Tunisiens Libres: هل الإسلام هو الحل؟

Home

Home

http://tunisienslibres.blogspot.com/2016/03/blog-post_25.html

vendredi 21 mars 2014

هل الإسلام هو الحل؟

هل الإسلام هو الحل؟
..... ومعني ان يكون الاسلام هو الحل , ان العلم الحديث الذي ادي لتقدم العالم كله ليس هو الحل لتخلف بلاد المسلمين , وهو ما يعني ضمنيا تنشيط الخرافة وروح التواكل والاعتماد علي الله وليس علي العقل ، وهو ما يعني ايضا أن الديمقراطية ليست هي الحل , الاسلام هو الحل وليس عقلي ولا علمي ولا يدي ولا ديمقراطيتي ولا حقوقي الانسانية هى الحل.
شعار يرفض أي طريق للحل سوي ذاته , شعار يعني عدم اللجوء للحلول البشرية ما دامت لدينا الحلول الالهية , والحلول الالهية تقوم أساسا علي تعبد المسلم لربه , بالصلاة والصيام والحج والدعاء وغيره ، وهو كفيل بانقاذه وانقاذ امة المسلمين. وأعلي درجات هذا التعبد هي الجهاد لاحتلال بلاد الآخرين ، ونزح خيراتها الي بلاد المسلمين فيتم حل كل مشاكل المسلمين.
لذلك حصد الاخوان في الانتخابات التشريعية ما حصدوا من أصوات لأن شعار الاسلام هو الحل ، هو شعار كل مسلم وليس شعار الاخوان وحدهم , ولو كانت في مصر انتخابات نزيهة حقيقية لاكتسح "الاسلام هو الحل" كل الاحزاب الاخري , ليس لأن الاخوان جماعة منظمة تنظيما دقيقا كما يبرر المتفلسفون ، وليس لانها حقيقة واقعة في المجتمع وفي الشارع المصري اثبتت نشاطها التنظيمي القوي حسبما يري المنظرون السياسيون , فليس مثل تلك الاسباب وراء تصويت المسلم المصري للجماعة , لانه ليس هكذا يفكر رجل الشارع المصري , المصري يستشعر الهوان والتخلف والفقر والهزيمة , ويعتبر ان ذلك بسبب آثامه وبعده عن طريق الله حسبما يقرعه مشايخ القنوات التليفزيونية صباحا ومساء , ومن ثم يري في الجماعة نموذجا للتقوي والالتزام , وانها هي الاقرب الي الله , وانها لو حكمت مصر فان الله سينصرها لانها الاكثر طهرا وقربا من رب الاسلام , فهم ملتحون مصلون صائمون حريصون علي اداء الصلوات الجامعة , نساءهم منقبات قانتات , هم نموذج الصحابة الاوائل للنبي الذين تدخل الله بنفسه من أجلهم ، ورفعهم من الذل والفقر الي التمكين والعز والقوة وفتح بهم بلاد العالم.
ان الشارع المصري عندما يعطيهم صوته فهو يعطيه لما يتصور انه الاسلام الذي يرضي عنه الرب , لذلك لم يجد الاخوان أي بأس في استثمار هذه المشاعر الفطرية البسيطة فكان اعلانهم عن أنفسهم في الانتخابات للمواطن (اعطي صوتك لله) , (لا ميثاق ولا دستور. قال الله وقال الرسول).
المصري يري الفارق الهائل بين العالم المتقدم وبين بلاد المسلمين فلا يري أي امكان للحاق بالمتفوقين بجهودهم البشرية , ومن ثم فلا حل سوي ان يتدخل الله بنفسه لينقذ امته المختارة بنفسه , فيعطيه صوته , يعطيه للاخوان.
يعطيهم صوته ليتدخل الله وينتقم من اليهود والنصاري (وعادة ما يتم تركيز الكراهية هنا على اسرائيل وامريكا) الذين اهانوا المسلمين بتفوقهم ، ويرفع شأن المسلمين الي مقام السيادة الموعودة ربانيا. لذلك يقدم الاخوان أنفسهم للناس بوصف أنفسهم بأنهم المسلمون , لتعميق شعور بقية المسلمين بأنهم غير مسلمين حقا بل آثمون خطائون. لذلك يلتزم الاخوان المظاهر الدينية التي تجعلهم في نظر البسطاء من مسلمي اليوم كالصحابة الاوائل , ومع هذا الاسلام المخلص النقي يصبح شعار (الاسلام هو الحل) هو الحامل للشعار القديم , هو الحل لعرض الشعار القديم علي العالم القوي الكافر: الاسلام أو الجزية أو الحرب. ويحمل الشعار الجديد حماية الرب الذي كان يحمي الشعار القديم ، فاحتل المسلمون به نصف العالم القديم المعروف زمانهم. الشعار يعني ان الرب سيكون راضيا عن الاخوان ورضاه يعني تسليمهم حقهم في الصفقة التجارية ، ليكونوا أصحاب الحق في الحكم والادارة , وان هذه ارادته ورغبته ، لان الحكم بالاسلام فرض شرعي يعلنه الاخوان دوما ، بتأكيدهم أنهم سيحكمون بالشريعة الاسلامية , وهو الحكم الكفيل بتأكيد الصلح مع الله , ليعود رضاه علي المسلمين فيقوي شأنهم ، ويعودوا سادة العالم من جديد.
الشعار يتضمن أيضا معني أن الاسلام كما هو الحل فهو الغرض والهدف , وان الاخوان انما ينفذون مشيئة الله ولا يبغون من وراء ذلك مكسبا ولا مغنما ، فهم لا يريدون من الوصول الى السلطة وحكم البلاد الا خير الاسلام والمسلمين ، مثلهم مثل الصحابة الاوائل الاطهار , هو ذات ما كان يقوله هؤلاء الصحابة القدامي بشعار الاسلام أو الجزية أو الحرب , لكنهم عندما تمكنوا قتلوا وذبحوا وسلخوا ونهبوا واغتصبوا.
وقد كتب صاحب هذا القلم منذ حوالي عام بمجلة روزاليوسف القاهرية ان ما يفعله الاخوان في مصر بمبادئهم الوهابية هو اعادة فتح عربى- هذة المرة سعودي - لمصر كرر مرة أخري ، في موضوع بعنوان (ثأر الدرعية واعادة فتح مصر) , وبعد اشهر , ولأن النبوءة صحيحة , فقد أعلن الاخوان ذلك وبنفس التعبير والمعني ، في وثيقة خيرت الشاطر بعنوان (فتح مصر) ، ليثبت صدق صاحب هذا القلم. انهم يعيدون فتحها ليس بالشعار القادم من الخارج: الاسلام أو الجزية أو الحرب , انما بشعار جديد يتناسب واعادة احتلال مصر من الداخل ، والتسلط عليها بشعار الاسلام هو الحل. وهذا الحكم أو التسلط يسمونه اليوم (التمكين) ، وعندما تمكن اسلافهم من قبل فعلوا ببلادنا وشعوبنا الاهوال ، فماذا عن تمكين الاخوان واعادة فتح مصر من الداخل؟
وكما ردد الصحابة الاوائل الفاتحون شعارات جميلة من قبيل ان الناس يتساوون كأسنان المشط ، وأنه لا فضل لعربي علي أعجمي , وانه متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا , وانه لو عثرت دابة بالعراق لسأل الله عنها الخليفة بالحجاز , وان الدعوة للاسلام تكون بالحكمة والموعظة الحسنة.. لم يطبق أي من هذه الشعارات في حروب الفتوح يوما بل كان ما يطبق هو الذبح والسلخ والنهب والاسر والسبي.. باختصار الاسلام أو الجزية أو القتل.. فان الاخوان المسلمين يرددون نفس الكلام اللطيف ولكن مأخوذا من مونتسكيو ، وجان جاك روسو ، وفولتير , فيحدثوننا عن الحريات وحقوق الانسان والشوري التي سبقت الديمقراطية، لكن شعارهم (الاسلام هو الحل) يستبعد فورا كل هذا الكلام الجميل ، لان واقع الاسلام الاول الذي يريدون استعادته ، لا يعرف شيئا عن المساواة ولا الحريات ولا حقوق الانسان فكلها مفاهيم معاصرة بنت زماننا اليوم , ناهيك عن كون تطبيقات المسلمين الاوائل لم تعرف لا المساواة ولا الحرية ولا الحقوق ، حتي بمفاهيم زمانها و ماقبل زمانها كما في دساتير روما أو كمافى ديمقراطية أثينا مثلا. وعليه لا يبقي من الشعار سوي انه ليس العقل ولا التفكير العلمي الذي انتج مفاهيم زماننا عن الحريات والحقوق والتقدم , ولا الديمقراطية ، هي أحد الحلول الناجعة لمجتمعاتنا التي يزعمون أن لها خصوصية دون كل البشرية لا يصلح معها الا الاسلام وحده حلا’ ، هي خصوصية الطاعة المطلقة لأولي الامر من الاخوان عندما يصلون الي الحكم.
لا شك ان الاستبداد الذي مارسته الحكومات المتعاقبة منذ يوليو 1952 وحتي اليوم , كان التهيئة والتمهيد للشارع المصري لقبول الاستبداد الالهي ، كتعويض أكرم من الاستبداد الحكومي ، ممثلا في التصويت للاخوان , بعد ان تركت الحكومة خاصة منذ زمن السادات كل وسائل التعليم والاعلام للفكر الدينى المتطرف، ليستعيد الاسلام الجهادي نفوذه في الشارع المصري , من باب استخدام المواطنين المتعصبين للأسلام فزاعة للمجتمعات الحرة في الغرب. ليكون الشارع الارهابي هو البديل الاوحد للحكومة ازاء غرب بات يعاني من فوبيا الاسلام , ويصبح الخيار مابين الحكومة المستبدة وبين الشارع الهمجي المتخلف الذي يقفز الي القتال والاستشهاد طوال الوقت , حتي تحول الشارع المصري الي أشد انواع التعصب كراهة وبشاعة , وهو ما تمثل في احداث متتالية ضد الاقباط المفترض انهم اهل الوطن ، وامتدادهم فى عمق التاريخ وهم اصالتنا الحقيقية , ناهيك عن الارهاب الدموي وهو ما يشير الي عودة الاسلام الجهادي وعقيدة الولاء البراء(انظروا النص الثاني اللاحق أسفله فهو يشرح عقيدة الولاء و البراء بالتفصيل) ، للتمكن من عقل المسلم المصري الذي تم مسح وعيه بالكامل لصالح الجهاد.
وخلال هذه الحقبة لم تنشغل السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية بما حدث في بلادنا , ولم تتساءل عن حقوق الانسان فى بلادنا بشكل جدي , طالما كان جنود الجهاد يقومون بما تريده منهم في افغانستان او فى غيرها , الكارثة انه حتي بعد تحول هذا الجهاد ضد امريكا والغرب تقول وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس للواشنطن بوست : " اننا لا نخشي وصول الاسلاميين او المتطرفيين الي الحكم , لان التطرف يكمن في غياب قنوات النشاط السياسي والاجتماعي". ومصيبة اخرى قالها دبلوماسي امريكي آخر انه :" لا ضرر من وصول الاسلاميين الي الحكم اذا مارسوا تداول السلطة عبر الديمقراطية" , كما لو ان الديمقراطية هي فقط تداول السلطة بصندوق الاقتراع. دون النظر الي شروط الديمقراطية وقيمها التأسيسية قبل هذا الصندوق من تعددية جزبية، واحترام لحقوق الانسان ، ونسبية الحقيقة ، ورفض المطلقات والفكر المقدس كحاكم او معيار سياسي. وهي كلها كفر صريح من وجهة نظر اسلامية , واجلي من يمثل وجهة النظر الاسلامية هم الاخوان واخوانهم فى العراق او فى قندهار. اما اكثر اللطافات الامريكية في التعامل مع المشكلة فهي موافقة الكونجرس علي تخصيص 1.3 مليار دولار لمشاريع الغرض منها تطبيع وترويض الاسلاميين المعتدلين؟!
ومثل هذا الفهم الامريكي عن اسلام وسطي معتدل يشير الي عدم معرفة علمية دقيقة بتاريخ الأسلام وبالفرق الاسلامية اليوم وأمس ، فهذا التيار المعتدل أو الوسطي والذي يعد أبرز من يمثله الآن الشيخ يوسف قرضاوي ، وفهمى هويدى وسليم العوا وغيرهم ، هو ضد الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، وضد الحريات المدنية ، وضد الحقوق السياسية والمدنية للمرأة. وضد حقوق الاقباط , نتيجة الاصرار علي تفعيل آيات القرآن والاحاديث ، والاصرار علي صلاحيتها لكل مكان في الارض ولكل زمان حتي نهاية الازمان , وبين تلك النصوص المقدسة حواجز قاطعة بين المؤمن اي المسلم وغير المؤمن اي صاحب اي دين غير الاسلام باطلاق وخاصة اليهودي والمسيحي , والموقف من هؤلاء قتالهم حتي يسلموا او يخضعوا للمسلمين بدفع الجزية وهم (صاغرون) ، أي وهم أذلاء مهانون ، فالحدود قاطعة بين الاثنين , اضافة الي عقيدة الولاء والبراء التي يستحيل معها قيام أي لون من الاعتدال أو الوسطية.
وفي الاسلام مبدأ اسمه (التقية) أي اظهار المسلم غير ما يبطن ، حتي يحقق غرضه بالنصر علي عدوه , و هو ما تستخدمه الفرق الاسلامية اليوم , فيقولون كلاما جميلا ومواعظ لطيفة ويعلنون ايمانهم بالديمقراطية ، لكن مع الاصرار علي تطبيق الشريعة الاسلامية التي لا تلتقي ابدا مع الديمقراطية. فهم يريدون اقامة دولة علي نسق دولة الخلافة الراشدة , دولة السلف والفقه الاسلامي الذي لم يتغير مطلقا عبر القرون واذا كانوا يزعمون انهم سيطورون الشريعة والفقه فما لهم لم يطوروا شيئا حتي الآن؟ أم تراهم سيطورون بعد ان يحكمونا!! هذا موقف لا يمكن الثقة به مطلقا.
حتي اليوم ترفض كل الفرق الاسلامية علي تنوعها اعلان الغاء الرق والعبودية لان بالقرآن ثلاث وعشرين آية تؤكد العبودية ، ناهيك عن الاحاديث النبوية ، وفقه كامل للرقيق ، و حتي اليوم ترفض كل الفرق الاسلامية الغاء العقوبات البدنية ، لانها تقوم علي نصوص قرآنية وحديث نبوي ، حتي الان يرفضون مجرد الاعتراف بالمجازر الهائلة التي اقامها المسلمون لأهالي البلاد المفتوحة ، ناهيك عن الاعتذار عنها اعتذارا لائقا يشير الي تغيرهم. وحتي اليوم يرفضون ان تكون للمرأة حقوقا كالرجال. فهي نصف ذكر في ميراثها ، ونصف ذكر في شهادتها امام القضاء ، وهي ناقصة عقل ودين بنص الحديث الصحيح , هم يقولون انهم مع حقوق المرأة , لكنهم ابدا وحتي الان لم يناقشوا هذه المسائل الحقوقية الاساسية ، باعتبارها قرارات الهية لا تقبل النقاش ولا التعديل , بل هم حتي اليوم ضد قيام مجلس تشريعي يشرع فيه البشر لانفسهم ما يناسبهم من قوانين ، لان المشرع هو الله. تعالوا نستمع الي الاخوان وكيف يمارسون (التقية) بالاعلان عن ايمانهم بالديمقراطية ، دون أن يتنازلوا مليمتر واحد عن الشريعة التي هي نقيض الديمقراطية بالكلية , يقول المرشد العام للاخوان الاستاذمهدي عاكف لمجلة آخر ساعة المصرية بتاريخ 20-7-2005 " ، اننا نؤمن بالديمقراطية ايمانا كاملا , لانها هي التي تأتي بانتخابات حرة نزيهة , اما بالنسبة للديمقراطية التي لا حدود لها (أي قيم الديمقراطية الحقوقية الليبرالية العلمانية) والتي تقول أن الشعب هو كل شئ , نقول لها: لا , ان رأي الشعب مقنن بالشريعة ، وهذا هو الفرق بيننا وبين غيرنا , انما نحن ديمقراطيون الي اقصي حدود الديمقراطية ، فلا ننسي ان الدستور المصري يقول ان الشريعةالاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" ..... الاخوان مع ديمقراطية صندوق الانتخابات ، لكنهم ليسوا مع تشريع المجلس أو الشعب , هم يريدون ديمقراطية تصل بهم الي الحكم , وبعدها يحكمون باسم الله. اذن لقد دخلوا المجلس لالغاء دورة فى التشريع ، وربما احياء مشروع تطبيق الشريعة المقبور.... وهذة نبوءة اخرى اطرحها عليكم والايام بيننا
وعندما طالب صاحب هذا القلم ومن بعده الاقباط بالغاء المادة الثانية بالدستوررد المرشد العام في حديث لصحيفة المصري اليوم في سبتمبر 2005 بقوله :"ان هذه المطالبة تمس خطوطا حمراء لا يجب الاقتراب منها" ، واستكمل نائبه يقول :" ان هذه المطالب بمثابه خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه , لان ذلك سيفجر حربا اهلية داخل مصر" ، وزاد عليهما محامي الجماعات ممدوح اسماعيل قوله:" ان هذه المطالب لن تكون الا علي جثث الجميع , وأصحابهذا الرأي يطالبون بحمامات دم في مصر". .... أما المرجع الديني للجميع الشيخ قرضاوي فقد اعلن في برنامج الشريعة والحياه بقناة الجزيرة قوله:" اذا كان المراد بكلمة مدني.. العلمانية فهذا مرفوض عندنا , لان الاسلام عندنا هو دين الحياه للفرد وللأسرة وللمجتمع وللأمة وللدولة.. ونحن نرفض النقص من الاسلام أو أن نحذف شيئا منه فهذا ليس من حقنا , لان الله أنزله كاملا والكامل لا يقبل الزيادة والنقص 20-2-2005"
والذي لا يلتفت اليه السياسيون في الغرب ، هو أننا عندما نطالب الاخوان بالالتزام بالديمقراطية الحقوقية العلمانية ، ومبدأ تداول السلطة بين أحزاب متعددة ، وحرية السوق والحريات الاساسية : كحرية العقيدة وحرية الفكر وحقوق المرأة والعمليات المصرفية والاتمان وحقوق الاقليات ، عندما نطلب هذا من اى فريق اسلامى فانما نطلب المستحيل !!.. لان هذه المطالب تقع تحت طائلة قانون فقهي لا يتنازلون عنه ابدا هو " انكار معلوم من الدين بالضرورة". بحيث ان المطالبة فقط بهذه الحقوق تجعل صاحبها مرتدا عن الاسلام وعقابه القتل بجز الرقبة ، لان الاسلام لا يعرف أحزابا فهناك فرقة واحدة ناجية هي التي يجب أن تحكم ، وتعد الفرق ألأخرى كلها كافرة، ولا حرية في العقيدة لانها ارتداد جزاؤه القتل , وليس هناك حرية تفكير ازاء النصوص المقدسة , والعمليات المصرفية ربا , ولا حق للاقليات الا بموجب عقد الذمة الكرية البغيض , ولا حقوق للمرأة مساوية للرجل في الميراث أو الشهادة فذلك نقض لحدود الله المنصوص عليها في الشريعة ...كما قال قرضاوى المعتدل الوسطى من هنيهة .
