Tunisiens Libres: أمريكا والإخوان.. حلف الخيانة والإرهاب

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

mardi 11 mars 2014

أمريكا والإخوان.. حلف الخيانة والإرهاب

أمريكا والإخوان.. حلف الخيانة والإرهاب

لمّا انتصر القرامطة و أقاموا دولة الفقراء التي دامت سبعين سنة جنّ جنون الإقطاعيين و الملوك الحاكمين آنذاك و شنوا عليهم حروبا دامية عسكرية و فكرية و دينية و كذلك لما انتصر العمّال في فرنسا و أقاموا كمونة باريس تعرّضوا لنفس الحرب و لما انتصر العمّال في روسيا و لحقت بهم الصين و فيتنام و كوريا جنّ جنون الرأسمال العالمي و شنّوا عليهم كذلك حروبا عسكرية و فكرية و دينية لم تهدأ نارها إلى يوم الناس هذا خاصة و نحن نعيش هذه الأيام ثورات الربيع العربي وبعد أن تزعمت أمريكا هذه الحرب مبشرة أقرانها بأنها المنتصرة لامحالة و لكنها تكتشف كل مرّة أنها لن تستطيع إخماد صوت الحقّ مهما أهدرت من أموال و قتلت من مناضلين و مناضلات و مهما أزهقت من أرواح الشعوب فالنصر مسافة قلم حبر و صفحة جريدة و مسيرة ناجحة و تهوي كل امبراطوريات الظلم و الإستغلال و لكم البعض من جرائمها و تحركاتها المشبوهة و المنظمات العاملة في ركابها و إلى نصر قريب
بقلم : السيد زهره

ثورة 30 يونيو في مصر حدث تاريخي هائل يمثل نقطة تحول كبرى في تاريخ المنطقة العربية كلها. هذه الثورة سيكون لها تداعيات هائلة على كل الوطن العربي.
سنناقش هذا في تحليلات تالية. لكن الآن، هناك ملف اسود لا بد من ان نبادر بفتحه. نعني ملف علاقة امريكا بالمعزول مرسي وحكم الاخوان المسلمين في مصر.. أي نوع من العلاقة هذه؟.. ما هي أبعادها بالضبط؟
تطورات المواقف الامريكية منذ ان أتى الاخوان الى الحكم مع مرسي، ومواقفهم من الثورة بالذات، وما فعله الاخوان، يشير الى أننا إزاء حلف بين امريكا والاخوان.. هو حلف للخيانة والإرهاب.. حلف لخيانة مصر وشعب مصر، وخيانة الأمة العربية كلها، ولارهاب شعب مصر والشعوب العربية.
سنتوقف في حديث اليوم عند جانب من هذا الحلف، ثم سنواصل بعد ذلك محاولة فضح جوانبه الأخرى.
***
في حماية أمريكا
بداية، ليس جديدا القول بأن امريكا لعبت دورا مهما في صعود الاخوان الى الحكم، وبالأخص في فوز مرسي في انتخابات الرئاسة. كل التقارير تؤكد انه حين كانت المعلومات تشير الى ان شفيق تقدم على مرسي في عدد الأصوات ولو بفارق ضئيل، تدخلت السفيرة الأمريكية مباشرة ومارست ضغوطا من اجل اعلان فوز مرسي.
ومعروف انه على امتداد العام الذي حكم فيه مرسي والاخوان، دعمت امريكا حكمهم بكل قوة ودافعت عنهم في كل الأحوال.
القضية هنا ليست ان امريكا كانت تتعامل مع نظام حكم قائم، وهذا أمر طبيعي. لكن القضية ان امريكا دعمت مرسي والاخوان ودافعت عنهم على الرغم من كل المواقف والخطوات التي اتخذوها في اتجاه تكريس الاستبداد السياسي وتمكين الاخوان، وعلى الرغم من تهميشهم واقصائهم للقوى السياسية الأخرى.
امريكا حمت الاخوان ودافعت عنهم طوال العام على الرغم من انقسام المجتمع، ومقاومة كل القوى المدنية للاستبداد ورفضهم لما يفعله مرسي في هذا الاتجاه. لم ينطق المسئولون الامريكيون بكلمة واحدة نقدا لما كان يفعله مرسي والاخوان، او مطالبة لهم باحترام أسس ومقومات الديمقراطية وحق المشاركة السياسية وأسس الدولة المدنية.
ومن البديهي ان هذا الموقف الامريكي على امتداد العام لم يكن له من معنى سوى رضا امريكا عن هذا الاستبداد الاخواني، وتأكدها من ان إحكام سيطرتهم على مقادير البلاد يخدم المصالح الأمريكية. وسنرى معنى ذلك فيما بعد.
ومن المهم ان نتأمل جيدا، تطور الموقف الامريكي مما يحدث في مصر منذ ما قبل اندلاع ثورة 30 يونيو وبعد ذلك حتى الآن.
وقد تطور هذا الموقف على النحو التالي:
أولا: حين انطلقت الدعوة الى الحشد الجماهيري في 30 يونيو لإسقاط مرسي وحكم الاخوان، كان للسفيرة الامريكية في مصر موقف واضح سافر لا لبس فيه سبق ان كتبت عنه.
الموقف الذي اتخذته السفيرة علنا وسرا قبل 30 يونيو، تلخص في:
1-
التسفيه من المظاهرات الجماهيرية التي تمت الدعوة اليها في 30 يوينو، ومن جدوى هذه الاحتجاجات الشعبية. وقالت صراحة في لقاء علني ان هذه المظاهرات والاحتجاجات لن يكون له جدوى الا زيادة أعداد القتلى.
2-
أعلنت السفيرة بشكل سافر ان امريكا ترفض رفضا تاما أي دور سياسي للجيش المصري، وأي تدخل للجيش من أي نوع.
3-
طلبت السفيرة صراحة من بابا الأقباط ان يطلب من اقباط مصر عدم المشاركة في مظاهرات 30 يونيو.
4-
اعتبرت السفيرة ان الطريق الوحيد للتغيير هو انتظار صناديق الانتخابات. أي ان موقف امريكا هو رفض أي حديث عن مطالبة مرسي او الاخوان بالرحيل عبر المظاهرات.
هذا هو الموقف الذي عبرت عنه السفيرة قبل الثورة.
وبالإضافة الى ما ينطوي عليه من تدخل سافر مرفوض بالضرورة في الشئون المصرية، فكما نرى، تعمدت السفيرة ان تعلن وبشكل سافر الانحياز الأمريكي الكامل الى مرسي والاخوان في مواجهة كل القوى الأخرى والإرادة الشعبية.
السفيرة تعمدت هذا كي تبلغ للجميع رسالة واضحة، وهي ان مرسي والاخوان في حماية امريكا وتحت رعايتها، وان امريكا لن تقبل الإطاحة بهم .
وراء تعمد أبلاغ هذه الرسالة بهذا السفور عنجهية كريهة، وغباء سياسي. فقد تصورت السفيرة ان مجرد اعلان الموقف الامريكي على هذا النحو سيكون في حد ذاته إرهابا سياسيا للقوى المعارضة وحتى للشعب المصري، وتصورت ان هذا قد يكون كفيلا بردع الجميع عن التفكير في الإطاحة بمرسي والاخوان، أي إجهاض الثورة.
بالطبع، السفيرة لم تكتف باعلان هذه الموقاف علنا، وانما قامت بتحركات سياسية محمومة في كل اتجاه على أمل ان تقود جهودها الى إحباط الجهد الوطني قبل الثورة وأثناءها.
***
حتى آخر لحظة
ثانيا: حين اندلعت الثورة، وخرج الى الميادين والشوارع كل هذه الملايين من الشعب المصري، وكان واضحا منذ اللحظة الأولى في 30 يونيو إرادة الشعب المصري في الإطاحة بمرسي والاخوان، لم يحرك هذا للإدارة الامريكية ساكنا، ولم تغير من موقفها قيد انملة في دعمها للاخوان واسباغ الحماية عليهم. كل التقارير تشير بداية الى ان الامريكيين حاولوا ممارسة ضغوط شديدة عل قيادات الجيش المصري كي لا يتدخلوا اطلاقا ايا كان ما يحدث.
في اليوم التالي للثورة، وحين اصدر الفريق السيسي الإنذار الشهير بضرورة الاستجابة الى مطالب الشعب في خلال 48 ساعة، والا فان الجيش سوف يتدخل، خرج مسئولون امريكيون ليحذروا الجيش مباشرة، وليقولوا بالنص: «ستكون هناك تداعيات خاصة اذا قرر الجيش التدخل.. وعلى القادة العسكريين ان يحذروا بشأن كيفية إقحام أنفسهم في هذا الوضع». وكما نرى، كان هذا تهديدا صريحا للجيش.
«
غير صحيح ان الرئيس اوباما حث مرسي على تنظيم انتخابات مبكرة، وقالت ان اوباما طلب من مرسي فقط» اظهار انه يستمع الى قلق المصريين».
المتحدثة أرادت ان تقول كما هو واضح ان إدارة اوباما حتى بعد هذا الإنذار من الجيش تقف بجانب مرسي وتدافع عنه، ولا تطلب منه تقديم أي تنازل ، حتى ولو مجرد إجراء انتخابات مبكرة.
في نفس الوقت، وتحسبا لما يمكن ان يقدم عليه الجيش، أكدت التقارير ان الامريكيين حاولوا جاهدين ان يقنعوا قادة الجيش بالإبقاء على مرسي، حتى ولو كرئيس شرفي.
ثالثا: وبعد ان أعلن الفريق السيسي، بعد الاتفاق مع القوى السياسية والأزهر الشريف والكنيسة، القرارات الشهيرة بعزل مرسي وخريطة طريق للمستقبل، لم يكن هذا كافيا كي تفكر امريكا في تغيير موقفها.
الموقف الأمريكي عبر عنه بجلاء الرئيس اوباما في التصريحات الشهيرة التي أدلى بها بعد اجتماع لمجلس الأمن القومي وكبار مستشاريه.
كما بات معروفا، عبر اوباما عن قلقه العميق وانزعاجه الشديد من عزل مرسي، وطلب عدم اعتقال مرسي وأنصاره. وقال انه أمر بمراجعة المساعدات الامريكية لمصر، بما يعني صراحة انه يعتبر ان ما حدث في مصر انقلاب عسكري على الديمقراطية ، بكل ما يترتب على ذلك.
اذن، كما نرى حتى اللحظة الأخيرة، وحتى بعد ان أطاحت الثورة بمرسي والاخوان فعلا، فان الإدارة الامريكية لم تتخل عن وقوفها بجانبهم ودفاعا عنهم.
ليس هذا فحسب، بل انه حين خرج الاخوان في احتجاجاتهم العنيفة بكل أعمال القتل التي ارتكبوها للمطالبة بعودة مرسي، اكدت مصادر موثوقة ان هذا التحرك كان بتخطيط من الإدارة الامريكية. هذه المصادر قالت «ان جماعة الاخوان المسلمين، ومن حولها التيارات المتطرفة، بدأت في التحرك ناحية الميادين المختلفة بدعم وتخطيط من الولايات المتحدة الامريكية، التي دعتهم الى الخروج والاحتشاد بالميادين، في ظل غياب التيارات والقوى المدنية، حتى تتمكن الإدارة الامريكية من دعمهم ومساندتهم خلال الفترة القادمة، وإظهار الأمر على انه انقلاب عسكري منظم قاده الجيش للانقلاب على الشرعية».
وفي سياق تطور المواقف الامريكية كما أوضحت، من المؤكد ان ما تحدثت عنه هذه المصادر صحيح تماما.
وفي غضون هذه التطورات كلها، لعبت محطة السي ان ان التلفزيونية الامريكية دورا قذرا بكل معنى الكلمة في تغطيتها للثورة المصرية والتطورات في مصر عموما.
السي ان ان لعبت نفس الدور الذي لعبته قناة الجزيرة بالضبط.
المحطة كما بات معروفا انحازت في تغطياتها بشكل كامل الى مرسي والاخوان المسلمين، وسفهت من شأن ثورة الشعب المصري، وتعاملت مع ما حدث على انه مجرد انقلاب عسكري بكل ما يعنيه ذلك.
ليس هذا فحسب، بل وصل تعمد التضليل والتشويه بالسي ان ان الى حد ان تعرض مشاهد حشود المتظاهرين في ميدان التحرير على اعتبار أنهم من أنصار ومؤيدي مرسي.
لماذا تفعل السي ان ان هذا؟ كيف يمكن تفسير هذا الدور القذر الذي لعبته؟
الأمر ليس بحاجة الى الكثير من الاجتهاد وإعمال الفكر. طبعا، لا يمكن ان يكون هذا مجرد اجتهاد من المحطة في تغطية أحداث الثورة والموقف منها. لابد ان المحطة كانت تنفذ بوضوح ومباشرة أجندة سياسية امريكية تقضي بالانحياز السافر المطلق اللاخوان وتحدي إرادة الشعب المصري.
اذن، على ضوء هذا الرصد للموقف الامريكي من الاخوان والثورة وأحداث مصر عموما ، يتضح بجلاء ما يلي:
1-
امريكا اسبغت حمايتها الكاملة على حكم الاخوان المسلمين ودعمته بكل ما تملك.
حقيقة الأمر كما يتضح، فان امريكا، تعاملت مع بقاء مرسي في السلطة وبقاء حكم الاخوان، كما لو كانت مسألة حياة او موت بالنسبة لها.
وهذا الموقف لم يتغير أبدا رغم كل ما جرى. تغير فقط جزئيا، للأسباب والتطورات التي سنشرحها لا حقا.
2-
امريكا لم تتردد في سبيل حماية الاخوان والدفاع عنهم وإبقائهم في السلطة، وفي كل المراحل منذ ان بدأ حكم الاخوان في ظل مرسي، من تحدي إرادة الشعب المصري وكل قواه السياسية، حتى بعد ان عبر الشعب عن هذه الإرادة بشكل لم يشهده تاريخ البشرية. نعنى حين خرج أكثر من 20 مليون مصري الى الشوارع والميادين. والبعض يقدر أعداد المتظاهرين ب 33 مليونا من المواطنين المصريين.
ورغم وضوح الصورة على هذا النحو، فأنها لا تكتمل الا بما ستعرضه حالا من مواقف لقادة الاخوان.
***
حين يتحدث الخونة
لابد كي تكتمل الصورة ان نتوقف بكثير من التأمل عند عدد من المواقف التي عبر عنها قادة الاخوان ومرسي في الفترة منذ ما قبل اندلاع الثورة مباشرة وحتى عزل مرسي وسقوط الاخوان. هي مواقف تتعلق تحديدا بتقديرهم لموقف امريكا والدور الذي تلعبه.
لنتأمل جيدا ما يلي:
1-
كما هو معروف قبل اندلاع الثورة، عقد عمرو موسى القيادي في جبهة الإنقاذ اجتماعا مع خيرت الشاطر نائب المرشد العام للاخوان.
لا يعنينا هنا أمر الاجتماع في حد ذاته. يعنينا في السياق الذي نتحدث عنه ما نقله عمرو موسى عن الشاطر حين أراد ان يؤكد ان مظاهرات 30 يونيو ايا كانت لن تهز الاخوان وحكمهم او تسقطهم. قال الشاطر لعمرو موسى: احنا معانا الولايات المتحدة الامريكية.
2-
حين وجه الجيش الإنذار الشهير بضرورة الاستجابة لمطالب الشعب في خلال 48 ساعة، نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية في نفس اليوم على موقعها الالكتروني تصريحات أدلى بها للصحيفة احد مساعدي مرسي. انظر ماذا قال.
قال ان «الرئاسة ترى ان بيان الجيش بمثابة انقلاب عسكري، لكن مرسي سيظل آمنا طالما انه لايزال يحظى بدعم الإدارة الامريكية». وأضاف ان «الرئاسة لديها قناعة بأن الانقلاب لن يمضي قدما دون موافقة امريكية». وأعرب مساعد الرئيس عن أمله في استمرار حصول مرسي على دعم الإدارة الامريكية، وأكد ان «الجيش لن يخاطر بإغضاب الولايات المتحدة التي تمنحه دعما كبيرا».
3-
نشرت صحيفة «الوطن» المصرية نص حوار جرى بين السيسي قائد الجيش ومرسي في الساعات الأخيرة الحاسمة بعد إنذار الجيش، وقبيل ان يلقي مرسي آخر خطاب تعيس له.
هذا جزء من نص الحوار:
مرسي: الجيش موقفه إيه من اللي بيحصل، هيفضل كدا يتفرج، مش المفروض يحمي الشرعية؟
السيسي: شرعية إيه؟ الجيش كله مع إرادة الشعب، وأغلبية الشعب حسب تقارير موثقة مش عايزينك.
مرسي: أنا أنصاري كتير ومش هيسكتوا.
السيسي: الجيش مش هيسمح لأي حد يخرّب البلد مهما حدث.
مرسي: طيب لو أنا مش عايز أمشي.
السيسي: الموضوع منتهي ومعدش بمزاجك، وبعدين حاول تمشي بكرامتك، وتطالب من تقول إنهم أنصارك بالرجوع لمنازلهم، حقناً للدماء بدلاً من أن تهدد الشعب بهم.
مرسي: بس كدا يبقى انقلاب عسكري وأمريكا مش هتسيبكم.
السيسى: إحنا يهمنا الشعب مش أمريكا، وطالما أنت بتتكلم كدا أنا هكلمك على المكشوف.. إحنا معانا أدلة تدينك وتدين العديد من قيادات الحكومة بالعمل على الإضرار بالأمن القومي المصري والقضاء هيقول كلمته فيها، وهتتحاكموا قدام الشعب كله.
هذا حوار تاريخي. دعك مما يبرزه من فارق بين زعيم وطني مثل الفريق السيسي، ورئيس يتآمر على مصر وشعبها في لحظة فارقة. لنلاحظ ان مرسي لم يجد ما يهدد به السيسي والجيش سوى القول بأن «امريكا مش هتسيبكم»
4-
حين تم الاعلان عن عزل مرسي وباقي القرارات المعروفة، تؤكد كل التقارير ان مساعدي مرسي، وخصوصا عصام الحداد وقادة الاخوان، لم يجدوا أي شيء يفعلوه سوى الاستنجاد بامريكا ودعوتها للتدخل المباشر في مصر لإبقاء مرسي والاخوان.
تؤكد كل التقارير ان الاخوان ومرسي لم يترددوا في طلب التدخل الامريكي حتى العسكري، وطلب الحداد من الامريكيين ان يقطعوا فورا المساعدات عن مصر، وان يطلبوا من دول اوروبية ان تفعل هذا.
الآن، ماذا تعني هذه المواقف التي عبر عنها مرسي وقادة الاخوان في تلك الساعات الحاسمة؟
بداية هذه مواقف لا يقدم عليها الا خونة لوطنهم وللشعب.
ليس هناك أي توصيف غير هذا لما قالوه عن امريكا وحمايتها لمرسي والاخوان في مواجهة الشعب المصري، ولدعوتهم الصريحة الى التدخل الامريكي المباشر لابقائهم في السلطة.
غير هذا، اذا تأملنا هذه المواقف، فسوف نكتشف فورا أمرين واضحين:
الأول: من الواضح ان مرسي والاخوان كان لديهم تأكيدات ووعد قاطع حاسم بان امريكا لن تسمح أبدا بسقوطهم مهما حدث ومهما كان الثمن.
لولا هذا ما كان من الممكن ان يتحدثوا عن امريكا بكل هذه الثقة.
والثاني: ومعنى هذا ان هذا الحلف. حلف الخيانة والإرهاب بين الاخوان وامريكا وصل الى مرحلة متقدمة جدا والى درجات من التوافق والعمل المشترك لا نعرف إبعادها بالضبط الآن.
***
هذا اذن مبدئيا هو ما كان من أمر الحماية الامريكية للاخوان وحكمهم، وما كان من أمر رهان الاخوان على امريكا من منطلق الحلف معها.
بالطبع، حدثت تطورات كبرى هي التي ستجبر امريكا على تغيير مواقفها سنشرحها في المقال القادم.
لكن سيبقى التساؤل المهم هو: أي حلف هذا بالضبط؟.. ماذا كان موقع حكم الاخوان في الاستراتيجية الامريكية لدرجة ان تقاتل على هذا النحو من اجلهم؟.. ما الذي يجعل امريكا تسبغ كل هذه الحماية على جماعة فاشية مثل الاخوان؟

·        الإدارة الأمريكية فوجئت بثورة الشعب المصري ضد "الحيزبون" وارهاب اوباما
·        البحرين والسعودية والإمارات والكويت لعبت دورا حاسما في تغيير الموقف الأمريكي
·        خطأ اوباما الاستراتيجي.. لم يفهم ان مصر هي "أم الدنيا"
·        لماذا عنف السيسي سفيرة امريكا وقال لها: لا تنسي انك مجرد سفيرة؟
·        نواب وباحثون امريكيون فضحوا اوباما وعدائه للديمقراطية
·        امريكا لن تتوقف عن محاولة اثارة الفوضى والتآمر على النظام الجديد

تحدثت في المقال السابق عن الحلف الذي اقامته امريكا مع حكم مرسي والاخوان المسلمين في مصر، وكيف ان الادارة الامريكية اصرت وحتى آخر لحظة على تحدى ارادة الشعب المصري وثورته العارمة في 30 يونيو، وحاولت حماية حكم الاخوان والدفاع عنهم.
الذي حدث ان عوامل وتطورات مهمة اجبرت الولايات المتحدة على تغيير موقفها وان تتراجع عن هذا الدعم السافر للإخوان.
من المهم ان نتوقف عند هذه العوامل والتطورات قبل ان نمضي قدما في مناقشة اسرار وابعاد تحالف امريكا مع الاخوان.
***

التراجع الأمريكي
بعد ان كانت ادارة الرئيس الامريكي اوباما تصر على تحدي ارادة الشعب المصري وتقف علنا الى جانب مرسي والاخوان حتى بعد الاطاحة بحكمهم وانتصار الثورة، بدات تتراجع عن موقفها هذا.
التراجع في الموقف الأمريكي تم بشكل تدريجي على النحو التالي:
في البداية، اعلن البيت الابيض الأمريكي في اعقاب اجتماع عقده اباما مع فريقه الامني، ان "الولايات المتحدة ليست منحازة ولا تدعم أي حزي سياسي او جماعة محددة في مصر".
بالطبع، لم يكن لهذا التأكيد من البيت الأبيض أي معنى ولا قيمة محددة، فالكل كان يعلم انهم منحازون الى الاخوان. لكن هذا الاعلان كان مجرد تمهيد للتراجع الأمريكي.
بعد ذلك، اعلنت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية، وبعد اسبوع كامل من الاطاحة بمرسي ان "محمد مرسي لم يعد في منصبه رئيسا لمصر، وان ما كان في مصر ليس حكما ديمقراطيا". واضافت الى ذلك القول ان "من الواضح ان الشعب المصري قال كلمته... ان نحو 22 مليون شخص خرجوا واعربوا عن وجعهات نظرهم هناك، وهو ان الديمقراطية ليست فقط مجرد الفوز بالتصويت في صناديق الاقتراع.. هذا الأمر يمثل عددا كبيرا من الناس اعربوا عن قلقهم حيال الطريقة التي تحكم بها البلاد".
بالطبع، كان هذا اوضح تصريح امريكي بالاعتراف بالأمر الواقع وبالتحول الذي حدث في مصر.
وفي اليوم التالي، اعلن البيت لابيض ان الولايات المتحدة ستضع في اعتبارها عند مراجعة برامج المساعدات لمصر حقيقة ان "ملايين المصريين لا يرون ماحدث انقلابا، وانهم قد تظاهروا في الشوارع من اجل التعبير عن رايهم بانه ينبغي ان يكون هناك تغير في الحكومة".
بعد ذلك، ارسلت الادارة الامريكية ويليام بيرنز نائب وزير الخارجية الى القاهرة لتأكيد هذه المواقف الامريكية الاخيرة، أي لتأكيد التراجع الامريكي والاعتراف بالأمر الواقع. وكان بيرنز حريصا في تصريحاته ولقاءاته على تأكيد ذلك ن بالقول بان الشعب المصري هو من يحدد مصيره، وان امريكا لا تنحاز لأحد، وانها تدعم اجراءات التحول الديمقراطي، وما شابه ذلك من مواقف.
اذن، على هذا النحو تراجعت امريكا عن موقفها.
القضية المهمة هنا التي يجب تأكيدها ان امريكا تراجعت عن ن موقفها وعن دعمها لإفخوان ليس عن اقتناع، وليس عن رضا بموقفها الجديد. امريكا تراجعت لأنها اجبرت على ذلك،ولم يكن امامها خيار آخر غير هذا التراجع.
ولهذا من الأهمية بمكان ان نتوقف عن العوامل والأسبا ب التي تقف وراء هذا التراجع والتي اجبرت امريكا على تغيير موقفها.
هذا امر مهم لأن فهم هذه الاسباب يقدم مفاتيح ودروسا مهمة في كيفية التعامل مع الادارة الامريكية عموما من جانب دولنا العربية.
والأمر المؤكد هنا ان وراء هذا التراجع الأمريكي ثلاثة عوامل كبرى حاسمة:
عامل يتعلق بموقف الشعب المصري
وعامل يتعلق بالموقف من التحول الذي شهدته مصر في داخل امريكا نفسها والانتقادات التي وجهها الكثيرون الى ادارة وباما.
وعامل يتعلق بموقف دول مجلس التعاون الخليجي.
***

الصفعة
بطبيعة الحال، كان موقف الشعب المصري هو العامل الاساسي الحاسم الذي اجبر امريكا على تغير موقفها.
الشعب المصري هنا سجل موقفا تاريخيا بمعنى الكلمة ووجه صفعة كبرى مدوية لأوباما وادارته. وبعد هذه الصفعة بالذات، لم يكن هناك مفر امام اوباما سوى التراجع مجبرا.
وحين نتحدث عن موقف الشعب المصري في مواجهة امريكا، فاننا نتحدث عن جوانب كثيرة.
بداية، الشعب المصري فرض الأمر الواقع بالفعل ولم يكن امام امريكا وغيرها سوى التعامل معه. نعني انه فرض نجاح الثورة والنظام الجديد الذي افرزته، وانهى وجود حكم مرسي والاخوان.
وامريكا التي قاتلت حتى اللحظة الاخيرة دفاعا عن حكم الاخوان، لم يكن امامها من خيار في نهاية المطاف سوى قبول الواقع الجديد الذي فرضه الشعب والتعامل معه. لم يكن ممكنا ان تستمر الادارة الامريكية في تحدي ارادة الشعب المصري، وخصوصا انها ادركت ان هذا الموقف سيكلفها كثيرا جدا.
وحين نتحدث عن فرض الشعب المصري لواقع الثورة الجديد، فلابد بداهة ان ننوه بالدور التاريخي الحاسم الذي لعبه الجيش المصري.
ولا نقصد هنا فقط مسألة انحياز الجيش الى ارادة الشعب وحمايته للثورة على نحو ما بات معروفا، ولكن نقصد ايضا امرا حاسما آخر.
نعني بذلك، الموقف الوطني التاريخي للفريق السيسي وقيادات الجيش برفضهم القاطع لكل الضغوط التي مارستها الادارة الامريكية في تلك الايام الحاسمة،ومحاولتها دفع الجيش لتغيير موقفه.
نحن لانعرف حتى الآن تفاصيل الضغوط التي حاولت الادارة الامريكية ممارستها على الجيش. لكن في حدود المعلومات المتاحة، الثابت ان امريكا ظلت تمارس هذه الضغوط على الجيش منذ ما قبل 30 يونيو، واثناء الثورة، وحتى بعد نجاح الثورة.
والثابت ان الفريق السيسي رفض هذه الضغوط بحسم وبلا تردد، ولقن الامريكان درسا قاسيا.
صحيفة " وول سترتي جورنال " الأمريكية كشفت عن ان الادارة الامريكية حاولت ممارسة ضغوط شديدة عبر وزير الدفاع الامريكي هاجل على الفريق السيسي " كي لا يستجيب للثورة الشعبية " الا ان كل هذه الضغوط باءت بالفشل.
ويكفي ان نشير هنا الى ماتسرب عن بعض ما جرى في محادثة هاتفية بين السفيرة الامريكية في مصر والفريق السيسي بعد عزل مرسي وسقوط حكم الاخوان، وحاولت حتى تلك اللحظة الدفاع عن بقاء الاخوان بعرضها ان تتوسط بين الجيش والاخوان، وتحدثت عن العنف والمساعدات الامريكية وما شابه ذلك. فما كان من الفريق السيس الا ان عنفها بشدة وقال لها : لا تنسي انك لست الا مجرد سفيرة، وانك وبلادك ليس لكم الحق في ان تتدخلوا في شئون مصر.
واكثر ما اثار فزع الادارة الامريكية، ولم تكن تتوقعه كما هو واضح، كان ذلك الغضب الشعبي المصري العارم الذي تفجر ضد امريكا وموقفها، واتخذ صورا واشكالا شتى.
ثورة 30 يونيو والمظاهرات العارمة التي تفجرت في ذلك اليوم، والايام التالية، كانت في نفس الوقت ثورة ضد أمريكا وموقفها.

اللافتات التي رفعها المتظاهرون، والهتافات التي رددوها في ميادين مصر، اجمعت على امرين:
1 - ان امريكا بدعمها السافر لمرسي والاخوان، تدعم في نفس الوقت الارهاب في مصر.
2 – ان امريكا باشاراتها الى اعتباران الثورة ما هي الا انقلاب عسكري اهانت الشعب المصري، وتحدت ارادته بشكل سافر وقبيح.
3 – المطالبة بطرد السفيرة الامريكية في القاهرة بسبب الدور القبيح الذي لعبته.

في القاهرة رفعت لا فتات تقول للسفيرة الامريكية "ايتها الحيزبون عودي الى بيتك".
وفي القاهرة والمحافظات ردد المتظاهرون هتافات من قبيل "يا امريكا يا ملعونة، مش عاوزين منك معونة" و"الادارة الامريكية ارهابية" و"لا سفيرة ولا معونة يا امريكا يا ملعونة" و"اذهبي الى الجحيم يا سفيرة جهنم".. وهكذا.
ولم تتوقف ثورة الغضب المصري على الادارة الامريكية عند هذا فقط.
المصريون في امريكا تظاهروا احتجاجا على الموقف الامريكي ونددوا بالانحياز الاعلامي الفاضح للسي ان ان للإخوان وضد الشعب.
الاف المصريين شنوا هجوما كاسحا على صفحة الرئيس الامريكي اوباما على فيسبوك وصفحات مسئولين امريكيين آخرين، وكتبوا رسائل موحدة كتبوا فيها " ما يحدث في مصر ليس انقلابا عسكريا، لكنه ثورة شعبية انحاز لها الجيش منذ اللحظة الاولى، ومصر يحكمها الآن رئيس مدني وليس عسكريا.. توقفوا عن دعم الارهابيين".
وردا على التهديدات الامريكية باستخدام المعونة كأداة ضغط وابتزاز، اطلق المصريون حملة شعبية لدعم الاقتصاد المصري،وطالبوا بوقف هذه المعونة.
حقيقة الأمر ان الشعب المصري فضح ادارة اوباما كما لم يحدث ابدا من قبل. والمصريون لقنوا اوباما درسا قاسيا حين لم يحترم ارادة الشعب وانحاز الى الاخوان وارهابهم.
وكل المؤشرات تشير الى ان ادارة اوباما لم تكن تتوقع هذا الغضب الشعبي العارم ضد امريكا، وادركت ان العداء لأمريكا لم يكن ابدا بهذا الشكل، وانها ستدفع ثمنا فادحا ان استمرت في مواقفها.
ومن الواضح ان اوباما ارتكب واحدا من اكبر الاخطاء الاستراتيجية في حياته، حين تصور بعنجهية ان بمقدور امريك اان تفرض ارادتها وانحيازها على الشعب المصري. اوباما لم يدرك ان مصر هي فعلا " ام الدنيا"، وان شعبها حين يقرر بكل هذه الملايين، يستطيع ان يفرض ارادته على الجميع.
والأم رالمؤكد ان هذه الصفعة التي تلقاها اوباما من الشعب المصري كانت السبب الاكبر وراء التراجع التدريجي في الموقف الامريكي على نحو ما اشرنا.
***

امريكيون فضحوا اوباما
ولا شك من الاسباب المهمة لتراجع امريكا عن مواقفها، المواقف في داخل امريكا نفسها. نعني الانتقادات الحادة التي تم توجيهها الى الادارة الامريكية بسبب انحيازها للإخوان وموقفها من ثورة الشعب المصري.
عدد كبير من نواب الكونجرس الامريكي وجهوا هذه الانتقادات الحادة. وايضا باحثون مهمون في بعض مراكز الابحاث الامريكية فعلوا نفس الشيء.

من متابعة المواقف الرافضة لموقف الادارة الامريكية، يلاحظ ان انتقاداتها الحادة انصبت على الجوانب التالية:
1 – اعتبار ان ادارة اوباما بانحيازها للإخوان وموقفها العدائي من الثورة، استعدت الشعب المصري على امريكا كلها لتحدى اوباما لإرادة الشعب.
وقد تابعنا كيف انه في الكونجرس، عرض نواب اللافتات التي رفعها المتظاهرون في مصر ضد امريكا وادارة اوباما، وتحدثوا عن كيف وصل العداء لأمريكا.
2 – اعتباران ادارة اوباما بدعمها لمرسي والاخوان لم تظهر أي احترام للديمقراطية، ولا لمستقبل الشعب المصري ومصالحه. واعتبار ان الثورة المصرية تفتح الطري ق امام مستقبل افضل لمصر، وهو ما تجاهله اوباما.
3 – اعتبا ران موقف ادارة اوباما الحق ضررا هائلا بمصالح امريكا الاستراتيجية في مصر والمنطقة العربية كلها.

ومن المهم ان نستعرض بعضا من هذه المواقف الأمريكية المنددة بموقف ادارة اوباما، فهي في حد ذاتها تفضح هذه الادارة واهدافها.
مثلا، النائب الأمريكي اد رويس رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب وعضو اللجنة النائب اليوت انجل اصدرا بيانا مشتركا قالا فيه ان قرار اخذ سلطة الدولة من بين ايدي جماعة الاخوان المسلمين " يمثل نقطة تحول فارقة في ثورة مصر غي المكتملة. وما اهملته جماعة الاخوان هو فهم ان الديمقراطية تعني اكثر من مجرد اجراء الانتخابات. الديمقراطية الحقيقية تتطلب اشتمال الجميع والتسوية والحلول الوسط واحترام حقوق الانسان والاقليات والالتنزام بسيادة القانون. ومرسي ودائرته المقربه لم تتبن أي من هذه المباديء، واختاروا بدلا من ذلك توطيد السلطة والحكم والاستحواذ على السلطة، ونتيجة لذلك عانى الشعب المصري واقتصاده كثيرا".
احد المسئولين الامريكيين قال ان " تحرك الجيش المصري لم يكن انقلابا عسكريا. لقد قطع الطريق، كما اراد الشعب، على عملية فرض الحكم الاسلامي على مصر".
النائب اريك كانتور قال ان " الاطاحة بمرسي تفتح الباب امام مستقبل افضل لمصر. فقد كان مرسي عقبة امام الديمقراطية وحكم المؤسسات على النحو الذي يريده المصريون".
النائب جيم انهوف قال انه " منذ ان تولى مرسي والاخوان السلطة مارسوا اضطهاد المعارضة السياسية، وفشلوا في تحقيق الاستقرار والنهوض بالاقتصاد وتوفير الخدمات الاساسية للمواطن،وثبت انهم ليسوا اهلا للحكم".
السيناتور تيد كروز قال في مقال مكتبه ان ادارو اوباما اظهرت نفسها كعدو للديمقراطية. واعتبر ان الموقف الذي اتخذه اوباما من اكبر الاخفاقات الدبلوماسية في التاريخ المعاصر،. ووقال انه يريد ان يعرف، لماذا يدعم اوباما مرسي بالضبط، ولماذا صمت عن الانتهاكات للديمقراطية في حكمه. وقال ايضا اننا نشهد فرصة للاصلاح في مصر، وان سياسات اوباما تثير عداء الشعب المصري الذي نقول اننا ندعمه.
اما عن الانتقادات التي وجهها باحثون في مراكز ابحاث مهمة، فمنها مثلا ما كتبه مارتن انديك، مدير برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكنجز. انتقد بعنف موقف اوباما وتهديده بقطع المعونات عن مصر. وقاتل ان واشنطون بعثت برسالة الى الملايين من المصريين الذين طالبوا بالإطاحة بمرسي واحتفلوا في الشوارع بقرار الجيش، يأنها تقف الى جانب خصومهم السياسيين. كما بعثت رسالة سلبية الى دول الخليج بأن امريكا تقف ضد مصالحهم.
ايضا، كتبت هاله اسفندياري، مديرة برنامج الشرق الاوسط في مركز ودرو ويلسون للأبحاث، تشيد بالثورة المصرية،، وقالت ان المصريين اطاحوا برئيسهم الذي كان على وشك ان يصبح ديكتاتورا صغيرا. واضافت " لم يستطع الانتظار ثلاث سنوات حتى يخرجوه عبر الانتخابات، لكنهم استخدموا وسيلة ديمقراطية، فلاحقوا مرسي وحاشيته بجمع 22 مليون توقيع على استمارة حركة تمرد، وبالنزول مرة اخرى الى الشوارع والتوجه الى ميدان التحرير. وتطلع المصريون مرة اخرى الى الجيش ليسهل لهم الاطاحة بالمستبد الجديد المصغر. ويرفض المصريون الاشارة الى ما حدث بانه انقلاب".
هذه مجرد امثلة للمواقف التي اتخذها نواب بارزون في الكونجرس الامريكي وبعض الباحثين في مراكز الابحاث، والتي نددوا فيها بالموقف الذي اتخذته ادارة اوباما من الاخوان ومن الثورة المصرية.
والأمر المؤكد ان هذه المواقف كان لها تأثير مهم في دفع ادارة اوزباما الى التراجع في موقفها.
***

موقف تاريخي
والأمر الذي لا شك فيه ان الموقف التاريخي الذي اتخذته البحرين والسعودية والامارات والكويت من الثورة المصرية والتحول الذي شهدته مصر، لعب دورا حاسما في دفع الادارة الامريكية الى تغيير موقفها.
كما هو معروف، فور نجاح الثورة المصرية والاعلان عن خارطة التحول الجديد بعد ان اسقط الشعب حكم الاخوان، سارعت الدول الأربع باعلان تاييدها السياسي لهذا التحول، والاعراب عن الوقوف بجانب الشعب المصري وارادته التي عبر عنها. وبالاضافة، الى هذا سارعت هذه الدول كما هو معروف بتقديم دعم مالي كبير لمصر في هذه الظروف الصعبة.
هذا الموقف كان في جانب اساسي منه بمثابة رسالة مباشرة الى الإدارة الأمريكية.

والرسالة كانت من شقين:
1 – ان أمريكا بدفاعها عن مرسي والاخوان رغم ثورة الشعب المصري، وباتخاذها هذا الموقف من الثورة، لا تعادي فقط الشعب المصري وتتحدى ارادته، وانما تتحدى في نفس الوقت ارادة دول عربية نافذة تقف مع شعب مصر.
2 – وبالدعم المالي الذي سارعت الدول الخليجية العربية بتقديمه الى مصر، وان كان هدفه الاساسي بالطيع هو دعم الاقتصاد المصري في هذا الظرف الصعب، الا انه انطوى ايضا على رسالة في غاية الأهمية لأمريكا مؤداها، اذا كانت الادارة الامريكية تتصور ان المساعدات التي تقدمها لمصر أداة ضغط وابتزاز وتتصور ان التهديد بقطع هذه المساعدات يمكن ان يفرض على الشعب المصري ما تريده امريكا، فان دول الخليج العربية لن تتردد في تعويض هذه المساعدات.
هذه هي رسالة الموقف الخليجي العربي الذي اتخذته الدول الاربع.
هذا دون ان نتحدث عن التقارير التي تحدثت عن اتصالات مباشرة قامت بها السعودية بالذات مع الادارة الامريكية حول موقفها مما يجري في مصر.
ولم يكن بمقدور الادارة الامريكية ان تتجاهل هذا الموقف الخليجي العربي والرسائل التي حملها.
***

تراجع.. ولكن
اذن، هذه هي العوامل الاساسية التي قادت امريكا الى تغيير موقفها من التحول الذي شهدته مصر، والتراجع عن الدعم الذي عبرت عنه للإخوان المسلمين حتى آخر لحظة.
امران مهمان يرتبطان بهذا التراجع لا بد من الاشارة اليهما:
الأول: ان الشعب المصري قدم في الحقيقة نموذجا لكيفية التعامل مع الولايات المتحدة عموما ومواجهة مواقفها العدائية تجاه الدول العربية.
الشعب المصري قدم نموذجا للعوامل الكفيلة باجبار امريكا على تغيير مواقفها واحترام ارادتنا.
وهذه العوامل تتلخص ببساطة في الارادة، ارادة التمسك بالموقف الوطني مهما كانت الضغوط الامريكية، وهو ما جسدته قيادة الجيش المصري بموقفها الحاسم في مواجهة الضغوط الامريكية، وما جسده الشعب في ثورته ضد امريكا ومواقفها.
ايضا موقف الدول الخليجية الاربعة اثبت ان العرب بمقدروهم حين يشاؤون ان يجبروا امريكا على احترام الارادة العربية، اثبتوا ذلك بالقول وبالفعل.
والثاني : يجب ان نلاحظ ان امريكا تراجعت عن مواقفه مجبرة لا عن رضا ولا عن اقتناع.
ويعني هذا ان امريكا لن تتوقف بالضرورة عن تآمرها على مصر وعن محاولاتها لاثارة الفوضى ومحاولة اجهاض الثورة وما سوف يقدم عليه النظام الجديد من سياسات واجراءات وطنية.
***

ييقى السؤال المهم الذي لا بد من الاجابة عنه بالتفصيل:
لماذا وقفت امريكا الى جانب الاخوان المسلمين وتحدت ارادة الشعب المصري حتى آخر لحظة؟
ما هي اسرار وخلفيات هذه العلاقات المريبة التي ربطتهم بالاخوان؟.. وماذا كان موقع حكم الاخوان في الاستراتيجية الامريكية بالضبط؟

      من هو سعيد رمضان أكبر عميل لأمريكا في المنطقة؟
·        المخابرات الأمريكية هي التي انشأت مراكز الإخوان في اوروبا
·        القصة الكاملة للتحالف السري بين امريكا والإخوان
·        وقائع تورط الإخوان في اغتيال معارض ايراني لحساب الخميني

تساءلت في نهاية المقال السابق عن السر وراء استماتة امريكا، وحتى آخر لحظة في الدفاع عن حكم الاخوان المسلمين في مصر، وعن موقع حكم الاخوان بالضبط في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة العربية,
الإجابة عن مثل هذه التساؤلات تتطلب ان نتوقف وان بشكل مختصر، عند تطور وابعاد علاقة الادارات الأمريكية المتعاقبة مع الاخوان المسلمين.
وبشكل عام، نستطيع ان نقسم علاقات امريكا مع الاخوان منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم الى ثلاث مراحل اساسية:
المرحلة الاولى، منذ مطلع الخمسينييات وحتى الحادي عشر من سبتمبر
المرحلة الثانية، منذ 11 سبتمبر وحتى تولي اوباما الحكمم
المرحلة الثالثة، عهد اوباما وخصوصا مع مرحلة ما اسمي الربيع العربي.

واليوم سنتوقف عند صفحة من علاقات الاخوان بأمريكا ليست واضحة للكثيرين، وهي تمثل كما سنرى ملفا اسود لا بد ان يفتح. نعني بذلك صفحة علاقات الاخوان مع المخابرات الأمريكية.
***

عمالة مبكرة
معروف انه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كان جوهرالاستراتيجية الامريكية في المنطقة يدور حول محاربة الشيوعية والفكر الشيوعي، ومواجهة النفوذ السوفيتني. ظل هذا هو الهدف المحوري وجوهر الاستراتيجية الامريكية طوال العقود التالية فيما عرف بفترة الحرب الباردة.
على خلفية من هذا الهدف العام، بدأت علاقات امريكا مع الاخوان المسلمين منذ اواخر الاربعينيات وطوال العقود التالية.
وطوال تلك الفترة كان ملف العلاقات بين امريكا والاخوان بيد المخابرات الأمريكية. هذا مع العلم ان علاقات المخابرات الامريكية مع الاخوان لم تكن معروفة على النطاق العام في ذلك الوقت، وانما تكشفت ابعادها لاحقا بظهور كثير من الوثائق السرية في اكثر من دولة غربية، كما سنرى بعد قليل.
شهادات مسئولين ودبلوماسيين امريكيين بعد ذلك، تؤكد ان هذه العلاقة بدات بشكل عام منذ اواخر الاربعينيات. الدبلوماسي الأمريكي هيرمان ايليتس، وكان يعمل في السعودية، كشف مثلا انه منذ اواخر الاربعينيات، عقد المسئولون الأمريكيون في القاهرة لقاءات منتظمة مع قيادات الاخوان، وخصوصا مع سعيد رمضان، ثم مع مرشد الاخوان حسن البنا، وان هذه اللقاءات ناقشت سبل التنسيق والتعاون، وقال ان المسئولين الامريكيين وجدوا البنا "متفهما ومتعاطفا جدا" مع الاطروحات الأمريكية.
غير ان نقطة التحول الفاصلة في علاقة المخابرات الامريكية مع الاخوان بدأت في عام 1953.
نريد ان ننبه هنا قبل ان نتطرق الى هذه العلاقة وكيف تطورت، الى ان التفاصيل المتعلقة بها لم يعرف بها احد على الصعيد العام الا بعد سنوات طويلة، وتحديدا ابتداء من عام 2005 وما بعد ذلك.
الذي حدث انه في هذا الوقت فقط، امكن التعرف على وثائق سرية لأجهزة مخابرات في دول غربية هي التي كشفت عن ابعاد هذه العلاقة بشكل عام. وتولى باحثون غربيون نشر هذه الوثائق والكشف عن هذه العلاقة. وفي مقدمة هؤلاء الباحثين ريتشارد درايفوس، الذي اصدر كتابا عنوانه "مسجد في ميونيخ، النازيون والسي أي ايه وصعود الاخوان المسلمين في اوروبا" ونشر بعد ذلك عددا من التحليلات المطولة كشفت هذه العلاقة بين المخابرات الامريكية والاخوان. وايضا الباحث ايان جوزنسون الذي نشر بدوره في السنوات القليلة الماضية كثيرا من التحليلات عن نفس القضية، ونشر خصوصا تحليلا مطولا في "ذا نيويورك ريفيو اوف بوكس" في 10 مارس 2011 تحت عنوان "علاقاتنا وروابطنا السرية مع الاخوان المسلمين".
***

العميل الأكبر
العام 1953، شهد حدثا مهما في امريكا. لم تعرف اهميته الحقيقية الا بعد ذلك.
في شهر سبتمبر من ذلك العام، استضافت امريكا "مؤتمرا اكاديميا" لعدد من المثقفين والناشطين من عدة دول اسلامية. وحرص الرئيس الامريكي ايزنهاور على دعوة هؤلاء والالتقاء بهم في البيت الابيض.
المناسبة الرسمية المعلنة كانت دعوة من جامعة بريستون وبرعاية مشتركة من مكتبة الكونجرس، هدفها عقد مؤتمر اكاديمي عن الثقافة الاسلامية.
كانت هذه هي المناسبة الرسمية المعلنة. لكن تكشف بعد ذلك ان هذا المؤتمر كان وراء تنظيمه وزارة الخارجية والمخابرات الأمريكية.
الوثائق السرية التي نشرت بعد ذلك عن المؤتمر كشفت انه "في الظاهر، وبشكل معلن، كان هدف المؤتمر تعليميا وثقافيا عاما. وكان مقصودا اعطاء هذا الانطباع بالذات عن المؤتمر. لكن في حقيقة الأمر، كان الهدف الحقيقي هو جمع عدد من الاشخاص الذين لهم تأثير كبير في تشكيل الراي العام الاسلامي في مجالات مثل، التعليم والعلوم والقانون والفلسفة والسياسة".
في ذلك الوقت، وفي اطار حرب امريكا ضد الشيوعية والنفوذ السوفيتي، كانت الدوائر الامريكية واولها المخابرات تبحث عن كيفية استخدام الاسلام السياسي كأداة للنفوذ الأمريكي في الشرق الاوسط.
أي ان عقد هذا المؤتمر ودعوة هؤلاء كان لهذا الهدف بالذات. أي لهدف التخطيط لاستخدام هذه الشخصيات لخدمة امريكا واستراتيجيتها في المنطقة.
المهم هنا ان في مقدمة الذين شاركوا في المؤتمر والتقوا بايزنهاور كان سعيد رمضان القيادي في جماعة الاخوان المسلمين.
الوثائق السرية التي نشرت بعد ذلك اكدت انه في هذه المناسبة تم تجنيد رمضان للعمل لحساب المخابرات الامريكية، واصبح منذ ذلك الوقت هو رجل المخابرات الاول في الجماعة، ومحورا لكل انشطتها وعملياتها عبر الجماعة.

لكن من هو سعيد رمضان؟
سعيد رمضان مولود في عام 1926، وانضم الى الاخوان المسلمين عندما كان في ال14 من عمره، وبسرعة شديدة علا نجمه في الجماعة، لدرجة انه بعد ست سنوات فقط من انضمامه اصبح السكرتير الشخصي لحسن البنا وساعده الايمن. وبعد ذلك بعام اصبح رئيسا لتحرير مجلة "الشهاب" الاسبوعية مجلة الاخوان. وتزوج من ابنة حسن البنا، واصبح من كبار قادة الاخوان وهو في هذه السن.
في منتصف الاربعينيات، قام رمضان برحلات خارجية كثيرة واقام علاقات دولية واسعة، وزار القدس وعمان ودمشق وبيروت وباكستان، واقانم فروعا خارجية عدة للإخوان.
ومنذ مطلع الخمسينيات، اصبح سعيد رمضان فعليا هو "وزير خارجية" الاخوان المسلمين.
وحين دبر الاخوان محاولة اغتيال جمال عبدالناصر في الاسكندرية، كان سعيد رمضان احد القيادات المتورطة في الجريمة، وصدر ضده حكم غيابي بالاعدام وسحبت جنسيته المصرية، وساعدته المانيا على الهرب من حكم الاعدام الى ميونيخ، واستقر بعد ذلك في جنيف. وانشأ في عام 1961 المركز الاسلامي في جنيف الذي اصبح طوال العقود التالية مقر الاخوان المسلمين في اوروبا.
***

اداة امريكا السرية
بالعودة الى مؤتمر 1953 في أمريكا الذي دعي اليه رمضان واصبح منذ ذلك الوقت وطوال العقود التالية عميلا للمخابرات الامريكية، تكشف الوثائق الامريكية التي نشرت بعد ذلك ان دعوته كانت مثار استغراب في ذلك الوقت، على اعتبارانه قيادي في جماعة معروف عنها انها تمارس العنف والارهاب وقامت بعمليات اغتيالات عدة. لكن بالنسبة لأمريكا في ذلك الوقت، وفي اطار صراعها مع الشيوعية والاتحاد السوفيتي، كان أي شخص معادي للشيوعية يعتبر حليفا محتملا. وكان المسئولون في المخابرات الأمريكية يعتبرون ان الاسلام السياسي يعتبر حاجز صد ضد التوسع السوفيتي وانتشار الماركسية في المنطقة.
وبناء على ذلك، كان من الطبيعي ان يعتبروا ان شخصا مثل سعيد رمضان، رغم انتمائه الى جماعة ارهابية عنيفة، حليفا وعميلا مثاليا، وخاصة على ضوء علاقاته الدولية الواسعة ومكانه القيادي في الاخوان.
وقد كشفت وثائق المخابرات الامريكية التي نشرت في السنوات الماضية والمتعلقة بمؤتمر 1953 ان تقدير المخابرات في ذلك الوقت ومعلوماتها عن رمضان انه "عضو في جماعة عنيفة" وشخص ميوله فاشية، وكل اهتمامه ينصب على تجنيد الافراد من اجل الوصول الى السلطة. ورغم هذا، تجاهل البيت الابيض والمخابرات الامريكية كل ذلك، وقرروا المضي قدما في دعوته.

المهم، كما ذكرنا ان وثاتق اجهزة مخابرات غربية عدة التي كشف عنها ابتداء من عام 2005 وبعد ذلك، هي التي كشفت عمالة سعيد رمضان للمخابرات الامريكية، وعلاقات التعاون والتنيسق بين المخابرات والاخوان منذ بداية الخمسينيات وطوال العقود الطويلة التالية.
مثلا، الوثائق السرية السويسرية، التي كشف عنها سيافيان بيسون في صحيفة "لوتو مبس "، في جنيف، ذكرت انه في ستينيات القرن الماضي، كانت السلطات السويسرية تتعامل مع سعيد رمضان على اعتبار انه، من بين امور اخرى، عميلا للمخابرات الامريكية والبريطانية في نفس الوقت.
وفي يوليو 2005، نشرت صحيفة " وول ستريت جورنال" الامريكية تحقيقا بناء على بحث موسع في الوثائق في سويسرا والمانيا، ذكرت فيه ان " الأدلة التاريخية تشير الى ان سعيد رمضان كان عميلا للمخابرات الأمريكية"
وذكرت وثائق ارشيف مخابرات المانيا الغربية التي كشفت عنها صحيفة "لو جورنال" ان سعيد رمضان كان يتنقل بجواز سفر دبلوماسي اردني امنته له المخابرات الامريكية. وذكرت ان كل نفقات رمضان وتمويلات مشاريعه كانت تدفعها لمخابرات الأمريكية.
وذكرت وثائق مخابرات المانيا الغربية هذه ايضا ان رمضان كان يتعاون تعاونا وثيقا مع اللجنة التي انشأتها المخابرات الامريكية باسم "اللجنة الامريكية للتحرر من البلشفية، وهذه اللجنة كانت هي التي تدير راديو "اوربا الحرة" وراديو "الحرية" طوال الخمسينيات والستينيات
وذكرت هذه الوثائق انه في مايو 1961، اجتمع ضابط السي أي ايه مع رمضان وخطط معه لشن حملة مشتركة بين المخابرات والاخوان ضد الاتحاد السوفيتي
الباحث ايان جونسون في التحليل الذي اشرت اليه، ذكر هذه الحقائق التي اكدتها وثائق المخابرات الغربية، ولفت النظر الى انه منذ مطلع الخمسينيات اقامت الولايات المتحدة تحالفا سريا، عبر المخابرات مع الاخوان المسلمين.
ولفت النظر الى ان المخابرات الامريكية هي التي دعمت سعيد رمضان وساعدته في السيطرة على مسجد ميونيخ، وفي اقامة مراكز الاخوان المسلين في اوروبا.
أي ان مقار ومراكز الاخوان المسلمين في اوروبا سواء المركز الاسلامي في جنيف او الجمعية الاسلامية في المانيا وغيرها، هي مراكز انشئت اصلا بتمويل ودعم مباشر من المخابرات الامريكية.
ويشير هذا الباحث الى انه بناء على هذه التنسيق بين الاخوان والمخابرات الامريكية وضلوع الاخوان في كل المخططات الامريكية عبر هذه العقود، كان الاخوان اداة اساسية لخدمة المخططات الامريكية المعروفة في تلك العقود. فقد كانوا شركاء في مخططات المخابرات في شن حملان ضد الشيوعية والاتحاد السوفيتي. كما كان لهم دور اساسي في مخططات امريكا التي باتت معروفة على نطاق واسع بدعم " المجاهدين في افغانستان ومحاربة لاتحاد السوفيتي.
وبالاضافة الى هذا، فمن المعروف ان سعيد رمضان، بالموقع الذي اصبح يحتله على صعيد الانشطة الدولية للإخوان، قاد الحملة الدعائية ضد نظام جمال عبدالناصر. ومن المفهوم الآن، وبعد ان تكشفت هذه الحقائق عن العلاقات مع المخابرات الامريكية، وعلى ضوء العداء المعروف والحرب التي كانت تشنها امريكا على نظام عبدالناصر، ان هذه الحملة كانت بتنسيق كامل مع السي اي ايه.
هذه بعض جوانب الأدورا العامة التي لعبتها جماعة الاخوان في خدمة المخابرات الامريكية.
وكما نرى، فقد كان الاخوان طوال هذه العقود اداو سرية لخدمة امريكا ومخططاتها في المنطقة. هذا مع العلم ان كل جوانب ملف العمالة للمخابرات الأمريكية لم تعرف بعد.
وغير هذا، كشفت هذه الوثائق عن دور غريب، او لتقل غير معروف على الاطلاق لعبه الاخوان المسلمون في خدمة نظام الخميني في ايران.
***

لحساب الخميني
في 22 يوليو عام 1980، تم اغتيال علي اكبر طبطبائي المعارض لنظام الخميني في ايران بمنزله في مريلاند بامريكا. طبطبائي كان مستشارا اعلاميا سابقا في السفارة الايرانية في واشنطون، وبعد سقوط الشاه، اصبح من اكبر المعادين لنظام الخميني واسس "مؤسسة الحرية الايرانية".
الذي اطلق عليه الرصاص واغتاله في منزله كان شابا امريكيا مسلما من اصل افريقي اسمه ديفيد بيلفيلد، اطلق على نفسه بعد ان اعتنق الاسلام اسم "داوود صلاح الدين".
وفي اعقاب تنفيذ عملية الاغتيال مباشرة، تمكن من الهرب من امريكا بشكل مريب الى جنيف ثم الى ايران، حيث لا يزال مقيما.
المهم هنا ان التحقيقات في عملية الاغتيال ووثائق المخابرات التي تم الكشف عنها بعد ذلك، كشفت عن حقيقة غريبة، اوبدت كذلك ولم تكن معروفة ابدا في ذلك الوقت، هي تورط سعيد رمضان والاخوان المسلمين في عملية الاغتيال هذه لصالح الخميني.
المعلومات التي كشفت عنها الوثائق هنا كثيرة جدا.
مثلا، ذكرت مصادر كثيرة ان رمضان هو الذي اقترح على اجهزة الخميني فكرة تجنيد مسلمين امريكيين لتنفيذ عمليات لصالح نظام الخميني، وانه تم رصد مبلغ 5 ميلون دولار لهذا الغرض، وان رمضان هو الذي قام بترشيح دواود صلاح الدين للعمل لصالح ايران.
وكشفت التحقيقات التي جرت في عملية الاغتيال ان القاتل صلاح الدين كان على علاقة وثيقة مع رمضان منذ سنوات، اذ تعرف عليه رمضان في عام 1975، وسرعان ما توثقت علاقته به بحيث اصبح السكرتير الشخصي لرمضان، وان رمضان بعد ذلك أقام معه لفترة من الزمن في امريكا في منزل واحد.
القاتل نفسه قال بعد ذلك انه كان يعتبر رمضان بمثابة الأب الروحي له، وان رمضان اخبره بضرورة ان يفعل أي شيء ايا كان لخدمة الخميني، وانه أي القاتل اعتبر ذلك بمثابة توجيه وامر.
وكشفت التحقيقات انه قبل تنفيذ القاتل لعملية الاغتيال اجرى سلسلة من المكالمات الهاتفية مع سعيد رمضان.
كما كشفت الوثائق عن جريمة الاغتيال ان رمضان لعب دورا اساسيا في هروب القاتل بعد تنفيذ العملية، وانه هو الذي رتب بالاتفاق مع السفارة الايرانية اجراءات هروبه الى ايران، واجرى لهذا الغرض اتصالات مع نجل الخميني.
وذكرت بعض الوثائق انه بعد هروب القاتل الى جنيف، فان سعيد رمضان دفع له مبلغ 100 الف دولار.
اذن، بناء على مثل هذه المعلومات والحقائق من المؤكد تورط سعيد رمضان والاخوان في عملية اغتيال طبطبائي لحساب نظام الخميني.
وأخذا في الاعتبار ان رمضان عميل للمخابرات الامريكية منذ سنوات طويلة، فان الافتراض الاساسي الذي طرحه الكثيرون الذين حققوا في عملية الاغتيال، انه لا يمكن ان يقدم على ذلك من دون تنسيق المخابرات واجهزة الامن الأمريكية.
والذين رجحوا هذا الافتراض يقولون ان المخابرات الامريكية غضت النظر عن عملية الاغتيال، وتغاضت عن الهروب الغريب للقاتل من امريكا، في اطار خطة من ادارة كارتر في ذلك الوقت تقضي بمحاولة استرضاء الخميني، واستخدام كل وسيلة ممكنة في اطار محاولاتها للإفراج عن الرهائن الامريكيين في السفارة الامريكية في طهران في ذلك الوقت قبل موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية.
هذه القضية بالمناسبة مثيرة جدا، وتكشف عن جوانب خفية كثيرة جدا لعمل اجهزة المخابرات في المنطقة وعلاقة الاخوان بذلك لا يتسع المجال للأسف لعرض كل تفاصيلها. وهذا القاتل مثلا الذي استقر في ايران، عمل بعد ذلك لحساب المخابرات السورية في منطقة البقاع بلبنان، كما عمل مشرفا على الموقع الالكتروني لتلفزيون برس تي في الايراني.
المهم، ان هذا الدور الذي لعبه الاخوان لصالح نظام الخميني، والذي يعتبر تورطهم في عملية الاغتيال هذه مجرد احد جوانبه التي تكشفت، تبين الى أي حد وصل تورط الاخوان في العمليات المخابراتية في المنطقة، بالتنسيق مع اجهزة المخابرات الامريكية.
ولعل هذه العلاقات المبكرة بين الاخوان ونظام الخميني، تقدم احد التفسيرات التي خفيت عن الكثيرين، لهذه العلاقات المشبوهة التي حرص الاخوان المسلمون على اقامتها مع النظام الايراني بعد وصولهم الى الحكم في مصر في العام الماضي.
***
هذه بعض من اوراق الملف الأسود لعلاقات الاخوان بالمخابرات الامريكية والغربية عموما.
لا يمكن ان نطوي هذه الأوراق دون ان نتوقف عند ماتعنيه بالضبط.
سنفعل هذا في المقال القادم باذن الله، قبل ان نمضي في تتبع كيف تطورت علاقات الاخوان مع امريكا بعد ذلك.

· 
قادة الإخوان لأمريكا : نحن افضل من يخدمكم

·
لهذا ليس غريبا ان يعمل مرسي لحساب المخابرات الأمريكية

·
ماذا جاء في اخطر دراسة طلبتها المخابرات الأمريكية عن الإخوان؟

·
ساسة وباحثون امريكيون حذروا مبكرا : هذه جماعة ارهابية استبدادية

·
اجتماع سري لمجلس الأمن القومي الأمريكي دشن الحلف مع الاخوان


http://www.albasrah.net/ar_articles_2013...160813.htm

عرضت في المقال السابق لبعض اوراق الملف السود لعمالة جماعة الاخوان المسلمين للمخابرات الأمريكية منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي.

علينا ان نتوقف قليلا لنتأمل: ماذا تعنيه هذه العلاقات مع المخابرات الامريكية بالضبط؟ وما الذي تكشف عنه؟

ثم بعد ذلك، سنتابع كيف تطورت علاقة امريكا مع الاخوان في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر وطوال عهد الرئيس الامريكي بوش.

***



ماذا تعني هذه العمالة؟

اذن، ماذا تعني بالضبط هذه المعلومات التي تم الكشف عنها عن العلاقات الطويلة بين الاخوان والمخابرات الامريكية عبر عقود؟.. أي حقائق بالضبط ينبغي ان نستخلصها منها؟

هناك خمسة امور على الاقل ينبغي ان نتوقف عندها :

اولا : كما راينا، فان الوثائق عن علاقات الاخوان بالمخايرات الامريكية، كشفت عن ان سعيد رمضان "وزير خارجية الاخوان" والقيادي الكبير في الجماعة كان هو رجل المخابرات الامريكية الاول، وان علاقاته بالمخابرات استمرت حتى وفاته في عام 1995.

لكن سعيد رمضان لم يكن وحده بداهة. بمعنى انه لم يكن سوى حلقة الوصل بين المخابرات الامريكية والاخوان، ولا بد ان هناك شبكة واسعة من عملاء المخابرات الامريكية داخل الاخوان قد تكونت عبر هذه العقود.

نريد ان نقول انه لا بد بداهة وان عددا كبيرا من قيادات الاخوان واعضائها حول العالم كانوا عملاء للمخابرات الامريكية عبر هذه السنين. لكن حتى الآن، لم تكشف الوثائق بالضبط عن التفاصيل بهذا لخصوص.



ثانيا : هذه الوثائق والمعلومات تقدم صورة عامة فقط عن الدور الذي لعبه الاخوان من خلال هذه العلاقات مع المخابرات في خدمة امريكا واستراتيجيتها وسياساتها. لكنها لم تكشف حتى الآن تفاصيل العمليات التي قام بها الاخوان في خدمة امريكا، وتفاصيل الانشطة والادوار التي قاموا بها في اطار هذه العمالة للمخابرات على امتداد كل هذه السنين.



ثالثا: انه بحسب الوثائق والمعلومات التي نشرت، فقد استمرت هذه العلاقة بين الاخوان والمخابرات لعقود، والمؤكد انها استمرت حتى وفاة سعيد رمضان في منتصف التسعينيات.

وليس هناك أي سبب يدعو الى الاعتقاد بان هذه العلاقات انقطعت او توقفت. بالعكس، كل المؤشرات والدلائل تؤكد ان هذه العلاقة لم تنقطع ابدا وحتى يومنا هذا.

ولهذا، التقارير التي تحدثت في الفترة الماضية عن ادلة ووقائع لعمل الرئيس المعزول مرسي لحساب المخابرات الامريكية منذ كان في امريكا، لا تثير غرابة.

نعني انه على ضوء هذه العلاقات الوثيقة الطويلة بين المخابرات الامريكية والاخوان، وهذا التحالف الاسترتيجي الذي تاكد في الفترة الماضية بالتطورات التي شهدتها مصر، ليس من الغريب ابدا ان يكون مرسي قد عمل فعلا لحساب المخابرات الامريكية.



رابعا : فيما يتعلق بالتنظيم الدولي للإخوان، راينا في المقال السابق كيف ان المخابرات الامريكية هي التي دعمت ومولت اقامة مراكز الاخوان في اوروبا، وكيف ان العميل الأكبر للمخابرات سعيد رمضان ظل لعقود هو المشرف على النشاط الدولي للإخوان.

لهذا، ليس بعيدا عن الحقيقة ما قاله احد قادة الاخوان الذين انشقوا عنهم مؤخرا، من ان اعضاء هذا التنظيم الدولي هم في اغلبهم عملاء لأجهزة مخابرات غربية.



خامسا : لنتذكر ان جوهر علاقة الاخوان بالمخابرات الامريكية وجوهر دورهم في هذ الاطار هو العمل على تطويع الاسلام والحركات الاسلامية لخدمة الاستراتيجية الامريكية واهدافها في المنطقة.

هذه الجوانب التي اشرنا اليها باختصار من المهم جدا ان نضعها في ذهننا ونحن نتتبع، كيف تطورت علاقات امريكا مع الاخوان بعد ذلك،وخصوصا كما ذكرت سابقا بعد هجمات 11 سبتبمر.

***



قبل سبتمبر بعد سبتمبر

كما ذكرت في المقال السابق، فان المرحلة الاساسية الثانية في علاقة امريكا بجماعة الاخوان التي يجب ان نتوقف عندها هي مرحلة ما بعد هجمات سبتمبر في امريكا.

لكن يجب ان نشير قبل هذا الى ان اتصالات امريكا مع الاخوان لم تتوقف، وخصوصا في الثمانينانيات والتسعينيات من القرن الماضي، وان كانت محدودة.

وثائق وزارة الخارجية الامريكية التي نشرها موقع " ويكيليكس" سجلت هذا. وذكرت هذه الوثائق ان السفارة الامريكية في القاهرة حرصت على استمرار هذه الاتصالات،وان بشكل محدود طوال تلك الفترة.

واشارت هذه الوثائق الى انه بسبب الموقف المصري الرسمي المعروف في ذلك الوقت من جماعة الاخوان باعتبارها جماعة محظورة لا شرعية لوجودها ولا لأي انشطة تمارسها،، فان السفارة الامريكية كانت تحرص على ان تكون اتصالاتها مع اعضاء الجماعة من اعضاء البرلمان او النقابات المهنية، وعلى ان تعطي الانطباع بانها تجري هذه الاتصالات معهم بهذه الصفات، اب بصفتهم اعضاء برلكمان او نقابيين، لا بصفتهم اعضاء قياديين في جماعة الاخوان المحظورة.

برقيات السفارة الامريكية عن تلك الفترة كشفت ايضا عن جانب آخر. كشفت عن ان هذه الاتصالات لم تكن محل رضات او ترحيب من جانب دبلوماسيين امريكيين. ذكرت هذه البرقيات ان دبلوماسيين امريكيين كانت لديهم شكوك عميقة في حقيقة نوايا الاخوان، وحقيقة مواقفهم المعلنة. هؤلاء الدبلوماسيون، بحسب البرقيات، شككوا مثلا مرات كثيرة في حقيقة زعم جماعة الاخوان بانها لا تؤمن بالعنف ولا تلجأ اليه. كما شككوا في مزاعمهم بانهم يؤمنون بالمساواة وبالمواطنة، فيما يتعلق بالأقباط مثلا، واعتبروا ان كلامهم بهذا الخصوص مجرد غطاء خادع لمواقف ونوايا اخرى.

هذا جانب مهم كما سوف نلاحظ بعد ذلك.

المهم ان التحول الأكبر في العلاقات الرسمية بين امريكا والاخوان طرأ بالتدريج كما ذكرنا في اعقاب هجمات 11 سبتبمر وبسبب التطورات اللاحقة.

الذي حدث كما هو معروف انه بعد هذه الهجمات، اجتاح امريكا هوس ما اسموه " الارهاب الاسلامي" وخطر الجماعات الاسلامية العنيفة مثل تنظيم القاعدة وغيره، وكيفية مواجهتها.

وفي اطار الجدل الذي اجتاح امريكا في ذلك الوقت حول هذه القضية، كانت احد النصائح الاساسية التي قدمتها مراكز ابحاث امريكية عدة الى الادارة الامريكية، هي ضرورة العمل على تشجيع ما اسموه بالقوى والجماعات الاسلامية المعتدلة وفتح قنوات اتصال معها وتقديم الدعم لها كي تكون احد الادوات الاساسية في مواجهة هذه الجماعات الاسلامية المتطرفة والعنيفة. وكانت جماعة الاخوان المسلمين على راس هذه الجماعات التي نصحوا الادارة الامريكية بدعمها.

وغير هذا، حدث تطوران اساسيان عززا هذا التوجه، وقادا الادارة الامريكية الى الاقتناع به، والاخذ بهذه النصائح فيما يتعلق بجماعة الاخوان.

كان التطور الاول، هو فوز جماعة الاخوان في انتخابات مجلس الشعب المصري عام 2005 بعدد يعتبر كبيرا من المقاعد (88 مقعدا بنسبة 20% من الاصوات)

وكان التطور الثاني هو سيطرة حركة حماس (الاخوانية) على قطاع غزة.

هذا التطوران عززا التوجه الرسمي الامريكي بتعزيز العلاقات مع الاخوان والدعم الامريكي للجماعة.

وعموما، وفي حدود المعلومات المعلنة على الاقل، لم تبدا امريكا تعزيز الروابط مع الاخوان الا مع عام 2006.

في ذلك العام مثلا، نظمت المخابرات الامريكية مؤتمرا في بروكسل ضم الاخوان المسلمين في اوروبا وجماعات اسلامية امريكية،مثل " الجمعية الاسلامية لشمال افريقيا: التي تعبتر وثيقة الصلة بالاخوان.

غير ان التطورالاهم طرأ في نهاية عام 2006.

***



أخطر دراسة

في ذلك الوقت، أي في اواخر عام 2006، كلفت اجهزة الامن القومي الامريكية احد الباحثين هو، روبرت ليكين، الباحث في مركز نيكسون للأبحاث باجراء لقاءات مع قادة الاخوان في العالم، واعداد ورقة عن تاريخ الجماعة، وعن العلاقات الامريكية معها، وكيف يجب ان تكون.

من المهم جدا ان نعرف ما الذي انتهى اليه هذا الباحث وما الذي نصح به.

افكارهذا الباحث، روبرت ليكين والتوصيات التي قدمها الى اجهزة الامن الامريكية فيما يتعلق بالعلاقة مع الاخوان، طرحها في دراسة اعدها بالاشتراك مع باحث آخر هو ستيفن بروك، ونشراها في عدد ابريل عام 2007 من المجلة الامريكية الشهيرة " فورين افيرز" بعنوان " جماعة الاخوان المسلمين المعتدلة".

بداية، يشير الباحثان الى انهما في سبيل اعداد هذه الدراسة ن اجريا حوارات مع عشرات من القادة والناشطين المنتمين الى جماعة الاخوان المسلمين من، مصر، وفرنسا والاردن واسبانيا وسوريا وتونس وبريطانيا.



ويشيران الى ان هذه الحوارت كان هدفها التعرف على مواقف الاخوان المسلمين من اربع قضايا محددة، هي

1 –
موقفهم من الديمقراطية.

2 –
موقفهم من الجهاد

3 –
موقفهم من اسرائيل والعراق

4-
معرفة نوعية المجتمع الذي تسعى جماعة الاخوان الى تأسيسه.



اما النتائج التي خلصت اليها الدراسة، فتتلخص فيما يلي :

اولا : ان الاخوان المسلمين قوة معتدلة، وهم لا يلجأون الى العنف، بل انهم يلعبون دورا مهما في اثناء المسلمين عن اللجوء الى العنف. وتنقل الدراسة عن عضو في مكتب ارشاد الاخوان في مصر قوله: لو لم يكن هناك جماعة اخوان، لكان اغلب شباب هذه الحقبة قد اختار مسار العنف.

ثانيا : ان قادة الاخوان اكدوا انهم بالنسبة لأمريكا هم، صمام الامان للاعتدال الذي تريده امريكا في العالم الاسلامي. تنقل الدراسة عن قادة الاخوان تأكيدهم انهم هم القادرون على تحقيق مطلب امريكا والغرب بمواجهة الجماعات العنيفة والمتطرفة، والترويج للاسلام المعتدل.

وتنقل الدراسة مثلا عن قائد حبهة العمل الاسلامي (الاخوان) في الاردن قوله : اننا قادرون على بشكل افضل على تنفيذ مواجهة فكرية مع قوى التطرف والتعصب.

ثالثا: ان الاخوان ديمقراطيون، ومستعدون للعمل مع العلمانيين والليبراليين. وفي مصر، بالذات، فان الاخوان لديهم رغبة اصيلة اكيدة للمشاركة في العملية الديمقراطية.

رابعا: ان الاخوان ليسوا معادين للسامية ولا لليهود

خامسا : ان هناك مجالات واسعة للتعاون بين امريكا والاخوان، وخصوصا في مجالات مثل، محاربة تنظيم القاعدة، وتشجيع الديمقراطية.

سادسا: ان بشكل عام، فان الحوار واتعاون مع جماعة الاخوان يقدم لأمريكا خدمات استراتيجية مهمة.

هذه هي الناتئج التي انتهت اليها الدراسة،والتي من المتوقع ان الباحث قدمها الى اجهزة الامن الامريكية.

وغير هذه الدراسة، كان لهذا الباحث تصريحات اخرى في ذلك الوقت، قال فيها ان هناك اسبابا كثيرة تدعو امريكا الى اعادة النظر جديا في علاقاتها مع الاخوان والتعاون معهم. وقال ان هذه السياسة الجديدة يمكن ان تسهم في كسر عزلة امريكا في العالم الاسلامي. واضاف ان القوى المعتدلة في الاخوان التي يجب ان نشجعها مستعدة جدا للاعتراف بحقيقة وجود اسرائيل، كما ان الاخوان يمكن ان يساعدوا في جعل حركة حماس حركة معتدلة.

***



تدشين الحلف

اذن، هذه هي النتائج التي خلص اليها الباحث الامريكي والتوصيات التي اوصى بها في الورقة التي كلفته باعدادها اجهزة الامن القومي الامريكية.

هذه الدراسة وما جاء فيها تعتبر اخطر دراسة على الاطلاق فيما يتعلق بعلاقات امريكا مع الاخوان. ذلك انه ثبت بعد ذلك ان ما اةوصت به شكل الاساس لعلاقة الادارة الامريكية بالاخوان بعد ذلك.

والذي حدث انه مطلع عام 2007، تسلم "مجلس الأمن القومي الأمريكي" هذه الورقة وتمت دعوة الباحث بعد ذلك الى وزارة الخارجية للاستماع الى النتائج التي توصل اليها والى توصياته.

بالطبع، ليس معروفا ماذا جرى بالضبط في هذا الاجتماع السري الذي خصص لتحديد طبيعية العلاقة مع الاخوان، لكن الأمر الواضح ان الادارة الامريكية اقتنعت بهذه التوصيات التي طرحها الباحث، وقررت بناء على ذلك فتح قنوات اتصال رسمية مع جماعة الاخوان،وتقديم الدعم لها.

من الواضح ان هذا الاجتماع السري لمجلس الامن القومي الامريكي هو الذي دشن الحلف الرسمي بين امريكا والاخوان.

ولأن ملف القضية، قضية العلاقة مع الاخوان، بيد المخابرات واجهزة الامن القومي، فليس معروفا بالضبط تفاصيل اللقاءات الرسمية التي عقدت بعد ذلك مع قادة الاخوان، ولا ما جرى فيها.

ولكن مواقف وتحركات علنية كثيرة في تلك الفترة اكدت هذا التوجه، وان هناك قرارا رسميا امريكيا تم اتخاذه بدعم الاخوان وتدعيم العلاقات معهم.

ومثلا، في ابريل عام 2007، حضر قادة من الكونجرس الامريكي حفل استقبال حضره ممثلون للإخوان المسلمين اقيم في منزل السفير الأمريكي في القاهرة.

واعتبرالمحللون الامريكيون في ذلك الوقت ان مجرد استقبال هؤلاء رسميا هو بمثابة اشارة واضحة من على قرار امريكي رسمي بتغيير السياسة الامريكية من الاخوان.

وفي يونيو عام 2007، عقد ممثلون من وزارة الخارجية واجهزة المخابرات الامريكية اجتماعا لمناقشة فتح قنوات اتصال وتعاون رسمية مع الاخوان المسلمين.

من المهم هنا ان نلاحظ ان هذا التوجه، او بمعنى اصح هذه السياسة الامريكية الرسمية بدعم الاخوان والتعاون معهم، كانت محل انتقاد من بعض الباحثين والساسة الأمريكيين، وحذروا في ذلك الوقت من مخاطرها.

على سبيل المثال، حذرت زينو باران، من معهد هدسون للأبحاث، من خطر التوجه الجديد لإدارة بوش نحو الاخوان، ومن النظر اليهم والتعامل معهم باعتبارهم شركاء لأمريكا.

وشرحت اسباب تحذيراتها هذه، وقالت ات الاخوان سوف يلجاون الى " اخونة الدولة". تقصد انهم متطرفون ولا علاقة لهم بالديمقراطية في واقع الأمر. وقالت ان الادارة الامريكية لا تجد بأسا في ذلك، أي لا تجد بأسا في دعم الاخوان على الرغم من انهم لا علاقة لهم بالديمقراطية وانهم سيفرضون الاستبداد، طالما انهم لا يلجاون الى العنف. واعتبرت الباحثة ان هذا التفكير الامريكي يعتبر خطأ فادحا ويعبر عن سوء فهم للجماعة.

ايضا، في ذلك الوقت، اعتبر ميت رومني، ان الاخوان هم في حقيقة الامر "جزء من التهديد الجهادي العالمي"، وقال ان هدفهم هو اسقاط الحكومات الاسلامية المعتدلة من اجل اقامة دولة الخلافة.

***



ملاحظات مهمة

اذن، هذا هو ما تطورت اليه العلاقة بين امريكا والاخوان منذ ما بعد 11 سبتمبر وفي عهد ادارتي جورج بوش حتى مجيء الرئيس اوباما الى السلطة.

علينا ان نلاحظ هنا امورا أربعة مهمة:

اولا : انه من الواضح كما ذكرنا ان العلاقة بين اجهزة المخابرات الأمريكية لم تتوقف في أي وقت من الاوقات منذ ان بدات هذه العلاقة في مطلع الخمسينينات من القرن الماضي.

وبشكل عام، من الواضح ان ملف علاقة امريكا مع الاخوان كان دوما بيد اجهزة المخابرات والامن القومي الامريكي.

ثانيا : انه على الصعيد الرسمي، أي على صعيد العلاقات المباشرة بين الادارة الامريكية والاخوان، فمن الواضح ان الاتصالات مع قيادات من الاخوان ظلت موجودة باستمرار، وان كانت توقفت في بعض الفترات، او قلت في بعض الفترات، لكن دوما كان هناك قنوات اتصال بهذا القدر او ذاك.

لكن نقطة التحول الاساسية حدثت في عهد بوش كما اوضحنا، حين قررت اجهزة الامن القومي، وتاليا الادارة الامريكية، رسميا فتح قنوات دائمة مع الاخوان ودعمهم.

ثالثا : وعلينا ان نلاحظ ان هذا حدث، وتواصلت العلاقات مع الاخوان على هذها النحو، واتخذت ادارة بوش هذا القرار على الرغم من تحذيرات واضحة من باحثين ومحللين وحتى مسئولين امريكيين من هذه العلاقة، وتنبيههم الى ان الاخوان جماعة لا علاقة لها بالديمقراطية، وانها في حقيقتها جماعة عنيفة استبدادية.

رابعا: وينبغي ان نلاحظ كيف ان قادة الاخوان في كل اتصالاتهم ولقاءاتهم مع الامريكييين كانوا حريصيين على تسويق انفسهم وتسويق الجماعة الى امريكا من منطلق محدد.. انهم والجماعة الاقدر على خدمة امريكا وخدمة استراتيجيتها ومصالحها. كانوا مثلا حريصين على ان يسوقوا 
على خلفية من هذه الملاحظات، نستطيع ان نمضي لمناقشة التحول الأكبر لعلاقة امريكا بالاخوان في عهد اوباما، وخصوصا بعد اندلاع ثورات "الربيع العربي". 

لماذا قاتلت ادارة اوباما لإيصال الإخوان للحكم واصابها الجنون لسقوطهم؟
لهذه الأسباب نفسها تدعم امريكا القوى الطائفية الشيعية في البحرين
"طظ في مصر".. سر عشق امريكا للإخوان وحكمهم
اتفاق بيع سيناء والتمهيد لتقسيم مصر.. اكبر جرائم الخيانة العظمى ارتكبها الاخوان
ثورة 30 يونيو انقذت مصر من الضياع واحبطت المؤامرة على الأمة العربية
السؤال الجوهري في نهاية هذه السلسة من المقالات هو : لماذا قررت ادارة اوباما استخدام كل امكانياتها لايصال الاخوان المسلمين الى الحكم في مصر؟.. وكيف نفسر هذا الجنون الذي اصيبت به امريكا حين اسقط الشعب المصري حكم الاخوان وظلت تدافع عنهم حتى آخر لحظة؟
الجواب ببساطة هو، ان الاخوان بالنسبة لإدارة اوباما توفرت فيهم كل مواصفات العميل الاستراتيجي، وامريكا راهنت على حكم الاخوان كي يكون اداة وبداية لتنفيذ الاستراتيجية الامريكية الشيطانية تجاه مصر والأمة العربية كلها.
هذا هو ما سنحاول توضيحه في هذا الحديث.
*** 
  
استراتيجية امريكا 
بداية، حين نقول ان ادرة اوباما توصلت الى ان الاخوان هم العميل الاستراتيجي المثالي لأمريكا، وانهم في الحكم سيكونون الاداة الاستراتيجية الكبرى لتحقيق اهداف الاستراتيجية الامريكية، فعن أي استتراتيجية نتحدث بالضبط؟ لا يتسع المجال هنا بالطبع للحديث باي قدر من التفصيل عن استراتيجية امريكا تجاه مصر والوطن العربي كله.

لكن، وفقط كي تتضح صورة مانتحدث عنه، نشيرالى ان هناك اربعة جوانب كبرى تمثل جوهر واركان الاستراتيجية الامريكية:
1 – حماية الكيان الصهيوني واقرار اوضاع في المنطقة تضمن عدم تعرضه للخطر او التهديد.
2 – اثارة الفوضى والصراع الداخلي في مصر والدول العربية.
وقد توصلت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، الى ان المدخل والاداة الاساساية لإثار ة هذه الفوض ى وهذا الصراع الداخلي، هي الطائفية والصراع الطائفي، سواء كان الصراع سنيا شيعيا في بعض الدول، او اسلاميا مسيحيا كما الحال في مصر.
3 – هذه الفوضى وهذا الصراع مقصود بهما في الاستراتيجية الامريكية ان يقودا الى الهدف الاهم والاكبر بالسنبة لأمريكا، وهو هدف اعادة رسم خريطة المنطقة العربية، وتقسيم مصر وعدد كبير من الدول العربية الاخرى في هذا الاطار.
4 – الحيلولة دون حدوث ا تقدم او نهضة حقيقية في مصر والدول العربية.
وفي نفس الوقت، الحيلولة دون أي شكل من اشكال الوحدة بين أي مجموعة من الدول العربية، او حتى التكامل الجاد.
هذه باشد الاختصار هي اهم اركان واهداف الاستراتيجية الامريكية.
الآن، كيف تطورت العلاقة بين ادارة اوباما والاخوان، ووصلت الى النقطة التي تقرر فيها امريكا ان لاخوان في الحكم هم الحليف المثالي، ولأي اسباب بالضبط؟
*** 
  
توصيات بروكنجز 
كما راينا في المقال السابق، كانت ادارة بوش وللأسباب التي شرحناها قد توصلت في النهاية الى قرار بدعم الاخوان المسلمين والتحالف معهم. وحين اتى اوباما الى السلطة، بادرت بعض مراكز الابحاث الامريكية الى تجديد التوصية لادارته بالتحالف مع الاخوان، ودعوتها الى دعمهم وتمويلهم.
لعل من اهم هذه المراكز معهد بروكنجز الامريكي الشهير الذي اصدر تقريرا اوصى فيه ادارة اوباما بدعم الاخوان وفتح قنوات الحورا المتصل معهم.
التقرير برر ذلك بان هذا الدعم للاخوان والحوا رمع الاخوان سوف يحقق لأمريكا اهداف مهمة في مقدمتها:
1- سوف يتيح للولايات المتحدة فرض نفوذها على الاستراتيجيات التي يتعبها الاخوان، خاصة ما يتعلق منها بالمشاركة في الانتخابات والوصول الى السلطة في مصر.
2- لمنع الجماعات السلفية من بسط سيطرتها على الحياة السياسية ومقاعد البرلمان في مصر.
3 – سيكون بمقدور امريكا ان توظف النشاط الاخواني السياسي والدعوي في الدول الاوروبية لصالح تاييد ودعم سياسات امريكا بالمنطقة وازاء بعض القضايا الدولية.
وبناء على ذلك، اوصى التقرير ادارة اوباما بالسماح للسفارات الامريكية بالحوار مع الاخوان. كما اوصى بان "تسمح الولايات المتحدة بتمدد النفوذ الاخواني في مصر" وان تقدم امريكا تسهيلات للاخوان في العالم، بالاضافة الى فتح مراكز دعائية للاخوان في امريكا دون ممارسة ضغوط عليها.
ومن اهم التوصيات الملفتة التي اوصى بها التقرير، دعوة ادارة اوباما الى تقديم الدعم المالي للاخوان في مصر، ووعدهم بتقديم مساعدات ضخمة الى " حزب الحرية والعدالة" حزب الاخوان في حال التزموا بتنفيذ اجندة امريكية واضحة، وعند اعلان مرشح لهم في انتخابات الرئاسة، اوتزكية الجماعة لمرشح معين ترضى عنه الادارة الامريكية.
هذا هو ما اوصى به التقرير، وكان ذلك عند مجيء ادارة اوباما للسلطة، أي قبل ثورة 25 يناير.
والأمر المؤكد ان ادارة اوباما اخذت بهذه التوصيات. كل ما حدث بعد ذلك يؤكد هذا.
وبغض النظر عن التفاصيل، المؤكد انه في الفتارة التي سبقت ثورة 25 يناير، لنم تتوقف الاتصالات بين ادارة اوباما و قيادات الاخوان.
الأمر المؤكد الآخر ان ادارة اوباما قدمت دعما ماليا للإخوان في ذلك الوقت. الدليل على ذلك ان برقيات السفارة الامريكية التي كشف عنها موقع ويكيليكس، تحدثت في نوفمبر عام 2010 عن ان هناك تقارير كثيرة منتشرة في مصر عن التويل الأمريكي للإخوان وعن علاقات الاخوان بامريكا عموما. واعتبرت البرقيات ان هذه " التسريبات" جزء من الحملة على الاخوان.
كان هذا قبل ثورة 25 يناير.
غير ان نقطة التحول الكبرى في علاقة ادارة اوباما بالإخوان حدثت مع اندلاع الثورة والتطورات التي تلت ذلك في مصر، والتحولات في الدول العربية عموما في ظل " الربيع العربي".
التحول الأكبر حدث مع الثورة، ومع الاحتمالات التي طرحت لوصول الاخوان الى الحكم فعلا في مصر.
مع هذه التطورات اتخذت ادارة اوباما قرارا بدعم وصول الاخوان الى الحكم بكل السبل واستخدام كل امكانياتها في سبيل ذلك.
قبل ان نوضح الاسباب والدوافع وراء هذا القرار، علينا ان نتذكر جيدا امرين جوهريين جد:"
الأول : ان هناك علاقات وثيقة وثابتة ومتدة منذ بداية خمسينيات القرن الماضي و لم تنقطع عبر عقود بين المخابرات الامريكية والاخوان كما سبق واوضحنا.
بعبارة اخرى، فان قاعدة عمالة الاخوان لأمريكا كانت موجودة بالفعل، وقاعدة خدمتهم للاستراتيجية الامريكية موجودة بالفعل.
والثاني : ان ادارة اوباما كانت لديها بالفعل معرفة تفصيلية دقيقة جدا عن كل ما يتعلق بجماعة الاخوان. هذه المعرفة هي نتاج لعمالتهم الطويلة للمخابرات، ولتقارير مراكز الابحاث الامريكية المختلفة، وبالطبع عبر الاتصالات والحوارات الطويلة مع قادة الاخوان.
بعبارة اخرى، كان لدى ادارة اوباما معرفة تفصيليلة بحقيقة الاخوان،وحقيقة افكارهم وخططهم ومواقفهم، وما يمكن ان يفعلوه بالضبط حين يصلون الى الحكم في مصر.
*** 
  
مواصفات العميل المثالي 
اذن، بناء على معرفة ادارة اباما الوثيقة بالاخوان وافكارهم،وبناء على اتصالاتها نمع قادتهم، ما هي بالضبط الاسباب والعوامل التي دفعت امريكا لأن تعبتر الاخوان عميلا مثاليا لتنفيذ الاستراتيجية الامريكية؟.. ما هي بالضبط المقومات التي جعلت ادارة اوباما تقرر دعم وصول الاخوان الى الحكم في مصر والدفاع عن هذا الحكم حتى النهاية؟ يمكن القول ان خمسة جوانب اساسية تعرفها امريكا جيدا عن جماعة الاخوان تمثل مقومات العمالة المثالية، وهي التي تفسر هذا الحماس الرهيب لحكم الاخوان ودعمه، هي، باختصار شديد، على النحو التالي:
أولا : ان الاخوان جماعة طائفية.
امريكا تعلم جيدا طائفية الاخوان، وتعتبر هذه الطائفية بحد ذاتها رصيدا يحسب للجماعة واحد المبررات الاساسية للحلف معها.
والطائفية هنا بمعنيين :
بمعنى ان الجماعة لها موقف عدائي وعلى اسس طائفية من الاقباط في مصر، ولا تعترف لهم بحقوق المواطنة الكاملة ولا تعتبرهم شركاء في الوطن.
وبمعنى ان الجماعة لا تعطي اعتبار كبير لقضية الوحدة الوطنية في مصر ولا تضع هذه الوحدة على راس اولوياتها كما هو حال كل القوى المصرية.
بالنسبة لأمريكا، طائفية الاخوان على هذا النحو امر ايجابي جدا. فهذا في التقدير الاستراتيجي الامريكي كما ريانا هو المدخل لتفجير الصراع الداخلي في مصر ولاثارة الفوضى وعدم الاستقرار تمهيدا للأهداف الاخرى.

ثانيا : ان الاخوان جماعة استبدادية عنيفة.
هذا امر يعرفه الامريكان جيدا عن الاخوان منذ زمن طويل. يعرفون ان الجماعة لا علاقة لها بالديمقراطية والدولة المدنية. وحين وقفت امريكا بقوة وراء الاخوان لوصوله الى الحكم، كانوا يعلمون جيدا انهم سيسعون الى فرض حكم الاستبداد الديني واقصاء القوى الاخرى.
والامريكان يعلمون جيدا منذ ان الاخوان جماعة عنيفة لا تتردد في اللجوء الى العنف والارهاب.
الاستبداد الديني والعنف بالنسبة لأمريكا مطلوبان جدا كي يستمر حكم الاخوان الحليف لهم، وكي يتمكن من تحقيق الاهداف الاستراتيجية التي يريدونها في مصر، ومن ثم في العالم العربي.
وتفسير ذلك ان الامريكان ظنوا ان هذا الاستبداد سوف يضمن بقاء حكم الاخوان لعقود طويلة بما يتيح لهم تنفيذ المخطط المرسوم لهم. هذا امر. الآمر الآخر ان الامريكان يعلمون جيدا ان ما يريدون تحقيقه في مصر من مخططات عن طريق الاخوان لن تكون له أي شعبية، وسوف يقابل بمقاومة ضارية من الشعب المصري، وبالتالي راهنوا على لجوء الاخوان الى العنف والى قمع القوى الاخرى والمجتمع لتمرير وفرض ما يريدون.
وعلى ضوء هذا، كما سبق وشرحت في هذه المقالات، صمتت الادارة الامريكية تماما وه ترى محمد مرسي والاخوان يرسخون الاستبداد الديني ويقمعون القوى الاخرى ويحاولون فرض " الاخونة" على كل مؤسسات الدولة.
وقد سبق وحذر باحثون امريكيون من هذا قبل وصل الاخوان للحكم. حذروا من ان امريكا لن تتردد في دعم الاستبداد الديني للاخوان. مثلا، راؤول مارك، وهو ضابط سابق في المخابرات الامريكية، اصدر في 2004 كتابا بعنوان " المعضلة الاسلامية" قال فيه :" حنى لو وصل الاخوان المسلمون الى السلطة في مصر وقاموا بالقضاء على الديقراطية، فان هذا الخيار سيكون مناسبا للولايات المتحدة". والباحث روبرت درايفوس سبق واشار الى هذا ايضا، ولفت النظر الى ان هذا الدعم الامريكي للاستبداد الديني ليس جديدا ضاربا المثل بدعم امريكا للثيوقراطية الشيوعية في العراق وتحدث عما اسماه "ولع امريكا" بالتطرف والاستبداد.

ثالثا : ان الاخوان جماعة غير وطنية.
ليس من المبالغة القول ان هذا الجانب هو العمود الفقري للحلف بين امريكا والاخوان، والعنصر الاساسي الذي راهنت عليه امريكا لتنفيذ استراتيجيتها عبر حكم الاخوان.
والقضية هنا معروفة. الامريكان يعلمون تمام العلم ان الاخوان تغيب عنهم تماما.. عن فكرهم وعن قناعاتهم فكرة الوطنية المصرية كماعرفها الشعب المصري عبر تاريخه الطويل.
الامريكان يعلمون جيدا ان مصر كوطن لا تعني شيئا بالنسبة للإخوان، ولا يهمهم كثيرا أي مصير يلقاه هذا الوطن.
بالنسبة للاخوان مصر ما هي الا مجرد ولاية مفترضة من ضمن ولايات الخلافة الاسلامية التي يتوهمون انها ستعود والتي يعملون على اقامتها.
ويعني هذا انه بالنسبة للاخوان، لا يعنيهم كثيرا مثلا ان تضيع اجزاء من مصر كأرض ووطن. لا يعنيهم في شيء ان تتقسم مصر الى دويلات.
وكما ذكرنا، تقسيم مصر كان احد الاركان الاساسية للاستراتيجية الامريكية تجاه مصر والوطن العربي.
سبق للمرشد العام السابق للاخوان مهدي عاكف ان اطلق تعبيره الشهير "طظ في مصر". لم تكن هذه زلة لسان غير مقصودة. كان هذا تعبيرا دقيقا عن جوهر ما يؤمن به الاخوان. مصر لا تعني شيئا بالنسبة لهم، وليس لديهم أي مانع من ان تذهب مصر الى الجحيم ان كان هذا يحقق اهدافهم.
وليس من المبالغة في هذا الاطار القول ان تعبير "طظ في مصر" هذا بهذا المعنى هو السر الجوهري لعشق امريكا بالاخوان وحكمهم ورهانهم عليه.

رابعا: ان الاخوان جماعة متخلفة.
المعنى هنا ان الامريكان كانوا يعلمون تمام العلم قبل وقوفهم وراء حكم الاخوان، ان هذه الجماعية متخلفة، بمعنى انها غير قادرة على الاطلاق علي ان تحقق أي تقدم لمصر، بل بالعكس، كان الامريكان يعلمون ان حكم الاخوان سيعني انهيار كل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولن تتقدم مصر خطوة واحدة الى الامام.
وهذا بالضبط كما ذكرنا احد اهداف امريكا الاساسية.. الا تنهض مصر او تتقدم وتستعيد عافيتها ودورها.
وبالنسبة لهم، كان حكم الاخوان مثاليا لتحقيق هذه الغاية.

خامسا : ان الاخوان جماعة معادية للعروبة.
والامر هنا ان امريكا تعرف، كما يعرف الكل ان الاخوان لا يكنون أي تقدير من أي نوع للعروبة وللقومية العربية وللانتماء القومي العربي. وبالتالي، ليس لدى الاخوان أي نوع من الحماس لمطالب الوحدة العربية على أي مستوى، ومسألة دور مصر القومي العربي لا تحظى باي اهتمام منهم.
هذا الأمر له اهمية كبيرة بالنسبة لأمريكا من منطلق ان احد اهدافها الكبرى كما ذكرنا محاربة أي شكل من اشكال الوحدة او التكامل العربي، والحيلولة دون ان تلعب مصر دورا رياديا في هذا المجال.
هذه اذن هي اهم العوامل والمقومات التي جعلت من الاخوان في نظر امريكا بمثابة الحليف الاستراتيجي المثالي، والتي دفعت الامريكان لأن يراهنوا على حكم الاخوان لاعطاء دفعه كبير لتنفيذ الاستراتيجية الامريكية تجاه مصر والوطن العربي.
يجب ان نسجل هنا ان هذه العوامل والاعتبارات هي نفسها التي جعلت امريكا تدعم القوى الطائفية الشيعية هنا في البحرين وفي دول عربية اخرى. هذه الاعتبارات بالضبط هي التي جعلت امريكا تسعى عبر مخططاتها ومؤامراتها على البحرين التي طالما كتبنا عنها تفصيلا تحاول ان تدفع بهذه القوى الطائفية الشيعية في البحرين الى مقاعد الحكم.
*** 
  
خونة الوطن 
هذه هي العوامل الكبرى التي جعلت ادارة اوباما تقرر دعم وصول الاخوان الى الحكم والدفاع عن هذا الحكم الى آخر لحظة بعد ذلك. هذا من حيث المبدأ. لكن الأمر المؤكد ان نقطة التحول الاساسية التي عززت بما لا يدع مجالا للشك هذا القرار الأمريكي كانت المفاوضات المباشرة التي اجرتها ادارة اوباما مع قيادات الاخوان مع اندلاع ثورة 25 يناير وبعدها.
بات معروفا الآن ان هذه المفاوضات جرت على نطاق تفصيلي واسع مع قيادات الاخوان، وان موضوعها الاساسي كان معرفة ما الذي يمكن ان يقدمه الاخوان لأمريكا ومشروعها في المنطقة في حال وصولهم الى الحكم،والي أي حد هم مستعدون لتنفيذ ما تريده امريكا.
نحن لا نعرف بالطبع تفاصيل ما جرى في هذه المفاوضات، وتفاصيل ما قدمه الاخوان، لكن المؤكد ان الامريكان فوجئوا الى حد الذهول من الحدود التي يمكن ان يذهب اليها الاخوان في خيانة مصر والأمة العربية وفي خدمة امريكا واستراتيجيتها.
ومع اننا لا نعرف بعد تفاصيل الصفقات التي عقدها الاخوان مع امريكا، لكن يكفي فقط ان نشير الى جريمتين تاريخيتين، هما بحد ذاتهما يدللان الى أي حد وصل الاخوان في خيانتهم لمصر والأمة. نعني جريمة بيع سيناء، وجريمة تقسيم مصر.
اما عن جريمة التفريط في سيناء، فمن الواضح ان الاخوان قدموا للأمريكان رسميا كل التعهدات المطلوبة لحماية الكيان الاسرائيلي والمشروع الصهيوني، والتفريط في القضية الفلسطينية، وهو الامر الذي يمثل اولوزية كبرى في الاستراتيجية الامريكية.
في الفترة الماضية، نشرت معلومات كثيرة عن جريمة التفريط في سيناء. ومع انه لا يمكن بالطبع التحقق بشكل رسمي جازم من كل هذه المعلومات، لكن كل المؤشرات تشير الى صحتها.
والمعلومات التي نشرت بهذا الشأن تتلخص فيما يلي:
ان الاخوان المسلمين عقدوا اتفاقا مع امريكا يتم بموجبه التنازل عن 40% من اراضي سيناء كي يتم توطين الفلسطينيين فيها وتصبح جزءا من كيان فلسطيني، في اطار حل، او بمعنى ادق عملية تصفية للقضية الفلسطينية.
تشير المعلومات ان الذي وقع هذا الاتفاق هو خيرت الشاطر نائب مرشد الاخوان.
وتشير المعلومات الى ان امريكا قدمت او تعهدت بتقديم 8 مليارات دولار للإخوان في مقابل هذا. كما قيل ايضا ان رجب طيب اردوجان كان وسيطا في توقيع هذا الاتفاق.
كما قلت، مع انه لا يمكن بالطبع تأكيد هذه المعلومات رسميا، فان مؤشرات كثيرة تؤكد صحتها.
من هذه المؤشرات مثلا حقيقة ان مرسي وهو في الحكم اطلق يد الجماعات الارهابية في سيناء كي تثير الفوضى والارهاب بها تمهيدا لتنفيذ المخطط.
ومن الملفت هنا ان امريكا غضت النظر تماما عن اطلاق هذه الجماعات الارهابية في سيناء.
ومن هذه المؤشرات ايضا ما نشرعن ان مرسي منح 50 الف فلسطيني الجنسية المصرية كي يتم توطينهم بسهولة في سيناء.
ومنها ايضا ما كشفه احد نواب حزب النور عن سيناء بعد سقوط مرسي من انه تم بالفعل استطلاع راي المجالس المحلية في سيناء اثناء حكم مرسي حول توطين الفلسطينيين في سيناء.
وهذا الاتفاق ببيع سيناء الذي وقعه خيرت الشاطر هو الذي يفسر فيما يبدو ما قاله نجله بعد اعتقال الشاطر من ان ابيه يملك وثائق تدين اوباما لو اعلن عنها.
هذا عن جريمة الخيانة التي ارتكبها الاخوان ببيع سيناء.
اما عن جريمة قبول تقسيم مصر، فلنا ان نتذكر جيدا، ما كتبت عنه تفصيلا من قبل، من ان المنظمات الامريكية المجرمة التي كانت تعمل
في مصر والتي تم تقديمها الى المحاكمة، حين تم مداهمة مقراتها والتحقيق مع اعضائها، تم ضبط خرائط لتقسيم مصر بحوزتهم.
هذه الواقعة وحدها تؤكد ان مخطط تقسيم مصر الذي هو مخطط قديم في الاستراتيجية الامريكية والصهيونية، لم يكن مجرد مخطط نظري.
معنى امتلاك هذه المنظمات لهذه الخرائط انه كانت لديهم تعليمات بالترويج لمشروع التقسيم في مختلف انحاء مصر.
وما لم يتنبه اليه الكثيرون ان التمهيد لتنفيذ مخطط تقسيم مصر بدأ بالفعل في خلال العام الاسود الذي حكم فيه مرسي والاخوان.
في ذلك العام الاسود، بدات تظهر على السطح بقوة دعوات التقسيم. وجدنا مجموعات مشبوهة في الصعيد تصدر بيانات، موجود عندي نصوصها، تدعو الى انفصال الصعيد عن مصر. وظهرت مجموعة مجرمة تدعو لانفصال النوية واقامة دولة مستقلة. ووجدنا دعوات شبيهة تظهر في مدن القناة.
يخطيء من يظن ان هذه الدعوات كانت تنطلق بعيدا عن علم الاخوان.
كانت هذه دعوات مخطط لها بدقة في دوائر المخابرات الامريكية. كان مخططا ان تأخذ هذه الدعوات زخما بالتدريج، ويصبح لهذه الجماعات حضورا قويا بالتدريج، حتى تحين الظروف المناسبة للشروع في تنفيذها بالفعل.
وكما ذكرت، فان مسألة وحدة مصر وارضها لا تعني شيئا اصلا بالنسبة للإخوان.
هاتين الجريمتين، جريمة بيع سيناء وتقسيم مصر كافيتان لتوضيح الى أي حد وصل حلف الخيانة والارهاب بين الاخوان وامريكا، والى أي حد كان الاخوان على استعداد لخيانة الوطن والأمة.
الاخوان ارتكبوا من جرائم الخيانة ما لم يرتكبه أي حكم واية جماعة في تاريخ مصر كلها. وحتى اليوم نحن لا نغرف كل تفاصيل خياناتهم بعد.
*** 
  على ضوء كل ما حاولنا توضيحه في هذه المقالات، نستطيع ان نفهم ان هذا الحلف الذي عقدته امريكا مع الاخوان هو بالفعلا حلف للخيانة والارهاب. ونستطيع ان نفهم الدور التاريخي الذي لعبه الشعب المصري في ثورته المجيدة في 30 يونيو التي اسقطت حكم هؤلاء الخونة والدور التاريخي الذي لعبه جيش مصر بدعم الثورة.
شعب مصر انقذ وطنه مصر من الضياع، واحبط مؤامرة كبرى على الأمة العربية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire