّسات حضانات لنمو اليمين الجديد المتطرّف، ومنها:
- مجلس سياسات
الدفاع"، "مدرسة الدراسات الدولية العليا" في جامعة جون هوبكنز،
"مشروع لقرن أمريكي جديد" تأسس عام 1997، "مركز السياسات
الدفاعية"، "المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي"، "مركز
الدراسات الاستراتيجية والدولية"، "المجلس الاستشاري للاستخبارات
الخارجية"، وغيرها من المؤسّسات خارج الولايات المتحدة، والتي تظهر مدى تشعُّب
أذرع التيار اليميني الجديد. وقد استطاعت أوساط "مجلس سياسات الدفاع"
تحقيق هيمنة نمط جديد من التفكير السياسي على البيت الأبيض نفسه، كما حدث في
العراق حيث كان هذا موقف رامسفيلد ومن ورائه البنتاجون بأسره . من عهدي ريغان
وبوش الأب إلى كلينتون تنامت قوة جماعة المحافظين الجمهوريين المتطرّفين، المطالبة
بإنشاء إمبراطورية أمريكية عالمية، عبر السيطرة على البترول، والتحالف الاستراتيجي
مع "إسرائيل" وتطويع العرب و"تأديبهم" وتحطيم أية قدرات كامنة
أو محتملة من شأنها تشكيل تهديد لـ"إسرائيل"، وشيئاً فشيئاً استقطب هذا
التيار أنصاراً جدد، وهيمنة كبيرة على مراكز الدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت
شعار "ضرورات قرن أمريكي جديد"، حيث توصّل كلينتون مع جماعة "قرن
أمريكي جديد" إلى صياغة وطرح "مشروع قانون تحرير العراق" الذي تم
إقراره سنة 1998 ليصبح نافذ المفعول وملزماً للرئيس الأمريكي.
وتحت عنوان
"صناعة القرار الأمريكي الآن" كتب محمد حسنين هيكل في مجلة "وجهات
نظر"(92) مؤكداً أن خطورة الدراسات والبحوث الاستراتيجية الأمريكية تكمن في
علاقاتها القوية مع المصادر المتحكمة في مناصب الإدارة العليا ليس بسبب أنها
العارفة بالأسرار والأخبار، والأفكار وحسب، بل للأسباب التالية:
- لأن نفوذ المؤسسات ينطوي على تفويض لم يصوت عليه أحد، وسلطة لا
تخضع لحساب ، على حد تعبير(ايزنهاور)
- لأن المؤسسات على هذا النحو بعيدة عن المساءلة والمسؤولية.
- لأن الحركة الدوارة في هذه المؤسسات تستطيع ممارسة تأثيرات على
الرأي العام ومشاعره وعواطفه.
- لأن هذه المؤسسات تحولت في جزء من نشاطها إلى جماعات ضغط فتحت
هذه المؤسسات لجماعات أخرى غيرها تتوافق مع مصالحها. وقد أطلق على هذه المؤسسات
المشغولة بالفكر الاستراتيجي والمعنية بتحويله إلى خطط وخرائط "الدبابات الفكرية".
ولعل خطورة التحالف الجديد بين الفكر والسلاح هي التي دعت مجلة
"الإيكونيميست" لنشر افتتاحية مهمة يوم 15 شباط/فبراير (2003) بعنوان
"هجمة دبابات الفكر".
الهامـش:
لا عجب إذاً، إذا ما
سمعنا العويل والصراخ من العلمانيين الذين يتلقون التمويل من أمريكا عندما يشار
إليهم بأصابع الإتهام ، وهم الين يشنفون آذاننا
بمحاربة الفساد والشفافية ، ما
يقومون به هو أسوأ من الفساد نفسه بل ويرقي للتعامل والتخابر ضد أمن وسلامة ووحدة
الوطن!!، عموماً لقد تعلمت أمريكا من الحِكَم والأمثال العربية الكثير لذا فأنها
وعملت بالمثل القائل( جوّع كلبك يتبعك)!! أو المثل الآخر( أطعم الفم ، تستحي
العين) !!.. وعجبي
أقعدوا عافية
نواصل ما انقطع في
حاشية حلقتنا الثالثة والأخيرة ، للتعرف على هذا الأخطبوط والأهم ما أنتج من
مؤسسات رديفة تحت شعارات أخلاقية هي بعيدة
عنها كل البعد، والأهم أن نتعرف على الأسماء التي ليست غريبة على أسماعنا إذا ما
استصحبنا أسماء رموز المحافظين الذين حول جورج بوش ( الإبن) أثناء غزو العراق. إنهم شرذمة من الأشرار لا تهمهم
حياة البشر، وإنما كسب المال من وراء القتل وما (بلاك ووترBlack Water) و صلتها بديك
تشيني سر حتى يذاع!!
رغم المظاهر الخادعة
التي سبقت غزو العراق، كان هناك لقاء لمجلس الأمن القومي الأمريكي، بل هو ندوة
عقدت في الثالث من أكتوبر (تشرين أول)عام
2002، أي ستة أشهر قبل بداية غزو العراق في مارس 2003، وقبل أن تدخل القوات
الأمريكية بغداد وقبل أن يقع أي مسئول عراقي من النظام القديم في يد الولايات
المتحدة. ولم يكن هذا الاحتشاد اجتماعا لمسئولي الحكومة الأمريكية بل كان لمسئولين
من نوع آخر، مسئولون يصنعون السياسات الخارجية الأمريكية من خلال قنوات
"القطاع السياسي الخاص" بالولايات المتحدة: (قطاع الثينك تانكس Think Tanks)
تمت كل هذه الأحداث
بمقر معهد "أمريكان انتربرايز" بالعاصمة الأمريكية (American Enterprise
Institute for Public Policy Research )؛
كما ذكرنا أنه معروف بميوله اليمينية
وعدائه ومقته للعرب والمسلمين. وكان الرئيس الأسبق الراحل رونالد ريغان قد قال عن
المعهد: "لم تستطع أي ثينك تانك أخرى أن تحظي بهذا القدر من النفوذ".
واليوم تعتبر المنظمة أحدى مراكز القوة للتفكير المحافظ الجديد new-conservative thinking بالعاصمة
الأمريكية ، بل ويزعم الكثير من المحللين بأن عناصر قسم الأبحاث بالمعهد لعبت دورا
بارزا في ترسيخ الموقف الأمريكي من استخدام القوة العسكرية ضد العراق قبل بداية
الحرب عام 2003.
الحاشية:
لقد تحول المعهد عبر
السنين من مركز أبحاث اقتصادي إلى هيكله الحالي الذي يشمل الأبحاث في مجالات
السياسة المختلفة منها سياسة البيئة والصحة والاتصالات والتعليم والقانون الشئون
الدينية وطبعا سياسة الولايات المتحدة الخارجية وأمنها القومي. ومن الشخصيات
المؤثرة في تاريخ تطوير المؤسسة هو رجل الأعمال الأمريكي اللبناني الأصل وليام
بارودي الذي رأس المعهد في الفترة ما بين عام 1954 وعام 1980. وتحت قيادة بارودي توسع
المعهد وارتفع عدد باحثيه من 12 إلى 145 علاوة على 80 باحثا يمارسون نشاطهم خارج
مقر المعهد. وبعد وفاة البارودي رأس
المنظمة وليام بارودي الابن ولكن في ظل المشاكل المالية التي واجهها المعهد خلال
رئاسته تنحى بارودي الابن عام 1986، وبعد ذلك جاءت فترة رئاسة قصيرة لبول ماكراكان
الاقتصادي المشهور الذي رأس مجلس الاقتصاد الاستشاري للرئيس ريتشارد نيكسون كما
عمل مستشار بلجنة الاقتصاد الاستشارية للبيت الأبيض في عهد الرئيس ريغان وكمستشار
لوزارة التجارة الأمريكية. وبعد ذلك تولى قيادة المعهد كريستوفر ديموث، وهو رجل
أعمال سابق وأستاذ بجامعة هارفارد عمل بالبيت الأبيض خلال إدارة نيكسون، ولازال
المعهد تحت قيادته حتى اليوم.
الكل يعلم علم اليقين
أن أمريكا واللوبي الإسرائيلي والرأسمالية اليهودية أصبحوا يؤثرون في تطورات
الأحداث في بعض الدول العربية والإسلامية نتيجة عمل ممتد منذ سنوات طويلة، جعل لهم
نفوذا على النحو الذي رأينا آثاره في ثورات الربيع العربي. كان لأثرياء اليهود
دورا محوريا في تأسيس وتمويل المنظمات الأمريكية التي تلعب الآن على الساحة
العربية لاختطاف ثوراتها لصالح أشخاص تم صنعهم في أمريكا، وهؤلاء هم الذين يديرون
المعركة لاختطاف الثورات وتنصيب حكومات موالية لأمريكا وإسرائيل بعيدا عن الإرادة
الشعبية. ما حققه أثرياء اليهود ليصلوا إلى هذه الدرجة من الاختراق للمجتمعات
العربية والإسلامية تم على عدة مراحل يمكن ذكر أبرزها كما يلي:
- أولا: توجيه المال
الصهيوني عبر تشكيلة من المنظمات لتجنيد الشباب في العالمين العربي والإسلامي!!.
- سعت أمريكا بدأب
شديد لتشكيل جيش من الشباب تستخدمه في معركتها للاستيلاء على السلطة في دول الربيع
العربي ، فوجهت مجموعة كبيرة من المؤسسات الأمريكية الحكومية والخاصة، للعمل في
سياسة تجنيد واستمالة أكبر عدد من الشباب العربي والمسلم من خلال المؤتمرات وورش
العمل والرحلات والدورات التدريبية، والتوظيف وتأسيس ما يسمى منظمات العمل المدني(NGOs)؛ والدخول في
شراكات، وغيرها.
علينا أن نستعرض الآن
بعض الأهم هذه المؤسسات والمنظمات التي أنتجتها الإنتربرايز:
- فريدوم هاوس: تعتبر هذه المنظمة من أقدم المنظمات
الأمريكية، التي تعمل في مجال صناعة طابور يعمل على إسقاط الحكومات المعادية
للولايات المتحدة. وكان لفريدوم هاوس(Freedom House) دور كبير في
مواجهة الشيوعية، وإسقاط حكومات شرق أوربا، ولعبت دورا في تمويل حركات المعارضة في
الصين وروسيا. أنشأت فريدوم هاوس مكاتب خاصة لإدارة نشاط التجنيد في الشرق الأوسط،
ومولت العديد من الأنشطة في العالم العربي وخاصة مصر، وتنفق الملايين على فعاليات
شبابية حول عدد من القضايا المتعلقة بالديمقراطية والمجتمع المدني. وتفرع من
فريدوم هاوس الكثير من المنظمات التي تعمل الآن على الساحات العربية والإسلامية
وفي العشرات من دول العالم لإقامة نظم “عصرية” موالية للولايات المتحدة وخاضعة
لها!!.
- تحالف حركات الشباب: قام الإسرائيلي الحاصل علي
الجنسية الأمريكية جاريد كوهين، مدير أفكار جوجل، بتشكيل تحالف أطلق عليه (Alliance for Youth Movement
:AYM
) ويعد من أخطر المنظمات الأمريكية اختراقا للشباب المصري، نظرا لضخامة المؤتمرات
التي يقيمها وارتباط هذه المؤتمرات بتقنية الانترنت وتكنولوجيا المعلومات، حيث
يحضر مؤتمرات المنظمة آلاف الشباب من كل أنحاء العالم، بتمويل من القطاع الخاص
الأمريكي في مقدمته ( ( MTV, Google, How Cast, Facebookويعد جاريد كوهين من أخطر
الشخصيات التي لعبت دورا في تجنيد الكثير من قيادات الحركات الشبابية التي يحاول
الإعلام المتأمرك تقديمها على أنها قادة الثورة. عمل كوهين كمستشار لكوندليزا رايس
وهيلاري كلينتون، وهو الذي أدخل مفهوم ” وفود التكنولوجيا” إلى الدبلوماسية
الأمريكية، ونجح من خلال جوجل اقتياد العديد من العاملين في مجال الانترنت
وتكنولوجيا المعلومات الى نيويورك وواشنطن، وربط بعضهم بعلاقات عمل وبيزنس، وتجنيد
آخرين ممن تنطبق عليهم الشروط!!.
- بيزنس دبلوماتيك
أكشن: تعتبر:من أخطر المنظمات العاملة في تجنيد رجال الأعمال للانضمام للمنظومة
وغيرهم في الدول المستهدفة، منظمة (Business for Diplomatic Action ) التي تم تأسيسها
في عام 2005، تهدف إلى تغيير الأنظمة في العالم العربي. قامت هذه المنظمة باستقدام
أصحاب ومديري الشركات الكبيرة والصغيرة إلى الولايات المتحدة ويمكنك أن تلحظ ذلك
بوضوح في مصر، والهدف تجنيد من تراه مناسبا في الحرب الجديدة على أنظمة العالم
العربي والإسلامي لضرب وحدتها
واستقرارها وأمنها وزرع الفوضى
الخلاقة، ويستهدف هذا الاستقطاب رجال الأعمال بهدف صناعة طابور خامس مؤثر في
الطبقة الاقتصادية العربية والإسلامية واستخدامها في حرب ما أثناء وبعد ثورات
الربيع العربي للالتفاف عليها واجهاضها. يدير هذه المنظمات ممثلون للشركات
الأمريكية الكبرى في مقدمتها شركة روتشلد وإكسون موبيل، ومعروف دور عائلة روتشلد
اليهودية عبر التاريخ، خاصة في الحرب العالمية الثانية!!.
سأورد إسم ديفيد
فروم، المستشار السابق للرئيس بوش والباحث في معهد انتربرايز (swissinfo)الذي ربما لا يكون
بعضنا قد سمع بها، وهو شخصية تلعب دور هام في رسم السياسات واستراتيجيات التنفيذ
داخل الإدارات الأمريكية الحاكمة بجمهورييها وديمقراطييها ، فليس هناك اختلاف
استراتيجي كبير بينهما، ربما الاختلاف يكمن في التكتيك وآليات التنفيذ ، حقيقة هما
يتشابهان كما رائحة الثوم مقارنةً بالبصل .
هناك كثير من الرؤساء في التاريخ الأميركي الذين شددوا على
جذورهم الدينية، وطعّموا خطبهم بمقاطع من الأنجيل، ولكن لم يحدث أبداً قبل وصول
(جورج دبليو بوش( George W Bush أن اكتسب الدين وزناً
كبيراً كما في عهده, و هذا لم يكن بمحض الصدفة, بل كان بتخطيط دام أكثر من ثلاثين
سنة من قبل أُناس يُلقبون بـ "اليمين المسيحي المتطرف". بدأ دخول الرئيس
الأمريكي (جورج دبليو بوش George W Bush) في هذا التيار في منتصف الثمانينات عندما تمكن منه الإحباط نتيجة
إدمانه الكحول, والنكسات والإخفاقات على الصعيد المهني والعائلي عندما أقنعه صديقه
(دون إيفانز Donald Evans) بالالتحاق بحلقة دراسية للإنجيل وهي عبارة عن برنامج لدراسة أحد
كتب العهد الجديد دراسة معمقة على مدى عام كامل. وقد توقف بوش عن ذلك في صيف 1986
بعدما احتفل هو وصديقه ايفانز ببلوغهما الأربعين, و ليس (جورج دبليو بوش George W Bush) الوحيد الذي له
علاقة وثيقة بهذا التيار اليميني المتطرف فبالإضافة إليه هناك زوجة الأمين العام
السابق للرئاسة (أندرو كارد Andreo Card )هي مبشرة بـ (العقيدة الميثودية( Methodist
ووالد (كونداليزا رايسCondoleezza Rise )
يعمل مبشراً في ألاباما ( Alabama) ومايكل جيرسون (Michael Gerson)
المسؤول عن الفريق الذي يتولى كتابة الخطب الرئاسية خريج كلية ويتون في
ايلينويز (Wheaton
College in Illinois) التي تلقب بـ (هارفارد الإنجيلية Evangelical Harvard)) وهو يؤمن
بنبوءات اليمين المسيحي المتطرف الذي يتحدث عن (هرمجدون Armageddon) ) وشيكة وعودة المسيح الدجال وظهور مخلص
جديد من بعده.
وفي عام 1971م نفسه
قامت الغرفة الوطنية للتجارة بنشر مذكرة موجهة للزعماء في عالم الأعمال كتبها
(لويس باول Lewis Paul) ) الذي أصبح فيما بعد
قاضياً في المحكمة العليا، وترك هذا النص أبلغ الأثر في العقول والنفوس، و ورد فيه
أن النظام الاقتصادي الحر يتعرض لهجمات عنيفة من قبل الشيوعيين واليساريين وغيرهم
من الثوريين الذين يهدفون إلى تدميره تماماً اقتصادياً وسياسياً، ولم يقف تأثير
مذكرة باول عند هذا الحد، بل إنها أبهرت المسؤولين المحافظين كونها ترسم خطوط
الاستراتيجية الواجب تبنيها ليس فقط لاستعادة ما فقد من سلطة ونفوذ بل أيضاً لبسط
هيمنة دائمة على السياسة والمجتمع الاميركي، إذ تدعو إلى تصدي عالم الأعمال
لمحاربة هذا الخطر من اليسار واليسار المتطرف وحله عبر تسخير كل حنكة لإنشاء
منظمات يتم التخطيط لأهدافها وعملية تطبيقها بعناية، و فعلاً تم إنشاء العديد من
المعاهد و المؤسسات لنشر أفكار هذا التيار المتطرف و منها (مؤسسة هيريتج Heritage foundation)
التي تمثل معقل
هذه الاستراتيجية المتطرفة و الممولة من قبل الملياردير الأمريكي (ريتشارد سكيف
ميلون Richard
Scaife Mellon) الذي دخل إلى هذه الحلبة عام 1973م و الذي يلقب اليوم بـ (الأب
المالي لليمين المتطرف), كما مول (ريتشارد سكيف ميلون Richard Scaife Mellon)في عام 1963 (باري
غولد ووتر Barry
Goldwater) التي كانت تمثل التيار اليميني المتطرف في الحزب الجمهوري في ذلك
الوقت, كما تبرع في حملة (ريتشارد نيكسون Richard Nixon) عام 1972 بمبلغ
مليون دولار على شكل 344 شيكاً, لقد قام الملياردير الأمريكي (ريتشارد سكيف ميلون Richard Scaife Mellon) بتعميد (مؤسسة
هيريتج Heritage
foundation) عام 1973م حيث نشأت لتكون السلاح الأقوى لنشر و تنفيذ هذه الأفكار
المتطرفة, كما أسس و دعم عدة مؤسسات و منظمات مثل (معهد هوفر في جامعة ستانفوردHover Institute- Stanford) و الذي كانت
مديرته (كونداليزا رايسCondoleezza Rise) و معهد (أميريكان انتربرايز American Enterprise
Institute ) و من أعمدته (ريتشارد بيرل Richard Perle) و (لين تشيني Lynne Cheney) زوجة نائب الرئيس
الأمريكي و بالإضافة إلى (معهد كاتو Kato Institute) و العديد من
المؤسسات و المعاهد الناشطة في المجال الاجتماعي و القضائي و حتى الاستخباراتي, و
لعل من أقدم مؤسسات هذا التيار هي (مؤسسة
كورز C.O.R.S.E
Foundation) و التي تأسست عام 1877م على يد(أودولف كورز Adolf Corse) و التي ترتبط
ارتباطاً وثيقاً مع قادة التيار اليميني المسيحي المتطرف, و القائمة تطول لتشمل (مؤسسة الكونغرس الحر Free congress Foundation) و مؤسسة (أولن Olin foundation) والتي تعتمد في
عائداتها على شركة عائلية مختصة بصناعة الذخيرة و المواد الكيميائية, والتي مولت
(آلان بلوم Alan Bloom) الذي يعتبر المنظر الحقيقي لصقور البيت الأبيض و الذي كان أيضاً
المعلم الفكري لـ (بول وولفويتز Paul Wolfowitz) نائب وزير الدفاع الأمريكي, وربما تكون
خاتمة هذه القائمة السوداء لأدوات اليمين المسيحي المتطرف هي قناة (National Empowerment
Television) و التي تعتبر من أخطر الأسلحة الإعلامية التي تملكها منظمة (John Birch Society) المعادية للسامية
والتي تدافع عن الطروحات القائلة بتفوق الرجل الأبيض, والتي تمول من قبل (هاري
برادلي Harry
Bradley) الذي يعتبر من أبرز قادة هذا التيار المتطرف.
الهامش:
إن جميع هذه المؤسسات
و المعاهد و غيرها الكثير كانت السلاح الأقوى في نشر و تنفيذ الأفكار المتطرفة و
منها تقليص البرامج الاجتماعية و تعزيز الميزانية العسكرية و جعلها الخيار الأول
ضد أي محاولة للنفور من القطب الأمريكي. وبعد هذا كله... هل يستطيع من تصدروا
لقيادة وحكم بلادنا العربية أن يقنعونا بأن الحكومة الأمريكية هي حكومة علمانية لا
تُدخِل الدين بالسياسة, وفي نفس الوقت نحن متطرفون و إرهابيون و راديكاليون و...
و... و... الخ, لا أعتقد أن هذا ينطلي بعد على أي مسلم يمتلك أدنى مستوى من
الاطلاع أو الوعي بما يجري من حوله من محاولات لقلب الطاولة, وخلط الأوراق لنظهر
نحن على صورة المتطرف الذي لا يشبع من التخلف ولا يرتوي من دماء من خالفه, و لكنها
في الحقيقة صورة التيار المتطرف الذي يقود أمريكا من خلف الكواليس أحياناً و في
العلن أحياناً أخرى.
يبدو لي أننا كثير من
حكوماتنا العربية والإسلامية تتغافل عمداً
عن هذه الحقائق ومرجع ذلك لتحالفها الاستراتيجي مع هذه القوى المتجبرة والأسباب
معلومة للقاصي والداني.. ( انتهت الحلقات.. والله المستعان على ما ابتلينا به من
المتغافلين!!)
التمويل الحكومي الأميركي للجمعيات غير الحكومية العربية
NED مؤسسة توازن الحرب بالدعاية
أموال لتشجيع الإصلاح وحقوق الإنسان والشفافية.. والانقلابات
والعصابات المسلحة
من أجل نقاش عقلاني "شفاف":
أثيرت في البحرين أخيراً مسألة تمويل المعهد الديمقراطي
الأميركي (NDI) لبعض الجمعيات
الأهلية العاملة في الحقل العام.
النقاش الذي شارك فيه مثقفون وناشطون أهليون تمحور حول نقطة
مركزية: هل يجوز تلقي الهبات المالية والمساعدات اللوجستية من مؤسسة أميركية، أم
أنه على الجمعيات الأهلية مقاطعة هذه الأشكال من التمويل.
لم يفض النقاش إلى نقاط لقاء مؤكدة، ولكنه بالتأكيد كان ضرورة
تفتح الباب على ملف كبير وحساس: التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية.
حساسية هذا الملف تنبع من كيفية التعاطي معه خلال السنوات
الماضية من قبل ثنائية المجتمع الأهلي والسلطة.
فقد برزت قضية رئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعدالدين إبراهيم
ومحاكمته في مصر بتهم تتعلق بالتمويل الأجنبي لمركزه وأهداف التمويل، لتؤشر على
صعوبة وتعقيد في طرح الملفات المتعلقة بهذا النوع من التمويل، خصوصاً في ظل أنظمة
حكم عربية تتعامل بكثير من الاستنسابية مع كل أشكال العمل السياسي والأهلي.
يمكن لسلطة عربية، كما حال الحكومة المصرية في قضية مركز ابن
خلدون، أن تلجأ إلى القمع مستخدمة القضاء ومستخدمة خطابا وطنياً يعرف الجميع مدى
ركاكته، خصوصاً في حالة مصر التي تتلقى اكبر المعونات الأميركية في الشرق الأوسط
بعد إسرائيل.
لكن وجود هذه السياسات لأنظمة عربية تفتقد إلى الحد الأدنى من
شرعيتها الشعبية ولنزاهة سلوكياتها القانونية، لا تعني إغفال تناول هذا الملف،
حينما يكون تمويل بعض الجمعيات والأنشطة الثقافية والإعلامية والتربوية، مصدره
الولايات المتحدة.
وحين يبدو أن الجهة الممولة لنشر ثقافة الديمقراطية في العالم
العربي، هي نفسها الجهة الممولة لأعتى الأسلحة المستخدمة ضد الشعوب العربية نفسها.
هنا يكون على "المثقف" الذي يتلقى الهبات مهام الشرح
والنقاش.
فهذا المثقف نفسه، الذي لا نريد تصنيفه في خانة
"المتهم"، سبق له أن وجّه الاتهام حينما تعلق الأمر بـ"كوبونات
نفط" تلقاها من نظام عربي ديكتاتوري.
فهل من اختلاف بين كوبونات صدام وبين الكوبونات الأميركية؟
احد الأسئلة التي يجب ان تكون في صلب نقاش عقلاني حر، بعيدا عن
اتهامات الخيانة والتخوين، ولكن بعيدا عن هلامية الطرح وشعاراتيته أيضاً، وهو ما
تلجا إليه جمعيات أهلية كثيرة للتغطية على أهداف تمويلها.
سنحاول من خلال بعض الإضاءات، الإسهام في هذا النقاش، ودفعه
إلى الأمام، ليس في سياق تراشق الاتهامات، وإنما لضرورة ترشيد ممارساتنا
وسلوكياتنا "الديمقراطية".
سنحاول أيضاً تبيان أن مصدر التمويل الأميركي، المستخدم لنشر
"ثقافة الديمقراطية" وفقا لإعلانات أصحابه، لا يعدو كونه نشراً للدعاية
الأميركية الموازية ضمن ثنائية السياسة الخارجية الأميركية: الحرب والدعاية.
سنحاول أيضاً، أن نتهم: ان الذي يمول نشر ثقافة الديمقراطية في
خدمة الحرب على الإرهاب، هو نفسه الذي سبق أن موّل في وقت من الأوقات الإرهاب
والديكتاتورية.
أن الأموال التي تحض على نفي عقيدة أسامة بن لادن، هي التي
اعتبرت ابن لادن يوما "مقاتلاً من اجل الحرية".
أبريل 2002: فنزويلا
في 11 أبريل 2002 قامت مجموعة من الضباط الفنزويليين بمحاولة
انقلاب على الرئيس هوغو شافيز، وذلك بعد ساعات من إطلاق قناصة النار على تظاهرة
دعم للرئيس الفنزويلي قتل فيها ما لا يقل عن 17 شخص.
ألقي القبض على مطلقي النار، لكن خلال الأيام الثلاثة الفاصلة
بين محاولة الانقلاب الدموية واستعادة شافيز مقاليد الحكم في 14 أبريل، كان
الانقلابيون قد اطلقوا سراح هؤلاء.
وبإطلاق سراحهم، بقيت هويتهم وهوية الجهة التي تقف وراء إطلاق
النارمجهولة.
لكن حقائق وخفايا محاولة الانقلاب على الرئيس الفنزويلي
المنتخب لم تزل إلى الان تشغل الكثير من الأوساط السياسية والإعلامية.
والنقطة المثيرة في الموضوع مدى تورط الإدارة الأميركية في
الانقلاب الفاشل، ووسائل الدعم التي قدمتها للمعارضة الفنزويلية.
الثابت ان الإدارة الأميركية قدمت دعماً مالياً ولوجستيا
و"نصائح" إلى المعارضة الفنزويلية، وهو ما كشفته مقالات نشرتها نيويورك
تايمز والواشنطن بوست في تلك الفترة والتي تحدثت عن دعم مالي بواسطة إحدى المؤسسات
الأميركية العامة التي قدمت مليون دولار للمعارضة وكانت تحضر عشية انقلاب أبريل
2002 لتقديم مليون آخر.
وتشير معلومات مستقاة من شهود إلى أن البحرية الأميركية كانت
قد وضعت بارجات حربية قبالة شواطىء فنزويلا عشية الانقلاب لإمداد الانقلابيين
بالمعلومات.
أما المؤسسة التي قدمت الدعم المالي فهي المؤسسة الوطنية من
اجل الديمقراطية National Endowment For Democracy (NED)(1)، وهي مؤسسة عامة يمولها دافعو الضرائب في
الولايات المتحدة.
"المحاربون من أجل الحرية"
منذ 1984 انتقل تمويل منظمة "المحاربين من أجل الحرية"
في أفغانستان من الرابطة العالمية لمناهضة الشيوعية (2) WACL إلى مؤسسة عامة
أميركية.
"المحاربون من أجل الحرية" كانت تتلقى دعمها الرئيس من
لجنة أفغانستان الحرة، وهذه الأخيرة تأسست إثر زيارة قامت بها إلى واشنطن رئيسة
الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر برفقة اللورد نيكولاس بيتهل. وقد رأس لجنة
أفغانستان الحرة الجنرال ميلنور روبرت.
أما "المحاربون من أجل الحرية" فقد قادها مدير الـCIA نفسه وليام كاسي، وأدارها "رجل الأعمال
السعودي المناهض للشيوعية" أسامة بن لادن، الذي لم يكن قد ظهر بعد بوصفه
قائداً لـ"المجاهدين". (عام 1983 وزّعت الـWACL قطنيات عليها صورة ابن لادن مع شعار
"إدعموا المقاتل الأفغاني من أجل الحرية. إنه يقاتل من أجلكم!".
نسّق العلاقة بين رابطة مناهضة الشيوعية وأسامة بن لادن أحد
وسطاء مجموعة بن لادن للأعمال الشيخ أحمد صلاح جمجون.
لكن منذ 1984، وحينما بدأت متاعب رابطة مناهضة الشيوعية بسبب
تورطها في فضيحة إيران غيت، انتقل تمويل أنشطتها الدعائية إلى مؤسسة أميركية أخرى.
تولت المؤسسة الوطنية من أجل الديمقراطية NED هذه المهمة!
NED: أداة صراع أفكار في الحرب الباردة
انطلقت المؤسسة في عهد الرئيس رونالد ريغان كتتويج لمسيرة من
الدعم الخفي والعلني للقوى المعادية للشيوعية في العالم، وأحد أدوات الحرب الباردة
المكلفة بخوض صراع الأفكار والأيديولوجيات.
فحتى 1960، ووفقا لتوثيق المؤسسة نفسه، كانت الـCIA تقدم الدعم المالي لمؤسسات عامة أميركية
بهدف تسويق الأفكار الأميركية. وفي 1967 اقترح عضو الكونغرس الأميركي Dante Fascell إنشاء معهد
العلاقات الخارجية لدعم وتمويل "تسويق القيم الديمقراطية".
ومع عهد الرئيس جيمي كارتر بدا أن أهمية صراع الأفكار في
سياسات أميركا الخارجية وصل أوجه، فجعلها في صلب سياسته الخارجية.
لكن تأسيس الـNED جاء بعد مبادرة اطلقها الرئيس رونالد ريغان "لدعم
الديمقراطية والصحافة الحرة والأحزاب" التي تتواءم مع هذه الطروحات.فأُطلقت NED.
من الحرب الباردة إلى "الحرب على الإرهاب"
في خطاب ألقاه في مكتبة الكونغرس بمناسبة افتتاح معرض وينستن
تشرشل في 4 فبراير 2004، قال الرئيس جورج بوش "طلبت من الكونغرس مضاعفة
موازنة المؤسسة الوطنية من أجل الديمقراطية ورفعها إلى 80 مليون دولار. ومهامها
الجديدة ستكون تشجيع الانتخابات الحرة، واقتصاد السوق، وحرية الصحافة، والحرية
النقابية في الشرق الأوسط.. لقد قدمت المؤسسة خدمات حيوية خلال الحرب الباردة،
ونحن نحدد مهمتها اليوم (لدعم) الحرية في الحرب على الإرهاب".
عملياً، قدمت NED خلال التسعينات على الأقل دعماً مهماً لمئات المنظمات غير
الحكومية في العالم العربي، على شكل هبات ممولة لمشاريع دعاية وتربية.
ووفقاً لجدول بالهبات منذ 1994، يتبين أن معظم هذه الهبات التي
دفعتها NED تتعلق بمشاريع
صحافة ونشر وأبحاث سياسية واقتصادية، وتربية وشباب، وحقوق مرأة وحقوق إنسان،
واحزاب سياسية، ونقابات.
وتمنح هذه إما مباشرة من NED أو بواسطة توائمها الأربعة وهي:
1. Center for International Private Entreprise CPI
2. National Democratic Institute for International Affairs NDI
3. International Republican Institute IRI
4. Free Trade Union Intitute FTUI
وتشمل لوائح الهبات والمنح جمعيات غير حكومية وصحف ودور نشر
وأحزاب سياسية ونقابات على طول العالم العربي والإسلامي.
جهات مستفيدة:
لا تخفي NED جداول تمويلها ولا أسماء الجهات المستفيدة، وذلك لكونها مؤسسة
عامة تفرض عليها القوانين إظهار نشاطاتها إلى الرأي العام الأميركي.
ويتبين من هذه الجداول التي تنشرها المؤسسة على موقعها على
الانترنت(1)، أن الإعلام والنشر يحتلان حيّزا مهماً من ميزانتيتها.
ومن الجهات المستفيدة يمكن تعداد:
لبنان: المبادرة من أجل تعليم ديني حر في لبنان، المركز
اللبناني للدراسات السياسية، Generation for the integrity of lebanon، المؤسسة
اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، رابطة المرأة العاملة، مجلة شؤون جنوبية، مجلة
بلديات، مؤسسة رينيه معوض، جمعية الشفافية، المؤسسة العاملية الخيرية، التجمع من
أجل الانتخابات البلدية في لبنان، جمعية جيل. وغيرها...
الضفة الغربية وقطاع غزة: مركز حرية الإعلام في الشرق الأوسط،
معهد فيلم أورشليم، مركز المقدس، صوت الشباب، المركز الفلسطيني للأبحاث والدراسات،
مركز غزة للحقوق والقانون، الاتحاد العام للمراكز الثقافية، معهد الإعلام الحديث،
مساعدات فلسطينيات في منطقة قروية، مركز إعلام حقوق الإنسان الفلسطيني، مرصد حقوق
الإنسان الفلسطيني...
الأردن: معهد الإعلام العربي، مركز الدفاع عن حرية الصحافييين،
صحيفة المشرق، مركز أبحاث الأردن الجديد...
مصر: جمعية حقوق الإنسان المصرية، معهد القاهرة لحقوق الإنسان،
المركز المصري للدراسات الاقتصادية، المركز المصري لحقوق المرأة، مجموعة التنمية
الديمقراطية، مركز ابن خلدون لدراسات التنمية،
العراق: الجمعية الأميركية للأكراد، مركز بادلايزي الثقافي،
المعهد العراقي للإصلاح والثقافة الديمقراطية، مؤسسة العراق الحر....
الكويت: المعهد العربي الحر الآسيوي الأميركي...
البحرين: لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في البحرين...
اليمن: المعهد الديمقراطي العربي، أحزاب سياسية، معهد العالم
العربي....
تونس: المفوضية الدولية للحقوقيين....
الجزائر: أحزاب سياسية، لجنة عائلات المفقودين في الجزائر....
المغرب: المعهد العربي لحقوق الإنسان في منطقة المغرب العربي،
منتدى المواطنية، الجمعية الديمقراطية للمرأة المغربية، منشورات الـFennec.....
بريطانيا: دار الساقي ومجلة Awab Journal التي تصدر عنه...
الشرق الأوسط (عام): المركز الأميركي للتضامن العمالي العالمي
(موّل مشاريع وبرامج لاتحادات عمالية عربية ونقابات)، مركز الأبحاث والمعلومات
الفلسطيني الإسرائيلي، مركز حرية الإعلام في الشرق الأوسط، مؤسسة نشر الديمقراطية
والتغيير السياسي في الشرق الأوسط، المنتدى العالمي للحوار الإسلامي، جمعية أبحاث
السلام العالمي...
وعادة ما تمول NED مشاريع بعينها تنفق على جمعيات أهلية عديدة مشاركة، دون الحاجة
إلى تبنيها من جمعية محددة. وتبين جداول الهبات من بداية التسعينات وحتى العام
الحالي تركيزا كبيرا على الهبات التي تتعلق بمشاريع إعلامية أو دور نشر.
ومع أنه لا يمكن التحديد بدقة كيفية إنفاق الهبات المالية
لناحية توزيعها، إلا انه مما لا شك فيه ان نسبا غير قليلة تصرف على شكل أجور ثابتة
أو مكافآت لموظفين وباحثين وعاملين في المشاريع الممولة.
ومما لا شك فيه أيضاً، أن الشريحة المستفيدة من هذه الهبات
تنتمي إلى "الانتلجنسيا" المثقفة من صحافيين وطلاب جامعات وطلاب دراسات
عليا وموظفي الجمعيات الأهلية.
وتقوم بين الجمعيات المستفيدة علاقات وثيقة وتعاون تحدده أدوار
كل منها، بحيث يمكن للهبة المالية ان تمر بمراحل عديدة قبل الوصول إلى مصدرها
الأساسي.
أمثلة التمويل في لبنان:
1- عام 1997 دفعت NED 36300 دولار لصالح
المركز اللبناني للدراسات السياسية وذلك بهدف تمويل المرحلة الثانية من سلسلة
منشورات تصدرها المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم بعنوان "أنت
والقانون"، وهذه المؤسسة من المستفيدين شبه الدائمين في هبات NED كذلك هو المركز اللبناني.
2- في عام 2001 خصصت NED مبلغ 252801 دولار للمعهد الوطني الديمقراطي
للعلاقات الخارجية NDI لصرفها على انشطة جمعيات غير حكومية في لبنان بهدف تفعيل قدراتها
في الدفاع عن السياسات الإصلاحية.
3- في 1995 خصصت NED مبلغ 89953 دولار
للمعهد الوطني الديمقراطي NDI لصرفها على برامج عمل مع منظمات أهلية في لبنان من أجل دعم
انتخابات نيابية نزيهة وشفافة كانت مقررة في أب/ أغسطس 1996، وشملت هذه المساعدة
أيضا تقديم تمويل لنشاط مراقبة الانتخابات من قبل جمعيات غير حكومية.
4- في 1998 خصصت NED 51670 دولاراً لمؤسسة
رينيه معوض لتمويل مجلة "حريات" التي استكتبت صحافيين وطلاب جامعات.
إن هذه الأمثلة اختيرت بعشوائية، ولم تخضع إلى دراسة، ويمكن
للراغبين في الاطلاع على المبالغ التي أنفقت منذ التسعينات وحتى الآن على جمعيات
اهلية ومشاريع في لبنان أو العالم العربي او العالم مراجعة موقع NED على الانترنت.
تمويل شعارات الشفافية.. يفتقد إلى الشفافية
إذا كان تمويل NED لهذه الجمعيات والجهات تحكمه القوانين الأميركية إزاء دافع
الضرائب في الولايات المتحدة، وتفرض في هذه الحال الشفافية في التمويل، فعلى العكس
من ذلك في العالم العربي. حيث من النادر أن تقوم جهة مستفيدة بإعلان واضح لمصادر
تمويلها الأميركية أمام الرأي العام في الدول العربية.
وتبرز الإشكالية حينما يكون واضحاً أن هدف التمويل المعلن
حينما يكون مصدره NED هو دعم "قيم الديمقراطية" والشفافية.
في هذه الحالة تقع الجهات المستفيدة في تناقض مع الشعارات التي
تسوّقها. وبمقاييس اقتصاد السوق، يصبح تبادل السلع والخدمات في هذه الحالة غير
شرعي.. أقرب إلى "الاقتصاد المافيوزي" السائد في العالم العربي.
إلى أين؟
لم يكن التمويل في يوم من الأيام معادلة سهلة في العمل العام،
السياسي أو الاجتماعي.
فلطالما ارتبط التمويل باهداف سياسية لمصالح متضاربة ولدول
وقوى تعمل في العلن والخفاء على توسيع قاعدة شركائها في العالم.
وإذا كان مبررا لجمعيات أهلية تلقي هبات مالية أو
مساعدات لوجستية تحت شعار الحفاظ على استقلاليتها عن السلطة السياسية، فإن هذه
المبررات تسقط حينما يتعلق الأمر بتلقي مساعدات مالية من سلطة أخرى لا تتورع عن
تمويل انقلابات وعصابات مسلحة، وعن خرق متماد لحقوق الإنسان في العالم، ولحقوق
الإنسان العربي بشكل خاص، وعن كونها الراعي الأكبر لنظام عنصري عدواني في فلسطين
المحتلة.. الخ.
لا يمكن عزل مسألة التمويل الحكومي الأميركي عن
السياسة الخارجية للولايات المتحدة، القائمة اليوم على ثنائية الحرب والدعاية.
وإلا بأي معنى تصبح الحرب الأميركية على مصادر تمويل
الجمعيات الخيرية الإسلامية مبررة في المنطق الأميركي الذي يحرّك الحرب على
الإرهاب؟
إن المبالغ التي تصرفها الولايات المتحدة لتمويل
النشاط غير الحكومي ليست كبيرة حتما.. بل هي تافهة مقارنة بما تصرفه على تمويل
حملاتها الحربية في اكثر من مكان في العالم.
لكن اهميتها تنبع من أنها تُدفع لشريحة اجتماعية
متعلمة ومثقفة لها تأثيرها المهم في الحياة السياسية والاجتماعية.
فبأي بعد يمكن تقبل المساعدات الحكومية الأميركية
إذا كان القصد مواجهة سياسات الإدارة الأميركية نفسها في المنطقة؟
وبأي بعد يمكن الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان
العربي، إذا كان المال الذي يشتري الرصاص لقتل المدنيين في العراق وفلسطين، هو
الذي يموّل نشرة أو مجلة أو جمعية للدفاع عن حقوق الإنسان؟
ألا يستدعي هذا التناقض وقفة للتفكير ملياً بجدوى
التمويل الأميركي واهدافه؟
بل ألا يستدعي كل ذلك دعوة ليس فقط لمقاطعة التمويل
الحكومي الأميركي، بل لمقاطعة أولئك الذين يستفيدون منه؟
تانيت برس تكشف: أسرار الاختراق
الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني في تونس
الجمعة, 10 أوت 2012 13:56
أحمد النظيف– تانيت برس
بعيدا عن السياسة، أصبحت منظمات المجتمع المدني في تونس مثل حصان
طروادة، بواسطته تتغلغل القوى الاستعمارية و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية
داخل المجتمع لاستهدافه من الخارج على طول الخط، واستخدام هذه المنظمات كرأس حربة في
برامج تسويق '' المثال الأمريكي '' ومن أخطر الوسائل المعروفة لتحقيق ذلك هو
طريق ضخ أموال إليها بطريقة مباشرة أو عن طريق جماعات تنوب عنها، عادة
ما تكون ملوثة سياسياً.
وتتستر هذه الأموال تحت دعاوى
إنسانية وديمقراطية في غالب الأحيان وقد شهدت السنوات الأخيرة تناميا كبيرا في حجم
التمويل الخارجي، سواء كانت مصادر التمويل ممنوحة من الحكومة الأمريكية إلى
منظمات المجتمع المدني، أو ممنوحة من مؤسسات غير حكومية أمريكية إلى
أفراد أو مؤسسات غير حكومية لتحقيق أهداف ذات طبيعة سياسية، أو اجتماعية، أو
ثقافية، تزايد الجدل أخيرا حول اتساع دور وحجم التمويل في الدول العربية بعد ثورات
الربيع العربي.
و لعل ما شهدته مصر في الآونة الأخيرة من محاكمات النشطاء في المجتمع
المدني و المتهمين بتمويل منظمات مدنية يدق جرس الإنذار في كل المنطقة
العربية و يلفت الانتباه إلى هذا الملف الخطير و الذي أصبحت خيوطه تنكشف شيا
فشيا في تونس كما انكشفت في مصر .
فيليب آجي و أشكال الاختراق
يعدد د.خالد صقر أشكال الاختراق الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني في
العالم في دراسة له حول كتاب "داخل
الشركة Inside
the company'' للكاتب الأمريكي فيليب
آجي Agee الذي كان ضابطاً في المخابرات الأمريكية خلال الستينيات و هو
كتاب خطير فيها الكثير من المعلومات بالغة الأهمية عن اختراق الاستخبارات
الأمريكية للعديد من منظمات المجتمع المدني في عشرات الدول حول العالم بعد نهاية
الحرب العالمية الثانية مباشرة ومع تجسد الطموحات الإمبراطورية الأمريكية. و يتخذ
الاختراق الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني ، كما يتضح من تأمل ودراسة كتاب ف. آجي
وغيره ، ثلاثة أشكال :
الشكل الأول: التجنيد
الاستخباراتي لعدد من رموز النخبة السياسية في البلد المستهدفة وتمويلهم لاصطناع
منظمات مدنية من الصفر تقوم بالتسويق للرؤى والسياسات الأمريكية في البلد.
والشكل الثاني: تمويل
المنظمات القائمة بالفعل مادياً لاتخاذ مواقف سياسية محددة سلفاً تفيد سياسات
ومصالح الولايات المتحدة في البلد المستهدف.
والشكل الثالث: الدعم
السياسي والمعنوي لمنظمات حقوق الإنسان (وهي أحد أكثر منظمات المجتمع المدني
فاعلية) عن طريق دعوة القائمين عليها لمؤتمرات دولية ، وتوظيفهم كمستشارين
وأكاديميين في هيئات أمريكية ودولية بهدف ترقيتهم سياسياً وإعلامياً في البلد
المستهدف حتي يصبحوا مؤثرين في الرأي العام بشكل أو بآخر. وفي الشكل الأخير من أشكال الاختراق
الاستخباراتي لمنظمات المجتمع المدني لا تعرف المنظمة المخترقة أنها توجه لصالح
سياسات الولايات المتحدة علي وجه الحقيقة ، بل تستغل الاستخبارات الأمريكية
القناعات الشخصية لدي القائمين علي تلك المنظمة بالسياسات الأمريكية لكي تدفعهم
دفعاً لدعم سياساتها المستقبلية والنظر إلي خطط التنمية والتطوير في بلادهم من
خلال عدسات أمريكية(1).
اختراق باطنه فيه الهيمنة و ظاهره الخير
بعد فرض الحصار على العراق سنة 1991 ودخول روسيا في مرحلة تحلل خلال
سنوات حكم يلتسين، وانتشار حالة نفسية انهزامية في الوطن العربي جددت الأجهزة
الأمنية في الغرب إستراتيجيتها للإبقاء على قدر من التأثير في أغلب بلدان العالم
وخاصة بلدان "العالم الثالث" التي تنعكس أية تغييرات سياسية غير محسوبة
فيها على استراتيجيات الأمن القومي لأوروبا والولايات المتحدة، ومن ضمن تلك
البلدان في منطقتنا العربية.
فما كان من تلك الأجهزة إلا تنشيط الحركة في مجال العمل الاجتماعي وهو مجال واسع
تمتلك فيه الأجهزة الأمنية خبرات هائلة من خلال أنشطة مكاتب مؤسسات الخدمات
الاجتماعية والثقافية والأثرية والسياسية الأمريكية والأوروبية في المنطقة، فكان
أن بدأت أجهزة الإعلام والصحف في تلك الدول حملاتها المخطط لها بدقة للمطالبة
بحرية العمل الاجتماعي وحرية تأسيس الجمعيات والاتحادات النشطة في مجال
الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة والطفل والبيئة وخلافه في تلك البلدان، باعتبار
ذلك أحد معايير الديمقراطية.
وجاء الاعتماد على تلك الجمعيات لاعتبارات عديدة، من أهمها أنها
الأقدر على رصد التغيرات داخل مجتمعاتها بطرق شرعية وعلنية، ما يمكن وهو ما سيسمح
للأجهزة الاستخباراتية من الحصول على المعلومات الضرورية عن تلك البلدان بقليل من
الجهد والمال عبر تمويل مشاريع بعينها في تلك البلدان، وهى معلومات ضرورية ليست
فقط للاستعداد لأية تغيرات سياسية قد تحدث بتلك البلدان، بل أيضاً إمكانية إجهاض
أو توجيه تلك التغيرات بما يخدم مصالح البلدان المعنية. لقد اتضح الدور الذي لعبته وتلعبه
واشنطن في الأوضاع السياسية للدول المتفككة عن الاتحاد السوفياتي السابق، حيث قامت
المخابرات المركزية الأمريكية بتمويل المنظمات غير الحكومية، بل قدمت تمويلاً
مالياً مباشراً لقوى المعارضة في عدة دول أطاحت بأنظمة غير موالية لها وهذا كله
بالأساس، عمل مخابراتي استخباري واضح وناجح، لم تطلق فيه رصاصة أمريكية واحدة ولم
تخسر فيه واشنطن جندياً واحداً بعكس ما يحصل في العراق وأفغانستان، وحققت الهدف
الأمريكي عبر قوى أخرى. فمخططو
"النظام العالمي الجديد" والعولمة والرأسمالية المتوحشة، في عهده
الإمبراطوري الأمريكي استطاعوا بأموالهم تحت غطاء التمويل والمساعدة غير المشروطة،
وبأدوات من السياسيين والكتاب والصحافيين الذين قبلوا بيع ضمائرهم، أن يصنعوا
طابوراً خامساً أمضى من سيف الاحتلال والغزو العسكري المباشر وأقل تكلفة، وذلك من
أجل فرض شروطهم السياسية وإملاءاتهم ونشر مشاريع التفتيت على الدول التي تتخذ نهجا
سياسيا مغايرا لما تريده واشنطن
تونـــــــــــــــــــس...اختراقات بالجملة
"ميبي" و سياسة السم في الدسم :
لعل من إبداعات البيت الأبيض للنفاذ إلى الأقطار العربية ما سمي
"مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط" التي أطلقتها الخارجية الأمريكية في
ديسمبر 2002 والمعروفة اختصاراً بـ"ميبي" والتي يتضمن برنامجها مساعدة
المنظمات الأهلية في المنطقة، وقد أعلن مكتبها ومقره في تونس في شهر فيفري 2008،
عن فتح باب الترشحات للحصول على مساعدات موجهة للمنظمات المهنية والجامعات
والهيئات غير الحكومية وجماعات النساء. ووصلت
المبالغ المخصصة لعام 2008 إلى 3 ملايين دولار، أما حجم التمويل الممنوح للمشاريع
الفردية فيراوح بين 15 ألفاً و25 ألف دولار للمشروع الواحد، وأفاد المكتب بأن
"المبادرة" التي أطلقتها الإدارة الأمريكية في ديسمبر 2002 منحت مساعدات
زادت قيمتها عن 430 مليون دولار لتمويل 350 مشروعا في 17 بلداَ من "منطقة
الشرق الأوسط" وشمال أفريقيا.
وفتحت "ميبي"، ثلاثة مكاتب إقليمية الأول ويشمل لبنان وشمال
أفريقيا والثاني في أبو ظبي وهو موجه لبلدان الخليج العربي والثالث في القاهرة
مخصص لمصر. "ميبي" هذه التي يسرها أن تعلن سفارة الولايات المتحدة
باسمها، عن بدء تلقي طلبات الالتحاق والترشيح، والسرور هنا نابع من قدرة وذكاء
الاستخبارات المركزية الأمريكية على استقطاب من انصبّ اهتمامها عليهم، من خلال خلق
تيار مساند لها في أوساط المقاولين والصحفيين والمثقفين والطلبة كي يكونوا عوناً
وسياجاً منيعاً لأمن «إسرائيل» من جهة وأدوات عمالة في تفتيت داخلهم العربي
وتقسيمه من جهة أخرى، بحسب ما رسمت دوائر الكونغرس من مشاريع سرية بدأت منذ
الثمانينيات على يد الصهيوني المعروف لويس برنارد(2).
و قد أطلقت السفارة الأمريكية بتونس برنامج
"ميبي"،المحلي تحت عنوان '' المبادرة للتحول في تونس'' يقع المكتب
الإقليمي في السفارة الأمريكية بتونس وتشمل مسؤولياته إدارة برامج المبادرة في كل
من الجزائر ومصر ولبنان وليبيا والمغرب وتونس وإسرائيل والأراضي الفلسطينية
والأردن والتي تفوق الإعتمادات المخصصة لها سنويا أكثر من 50 مليون
دولار.ويعمل بالمكتب الإقليمي بتونس عشرة موظفين يشملون ديبلوماسيين أمريكيين
وموظفين من المنطقة لهم تجارب في مجالات الإصلاح الديمقراطي وأنشطة المجتمع المدني
وإدارة المنح والمساعدات المالية. وبالإضافة إلى التنسيق مع سفارات الولايات
المتحدة بالمنطقة، ينظم المكتب الإقليمي بتونس مؤتمرات إقليمية (مؤتمر نساء الأعمال و مؤتمر القادة
الطلاب) ، ويساهم في برامج التبادل (منحة
القادة الشبان وبرنامج تدريب سيدات الأعمال الشابات)، كما يوفر المكتب العديد من
آليات التمويل) المنح الصغرى والمنح المختصة) ويساهم في تنظيم المؤتمرات وتسهيل
تبادل الزيارات وإعداد الندوات ودورات التكوين.
هذا و قد مولت "ميبي'' في السنة الماضية منظمة مغربية
تسمى ''منتدى المواطنة'' في برنامج شراكة مع نادي اليونسكو بباردو في برنامج تكوين
القيادات الشبابية بمنظور أمريكي و تم خلال هذا البرنامج التسويق للأجندات
الصهيوأمريكية و الحديث عن حلول التسوية المذلة للكثير من قضايا الصراع العربي
الإسرائيلي و قالت مسؤولة البرنامج في معرض حديثها عن أهدافه المعلنة ''
يعتزم مكتب المبادرة تخصيص 20 مليون دولار لدعم التحول في تونس وهو أمر من شأنه أن
يساعد في ترسيخ المكتسبات التي تحققت في تونس في حقبة ما بعد الرئيس بن علي
ومساعدة التونسيين وهم يحققون تقدما نحو التطور الديمقراطي والرخاء الاقتصادي
المستدامين. وينوي مكتب المبادرة إقامة شراكات مع منظمات محلية ودولية بهدف دعم
مجهود التحول الحاصل. وبوجه خاص، فإن مبلغ الـ20 مليون دولار من المساعدات الجديدة
المقترحة سيعزز الجهود الرامية إلى القيام بما يلي: تأسيس قطاع إعلامي مستقل ومهني وتعددي
يقدم المعلومات بصورة شفافة وبناءة؛*تشكيل مجتمع أهلي مستقل قادر على أن يلعب دورا
محوريا في دعم التربية المدنية والدفاع الفعال عن القضايا؛*تعزيز وتطوير أحزاب
سياسية؛*تطوير إطار سليم للانتخابات؛*تشجيع الإصلاحات الاقتصادية " و الملاحظ
أن هذا البرنامج يتغلغل في جميع القطاعات الحيوية للمجتمع التونسي و لسائل أن يسأل
ما مصلحة أمريكا من كل هذا ؟؟؟؟
USAID... "الاختراق
الناعم عبر الواجهات الخيرية''
تندرج طريقة عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)في ممارسة نشاطاتها الخفية ضمن ما يمكن أن يطلق عليه مسمى
"الاختراق عبر الواجهات"، أي أن عملية الاختراق تحدث تحت مسميات وواجهات
تنموية ونحوها للتمكن من الوصول لمعلومات وأرقام مهمة. و ظهرت هذه الوكالة في
الخمسينات كذراع من أذرع خطة مارشال لإعمار أوروبا، وهي تعني "الوكالة
الأمريكية للتنمية العالمية"، حيث أعلنت الولايات المتحدة أن الهدف من
إنشائها هو تقديم المساعدات الإنسانية للدول والشعوب المحتاجة أو المنكوبة، ودعم
سياسة الولايات المتحدة الخارجية من خلال الترويج للديمقراطية والرأسمالية
والتجارة الحرة. وتدّعي الولايات المتحدة أن هذه الوكالة منظمة مستقلة، لكنها في
الحقيقة منظمة حكومية تتبع لوزارة الخارجية الأمريكية، وتنسق أعمالها مع الخارجية
الأمريكية بهدف دعم المصالح الأمريكية في أنحاء العالم، وتخصص حكومة الولايات
المتحدة تقريبا 0,005 % من ميزانيتها لهذه الوكالة.
أما عن نشاطها في تونس فقد رصدت الوكالة ما يزيد عم 60مليون دينار
منها 7 مليون دينار مخصصة للجهات و الداخلية (بوزيد و قفصة ومدنين و تطاوين) و قد أدى مدير الوكالة زيارة
إلى تونس في السنة الماضية ووسط تعتيم مقصود.و تضمن برنامج الزيارة لقاءات
مع عشرات الأحزاب والمنظمات والوزراء والمسئولين في العاصمة والجهات. هذا الوفد
الذي صرخ بأنه جاء لدعم مسار الانتخابات ومساعدة المنظمات والجمعيات
والأحزاب ذات التوجه المعتدل(الاعتدال على الطريقة الأمريكية و هي التخلي عن
القضايا العربية و التطبيع مع الكيان الصهيوني و تجريم المقاومة ) وتشجيع
المبادرات الخاصة للباعثين الشبان. الخطير في مشاريع تلك الوكالة هي تمويلها لما
يسمى "بمدارس المواطنة" في كل البلاد التونسية وهي عبارة عن نوادي مسيسة
يتم فيها استمالة العباقرة من تلامذتنا وتجنيدهم منذ الصغر لعلمها أن هؤلاء
سيكونون جيل ساسة المستقبل. ولا ننسى أيضا لقاء الوفد وزارة التعليم العالي حيث
سيتم الاتفاق على عدد منح الدراسة بأمريكا وفق شروط تلك الوكالة الاستخبارية.
للعلم أن منحة فولبرايت بروغرام لا تمنح عادة إلا لأشخاص يكونون على استعداد لخدمة
الولايات المتحدة إعلاميا أو استخباراتيا.
و قامت الوكالة منذ افتتاح نشاطها في تونس بعد الثورة بالعديد من
الأنشطة المشبوهة و خاصة برنامج إطلاق "شبكات المجتمع المدني الاقلمية "
و التي تهدف إلى جمع مجموعة كبيرة من الجمعيات في إطار شبكات ينسق فيما بينها احد
العاملين بالوكالة و التي تهدف إلى إنشاء اكبر قاعدة بيانات حول المجتمع المدني
بتونس و مسالك تمويل لبرامج تدعوا في ظاهرها إلى الانتقال الديمقراطي و التسامح و
لكنها تسوق للتطبيع و ''النموذج الأمريكي '' و قد تم فعلا تأسيس هذه الشبكات و هي
كالتالي : الشبكة الاقلمية بالجنوب الشرقي و تضم
جمعيات ولاية قابس و مدنين و تطاوين و قد قامت هذه الشبكة بالعديد من الدورات
التدريبية منها الدورة التأسيسية في مدنين في شهر جويلية الماضي و دورة أخرى في
احد فنادق تطاوين في أواخر الشهر نفسه
و شبكة الوسط و تضم ولايات سيدي بوزيد و القيروان و سليانة و قد صرح
مجموعة من نشطاء المجتمع المدني في سيدي بوزيد بأنهم سيعملون جاهدين على إفشال كل
مخططات الاختراق التي تقوم بها الوكالة في الجهة وردت دعوات على نشطاء المجتمع
المدني بمدينة سيدي بوزيد خصوصا في الجمعيات ، من طرف السيدة مهيبة شاكر عضوة
" جمعية المواطنة " عبر الإرساليات القصيرة لحضور ندوة حول
"التواصل لفائدة المجتمع المدني " . و صرح بعض أعضاء الجمعيات المشاركة
"عند حضورنا فوجئنا بأن اللافتة تحمل شعار "الوكالة الأمريكية للتنمية
الدولية USAID ". وبعد أن قدمت السيدة المحاضرة أهداف الندوة و أهداف من يقفون
خلفها و المتمثلة في تمويل و تأطير و تكوين الجمعيات الوليدة في تونس، و كما فعلوا
في ولايات أخرى جاؤوا لسيدي بوزيد للقيام بدورات تكوينية في التصرف ألجمعياتي و
بناء الديمقراطية و عند هذا الحد وقف الدكتور : عارف عزيزي ليوضح للحضور بأن من
يقف وراء هؤلاء الناس هي وكالة تابعة للمخابرات الأمريكية كما هو مثبت على لافتة
الندوة ثم أخذ الكلمة آخرون من الشباب الحاضر و عرفوا ب " USAID" فتجاوب الجميع وقرروا الانسحاب فهرب
المنضمون قبل الحضور .
و لم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصلت أموال الوكالة إلى المشاريع
الحكومية فقد أشرفت علىدراسة جدوى
قام بها مكتب دراسات أمريكي متخصص بالتعاون مع الغرفة التجارية والصناعية لصفاقس
لإحداث القطب التكنولوجي بصفاقس وهو مشروع رئاسي بصدد الانجاز في اختصاصات
الإعلامية والملتيميديا و هذا الأمر على بساطته يعطس حجم تغلغل هذه المنظمة في
جميع القطاعات الحيوية في البلاد.
مركز دراسة الإسلام والديمقراطية" -CSID- "الاختراق
الحلال"
في أواخر سنة 1997 تم إنشاء مركز دراسة الإسلام والديمقراطية -CSID-. وقد قام على
إنشائه خصوصاً جون اسبوزيتو مدير مركز الوليد بن طلال للحوار الإسلامي المسيحي
بجامعة جورج واشنطن الذي كان يشغل في بداية التسعينات مستشاراً لدى وزارة الخارجية
الأمريكية وكانت له علاقات وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين -من أبرزهم طه جابر العلواني- وحماس
-أحمد يوسف-. ولعب لويس كانتوري أيضاً دوران بارزاً في إنشاء المركز. يشار إلى أن
لويس كانتوري كان "مستشاراً" لأحمد
يوسف لمدة طويلة. وكان رضوان المصمودي من ضمن مجلس الإدارة.ومهمة المركز كما يشير
على صفحته على الأنترنات هي:
"إنتاج بحوث توضح إلى أي مدى تكون هذه المبادئ الغربية حلالا
(جائزة) من وجهة النظر الإسلامية (أي، استنادا إلى القرآن و الحديث )، والمكونات
الأساسية الأخرى من التقاليد الإسلامية) على أمل أن يؤدي ذلك إلى نشر المعرفة في
المجتمع مسلم وأفضل تجهيز للتعامل مع تحديات اليوم."
و يعتمد في تمويله على مجهودات مركز الوليد بن طلال ومن كتابة
الدولة لحقوق الإنسان والشغل -DRL- في الحكومة
الأمريكية ومن صندوق دعم الديمقراطية -NED-. وقد أفتى طه
جابر العلواني فتوى موجودة على صفحة المركز تفيد بأن عمل المركز هو في سبيل الله
وبالتالي فإن الزكاة تحل له ويحث المسلمين على الزكاة للمركز الذي صنعته أمريكا
وتموله وتقوم عليه مخابراتها! ونفس
هذا المركز هو الذي بدأ منذ سنة 2005 بنسج اتصالات مع رموز حركة النهضة في تونس
وقد خرجت وثائق ويكيليكس فاضحة لتلك الاتصالات.
وتتضح لنا تمثيلية ومراوغة المركز وبعض الناشطين البارزين في المجهود
الأمريكي في تونس كرضوان المصمودي وهو من مديري المركز و الذي وصفته احد وثائق
ويكليكس المسربة بـ”الفاعل الأساسي في شبكة ـ” الديمقراطيين في العالم العربي”
الراعي الرسمي لإستراتيجية الدَمَقرَطة الأمريكيّة للبلدان العربيّة وتُبيّن
برقيات سابقة لويكيليكس الدور الهامّ الذي لعبه المصمودي في تنظيم لقاءات بين ما
يوصَف بالشقّ “البراغماتي” في
قيادة حركة النهضة والمسئولين الأمريكيين. كما شجّع، مع “إسلاميين معتدلين” آخرين، في أحد
اللقاءات الدبلوماسيين الأمريكيين على زيارة القيادي الإسلامي حمّادي الجبالي،
الذي فرضت عليه السلطة إقامة جبريّة ببيته. وهو ما تمّ فعلاً حسب إحدى برقيّات ويكيليكس 06TUNIS2298 وبرز أكثر دور المصمودي مؤخّرا عندما نظمّ للجبالي بعد الثورة زيارة
إلى الولايات المتحّدة الأمريكيّة، أثارت جدلا حاداً. إذ دعا خلالها الأمين العام
الحالي لحركة النهضة إلى إقامة “تحالف استراتيجي بين الولايات المتّحدة وتونس” كما
استشهد بإسرائيل كمثال على إمكانية التعايش بين التيّارات العلمانية والدينيّة في
نظام ديمقراطي(3).
و للإشارة فان المصمودي كان من بين الموقعين بل المرسل الرسمي
للرسالة المفتوحة و التي وقع عليها العشرات من الديمقراطيين العرب و الأجانب و
منهم رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي و المستشار السياسي لرئيس الحكومة
لطفي زيتون و التي يستنجدون فيها بالرئيس اوباما لتعميم النموذج الديمقراطي
الأمريكي الحامي لحقوق الإنسان في المنطقة في 22ماي
2009 و قد وصفوا فيها احتلال العراق بالتحدي الأمريكي و طالبوا بدعم الأحزاب
اللبرالية مشددين في ختام الرسالة على التمسك بالنموذج الديمقراطي الأمريكي في
قولهم : في الختام فنحن نكتب إليكم هذا الخطاب
لكي نعبر عن إيماننا العميق بأن دعم الديمقراطيين و الديمقراطية في الشرق الأوسط
ليس فقط في مصلحة المنطقة لكن في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية كذلك و ربما
الأهم من ذلك ما سنختار أن نفعله مع هذه القضية سوف يكشف الكثير عن قوة مثال
الديمقراطية الأمريكية في هذا العصر الجديد و عما إذ كنا سنقرر احترامها و تطبيقا
في منطقة الشرق الأوسط.
و تكاد كل نشاطات المركز مرتبطة بشخصيات و منظمات عرف
عنها ارتباطها العضوي بوكالات الاستخبارات الأمريكية فخذ على سبيل المثال شارك
مركز دراسة الإسلام والديمقراطية (مداد) مع مؤسسة "بيت الحرية" في
برنامج بعنوان "حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المواطنة
والعدالة" وكان ذلك يوم الثلاثاء 7 جوان2005م، بقاعة المحاضرات بمؤسسة
"بيت الحرية" بواشنطن دي سي.
و بيت الحرية Freedom
House منظمة أمريكية ذات صلة وثيقة
بجهاز المخابرات الأمريكية تأسست في عام 1941م بدعم مباشر من الرئيس الأمريكي
وقتها فرانكلين روزفلت هو نفس الرئيس الذي استضاف في عام 1942م المؤتمر الصهيوني
بحضور دافيد بن جوريون ومع تصاعد قوة اللوبي الصهيوني في أميركا مع انتقال الرأسماليين
الصهاينة الكبار والمنظمات والمؤسسات المالية والمصرفية من بريطانيا وأوروبا إلى
أميركا ، تبعا لانتقال مركز القوة العالمي إلى واشنطن بعد نهاية الحرب العالمية
الثانية، سيطر اللوبي الصهيوني على فريدوم هاوس وسخرها لمصلحة الأميركيين في العلن
ولمصلحة إسرائيل المتطابقة دوما مع الرضي الأميركي - بما له من امتداد ديني
وعقائدي داخل النخبة السياسية والثقافية في أوروبا الشرقية وفي الاتحاد السوفياتي
.
ومع وصول جورج بوش الابن إلى السلطة وفي مرحلة ما بعد الحادي عشر من
سبتمبر إنتعش دور فريدوم هاوس وأصبحت هي الذراع الضاربة للمحافظين الجدد - وهم
العناصر الأبرز في اللوبي الصهيوني في اميركا وإن كان بينهم بضع قوميين عنصريين
أميركيين مثل ديك تشيني إلا أنهم جميعا من الصهاينة السياسيين إن لم يكونوا يهودا
بالدين.. قضية العراق واحتلاله بعد حصاره وتقسيم العراق إلى دويلات كان مشروعا مولت
فريدوم هاوس تفاصيله في كردستان وفي الجنوب الشيعي - عبر عملائها ولكن مصالح
الأتراك منعت الأميركيين من الذهاب بعيدا في المشروع حتى الآن ولا احد يعرف ما
الذي يحمله المستقبل . وفريدوم هاوس عقدت مؤتمرات عديدة لدعم الأشوريين في سوريا
بحجة أن لهم قضية ودعمت الأقباط للمطالبة بدولة عنصرية لهم على أراض مصر ودعمت ولا
تزال كل صديق لإسرائيل وكل من يعادي شعبه من بين العرب والمسلمين. .
واللعبة لعبة جهاز المخابرات الأمريكية والأجهزة الإسرائيلية باقتدار
منذ بدايتها، ويكفي في ايامنا هذه مراجعة سيرة حياة المدراء وأعضاء مجلس أمناء
فريدوم هاوس وكبار المسؤولين فيها فسنجد تطابقا بينهم وبين قادة ايباك وبين قادة
سابقين في السي آي ايه أو في الأمن القومي الأميركي. ويبدو ذلك جليا من دور
المنظمة في الحرب الباردة عبر التغلغل في المجتمعات الشيوعية وتفكيكها من الداخل.
ويبدو دور جهاز المخابرات الأمريكية في إدارة وتوجيه منظمة فريدوم هاوس واضحا بقوة
ولا يحتاج إلى أي ذكاء أو عبقرية سياسية فيكفي أن نذكر أن مجلس أمنائها الحالي يضم
بين صفوفه أنتون ليك وهو مستشار "الأمن القومي" للرئيس الأمريكي بيل
كلينتون من عام 1993م حتى عام 1997م كما يضم أيضا ويندل ويلكي الأبن مستشار الرئيس
الأمريكي رونالد ريغان لشؤون "الأمن القومي" كذلك أما عن رؤساء هذه
المنظمة فحدث ولا حرج معظمهم - أو كلهم - كان على علاقة وطيدة ومباشرة بجهاز
المخابرات الأمريكية ونخص بالذكر بيتر آكرمان "يهودي" الذي تولى رئاسة
المنظمة ومن أبرز رؤساء فريدوم هاوس جيمس ولسي "يهودي صهيوني متعصب"
رئيس ال CIA السابق وعضو مركز سياسات الأمن الذي يقوم بالترويج لحزب الليكود
الإسرائيلي اليميني المتشدد، وولسي عضو أيضا بالمعهد اليهودي للأمن القومي وهي
مؤسسة "عسكرية" تسعى للتعاون "العسكري" بين أمريكا وإسرائيل،
كما قام ولسي في عام 2003م بالتبرير الفكري لحرب احتلال العراق.(4)
- (2) عمر نجيب -
الاستعمار في ظل النظام العالمي الجديد: الطابور الخامس بديل الحروب المباشرة
والمكلفة
Merci pour cet article. Puis-je le publier sur mon blog?
RépondreSupprimeroui
Supprimer