لذلك يري قرضاوي في الحلقة المشار اليها ان العلمانيين العرب " يسعون الي تفكيك الاسلام ويريدون أن يحذفوا من الاسلام الكثير من تعاليمه ، فيريدونه اسلاما بلا جهاد، وزواجا بلا طلاق ، وعقيدة بلا شريعة.. وحقا بلا قوة ، ومصحفا بلا سيف ، بينما هو رسالة تشمل كل جوانب الحياة من ادب الاستنجاد الي بناء الدولة ، ويشرع للانسان منذ أن يولد حتي يموت". !!!
وهكذا سنجد ان الفرق المتطرفة غير الوسطية أو غير المعتدلة والتي ترفض الديمقراطية علنا , هي الاكثر صدقا مع نفسها ومعنا ومع العالم , فمن أعلن رفضها ، أراح واستراح ، ويمكن التعامل معه بأسلوب ورد يناسب موقفه المعلن , اما المشكلة الحقيقة في بلادنا والمعوق الاساسي الذي يخدعنا ويخدع الغرب ، فهو النصاب الاخواني أو النصاب الحكومي القائم. بما يدعيه من تبني للديمقراطية والحقوق ، بمسميات حقوقية معاصرة مع طرح البديل الاسلامى الذى يناسبنا ......... ويحمل فى طياتة توحش زمن مضى منذ 1425 عاما، ، بدلالات ومعاني لا تصلح لزماننا لانها وضعت لزمن مضي منذ 1425 عاما ، يغطيها ويزيفها بألفاظ زماننا , فقط ألفاظ ومجرد كلام من باب (التقية).
وتأسيسا علي كل هذا , فان صاحب هذا القلم يرن كل أجراس الخطر في حال استيلاء أي تيار اسلامي علي الحكم في مصر أو في أي بلد مسلم آخر ،ا جراس خطر علي حضارة الغرب نفسها , ان الامر عندما يكون واضحا بشدة لا نراه لوضوحه , فلدي كل الفرق الاسلامية علي الارض مبدأين لا يتنازل عنهما ابدا: الاول ان الاسلام دين عالمي , والثاني ان الاسلام دين ودولة , والنتيجة شديدة البساطة التي تترتب علي هاتين المقدمتين هي: ان العالم كله لابد ان يكون دولة المسلمين. وهي النتيجة المدونة بابواب الشريعة الطويلة ، ومعلوم اساسي من الدين بالضرورة من ينكره فقد كفر. فالمقدمتان والنتيجة هم من صلب الشرع الاسلامي , لكن رجال الاسلام السياسي يعلنون للعالم المقدمتين دون النتيجة الواضحة , ولان العالم المعاصر في الغرب لا يفكر بطريقة اسلامية فانه لا يري النتيجة المحتومة. وهي ان العالم كله هو دولة الاسلام الدين العالمي. لذلك تري الجماعات الاسلامية المعارضة علنية وسرية , ان كل حكومات العالم غير المسلم هي حكومات غير شرعية , لانها تقوم علي ارض هي ارض الاسلام اصلا ، وتحكم شعوبا هي شرعا امتداد للامة الاسلامية , لكنهم يعيشون في ظلام الكفر تحت حكم القانون البشري الذي يسمونه (الطاغوت) ، وانه بالجهاد سوف يتم تصحيح الاوضاع العالمية , وتمكين دولة الاسلام من أرضها ومن شعوبها المارقة.
ان الحكم باسم الاسلام اخواني أو طالباني (لا فرق) لو أقر أن لدولته حدودا فسوف تنتهي عندها سلطاته وشرع دولته , لانه يكون قد تنازل عن ركن اساسي من اركان الاسلام وهو عالميته دينا ودولة , لذلك لم تقر الخلافة الاسلامية عبر امتداد تاريخها الطويل بحدود لدولتها ، ولم تقر بوجود دول أخري تقيم معها علاقات دبلوماسية تعترف بها بموجبها ، وظل الحال كذلك حتي زمن السلطان العثماني عبد الحميد أخر سلاطين الخلافة ، الذي اضطر مكرها ازاء المتغير العالمي الذي فرض نفسه علي الخلافة ، للاعتراف بحدود لدولته وبوجود دول أخري. لكن هذا المتغير العالمي لم يفرض نفسه علي المفاهيم والقواعد الشرعية الاسلامية , والتي تقوم عليها جماعات كالاخوان المسلمين , وليس الاعتراف بوجود دول اخري الا كذب شرعي مسموح به عند الضرورة بمبدأ (التقية) ، ولانه من صحة اسلام المسلم عدم الاعتراف بالدول الاخري , فهو ما يعني ان ما تم عقده من اتفاقات ومعاهدات مع تلك الدول ، وهو أمر يتنافي مع الشريعة وباطل ولا يصح الالتزام به ، الا لضرورة ضعف المسلم المؤقت وقوة غيره , وهي شئون مؤقتة لان الايام دول يداولها الله بين الناس قوة وضعفا. وضمن تلك العهود اتفاقية السلام مع اسرائيل ، والتي هي الكفر بعينه لذلك قتلوا السادات بسببها , وفي حال قيام حكومة اسلامية فستكون مكلفة شرعا بتصويب أوضاع العالم، بازالة الدول الكافرة لتوسيع حدود دولة الاسلام لتتطابق مع خريطة دولة الاسلام كما أرادها اللة.. خريطة العالم .
واعمالا لذلك تصف اللائحة التنظيمية لجماعة الاخوان المصرية الجماعة بانها:"هيئة اسلامية جامعة تعمل علي اقامة دين الله (الاسلام) في الارض واقامة الدولة الاسلامية التي تنفذ أحكام الاسلام وتعاليمه , واعداد الأمة إعدادا جهاديا ".
 بينما صك مصطفى مشهور مرشدالاخوان الأسبق المنافيستو الواضح دون اى التباسات : يقول مشهور : "ان الجهاد والأعداد له يخدم مهمتنا العظيمة ، ليس لمجرد دفع العدوان ..ولكن الجهاد لأتمام المهمة العظيمة وهى اقامة دولة الأسلام والتمكين لهذا الدين .. ونشر الأسلام فى ربوع العالمين - السبيبل الى الجهاد -
سيد القمنى
ميونخ - ص 23 "
عن مجلة المكتبة العربية ( لايدن - هولندا )
يوليو 2004
عقيدة الولاء و البراء هل تصلح للعصر الحالي....؟

باهي صالح الحوار المتمدن-العدد: 2780 - 2009 / 9 / 25 - 13:29 
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني 
....ما توصّلت إليه (لا أدّعي أنّي اقتنصت الحقيقة أو رضيت بما وصلت إليه) أنّ الدّين الإسلامي يقوم على كلّية مفادها دار الإسلام و دار الكفر، أي أنّ جوهر فلسفته نشأت أساسا على التّمييز بين المسلم و غير المسلم...!
الإسلام =الحقّ وأي دين أو عقيدة أخرى= الظّلال.
المسلم مهديّ فائز بالرّضى الإلهي موعود بالجنان و غير المسلم كافر ناكر للدّين مغضوب عليه موعود بالعذاب و الخلود في النّار و من أبرز ما يفرّق بين هذا و ذاك و يمدّ سورا منيعا بينهما يبدأ من هنا أي من حياتنا الدّنيا إلى هناك أي يوم الحساب إلى ما بعد الموت عقيدة الولاء و البراء و هي عقيدة تلخّص فلسفة الإسلام و عقليّة المسلم إلى أبعد حدود...
هذا يعني أنّ حتّى أولئك الّذين ضحّوا أو وهبوا أنفسهم من أجل كرامة و حرّية الإنسان أو قدّموا أعمالا جليلة لخدمة الإنسانيّة و الرّقيّ بالبشريّة هم و بقيّة أمم و شعوب الأرض قديما و حديثا من المغضوب عليهم و من المعذّبين و المحكوم عليهم بالخلود في جهنّم...ببساطة لأنّهم ليسوا مسلمين....؟!!
و أبرز ما يدعّم هذه النّظرة السّاذجة السّطحيّة الفوقيّة عقيدة الولاء و البراء، و لعلّها من أعقد القضايا الشّائكة في الدّين الإسلامي الّتي يعمل الكثير من الأئمّة و المشايخ في ظلّ طغيان البعد الإنساني في العصر الحالي على تجنّب الخوض فيها أو المراوغة و الالتفاف حولها و ليّ معاني الكلمات في محاولات يائسة لتكييفها مع المعطيات الحديثة رغم أنّها (الولاء و البراء) تعتبر أصل الدّين و دعامته العقديّة الأساسيّة و يصعب تجاهلها و المرور عليها هكذا..!!
تعني عقيدة الولاء و البراء الحبّ في الله والبغض في الله، حبّ الله وأولياءه وبغض أعداءه على اختلاف مشاربهم ومناهجهم. يقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله والبغض في الله. وقال ابن عباس -رضي الله عنه- : من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله؛ فإنما تنال ولاية الله بذلك؛ وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئا (رواه ابن جرير). وقال الشّيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان في كتابه (محاضرات في العقيدة والدّعوة) وهو يتكلّم عن الولاء والبراء: « فمن أصول العقيدة الإسلاميّة أنّه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها، فيحبّ أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم وذلك من ملّة إبراهيم والذين معه؛ الذين أمرنا بالإقتداء بهم حيث يقول سبحانه وتعالى: ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاوا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ). [الممتحنة؛الآية:4). وهو دين محمد -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ). [المائدة؛ الآية:51). فهذا أصل عظيم من أصول الإسلام عمل به الأنبياء والمرسلون من لدن نوح عليه السلام إلى أخرهم وخاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم- , وما قصّه الله علينا في سورة يونس وغيرها من السور عن حال الأنبياء والمرسلين مع أممهم من أهل الشرك من البراءة منهم, وعدم الركون إليهم وبغضهم ومعاداتهم وعدم موالاتهم, لهو أكبر دليل على هذا الأصل العظيم. ولذلك كان من شروط لا إله إلاّ الله البراءة من الشرك والبدع وأهلها. ولقد قام نبينا محمد بهذا الأصل خير قيام اقتداءا بإخوانه الأنبياء والمرسلين لقوله تعالى: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ). وقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ). التوبة؛ الآية:23). وقال تعالى: إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ). المائدة؛ الآيات:56,55). وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة ). الممتحنة؛ الآية:1). وثبت في الصّحيحين عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه قال: « سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول جهارا- من غير سر- : إن آل فلان ليسوا لي بأولياء-يعني طائفة من أقاربه- إنما ولي الله وصالح المؤمنين ». قال الإمام الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ –رحمه الله- : « وأما الموالاة والمعاداة فهي من أوجب الواجبات. وفي الحديث: « أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ». وأصل الموالاة الحب وأصل المعاداة البغض, وينشأ عنها من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة, كالنصرة والأنس والمعاونة, وكالجهاد والهجرة ونحو ذلك من الأعمال. والولي ضد العدو ّ» (عيون الرسائل- 576-577) ويدخل في هذا كله - أيضا- معاداة البدعة وأهلها وموالاة السنّة وأهلها, وكما قيل: " البدع بريد الكفر". فلا بد من قيام هذا الأصل العظيم في قلوب أهل التوحيد والسنّة المحضة؛ فالواجب عليهم بغض أهل البدع بشتى صنوفها وأنواعها وعدم لين الجانب لهم وعدم مماشاتهم ومصاحبتهم وترك التبسم في وجوههم ومن المؤسف له أن تسمع - من ينتسب إلى أهل السنة- من ينادي بهذه الأمور التي تنافي مبدأ الولاء والبراء، كل هذا بزعم المصلحة أو مصلحة الدعوة أو عدم تنفير الناس "وما تركتم أحدا" وغير ذلك من أقوال" أهل التمييع المثلّجين", وبذلك يضيع المنهج السلفي منهج التوحيد الحق والإتباع السليم فالسكون والمعاشرة لأهل البدع مع القدرة على الإنكار هي عين المداهنة. وليعلموا أنّ هذا الولاء والبراء الذي فرضه الله على أهل طاعته هو الذي أوجب الإفتراق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
حتّى التّبسّم في وجه غير المسلم ممنوع بل أنّ الغلظة له في كلّ شيء مطلوبة و مستحبّة للآخر أي للكافر و غير المسلم..؟!!
هذا بين الدّولة الإسلاميّة إن وُجدت و غيرها من دول العالم، أمّا غير المسلم إن كان يعيش بين المسلمين فإنّ الفقه الإسلامي يقسّم الكفّار إلى فئتين : الكتابيين والمشركين ، و يفرّق بينهما (الفقه الإسلامي) بتساهل نسبي و بصيغة المنّ و الإذلال أو الإخضاع، بفرض الجزية على الكتابيين ( أي المسيحيين واليهود ) حقنا لدمائهم و بدل قتلهم، أمّا المشركين فليس أمامهم الا أحد خيارين : الاسلام .... أو السيف، و يُستثنى مشركي العرب الذين لا يُقبل منهم الاّ الإسلام أو القتل...؟!
ميزة الإسلام أنّه ابقى الكفّار احياء ، فلم يقتلهم ولم يعذّبهم ولكن ... هل أعطاهم حقوقهم القانونية والانسانية كاملة ؟؟
كلّ ما هنالك أنّه همّشهم وجعلهم مواطنين من الدّرجة الثّانية من خلال منظومة تشريعيّة خاصّة بهم أهمّها/
- يُنهى المسلم عن المبادأة بإلقاء السّلام على اليهود أو النّصارى على حدّ قول النّووي ( و نحن مأمورون بالإغلاظ عليهم و منهيّون عن ودّهم فلا نظهرهم كنوع من الامتهان و الاذلال لهم..؟!
- لا تُقبل شهادته (غير المسلم) إتّفاقا لأنّه متّهم في حقّه بل لقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم قبول شهادة الكفّار بعضهم على بعض لأنّ الكافر ليس بذي عدل حسب أحكام أهل الذمّة !!
- اذا قتل الكافر مسلما فالجزاء هو القصاص بلا خلاف .. ولكن .. ماذا لو قتل المسلم كافرا ؟؟؟ الحكم عند جمهور الفقهاء : لا يُطبّق القصاص في هذه الحالة اعمالا لرواية البخاري ( لا يُقتل مسلم بكافر ) ربما لأن الكافر نصف مواطن أو ادنى درجة من المسلم !!
- عدم جواز تولّي الكافر الخلافة و الامارة..!
- عدم الاستعانة بالكافر وتوليته الوظائف العامة العادية أو الحكوميّة فقد منعها جمهور الفقهاء ( وذهب البعض الي التّحريم صراحة )؟!!
- لا حدّ على من قذف كافرا بل يُعزّر فقط !! لأنه يُشترط في القذف ان يكون المقذوف مسلما باتّفاق الفقهاء.
راجع عزيزي القارئ وثيقة الإذلال العمريّة المقنّنة لأهل الذّمة من اليهود و المسيحيين عندما دخل بيت المقدس فاتحا..؟!
فهل تصلح عقيدة الولاء و البراء الّتي هي من صميم الإسلام لهذا العصر...؟!!


الثعبان الإسلامي متعدد الرؤوس
كامل النجار
الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 09:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الميثولوجيا اليونانية القديمة هناك ثعبان متعدد الرؤوس اسمه الهايدرا The hydra of Lerna وقد كان يقتل ويفسد كل شيء يعترض طريقه. وقد كلفت الآلهة البطل هيراكليوس بقتل الهايدرا، ونجح هيراكليوس في مهمته. ولا بد أن قدماء المصريين قد سمعوا بهذه الميثولوجيا، التي أخذها عنهم العبرانيون ثم أخذها محمد وربطها بقصة موسى الذي ألقى عصاه فانقلبت ثعباناً التهم جميع ثعابين الحواة. وللأسف لم يمت ثعبان موسى مع سيده بل عاش في رمال الصحراء حتى عام 1928 عندما خرج بعد سقوط الخلافة العثمانية. وفي زمن وجيز أصبحت لثعبان موسى عدة رؤوس مثل الهايدرا، ومد رؤوسه في عدة بلاد عربية أولاً ثم أصبح عابراً للقارات، كالصواريخ النووية متعددة الرؤوس.
اشتهر هذا الثعبان متعدد الرؤوس بالكذب لأن الإسلام يبيح للمسلمين الكذب إذا كان فيه مصلحة لهم وللإسلام، وأصبح من المستحيل الإمساك بهذا الثعبان أو بما يصدر عنه من أحكام وفتاوى، لأن حديثه أملس كجلده، ويمكنه بنفس السهولة التي يتخلص بها من جلده أن يتنكر لما صدر عنه من قول أو فعل. وانتشر هذا الثعبان متعدد الرؤوس إلى سبعين بلداً حول العالم، وولد ثعابين صغيرة بأسماء مختلفة مثل حركة النهضة في تونس، وحزب العدل والإحسان في المغرب، وجبهة الإنقاذ في الجزائر، وحماس في غزة، وحركة الرفاه في تركيا وغيرها الكثير.
تعتمد فلسفة هذا الثعبان على قاعدتين: النوم مع السلطان في سريرٍ واحد، والتعامل مع الشيطان من أجل الوصول إلى سدة الحكم. وبالطبع تعلمت الحركات الإسلامية وتعلم شيوخها هذه الفلسفة وأصبحوا من البارعين فيها. فإذا نظرنا حولنا في الشرق أو الغرب، نجد أن النوم مع السلطان قد أنجب لنا وعاظ السلاطين الذين أصبحت مهمتهم في الحياة، بجانب جمع المال وبناء القصور، تخدير الشعوب بفتاوى تحث على طاعة السلطان وتُحرّم الخروج عليه. ففي الأسابيع القليلة الماضية، وبعد انتشار ثورات الشباب في البلاد العربية، تبارى وعاظ السلاطين في نشر الفتاوى التي تُحرّم المظاهرات والاضرابات. الشيخ يوسف البدري أحد أشهر علماء الدين في مصر (أصدر فتوى يحرم فيها المشاركة في الإضراب ويؤكد أن من يشارك فيه (آثم ) شرعاً، والأهم أنه طالب الرئيس مبارك ألا يستجيب لأية دعوة للاستقالة تأتيه من (العوام والروبيضات) على حد وصف البدري لدعاة الإضراب، والأهم أن البدري طالب مبارك بأن يقتدي بالخليفة الراشد عثمان بن عفان الذي رفض أن يتنازل عن الحكم حين طالبه بذلك مجموعة من المصريين) (الشرق الأوسط 4/5/2008).
ووصف الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، وسائل الإعلام التي «تُجيش» الشعوب ضد حكامها بـ «أعداء الله»، و«المنافقين»، الذين يسعون لأن تعم الفوضى بين الناس، بحسب وصف الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. ولم يؤيد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الخروج في مظاهرات سلمية في رده على أسئلة أحد الحاضرين، وقال «لا أجد الخروج في مظاهرات سلمية ذا جدوى، فهذا حماس مؤقت، لا فائدة منه، فالمظاهرات لا يمكن أن تُخلف سوى العويل والصياح، وقد تقود إلى عدم الانضباط، (الشرق الأوسط 14/1/2009)
ووافقت لجنة كبار العلماء في السعودية مع مفتيها وأصدرت بياناً يُحرّم المظاهرات، وأضاف البيان أن السعودية قائمة على "الكتاب والسنة والبيعة ولزوم الجماعة والطاعة" وأن الإصلاح والنصيحة فيها لا تكون بالمظاهرات والوسائل والأساليب التي تثير الفتن وتفرق الجماعة، وهذا ما قرره علماء هذه البلاد قديماً وحديثاً من تحريمها، والتحذير منها.
وكذلك فعل شيوخ اليمن الذين يسمون أنفسهم "علماء اليمن" وأصدروا بياناً يُحرّم المظاهرات والخروج على ولي الأمر، ثم كلّفهم علي عبد الله صالح بالقيام بالوساطة بينه وبين المحتجين، وقد اجتهدوا في مهمتهم غير أن التوفيق لم يكن من نصيبهم.
من فلسفة الثعبان التصريح بشيء ما ثم العمل بعكس ما صرّح به. يقول الشيخ محمد الصالح الحدري التونسي الذي كان عضواً مهماً في حركة النهضة الإسلامية الإرهابية، والذي انشق عنها بعد ثورة الياسمين وكوّن حزباً إسلامياً جديداً، يقول: (لاحظت خلال عقود من الزمن أن هناك فرقاً واضحاً بين القول والفعل، وأقر بأن هناك عناصر متزمتة في حركة النهضة، وأنا من الذين أدانوا في حينها عمليات التفجير والرمي بماء النار التي نفذتها الحركة خلال الثمانينات وبداية التسعينات، وعلى الرغم من تبرؤ القيادات حالياً من تلك الأفعال ونسبتها إلى القواعد التي لم تلتزم بقراراتها، فإن ذلك يبدو لي من باب المستحيل إذ المعروف أن كل أعضاء حركة النهضة منضبطون ولا يمكن القيام بمثل تلك العمليات دون الرجوع إلى القيادات) (الشرق الأوسط 10/3/2011).
فهاهو شاهدٌ من أهلها يقول إن الحركة قامت بالفجيرات وبرمي الحامض على وجوه النساء غير المحجبات، في الوقت الذي يصرح فيه الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بأن حركته ديمقراطية وتنبذ العنف وتؤمن بالتعددية. وبما أن لهذا الثعبان عدة رؤوس، فقد قام أحد رؤوسه في أفغانستان بتطبيق نفس الأفعال التي كانت تقوم بها حركة النهضة في تونس، ورموا الحامض على وجوه طالبات المدارس.
أما في إيران فقد صرح قائد الشرطة بأن المشاركين في المسيرات غير الشرعية سيواجهون معاملة أقسى وستتصدى لهم السلطة القضائية بحزم أكبر. وأضاف: يُعتبر بعض المحتجين يوم الأحد "أعداء الله" وستتم مواجهتهم بحزم (الشرق الأوسط 31/12/2009). وحديثاً شن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هجوما حاداً على من وصفهم بالمستبدين في المنطقة الذين يقتلون شعوبهم بالسلاح الأمريكي، وأشار إلى الحوادث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط مؤكداً أن الرؤساء المستبدين في المنطقة يقتلون أبناء وطنهم بأسلحة أمريكية (الشرق الأوسط 1/3/2011). فالمتظاهرون ضد السلطة الإيرانية أعداء الله ويجوز قتلهم بأسلحة إيرانية، أما المتظاهرون في البلاد العربية فهم أبطال ولا يجوز قتلهم بالأسلحة الأمريكية. إنها رؤوس الثعبان العديدة تتحدث بآراء مختلفة.
أما مملكة آل سعود فقد صوتت مع الجامعة العربية على فرض حظر الطيران فوق ليبيا لأن العقيد القذافي يقتل شعبه، بينما يقتل الجنود السعوديون متظاهري القطيف الذين تجرءوا على الخروج في مظاهرة، وأرسلت آلاف الجنود والسيارات المدرعة إلى البحرين لمساعدة ملك البحرين على قمع المتظاهرين وقتلهم. ولذلك أخرج لنا فقهاء الإسلام حكمة تقول "اتبعوا أقوال الفقهاء ولا تتبعوا أفعالهم".
أما الذراع الآخر من فلسفة الثعبان فهو التعامل مع الشيطان من أجل الوصول إلى دفة الحكم. فالشيخ حسن البنا بدأ حركته في مسجد في الإسماعيلية بنته له الشركة الإنكليزية التي كانت تدير قناة السويس. ومن ثم تمكن جهاز المخابرات البريطاني MI6 من الاتصال بالبنا واستعماله فيما بعد بواسطتهم وواسطة السي آي اى CIA للتخلص من جمال عبد الناصر والتغلب على الاشتراكية والحزب الشيوعي المصري ( the Devil’s Game, Robert Dreyfuss, p 47). كما استعان الملك فؤاد ومن بعده فاروق بحسن البنا ضد الحركات القومية المطالبة بخروج الإنكليز من مصر، ففي مظاهرات عام 1936 ضد الإنكليز، كان الإخوان يهتفون "الله مع الملك، والشعب مع زغلول". وبالطبع يد الله هي العليا وسوف ينتصر من كان معه الله. وفي عام 1937 عندما تُوج الملك فاروق، كان بلطجية الإخوان يحفظون النظام في احتفالات التتويج. وأغدق فاروق المال على البنا الذي كان يمده بالمعلومات عن الأحزاب اليسارية. وكانت للبنا والإخوان اتصالات عديدة بالسفارة الأمريكية والسفارة البريطانية. وكوّن الإخوان نقابات عمالية هدفها الأول إفشال إضرابات النقابات اليسارية. وفي ثلاثينات القرن الماضي تعاون الإخوان مع الحزب النازي في ألمانيا وأرسلوا الشيح أمين الحسيني إلى ألمانيا لمقابلة هتلر. وقد أكدت وثائق حكومية سويسرية أن سعيد رمضان، صهر حسن البنا، كان عميلاً للإنكليز والأمريكان (نفس المصدر ص 79). وقد اجتمع الإخوان مع نورمان داربشير، رئيس MI6 في جنيفا لتدبير محاولة اغتيال جمال عبد الناصر.
أما في إيران فقد اشترى السي آي اي بالاشتراك مع المخابرات البريطانية، ولاء الملالي للتخلص من مصدق، رئيس وزراء الشاه، لأنه كان ذا ميول شيوعية وقد أمم شركة البترول الأنجلوإيرانية Anglo Iranian Oil Company. وقد كان رجل السي آي اي في إيران هو آية الله أبو القاسم كشاني، أستاذ الخميني وممثل الإخوان المسلمين في إيران. وقد دفع له السي آي اي مبالغ طائلة من المال لتأجير مرتزقة يخرجون في مظاهرات تطالب بإقالة مصدق ورجوع الشاه الذي كان قد هرب من إيران وقتها (نفس المصدر، ص 110). واستأجر الكشاني مرتزقة وأمرهم برشق المساجد بالحجارة وزعم أنهم من حزب Tudeh الشيوعي، لتشويه صورة الشيوعيين. وعندما رجع الشاه إلى عرشه اشترى كذلك ولاء الملالي ودفع لهم بسخاء، كما يقول فريدون هوفيدا، سفير إيران الأسبق بالأمم المتحدة.
تعاون إسلاميو مصر وغزة والضفة الغربية مع مناحم بيغن، وآريل شارون في محاربة حركة التحرير الفلسطينية ذات الميول اليسارية. وفي النهاية تمخض هذا التعاون بين الموساد والإسلاميين في خلق حركة حماس بقيادة الشيخ أحمد ياسين في عام 1986. واستمرت حماس، بتشجيع من الموساد، بقتال أعضاء منظمة فتح أينما كانوا. وعندما بدأت الانتفاضة الفلسطينية في عام 1987 لم تشترك حماس بها، مما دعا ياسر عرفات إلى التصريح بأن (حماس قد خلقتها إسرائيل وأغدقت عليها الأموال وفتحت لها أكثر من سبعمائة منشأة منها المدارس والمساجد وحتى الجامعات). وفي يوم 4 يونيو عام 1983 أصاب أعضاء الإوان المسلمين بغزة ما لا يقل عن مائتي طالب من أنصار فتح في جامعة غزة الإسلامية.
وفي أفغانستان احتضن السي آي اي الأستاذ الإسلامي غلام محمد نيازي، أستاذ الثيولوجي بجامعة كابول، وأغدقوا عليه الأموال ليكوّن حركة "الشباب المسلم" Muslim Youth وببداية عام 1972 انضم عبد الرسول سياف، وحكمتيار ورباني إلى منظمة الشباب المسلم تحت رعاية السي آي اي. وأخيراً خلق السي آي اي، عن طريق السعودية وباكستان، حركة طالبان، ومولها عن طريق السعودية.
ورغم أن إسرائيل كانت، وما زالت، العدو الأول لإيران، حسب الدعاية الإيرانية، كانت إسرائيل الممول الرئيسي لإيران الخميني بالأسلحة من عام 1980 إلى عام 1987، وأمدت إسرائيل حكومة الخميني بأسماء أعضاء اليسار الإيراني (نفس المصدر، ص 274). وفي عام 1980 زار أحمد كشاني، ابن آية الله سيد ابو القاسم كشاني، إسرائيل لتسهيل تصدير السلاح من إسرائيل إلى إيران.
هذا الثعبان الأملس ذو الرؤوس المتعددة، والذي صرح مراراً في الماضي بأن الديمقراطية بدعة لأن الإسلام يملك الشورى، وصرح عدد من رؤوسه أن الانتخابات حرام، يحاول الآن هذا الثعبان الالتفاف على مكتسبات ثورات الشباب في تونس ومصر. ففي تونس رجع الشيخ راشد الغنوشي الذي عاش في لندن لأكثر من عشرين عاماً، إلى تونس وصرّح أن حركة النهضة تؤمن بالديمقراطية وسوف تشترك في الانتخابات ولكنها لن ترشح أحداً للرئاسة. وبالطبع هذه خطة مرحلية أولى تمكن حركة النهضة من بناء قواعدها بعد أن انشقت عنها عدة شرائح، وبعد أن فقدت من يقودها عندما هرب الغنوشي إلى لندن. أما الرأس المصري فقد تآمر مع حكومة الضباط لترميم الدستور القديم بحيث يحتفظ الإخوان بالمادة الثانية، ثم صرح كبيرهم بأنهم يؤيدون حكومة مدنية بمرجعية إسلامية. وهذا التصريح يعني بالعربي الفصيح أن الإخوان يريدون تكوين مجلس إسلامي مثل مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، الذي يفرض رأيه على البرلمان، وبالتالي يكون هذا المجلس هو الحاكم الفعلي، ويصبح البرلمان عبارة عن واجهة للديمقراطية فقط. أو يمكنهم إذا فازوا بالانتخابات أن يصوت برلمانهم بأن يتنازل عن كل واجباته عن رقابة الأجهزة الحكومية لرئيس الجمهورية (لأول مرة في تاريخ برلمانات إيران منذ تأسيس مجلس الشورى الوطني بعد الثورة في مستهل القرن الماضي، تخلى البرلمان الإيراني «مجلس الشورى الإسلامي» عن أحد أهم مسؤولياته القانونية ووظائفه الدستورية لصالح الولي الفقيه تخطيا بذلك لما وصفه نائب إصلاحي معارض لقرار البرلمان «حدود الوكالة الممنوحة من قبل الناخب الإيراني للنواب». وبموجب لائحة 198 الملحوظة رقم 7 للقانون الداخلي للبرلمان فان النواب قد سلبوا عن أنفسهم مسؤولية الرقابة على المؤسسات والدوائر التابعة للولي الفقيه أي قائد البلاد آية الله علي خامئني. وعند إرسال اللائحة بعد مصادقة البرلمان عليها الى لجنة صيانة الدستور لابداء رأيها، أعادت اللجنة اللائحة الى البرلمان، وأدخل البرلمان تعديلات في اللائحة التي تشير الى أن مسؤولية التحقيق والتفحص (في أداء ونزاهة أجهزة الحكم) لن تشمل مجلس الخبراء ومجمع تشخيص مصلحة النظام ولجنة صيانة الدستور بشكل قاطع. وبالنسبة لبقية المؤسسات والأجهزة التابعة للولي الفقيه فان إذن المرشد ضروري مسبقا، أي لا يمكن على سبيل المثال التحقيق والتفحص في أداء ونزاهة وسلوكيات الإذاعة والتلفزيون ومؤسسة المستضعفين ومؤسسة الشهيد ومنظمة التبليغات الإسلامية وممثليات الولي الفقيه في الخارج وتصرفات ممثليه مهما بلغ سوء تصرفاتهم إلا إذا سمح الولي الفقيه بذلك) (الشرق الأوسط 12/12/2008). وهذه هي الديمقراطية التي يصبو إليها الثعبان الإسلامي الأملس.
وفي محاولة يائسة لطمأنة الثوار أشاد زعماء الإخوان المسلمين بالنظام الديمقراطي في تركيا، وهم يعلمون علم اليقين أن تركيا بعد أتاتورك كانت دولة علمانية بحتة يشرف الجيش والقضاء المستقل على علمانيتها، حتى جاء حزب الإخوان المسلمين بقيادة أوردغان وبدأ في نخر قواعد الدولة العلمانية، كما ينخر السوس قواعد البناء، فبدأ أوردغان بإخصاء المؤسسة العسكرية بتهمة التآمر على نظام الحكم، ثم تحول إلى القضاء وحاول تعديل الدستور ليبعد القضاء عن الإشراف على التشريعات البرلمانية. وقريباً سوف تتحول تركيا، بعد أن تيأس من انضمامها إلى المجموعة الأوربية، إلى دولة إسلامية مثل إيران.

فالديمقراطية والثعبان الإسلامي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجتمعا. فبعد أن أصبح الجيش المصري حليفاً للثعبان، هل نطمع في ظهور هيراكليوس يقتل لنا ذلك الثعبان الأملس متعدد الرؤوس؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire