Tunisiens Libres: هذا ليس دين محمد

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

mercredi 26 mars 2014

هذا ليس دين محمد

 هذا ليس دين محمد
اللّهم فاشهد إنهم لا يمثلون دين الإسلام و لا أخلاق المسلمين فأنا كافر بدينهم إنه دين أمريكا و الوهابية و الصهيونية إنهم مجرد قتلة دمويين جنّدتهم قوى معادية لدينك و لرسلك و لعبادك الأخيار لإظهار الإسلام و المسلمين و الناس الطيبين من حثالة الأقوام و لم يعد لهم مكانا بين الأنام و حق عليهم الإبادة و القتل و التشريد و التفقير إنها مأجورين من أعدائك و أعداء الإنسانية جمعاء إنها القوى الصهيونية و الوهابية و الأمريكية الذين يعبدون المال و الجاه و يدوسون على كل القيم و أنت العليم السميع فدمّر جمعهم و انصر جند الحق فالصورة موحشة تبعث على الغثيان و على كره هؤلاء الأوغاد و كره من جندهم و من يساندهم انظروا للرأس التي في يده فهي لـــ:
ملتحي مثله و يدعي أنه يمثل الإسلام مثله و أنه سلفي جهادي مثله لا فرق بينهما سوى أن كل واحد منهما ينتمي لأمير يريد السيطرة على الدين و على العباد و يدعي بأنه المسلم الوحيد في العالم إنها لصورة محزنة لما أوصلتنا له الصهيونية و الوهابية و أمريكا الأخ يقتل أخاه وهو في قمّة السعادة



السلفية في تونس
إن السلفية و على كامل مراحل التاريخ العربي كانت و مازالت صنيعة و أداة الحكام العملاء أو المستبدين أو القوى و الدول المعادية وبتمويل الطبقات الرجعية أو المخابرات الأجنبية و لعبت و تلعب دور المعرقل بل و المجهض لكل حركة فكرية تقدمية و كل عملية بناء في كلمة و بعيدا عن كل التنظيرات و الدراسات التي كتبت عنها: فالسلفية هي الطابور الخامس لتخريب الصفوف و إشاعة الفوضى و التشويش على كل القوى التقدمية و المناهضة للتخلف و الإستبداد و الظلم و الاستعمار و التفقير و المناصرة للتقدم و العقل و الديمقراطية و الإستقلال و العزّة و الكرامة و الحرية
دراسة بقلم محمد نجيب وهيبي
رغم أن التيار السلفي الوهابي ليس حديث العهد من حيث الأفكار والمرجعية والتنظيم في كل العالم الاسلامي ، إلا أنه تأخر في الظهور والتشكل التنظيمي الواضح في تونس إلى حدود بدايات تسعينات القرن الماضي ،وذلك رغم المحاولات العديدة لنشر الفكر السلفي الوهابي في تونس والتي انطلقت منذ بدايات القرن 19، وقد أصبح يطرح اليوم لغطا كبيراً في الشارع وعند الساسة، ويحدث الكثير من الفزع منه والإرتباك حول تفرّعاته، ومستقبله وأهدافه السياسية، خاصة إثر موجات العنف والتكفير المتكررة التي أطلقها جزء من السلفيين وآخرها الدعوة الصريحة إلى الجهاد والقتال ضد أجهزة الدولة والمعارضة، والتي أطلقها أحد شيوخ ما يسمي بالصحوة الإسلامية من على شاشة قناة التونسية ليلة 01/11/2012، وهو الأمر الذي يستوجب بحثاً حول هذه الظاهرة، يطال أصولها ومرجعها الفكري والإختلافات القائمة بين مجموعاتها، وأهدافهم السياسية، بعيدة وقريبة المدى، ونظرتهم للدولة والمجتمع ، حتى نتمكن من فهم موقعهم في المشهد السياسي والحضاري لتونس مستقبلاً.
المراجع
1- أبو الأعلى المودودي: الإسلام والمدينة الحديثة.
2- محمّد الكيلاني ،تونس: السلفية الجهادية حركة ارهابية عالمية.
3- أبو حمزة البغدادي: لماذا نقاتل؟ ونقاتل من؟.
4- عبد الملك القاسم: الولاء والبراء، موقع “مراجعات فكرية”.
5- حازم المدني: هكذا نرى الجهاد ونريده.
6- عبد الله عزام: إتحاف العباد بفضائل الجهاد.
7- أحمد ابن أبي الضياف: إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان.
8- علي بن سعيد: مستقبل الإسلام السياسي في تونس ، المجلة الالكترونية أقلام أون لاين العدد 18السنة الخامسة جويلية- أوت2006.
9- أعليّة علّاني، التيار السلفي في تونس: المكونات والفئات الاجتماعية، بحث منشور في كتاب السلفيون في دول المغرب العربي.
جزء 1 ماهو الفكر السلفي؟
يمكن إجمالاً أن نقول أن الفكر السلفي هو امتداد لمدرسة أهل الحديث والأثر الذين برزوا في القرن الثالث هجري في مواجهة المعتزلة في العصر العباسي تحت قيادة أحمد بن حنبل والتي انقسمت فيما بعد إلى حنبلية و أشعرية وفي القرن السابع وبالتزامن مع سقوط بغداد على يد التتار ظهر ابن تميمة فعمل على إحياء الفكر السلفي والتف حوله العديد من العلماء والتلاميذ مثل الذهبي و ابن قيم الجوزية.
هذه الدعوة أثارت جدلاً واسعاً مما أدى إلى انحسارها لتعاود الظهور مرة أخرى في القرن الثامن عشر الميلادي متمثلة في الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية بقيادة محمد بن عبد الوهاب بالتعاون مع محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى.
وإلى جانب الدعوة إلى العودة إلى السلف الصالح، وإلى العقيدة الصافية المرتكزة على القرآن والسنّة دون سواه، فان للسلفية الوهابية مميزات وقاعد للتفكير والعمل نوجزها في ما يلي:
1- لا تاريخانية القرآن:
وتعتبر هذه الأطروحة من أهم مرتكزات السلفية بصورة عامة، وبالتحديد الحركة الوهابية التي حررت القرآن من أسباب النزول، كي تصبح الآيات الصريحة مرجعاً صالحاً للتطبيق في كل زمان ومكان. وإذا أضفنا عنصر عدم وجود إجماع، فتح الجماعة بابا جديداً أطلقوا عليه اسم “فقه الواقع” الذي مثّل إحدى الأدوات الإيدولوجية الصارمة التي اعتمدتها الجماعات الجهادية بمختلف نزعاتها في مجمل أعمالها الإرهابية.
2- فقه الواقع:
وتعتير الحركة السلفية أن الإجتهاد في ما لا نص فيه يعد أحد أسس التشريع الإسلامي بعد القرآن والسنة والإجماع. وليس هذا فقط، إن الواقع الجديد، واقع الجهاد العالمي، الذي تواجهه مختلف الجماعات الجهادية أصبح في حاجة إلى أداة تبرير تساعد على ملائمة متطلبات العمل الميداني مع “شرع الله”، فكان “فقه الواقع”.
وكان من نتائج التحولات العقائدية التي شهدتها السلفية الجهادية ومحاولة تلبية ضرورات “الجهاد” المحلية والعالمية، أن تمّ تشريع قتل المدنيين العزل والذبح والنحر والنهب والسّبي والإغتيال السياسي والتفجير وكل أعمال العنف والإرهاب الهمجية، باسم الدين.
3- مناقضة الديمقراطية للإسلام:
تعتبر السلفية الجهادية الجديدة الديمقراطية “دين جديد” لأنها تعطي للبشر حق التشريع غير مقيدين بأي سلطة، مما يجعلها تضفي عليهم “صفة الألوهية”.
فقد قال أبو الأعلى المودودي:
“إن الديمقراطية هي تأليه الإنسان ….”
ويعمق أيمن الظواهري رأي أبي الأعلى المودودي بشأن الديمقراطية بقوله أنها: “دين وضعي كافر” ..
4- حكم نواب البرلمانات وناخبيهم:
إن حكم السلفية الجهادية على الديمقراطية بالكفر ينسحب على المؤسسات المنبثقة عنها وبالتحديد منها البرلمانات والنواب وناخبيهم. فالبرلمانات بالنسبة لهم هي تمكن الشعب من ممارسة سيادته “بواسطة نوابه”. وعلى هذا الأساس فالنواب “كفار” لأنهم يتولون التشريع، “ومن شرّع للناس فقد جعل نفسه إلها لهم وندا لله، وهذا يجعلهم (شركاء معه) في ربوبيته”.
أمّا الناخبون فإنهم بموجب الديمقراطية النيابية يوكّلون النواب عنهم في “ممارسة التشريع الشركي” ويتخذون منهم “أربابا من دون الله” وذلك شرك وكفر بالله، لذا فإن “المشاركة في هذه البرلمانات بالترشح أو الإنتخاب من الكفر الأكبر بل هو تجاوز على مقام ربوبية الله تعالى”.
5- أسلمة المجتمع “من تحت” و”من فوق”:
تشترك السلفية الجهادية مع السلفية في اعتبار أن الأساس الأول الذي يقوم عليه المجتمع الإسلامي يتمثل في “فضيلة أفراده”، مما يعني أن إصلاح شؤونه مشروط بإصلاح الأفراد، وأن “أسلمته” من جديد تكون “من تحت”، عبر أسلمة الأفراد وليس “من فوق” عن طريق أسلمة الدولة. وأن توسّع الأسلمة من التّحت “يفضي بالضرورة إلى مجتمع إسلامي”.
ولا تختلف دعوتها تجاه الأفراد عن الدعوة السلفية بجعل الناس يلتزمون بممارسة العقائد الإسلامية في الحياة اليومية ويتشبهون في مظاهرهم بالسلف الصالح: الصلاة والصوم والزكاة وإطلاق شعر الرأس واللحى والتسوك والتعطر وارتداء النساء النقاب..الخ. وبعث شبكات علاقات خاصة تروج الكتب وتقوم بالخدمات وتعطي الدروس الخصوصية للأطفال وتفصل بين الجنسين كلما سمحت لها الظروف بذلك وتنظم الحلقات الدينية وتنشئ التعاونيات وتكوّن مجالات مؤسلمة تطبق فيها “الشريعة”…الخ.
وتعمل السلفية الجهادية على أسلمة المجتمع “من فوق”، أي عن طريق الدولة من خلال “إحياء سنة الخلافة”، أو بناء “دولة الخلافة”. وهو هدف استراتيجي ينطلق تحقيقه على كل شبر من “ديار المسلمين” يتم تحريره من “الحكام الكافرين” أو “المرتدين الممتنعين”.
6- عقيدة “الولاء والبراء”:
وتهدف عقيدة الولاء والبراء إلى تجنيد المسلمين وتأطيرهم إيديولوجيا في السياق السلفي الجهادي مما جعل زعماء هذا التيار يضعونها في مقام العقيدة والإيمان.
يقول عبد الملك القاسم موضحاً مفهوم الولاء والبراء: “إن الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة وشرط من شروط الإيمان”.
وشرح مدلولها بقوله:
“ومعنى الولاء: هو حب الله ورسوله والصحابه والمؤمنين الموحدين ونصرتهم.
ومعنى البراء: هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق”.
ثم مرّ إلى تحديد شروط الوفاء بها من زاوية تجبر المؤمن تدريجياً على القبول بالتأويل الصارم الذي يرمي إليه التنظيم، لاعتماده على القرآن والسنّة ضمن الإطار اللاتاريخي الذي كنا أشرنا إليه أعلاه. وفي حالة مخالفة الإنسان المسلم لبند من بنودها يضع نفسه، من منظور الجماعة، في خانة “المنافقين” و”المبتدعين” و”الفساق”، هذا إذا لم يصنف في خانة “الكفار” و”المشركين”.
7- الحاكمية لله:
تذهب السلفية الجهادية مذهب سيد قطب في اعتبار الحاكمية “أخص خصائص الألوهية”، بمعنى “أن التشريع كله لله” و”أن الحكم لله وحده”. لذلك فهي “أخطر وأكبر قضايا العقيدة”، إذ هي تفصل بين الألوهية والعبودية في إظهار خصائص الألوهية بالقياس إلى البشرية: “تعبّد العبيد”، أي أنه على الناس “واجب الطاعة لله”، وأن “لله وحده حق التشربع لهم في حياتهم”، و “إقامة القيم والموازين”.
أما “العبودية” فهي عبادة لا يتوجه بها البشر إلا لله.
8- “ديار المسلمين” و”الأرض المباركة”:
وبما أن الدين الإسلامي أتى كدين للعالمين، دين موجه للناس أجمعين، فكل الأرض بالنسبة للمسلمين فتح وغزو. ومن الطبيعي ألا يرتبط المسلم بقومية أو شعب أو قطر أو وطن، بل يحل رحاله أينما وجد “ديار المسلمين”. لأنه ينبغي على المسلم، في نظر الجماعة، أن يعتقد أن وطنه هو وطن الإسلام، وليس شيئاً آخر.
ويؤكد حازم المدني في إحدى رسائله أن جنسية المسلم هي “جنسية العقيدة” التي “تتساوى” فيها جميع الأجناس والأقوام والألوان حول “رب واحد ومنهج واحد وأمة واحدة”.
ويعتقد،”السلفيون الجهاديون” في أن “أمّة الإسلام” ممتدة من مشارق الأرض إلى مغاربها. وكانت “سنّة الخلافة توحدها” ومنذ أن سقطت “تشتت المسلمون وضاعت كلمتهم”، فأصبحت مهمة “إعادة بناء الدولة الإسلامية وإحياء سنّة الخلافة في الحكم واستئناف تبليغ رسالة الإسلام إلى أمم الأرض” فرض عين على كل مسلم.
جزء 2 مناهج عمل السلفية الجهادية
1- “الفريضة الغائبة”: الجهاد فرض عين.
أصدر محمد عبد السلام فرج، مؤسس تنظيم “الجهاد الثاني”، كتيباً، في أواخر سبعينات القرن الماضي، تحت عنوان “الفريضة الغائبة”. وقد انفرد بتجميع وحوصلة الفقه الجهادي استخلصه من كتابات ابن تيمية وابن القيم فيما يتعلق “بدار الكفر” و”دار الإسلام” وقضايا الحاكمية والردة ومشروعية الجهاد وأحكامه وشروطه.
وفي الحرب الأفغانية، وفي ظل حكومة الطالبان، تكاثفت الإصدارات في هذا الباب التي شكلت ما يدعى بفقه الواقع، الذي يشرّع خطف وقتل الرهائن والإغتيال السياسي وتعريض المدنيين للقتل …الخ.
وكان عبد الله عزام وضّح في كتابه “إتحاف العباد بفضائل الجهاد” وفي وصيته التي كتبها في منزل جلال الدين حقاني، كيف أن الجهاد، في جميع “أرض الإسلام”، فرض عين، وأنه كان كذلك منذ سنة 1492، أي “عندما سقطت غرناطة بيد الكفار – بيد النصارى – … وسيبقى الجهاد فرض عين حتى نستعيد كل بقعة كانت إسلامية إلى أرض الإسلام وإلى يد المسلمين”.
2- الأعداء الذين حددهم الجهاديون:
حدد حازم المدني، وهو من قادة تنظيم “القاعدة”، قائمة “الأعداء النشيطين الآن من منطلق صراع الإمة”، الذين ينبغي إعلان الجهاد ضدهم، في أربع شرائح مرتبة على أساس أشدها خطورة ثم الذي يليها فالأدنى …. وهكذا:
الشريحة الأولى:
- اليهود (ولا يصح التفريق بين الصهيونية واليهودية أو يهود فلسطين ويهود الخارج).
- مسيحيوا الغرب، قادة الحرب الصليبية الجديدة: أمريكا وأوروبا الغربية (البروتيستان والكاتوليك).
- مسيحيوا الشرق من الروس والعرب (الأرثودوكس) والهنود ومثلهم الوثنيون والشيعة.
الشريحة الثانية:
- أئمة الكفر (النظام الحاكم).
- الوزراء وعلماء السوء.
- الأنظمة الأمنية التي تعمل على حماية النظام الحاكم.
الشريحة الثالثة:
- المؤسسات التابعة للنظام الحاكم من إعلام وادارة.
- فئة المثقفين المدافعين عن النظام والمتعدين على الإسلام (التيار العلماني).
- فئة الفاسقين ممن يشيعون الفاحشة ويسمونهم بالفنانين ومن شابههم.
الشريحة الرابعة:
- الجماعات العصرية ذات المناهج المتباينة والتي لا شوكة لها.
- الأحزاب السياسية ذات التوجه القومي.
3- إرهاب الأعداء:
يستعمل سلفيوا “القاعدة” أساليب “جهاد” هدفها إثارة أقصى الرعب في النفوس وإرباك عموم الناس، لتحقيق أهدافهم العقائدية والسياسية.
وقد أضحى مألوفا لدى الرأي العام أشكال العنف الأكثر إثارة وأشد دماراً وقتلاً مثل أحداث 11سبتمبر2001 ومدريد والمغرب ومصر والسعودية. أما عن الذي يحدث في العراق فهو أسلوب منهجي شامل تطبق فيه أطروحات “القاعدة” على الوجه الأكمل.
ومن بين الأساليب التي تجاوزتها الإنسانية حضارياً وأحيتها الجماعات الجهادية بتوسيع ممارستها في الجزائر وفي العراق، في عمليات “الغزو” التي تقوم بها “السرايا الصغيرة” على القرى والمدن أو في عمليات اختطاف الرهائن، والتي تبثها عن طريق الفيديو أو عبر شبكة “الأنترنت”، هي النحر.
واعتماداً على التأويل الخاص للقرآن والسنة، يصبغ الإسلاميون الجهاديون أعمالهم بصبغة شرعية، ويضفون عليها هالة قدسية، حتى تكون كل معارضة لهم في مقام المعارضة لله والرسول. وهي خدعة وتضليل يسهل الكشف عنها بكشف المصالح الحقيقية التي تخدمها والقوى الإجتماعية الواقفة وراءها.
جزء 3 التيار السلفي في تونس
هناك أسباب عديدة تفسر تأخر ظهور السلفية وانتشارها بالبلاد التونسية نذكر أهمها في ما يلي:
1- وجود مؤسّسة جامع الزيتونة بعلمائها ومشايخها الأشعريين،
وما تمثله من رمزية وعراقة، وهي لم تقبل بسهولة أي توجّه يتعارض مع عقيدتها وتصوّفها السني وخاصة الفكر الوهابي، وقد ساندت هذه الرمزية التي حظيت بها مؤسّسة الزيتونة الروح العامة للشعب التونسي المتمسك بثقافته وإسلامه المحلي الذي حصّنه ضد الأفكار الوافدة التي ترمي إلى تغيير أنماط حياة و تفكير سادت عدة قرون.
ونذكر في هذا الإطار الرسالة الوهابية الشهيرة التي أرسلها محمد بن عبد الوهاب إلى أهل تونس سنة 1803م يدعوهم فيها إلى العقيدة السلفية “بالحجة والبيان، ومن لم يجبها دعوناه بالسيف و السنان” و يتحدث المؤرخ التونسي أحمد بن أبي الضياف (1802/1874م) في الجزء الثالث من كتابه “الإتحاف” عن هذه الرسالة ودعوة الباي (أي ملك البلاد) لعلماء تونس لإبداء رأيهم فيها، فكانت ردودهم سلبية ورافضة بشكل قطعي لهذه الدعوة، من بينها رسالة مطولة للشيخ إسماعيل التميمي أحد علماء تونس نشرها في 154 صفحة.
2- انفراد تونس مبكراً بتبني المشروع التحديثي والمدني الذي قاده حزب الدستور بزعامة الحبيب بورقيبة ودخوله في صراع فكري طويل مع منظومات التطرّف والإنغلاق، والذي يتباين مع التوجه السلفي.
وقد تأثرت الحركة الإسلامية التونسية خلال مراحلها الثلاث (الجماعة الإسلامية بين 1969-1979، ثم حركة الاتجاه الاسلامي بين 1979-1989، وأخيرا حركة النهضة من 1989 إلى اليوم) جزئياً بالمشروع الحداثي وهو ما ساهم في تأخر ظهور تيار سلفي بتونس.
3- التأثير الفكري لزعماء مثل عبد العزيز الثعالبي والطاهر ثم ابنه الفاضل بن عاشور والذين تبنوا فكراً إسلامياً مستنيراً تم استيعابه وتبنيه من طرف الزيتونيين.
جزء 4 العلاقة بين الجماعة الاسلامية والتوجه السلفي
يجدر التذكير أنه، كرد فعل على المشروع الإيديولوجي البورقيبي والمتمثل في الحد من نفوذ المؤسسة الدينية وتهميش الزيتونيين وتصفية أنصار اليوسفية (نسبة لصالح بن يوسف الشخصية القيادية الثانية في الحزب الدستوري الحاكم في تونس والذي دخل في صراع مع بورقيبة انتهى باغتياله من طرف أنصار بورقيبة في الخارج)، ولجملة من العوامل الخارجية (انتشار التيار الإخواني في المشرق)، ظهر في نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن العشرين تيار ديني متشكل من مكونات ثلاث:
- المتأثرون بالإخوان، والذين اقتربوا منهم في المشرق
- التيار التقليدي ممثلاً في الشيخ مورو وبعض الدارسين في الجامعة التونسية
- بقايا الزيتونيين وعلى رأسهم الشيخ محمد صالح النيفر وعبد القادر سلامة
إلا أن طبيعة مقررات مؤتمر الأربعين في 1972 الذي عقدته الجماعة الإسلامية بتونس وما سلف ذكره ونتيجة لعدة عوامل أخرى من بينها:
- الحضور القوي للتيارات الماركسية اللينينية وتأثيراتها على خصومها الفكريين نتيجة نقاشات وصراعات فكرية وتأثر النخب التونسية آنذاك بالثورة الماوية بغض النظر عن تبنيها سياسياً.
- تأثر مؤسسي التيار الإسلامي بالمشروع الناصري بل إن بعض عناصره الأساسية في البداية كانت لها تجربة ناصرية مثل تأثر الغنوشي بالمشروع الناصري ونشاط أحميدة النيفر مع الناصريين في سورية وقرب الحبيب اللوز من الليبيين في الستينات.
- ظهور الملامح الأولى لتشكل تنظيمي لحزب التحرير.
- تأثيرات أطروحات المفكر الجزائري مالك بن نبي والذي انتشرت كتاباته في تونس بين الإسلاميين بل وكانت للعناصر القيادية في الجماعة الإسلامية اتصالات مباشرة به في الجزائر.
كل تلك العوامل والأسباب فرضت على التيار الإسلامي توجهاً هو أقرب للفكري والسياسي منه للديني الصرف في مفهومه الكلاسيكي وخوض صراعات سياسية في بعدها الثقافي والفكري نتيجة عدة عوامل من بينها مثلاً، اطّلاع العديد من أبناء التيار على الأدبيات الماركسية وعديد المفكرين التقدميين.
لكن ذلك لم يمنع عديد [أو بعض] عناصر الجماعة من التأثر بالتوجه السلفي (نجد أثر ذلك في مقالات مجلة المعرفة التابعة للحركة الإسلامية و الخطب الدينية الملقاة في المساجد والمتأثرة بالفكر السلفي نتيجة تواجد تيار سلفي داخل الجماعة الإسلامية ونتيجة أسباب أخرى عديدة).
حركة الإتجاه الإسلامي:
(قطع المؤسسات القيادية مع التوجه السلفي الجهادي والمرحلة الجنينية لنشوء تيار سلفي جهادي بتونس) ..
منذ بيانها التأسيسي المعلن عنه في الندوة الصحفية في 6 جوان – يونيو 1981 ظهر الإبتعاد التدريجي لأفكار حركة الإتجاه الإسلامي عن طبيعة التفكير السلفي نتيجة بداية تبني مقولات الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان، ويرى بعض القياديين بالحركة أن الغنوشي نفسه تحدث عن خوفه من أن يؤثر المعلن عنه -(أي تبني الطرح الديمقراطي والحقوقي) في بعض أبناء الحركة وخاصة القريبين من الزيتونيين، ويستدلون على ذلك بأن بعض التيارات الإسلامية بالمشرق تخوفت من هذا الخطاب وصنفت الحركة خارج إطار التيار الإسلامي.
إلا أن هناك رؤية أخرى تعتبر أن الحركة بقيت في ملامح خطابها محافظة على المشروع السلفي، وتجسد ذلك في ما يعرف ببرنامج “الأولويات” الذي تم النقاش حوله في منتصف الثمانينات وانتهى في جزء منه بما يعرف بوثيقة “الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي لحركة الإتجاه الإسلامي” المصادق عليها في مؤتمر 1986 والتي كرست البعد العقائدي في برنامج الحركة وأعطت طابعاً سلفياً لمشروعها المجتمعي.
وفي نفس الإطار دارت نقاشات حول برنامج الحركة السياسي في بعده الفكري أولاً، فكان هناك المؤيدون والمعارضون. ونشير إلى أن النقاشات كانت تتم تحت إشراف القيادي بحركة الاتجاه الإسلامي صالح كركر الذي فشل في إقناع هؤلاء المعارضين ومنهم محمد صالح الحراث الذي بادر إلى تأسيس تيار سلفي المنهج عرف في ما بعد بالجبهة الإسلامية التونسية، في حين دارت نقاشات أخرى أراد البعض منها توجيه الحركة إلى تبني خط جهادي صرف إلا أن الحركة رفضت في الأخير الإنسياق وراء ذلك مما حدا بهم إلى تأسيس تيار جهادي سنة 1986 عُرف بـ “حزب الله المختار” أو “الجهاد الإسلامي” وعمد بعض أنصاره – في عهد الرئيس السابق بورقيبة – إلى القيام ببعض التفجيرات أدت إلى إعدام مؤسس هذا التيار الحبيب الضاوي وشقيقه وأهم المقربين منه سنة 1986.
وخلال عام 1988 خلفت حركة النهضة “الإتجاه الإسلامي”، سعياً من قادتها التأقلم مع الواقع السياسي. وفي انتخابات 1989 التشريعية، جرت مفاوضات بين حركة النهضة وبين جهات من السلطة والمعارضة، حول مشاركتها في الإنتخابات وحول مضمون دعايتها الإنتخابية، بما في ذلك حول إمكانية دخولها لمجلس النّواب عن طريق “القائمات المستقلة” البنفسجية. لكنها تجاوزت الخطوط الحمر على جميع الواجهات، إذ طفا على السطح خطاب متصلب ومكفّر هاجم المكتسبات ودعا إلى تطبيق الشريعة والعودة إلى السلف الصالح في الدين والدنيا. وتقدمت بقائمات في أغلب الدوائر. وقامت بعمل استعراضي وتعبوي أزعج السلطة والمعارضة الديمقراطية وقطاعات واسعة من الشعب التونسي وعلى الأخص المثقفون والمرأة الذين كانوا هدف الحملة المفضل.
وكان الإعلان عن نتائج الإنتخابات، بمثابة إعلان القطيعة بين السلطة وحركة النهضة، وبينها وبين المعارضة القانونية. ومع حلول عام 1990، خيّم على علاقتها بالسلطة ملف محاولتها اختراق جهاز الأمن، وبدأ التوتر يأخذ طريقه كي يصبح السّمة البارزة فيها. وأتت حرب الخليج لتدفعه إلى مستوى حملت الطرفين على اختيار المواجهة. فرفعت حركة النهضة شعار السنة البيضاء بالنسبة للشباب التلمذي والجامعي، من خلال الإعلان عن الإضراب اللانهائي. واتجهت إلى المواجهه في الشارع والإعداد للقيام بأعمال “تأديبية” وعمليات إرهابية (عمليات حرق وتفجير) واعتداء على الأشخاص بواسطة الماء الحارق.
كانت حركة النهضة، في مطلع التسعينات من القرن الماضي، مصممة، كما كانت في 1987، على القيام بمعركة فاصلة مع نظام الحكم، حتى أن زعيمها السيد راشد الغنوشي أعلن الجهاد في تصريح له لجريدة “الإنقاذ الوطني” السودانية، حيث قال:
“والجهاد ضد أنظمة الكفر والإستبداد والعشائرية والتجزئة والولاء للأجنبي – وتكاد أنظمة العالم الإسلامي لا تخرج من هذه الأوصاف – فإن للأمة الإسلامية أن تنهض بمهام الصراع الحضاري والشهادة للمشروع الحضاري الإسلامي، فلا مناص من تركيز الجهد الجماهيري على مجاهدة هذه الأنظمة الخائنة لتعريتها وتوهينها وإرضاخها لسلطة الشعب والإطاحة بها”.

كانت الحركة الإسلامية تعلّق آمالاً عريضة على تطورات الوضع في الجزائر وعلى نتائج الإنتخابات التشريعية فيها، والتي كانت تتقدم بأشقائها في العقائد، رويداً رويداً، للوصول إلى السلطة. ورغم أن إيقاف العملية الإنتخابية قد غيّر كل المعادلات السياسية، فقد بقيت حركة النهضة سجينة رد الفعل على السلطة التي جرّتها إلى التوغل بشكل يصعب عليها الإفلات من فكّي الكماشة عند إغلاقها.

1 commentaire: