مجازر جماعية بحق
30 ألف سجين سياسي في إيران عام 1988
اية الله
الخميني عقب انتصار ثورته على الشاه، ولم تقتصر التصفيات على مؤيدى الشاه وانما
طالت مؤيدي الخميني انفسهم ممن لم يكونوا ينتظمون في طابور اهل الطاعة والولاء، بل
وجعل احد الملالي واسمه خلخالي، متفرغا لقتل هؤلاء الخصوم، يباشر ذبحهم بيده، بسبب
هواية قديمة نمت معه منذ ان كان طفلا يطارد صغار القطط ويقوم بخنقه
يستخدم النظام الإيراني
تهمة "المحاربة"، أي (معاداة الله)، كذريعة قضائية لإصدار أحكام الإعدام
بحق معارضيه. وبعد مرور 25 عامًا على إعدام 30 ألف معتقل بأمر من خميني باشرت
المعارضة الإيرانية بحملة دولية لمحاكمة نظام طهران بتهم ارتكاب جرائم إبادة
جماعية.
لندن: بعد ربع قرن على ارتكاب
النظام الإيراني لمذبحة جماعية ضد معارضيه ترقى إلى جرائم ضد الانسانية، حيث نفذ
الإعدام عام 1988 بأوامر خطية من الزعيم الروحي الراحل خميني بحق 30 ألف معتقل
بذريعة معارضتهم للنظام الإسلامي وانتمائهم إلى منظمة مجاهدي خلق، فقد باشرت
المعارضة الإيرانية حملة دولية قانونية وقضائية وإعلامية لمقاضاة النظام ومحاكمته
بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية وضد الانسانية.
لجان الموت نفذت إعدام 30
ألف معتقل
ويقول رئيس اللجنة
القضائية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية سنابرق زاهدي في حديث مع
"إيلاف" إن الحملة الشاملة للاعدامات السياسية في عام 1988 تشكل أسوأ
ملفات انتهاك حقوق الانسان في إيران، وذلك حين تشكلت "لجان الموت" في
عموم إيران، الامر الذي أدى إلى اعدام 30 الفاً من السجناء السياسيين كانت
غالبيتهم العظمى من ناشطي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ممن رفضوا التخلي عن مواقفهم
المعارضة للنظام .
وأشار إلى أنّ عمليات
الاعدام هذه قد تم البدء بتنفيذها اثر اعلان "الزعيم" الإيراني الراحل
خميني انذاك وفي تموز (يوليو) من العام نفسه حين اصدر فتوى تقول : إن اولئك الذين
أصروا ويصرون في سجون عموم البلاد على مواقفهم القائمة على النفاق فهم محاربون (أعداء
الله) ومحكومون بالاعدام... في كل مرحلة اذا كان الشخص مصرًّا على دعمه للمنافقين
(مجاهدي خلق) فحكمه الاعدام، أبيدوا أعداء الاسلام بسرعة".
وطالب زاهدي في الذكرى
الخامسة والعشرين لهذه الجريمة المفوضة السامية لحقوق الانسان ومجلس حقوق الانسان
والمقرر الخاص المعني بحقوق الانسان في إيران بتشكيل لجنة تحقيق حول هذه الجريمة
واحالة ملفها فورًا إلى مجلس الأمن الدولي المدعو إلى تشكيل محكمة خاصة للنظر في
هذا الملف ومطاردة منفذي هذه الجريمة والاعلان عن يوم خاص لمجزرة السجناء
السياسيين في إيران عام 1988.
وأوضح زاهدي أنه من
خلال اصدار قرار يعترف بهذه المجزرة كجريمة ضد الانسانية وعملية ابادة بشرية
وبمتابعة هذا الملف من قبل المجلس سيتم تشكيل محكمة خاصة للتحقيق في هذا الملف
ومطاردة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية من اركان النظام الإيراني.
خميني يفتي بإبادة
المعارضين
وأضاف زاهدي أن خميني
قد قرر بفتوى صدرت بخط يده بإبادة اعضاء مجاهدي خلق، وذلك فور وقف اطلاق النار في
الحرب الإيرانية العراقية (بين عامي 1980 و1988) حيث أصدر خميني أمراً بإعدام جميع
المجاهدين المتبقين في السجون وقد جاء في نص هذه الفتوى ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
"بما أن المنافقين الخونة لا يؤمنون بالإسلام أبدًا، وكل ما
يقولونه يأتي من المكر والنفاق؛ وبإقرار قادتهم يعتبرون مرتدين عن الإسلام. ونظراً
لأنهم محاربون، ومع الأخذ في الاعتبار حروبهم النظامية في شمال وغرب وجنوب البلاد،
وصنوف تعاونهم مع حزب البعث العراقي وقيامهم بالتجسس لصالح صدام ضد الشعب المسلم،
ومع العلم بإتصالاتهم بالاستكبار العالمي، والضربات الغادرة التي وجهوها منذ قيام
نظام الجمهورية الإسلامية وحتى الآن؛ فإن الموجودين منهم في السجون الذين
لايزالون متمسكين بموقف النفاق فإنهم يعتبرون محاربين ويحكم عليهم بالإعدام. ويتم
تحديد ذلك في طهران بأكثرية آراء السادة حجة الإسلام نيري دامت افاضاته «القاضي
الشرعي» والسيد اشراقي «المدعي العام في طهران» وممثل وزارة المخابرات. مع
الاحتياط يقتضي إجماعهم. وهكذا الامر بالنسبة لسجون المحافظات حيث يؤخذ رأي أكثرية
الأصوات من السادة قاضي الشرع ومدعي عام الثورة وممثل وزارة المخابرات كحكم ملزم.
ومن السذاجة الترحم بالمحاربين. إن استخدام الحزم الإسلامي حيال أعداء الله هو من
المبادئ التي لا مجال للتردد فيها في النظام الإسلامي. آمل لكم أن تكسبوا رضا الله
باستخدام غضبكم وحقدكم الثوريين ضد أعداء الإسلام. وعلى السادة الذين يتولون
المسؤولية في تطبيق المصاديق أن لا يترددوا في ذلك أبدًا، وأن يسعوا ليكونوا
[أشداء على الكفار]. فإن التردد في مسائل القضاء الإسلامي الثوري إهمال وتجاهل
لدماء الشهداء الزكية. والسلام".
وأوضح زاهدي أن هذه
الرسالة لا تحمل تاريخًا لكن من خلال مذكرات آية الله حسين علي منتظري يمكن القول
بأن صدورها كان في 27 تموز عام 1988 وبعد صدور هذه الرسالة ارتبك اركان النظام
الذين كانوا منفذّين لهذه الفتوى ونقلوا قلقهم من خلال رئيس السلطة القضائية موسوي
أردبيلي إلى أحمد خميني ومنه إلى والده خميني فكتب أحمد رسالة إلى أبيه هذه نصها:
والدي المحترم سماحة الإمام مد ظله العالي:
والدي المحترم سماحة الإمام مد ظله العالي:
بعد التحية
اتصل بي هاتفيًا آية
الله موسوي اردبيلي للاستفسار عن بعض مما ورد في الحكم الصادر مؤخرًا عن سماحتكم
بخصوص المجاهدين، من خلال ثلاثة أسئلة طرحها وهي:
1 - هل هذا الحكم يشمل هؤلاء الذين كانوا في السجون وسبق أن تمت محاكمتهم وحكم
عليهم بالإعدام دون أن تتغيّر مواقفهم ولم يتم تنفيذ الحكم بحقهم بعد؟ أم حتى
الذين لم يحاكموا ولم يحكم عليهم بالإعدام؟
2- هل يشمل المنافقين المحكوم عليهم بالسجن وقضوا فترة من محكوميتهم إلا أنهم مازالوا متمسكين بنفاقهم؟
3- بالنسبة للمنافقين في المحافظات المستقلة قضائيًا وغير تابعة لمركز المحافظة هل يجب إرسال ملفاتهم إلى مركز المحافظة أم بإمكانهم العمل بشكل مستقل؟
ولدكم أحمد
وقد ردّ خميني في ذيل هذه الرسالة بهذه العبارة المقتضبة:
"بسمه تعالى في جميع الحالات المذكورة أعلاه أي شخص كان وفي أية مرحلة كانت، إن كان متمسكاً بفكرة مجاهدي خلق فليحكم عليه بالإعدام...أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة. وبخصوص النظر في الملفات ومثل هذه القضايا فيجب العمل بشكل ينفّذ فيه الحكم بأسرع ما يمكن. هذا ما أريده".
2- هل يشمل المنافقين المحكوم عليهم بالسجن وقضوا فترة من محكوميتهم إلا أنهم مازالوا متمسكين بنفاقهم؟
3- بالنسبة للمنافقين في المحافظات المستقلة قضائيًا وغير تابعة لمركز المحافظة هل يجب إرسال ملفاتهم إلى مركز المحافظة أم بإمكانهم العمل بشكل مستقل؟
ولدكم أحمد
وقد ردّ خميني في ذيل هذه الرسالة بهذه العبارة المقتضبة:
"بسمه تعالى في جميع الحالات المذكورة أعلاه أي شخص كان وفي أية مرحلة كانت، إن كان متمسكاً بفكرة مجاهدي خلق فليحكم عليه بالإعدام...أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة. وبخصوص النظر في الملفات ومثل هذه القضايا فيجب العمل بشكل ينفّذ فيه الحكم بأسرع ما يمكن. هذا ما أريده".
تحضيرات لمحاكمة النظام
الإيراني
ومن جهته، ابلغ عضو
لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسى افشار
"إيلاف" أنّ التحضيرات لمحاكمة حكام إيران المسؤولين عن إعدام 30 الف
معتقل تهدف إلى تقديمهم إلى القضاء بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وذلك لينالوا
جزاءَهم.
وأشار إلى أنّ منظمة
العفو الدولية كانت قد أصدرت عام 2007 تقريرًا تؤكد فيه أن جريمة اعدام الآلاف من
السجناء السياسيين قد نفذت بأوامر عليا، وقالت "إن اول جواز للاعدامات قد صدر
من أعلى مستويات القيادة الإيرانية".
وأشارت إلى أنّ هذه
الاعدامات ترتقي إلى جريمة ضد الانسانية ولابد أن تكون الاعدامات في عام 1988موضوع
اجراء تحقيق محايد ومستقل ويجب تقديم كل الذين يتحملون المسؤولية عن ذلك للعدالة
لينالوا جزاءَهم العادل".
وأضاف افشار أنه في
الوقت الذي لا يزال مجرمو الحرب العالمية الثانية مطاردين من قبل العدالة الدولية
فإن المسؤولين عن مجزرة عام 1988 وهم من كبار المسؤولين للنظام الإيراني مازالوا
يستخدمون تهمة "المحاربة" أي (معاداة الله) كآلة وذريعة قضائية لاصدار
حكم الموت ضد المعارضين.
وشدد على أن تقديم
المسؤولين عن هذه الجريمة الكبرى إلى العدالة أمر ضروري لمنع تكرار هذه الجرائم
البشعة والجرائم الأخرى ضد الانسانية، حيث أن جميع أبناء الأسرة الدولية يتحملون
مسؤولية مشتركة تجاه ذلك.
وأوضح افشار أن حملة
الاعدامات قد بدأت في أواخر تموز (يوليو) واستمرت طوال شهري آب (أغسطس) وايلول
(سبتمبر) من عام 1988في السجون والمعتقلات بمختلف المدن واستمرت في بعض الحالات
حتى شتاء ذلك العام.
وقال إن المقرر المعني
بالاعدامات التابع للأمم المتحدة قد أكد في تقريره لعام 1989 أنه "خلال
الأيام 14و15و16 آب لعام 1988 تم نقل جثث 860 شخصًا من (سجن) ايفين إلى مقبرة بهشت
زهراء"، وعدد كبير من شهود هذه المجزرة يعيشون الآن في مخيمي أشرف وليبرتي
لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في العراق، حيث يعمل النظام الإيراني على
قتلهم.
وأضاف افشار أنه من
خلال الحملة المطالبة بمحاكمة النظام الإيراني، والتي بدأت حاليًا "فإننا
وعبر ارسال رسائل وعقد اجتماعات نطالب الأمم المتحدة (رئيس مجلس الأمن الدولي
والأمين العام والمفوضة السامية لحقوق الانسان والمقرر الخاص المعني بانتهاك حقوق
الانسان في إيران) بتشكيل لجنة تحقيق حول ارتكاب مجزرة اعدام 30 الف سجين سياسي في
إيران عام 1988 وأن نعلن يوماً واحدًا كذكرى لهؤلاء الضحايا وعلى الأمم المتحدة
مطاردة آمري ومنفذي هذه المجزرة من خلال تشكيل محكمة خاصة للنظر في هذا الملف".
وأهاب المسؤول الإيراني
المعارض افشار بجميع الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الانسان على الصعيد الدولي بأن
ينضموا إلى الحملة الهادفة لتشكيل هذه المحكمة والنظر في ملف مجزرة عام 1988
ومقاضاة المسؤولين عنها.
كما دعا البرلمانات في
جميع الدول الديمقراطية إلى تبني قرارات للاعتراف بارتكاب تلك المجزرة كجريمة ضد
الانسانية وعمليه ابادة جماعية ومطالبة مجلس الأمن الدولي للنظر في هذا الملف من
دون تأخير.
مدخل
النظام الحاكم في ايران منذ وصوله إلى الحكم قبل 34 عاما ارتكب مختلف الجرائم ضد أبناء الشعب الايراني وضد شعوب ودول أخرى. ولأن هذا النظام وصل إلى الحكم في بلد عريق بحضارته وتراثه وفكره وذخائره البشرية والاقتصادية ولم يكن لديه ما يكفي للتجاوب مع أدنى شيئ من متطلبات الشعب الايراني فلجأ منذ البداية إلى القمع في الداخل وإلى تصدير الازمة والحرب إلى ماوراء الحدود الجغرافية.
وإذا اردنا أن نحصي ما فعله نظام الملالي على هذين الصعيدين فلاشك أن فهارسه تصبح مجلدات. المهم أنه لم يترك فترة من الوقت إلا وارتكب فيها جريمة كبيرة بحق أبناء الشعب الايراني والشعوب الاخرى، او اختلق أزمة من أجل التستر على مشاكل حقيقية لم يكن باستطاعته حلها.
فبدأ باحتجاز الدبلوماسيين الامريكيين العاملين في السفارة الامريكية في طهران رهائن الازمة التي دامت 444 يوماً. ومن ثمّ مهّد الارضية لاندلاع الحرب الايرانية العراقية التي استمرّت ثماني سنوات. متزامنا مع الحرب بدأت موجة الاعدامات الجماعية بحق المعارضين الايرانيين داخل ياران وفي الوقت نفسه بدأ بتنفيذ العمليات الارهابية خارج ايران بينها التفجيرات التي وقعت في بيروت ضد الاشخاص والمصالح الامريكية والفرنسية، واحتجاز الغربيين رهائن في بيروت واختطاف الطائرات وتفجيرها وقتل راكبيها ومن ثمّ امتدت العمليات لتصل إلى السعودية. وبعد نهاية الحرب الايرانية العراقية وإرغام هذا النظام على تجرع السمّ والتراجع عن الخطة التوسعية للسيطرة على العراق والدول العربية الاخري، لجأ النظام الايراني بتوسيع نشاطاته ضد النشطاء الايرانيين وضد الاجانب، حيث اغتال عملاء هذا النظام عشرات من وجوه ورموز المعارضة الايرانية في التسعينات في معظم الدول الاروبية ودول الشرق الاوسط ( في فرنسا، وألمانيا، والنمسا، وايطاليا، وسويسرا، وبريطانيا، وتركيا، والباكستان والامارات، والعراق و...) وقبلها أصدر خميني فتواه ضد سلمان رشدي ليظهر وكأنه يدافع عنالاسلام . وبعد دخول القوات العراقية في الكويت ركّز النظام على زخم نشاطاته في العراق لتوسيع رقعة نشاطات جماعات المعارضة العراقية التي أسسها قبل ذلك في الثمانينات.
وبعد احتلال العراق من قبل القوات الامريكية وسقوط الحكم العراقي وجد النظام ضالّته ووجد من الممكن تعبير الحلم التاريخية للسيطرة على العراق، السيطرة التي اصبحت اليوم أمراً واقعا. كما أنه صعّد من دعمه لربيبتهحزب الله اللبناني وقام بتقسيم القضية الفلسطينية ووسّع من دائرة تدخلاته في مختلف دول الشرق الاوسط. اليوم اصبح من الواضح أن هذا النظام يصرف عشرات المليارات من الدولارات في سوريا واليمن ولبنان والعراق وافغانستان والبحرين ومختلف الدول الافريقية. وهناك حديث اليوم أنه بدأ باللعب في الحديقة الخلفية للبيت الابيض أي في دول أمريكا اللاتينية أيضاً. وغني عن الذكر والتأكيد تعنته أمام المجتمع الدولي وقرارات مجلس الامن ومجلس الحكماء بشأن المشروع النووي لتصنيع القنبلة الذرية.
هذه صورة غير متكاملة من نظام ولاية الفقيه وهذه غيض من فيض هذا النظام للمنطقة وللعالم. الحروب الطائفية مستمرة والاقتتال وعمليات التفجير متواصلة. أكثر من مائة ألف من أبناء الشعب السوري راحوا ضحية هذه السياسية الهوجاء، كما أن عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي والشعوب الاخرى، ناهيك عن أبناء الشعب الايراني.
خميني أفتى بإبادة مجاهدي خلق لكن في هذه المجموعة من الجرائم التي ارتكبها نظام الملالي ضد الانسانية، هناك جريمة أشد ضراوة وقساوة وعنفا وشقاء. وهي إرتكاب المجزرة بحق ثلاثين الفا من السجناء السياسيين الذين كانوا في قبضة النظام عزّل وبلادفاع.
بكل بساطة بعد وقف اطلاق النار في الحرب الايرانية العراقية أصدر خميني أمراً بإعدام جميع المجاهدين المتبقين في السجون. وقبل أن نشرح حيثيات هذه الجريمة من المفضل نقل نص الفتوى التي أصدره بهذا الشأن. وهذا نص الفتوى بخط يد خميني.
بسم الله الرحمن الرحيم
«بما أن المنافقين الخونة لا يؤمنون بالإسلام أبدًا، وكل ما يقولونه يأتي من المكر والنفاق؛ وباقرار قادتهم يعتبرون مرتدين عن الإسلام. ونظراً لأنهم محاربون، ومع الأخذ في الاعتبار حروبهم النظامية في شمال وغرب وجنوب البلاد، وصنوف تعاونهم مع حزب البعث العراقي وقيامهم بالتجسس لصالح صدام ضد الشعب المسلم، ومع العلم باتصالاتهم بالاستكبار العالمي، و الضربات الغادرة التي وجهوها منذ قيام نظام الجمهورية الإسلامية وحتى الآن؛ فان الموجودين منهم في السجون الذين لايزالون متمسكين بموقف النفاق فإنهم يعتبرون محاربين ويحكم عليهم بالإعدام. ويتم تحديد ذلك في طهران بأكثرية آراء السادة حجة الإسلام نيري دامت افاضاته «القاضي الشرعي» والسيد اشراقي «المدعي العام في طهران» وممثل وزارة المخابرات. مع الاحتياط يقتضي أجماعهم. وهكذا الامر بالنسبة لسجون المحافظات حيث يؤخذ رأي أكثرية الأصوات من السادة قاضي الشرع ومدعي عام الثورة وممثل وزارة المخابرات كحكم ملزم. ومن السذاجة الترحم بالمحاربين. ان استخدام الحزم الإسلامي حيال أعداء الله هو من المبادئ التي لا مجال للتردد فيها في النظام الإسلامي. آمل لكم أن تكسبوا رضا الله باستخدام غضبكم وحقدكم الثوريين ضد أعداء الإسلام. وعلى السادة الذين يتولون المسؤولية في تطبيق المصاديق أن لا يترددوا في ذلك أبدًا، وأن يسعوا ليكونوا [أشداء على الكفار]. فان التردد في مسائل القضاء الإسلامي الثوري إهمال وتجاهل لدماء الشهداء الزكية. والسلام روح الله الموسوي الخميني»
ان هذه الرسالة لا تحمل تاريخًا
لكن من خلال مذكرات آية الله حسين علي منتظري يمكن القول بأن تاريخ هذه الوثيقة
كان 27 تموز 1988
بعد صدور هذه الرسالة ارتبك الملالي الذين كانوا منفذّين
لهذه الفتوي ونقلوا قلقهم من خلال رئيس السلطة القضائية موسوي أردبيلي إلى أحمد
خميني ومنه إلي خميني. فكتب أحمد خميني رسالة إلى أبيه هذه نصها:والدي
المحترم «سماحة الإمام مد ظله العالي»:
بعد التحية
اتصل بي هاتفيا آية الله موسوي اردبيلي للاستفسار عن بعض مما ورد في الحكم الصادر مؤخرًا عن سماحتكم بخصوص المجاهدين، من خلال ثلاثة أسئلة طرحها وهي:
1 - هل هذا الحكم يشمل هؤلاء الذين كانوا في السجون وسبق أن تمت محاكمتهم وحكم عليهم بالإعدام دون أن تتغير مواقفهم ولم يتم تنفذ الحكم بحقهم بعد؟ أم حتى الذين لم يحاكموا ولم يحكم عليهم بالإعدام؟
2- هل يشمل المنافقين المحكوم عليهم بالسجن وقضوا فترة من محكوميتهم إلا أنهم مازالوا متمسكين بنفاقهم؟
3- بالنسبة للمنافقين في المحافظات المستقلة قضائيا وغير تابعة لمركز المحافظة هل يجب إرسال ملفاتهم إلى مركز المحافظة أم بإمكانهم العمل بشكل مستقل؟
ولدكم - أحمد
وردّ خميني في ذيل هذه الرسالة بهذه العبارة المقتضبة:
«بسمه تعالي- في جميع الحالات المذكورة أعلاه أي شخص كان وفي أية مرحلة كانت، إن كان متمسكاً بفكرة مجاهدي خلق فليحكم عليه بالإعدام...أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة. وبخصوص النظر في الملفات ومثل هذه القضايا فيجب العمل بشكل ينفّذ فيه الحكم بأسرع ما يمكن. هذا ما أريده. روح الله الموسوي الخميني».
الظروف التي سبقت المجازر ضد السجناء السياسيين
اتصل بي هاتفيا آية الله موسوي اردبيلي للاستفسار عن بعض مما ورد في الحكم الصادر مؤخرًا عن سماحتكم بخصوص المجاهدين، من خلال ثلاثة أسئلة طرحها وهي:
1 - هل هذا الحكم يشمل هؤلاء الذين كانوا في السجون وسبق أن تمت محاكمتهم وحكم عليهم بالإعدام دون أن تتغير مواقفهم ولم يتم تنفذ الحكم بحقهم بعد؟ أم حتى الذين لم يحاكموا ولم يحكم عليهم بالإعدام؟
2- هل يشمل المنافقين المحكوم عليهم بالسجن وقضوا فترة من محكوميتهم إلا أنهم مازالوا متمسكين بنفاقهم؟
3- بالنسبة للمنافقين في المحافظات المستقلة قضائيا وغير تابعة لمركز المحافظة هل يجب إرسال ملفاتهم إلى مركز المحافظة أم بإمكانهم العمل بشكل مستقل؟
ولدكم - أحمد
وردّ خميني في ذيل هذه الرسالة بهذه العبارة المقتضبة:
«بسمه تعالي- في جميع الحالات المذكورة أعلاه أي شخص كان وفي أية مرحلة كانت، إن كان متمسكاً بفكرة مجاهدي خلق فليحكم عليه بالإعدام...أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة. وبخصوص النظر في الملفات ومثل هذه القضايا فيجب العمل بشكل ينفّذ فيه الحكم بأسرع ما يمكن. هذا ما أريده. روح الله الموسوي الخميني».
الظروف التي سبقت المجازر ضد السجناء السياسيين
إن قرار ارتكاب المجازر
بحق السجناء السياسيين كان على علاقة مباشرة بمصير الحرب الايرانية العراقية. فلم
يكن من الصدف أن خميني في الفتوى التي نقلت نصّها في الحلقة السابقة ركّز على قضية
الحرب و دور مجاهدي خلق في هذه الحرب.
فإذا أردنا أن نعرف
جيداً أسباب صدور هذه الفتوى وإعدام أكثر من ثلاثين ألفاً من السجناء السياسيين
خلال فترة قصيرة فيجب أن نستعرض بعض المنعطفات في الحرب الايرانية العراقية.
بداية الحرب الايرانية
العراقية
لاشك أن العراق كان
الطرف البادئ في الحرب التي اندلعت عام 1980 على الصعيد العسكري حيث شنـت الطائرات
العراقية هجمات على عدد من المطارات الايرانية في... كما اجتازت القوات العراقية
الحدود الدولية في الجنوب وتقدمت داخل الاراضي الايرانية واستولت على مناطق واسعة
من الاراضي الايرانية.
لكن على الصعيد السياسي
فلاشك أن نظام الملالي هو الذي مهّد الارضية لبداية هذه الحرب. وهناك ألف دليل على
هذا الواقع. على سبيل المثال وجّه خميني رسالة الى الشعب العراقي طلب فيها من
أبناء العراق القيام بالانتفاضة ضد الحكومة العراقية. كما أن منتظري الذي كان
الخليفة المعين لخميني آنذاك وجّه رسالة مماثلة. وكان نظام خميني على اتصال مباشر
بالمعارضين العراقيين يوفّر لهم كل أنواع الدعم المالي والعسكري والتدريب للقيام
بالعمليات العسكرية داخل العراق. وكانت السفارة الايرانية في بغداد على اتصال بهذه
المجموعات. وكانت جميع هذه النشاطات بهدف تحريض الحكم العراقي لبدء الحرب. ومع
الأسف وقع النظام العراقي في الفخّ وشنّ هجوماّ حربياً سافراً على إيران. ولهذا
السبب ومنذ البداية وصف خميني الحرب بأنها «هدية إلهية» لنظامه.
مجاهدي خلق في الحرب ضد
القوات العراقية
بصفتها قوة وطنية،
عارضت مجاهدي خلق احتلال أراضي وطنهم من قبل القوات العراقية، وهرعت قوات مجاهدي
خلق إلى جبهات الحرب في جنوب وغرب البلاد ودخلت الحرب ضد القوات العراقية للدفاع
عن تراب وطنهم. لكن الملالي وقوات الحرس التابعة لهم كانوا ضد وجود مجاهدي خلق في
جبهات الحرب فكان مجاهدو خلق هدف نيران العراقيين من الأمام وقوات الحرس من الخلف،
كما تمّ اعتقال عديد من قواتهم على يد الحرس، تم إعدامهم في ما بعد.
واقترح المجاهدون وقتها
خطة عمل محددة وعرضوها على أحد زعماء النظام الممثل لخميني في جبهات الحرب وقالوا
له لو وضعت كمية محددة من الاسلحة تحت تصرف مجموعة من مجاهدي خلق فإنهم مستعدون
لتحرير مدينة خرم شهر من القوات العراقية. لكن ممثل خميني ردّ عليهم بقوله إذا
احتلّ العراق محافظة خوزستان كاملة فهذا لن يخلق لنا مشكلة لأنه سينسحب منها آجلا
أم عاجلا، لكن إذا حرّر مجاهدو خلق قرية لايستطع أحد أن يأخذها منهم. إنه عارض
بذلك خطة العمل التي عرضها المجاهدون.
إنسحاب القوات
العراقية من الاراضي الايرانية
لكن في صيف عام 1982
وبعد اجتياح لبنان من قبل إسرائيل أعلن لعراق إنسحاب قواته من داخل الاراضي
الايرانية إلى خلف الحدود الدولية، وأعلن أنه مستعد لوقف إطلاق النار في الحرب.
وفي اليوم نفسه أعلن
السيد رجوي أن من اليوم فصاعداً لم يعد هناك أي مبرّر وطني لاستمرار الحرب. وكلّما
استمر الحرب استمر لصالح نظام خميني وأنه هو الطرف الوحيد الذي يريد استمرار
الحرب.
الطريق
إلي القدس تمرّ بكربلاء
تلك الظروف وضعت خميني
ونظامه في موقف حرج، لأنّه كان في معرض سقوط قناعه ودجله وشعاراته الجوفاء في
الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن القدس. وهذا الذي حصل، حيث أنه وفي معرض حديثه عن
غزو لبنان أعلن أن «إيران لاتستطيع القيام بعمل فاعل إلّا عبر العراق واسقاط الحكم
البعث هناك». وقد ترجم النظام هذه الرؤية في شعار« الطريق إلى القدس تمرّ عبر
كربلاء»، الشعار الذي بات الشعار المحوري للحرب حتي نهايتها عام 1988.
لقاء من أجل السلام بين
الشعبين
في شهر يناير من عام
1983، أي بعد ستة أشهر من خروج القوات العراقية من الاراضي الايرانية، جاء السيد
طارق العزيز نائب رئيس وزراء العراق إلى مقر السيد رجوي في باريس ليوقعا معا
بياناً للسلام بين الشعبين. وفي ما يتعلق بمطلب الشعب الايراني لاشكّ أن هذا
اللقاء وهذا البيان كانا يعبّران عن عدم شرعية الحرب والإعلان عن السلام بين
الشعبين.
كما أن المجلس الوطني
للمقاومة الايرانية صادق في شهر آذار من عام 1983 على مشروع للسلام كمقترح لإنهاء
الحرب. وفي الخارج وقع أكثر من خمسة آلاف من الشخصيات السياسية من الوزراء وكبار
المسؤولين ونواب البرلمانات ورؤساء الاحزاب والنقابات على بيان للسلام في الحرب.
صورة الصفحة الاخيرة من
بيان السلام الموقع من قبل السيد مسعود رجوي والسيد طارق عزيز في يناير1983
وهذا المشروع
الذي كان مبنياً على اتفاقية الجزائر لعام 1975 رحّبت به الحكومة العراقية بصفته
أساساً مقبولاً لمفاوضات السلام.
حملة سياسية
وإعلامية داخل ايران وخارجها
خروج القوات العراقية
من الاراضي الايرانية كان منعطفاً كبيراً في سنوات الحرب. بعده دخلت المقاومة
الايرانية على الخط على صعيدين: في الداخل الايراني شنّت حملات سياسية وإعلامية لتوعية
أبناء الشعب بأن السلام في متناول اليد وأن نظام الملالي هو الطرف الوحيد الذي
يريد مواصلة الحرب ويدفع ثمنه من دماء وأموال الشعب الايراني.
ذهاب قوى
المقاومة إلى العراق
بعد ما ثبت للعام
ولأبناء الشعب الايراني أن السلام في متناول اليد وأن نظام خميني هو الذي يواصل
الحرب للتغطية على القمع وعلى جرائمه في داخل ايران قرّر المجلس الوطني للمقاومة
نقل مقر المقاومة من باريس إلي العراق. والسبب هو أن نظام الملالي كان يصرّ على
الحرب لأنه كان يبحث في استمرار الحرب بقاء نظامهم. والشعب الايراني كان يدفع
الثمن من دماء أكثر من مليون شخص وبأكثر من ألف مليار دولار خسائر اقتصادية. فهل
من المعقول لحركة وطنية جادّة أن تقف مكتوفة الايدي تجاه هذه الخطة اللاوطني
الهدّامة؟ خاصة و أن في تلك الفترة فرض النظام الايراني ضغوطاً على فرنسا لتحييد
المقاومة الايرانية وزعيمها السيد رجوي.
وفي أول لقاء بين زعيم
المقاومة مسعود رجوي والرئيس العراقي في بغداد في 15 يونيو 1986، وصف الرئيس
العراقي مسعود رجوي ب«الضيف الكريم ومجاهد السلام وحسن الجوار». وصرّح السيد رجوي
قائلاً:
« لانخفي عليكم أن
مجاهدي خلق خاضوا الحرب ضد القوات العراقية قبل سنوات، لكن منذ أن العراق أعلن
وأثبت استعداده للسلام لأبناء الشعب الايراني وللعام اجمع، فيجبت توجيه جميع
الاسلحة باتجاه نظام خميني، أي الطرف الوحيد الذي يريد استمرار الحرب، خاصة وأن
الشعب الايراني كافة يبحث الآن عن السلام، والرأي العام العالمي يشهد بمطلب
الشعبين هذا»
تحويل الحرب
العدوانية إلي حرب دفاعية
لمّا ذهبت المقاومة
الايرانية إلى العراق كانت القوات العراقية في المعادلة الحربية في حالة دفاعية
بحتة، وقوات النظام الايراني كانت في موقف هجومي. وكانت قوات خميني قد استولت على
مناطق واسعة من العراق على طول الحدود ناهيك عن شبه جزيرة الفاو.
وبعد ما نقل مقرّ زعيم
المقاومة الايرانية إلى العراق بدأت قوات المقاومة الايرانية بشنّ هجمات ضد الآلة
الحربية للنظام الايراني. ومن أجل ذلك تمّ تأسيس جيش التحرير الوطني الايراني.
وبدخول قوات المقاومة
الايرانية في صفوف مستقلة في أرض المعركة، ولأن هذه القوات كانت في موقف هجوم بحت
فإن معادلة الحرب تغيرت، وخلال عام من تإسيس جيش التحرير انتهت الحرب.
بدأت قوات المقاومة
بعمليات محدودة لكن بسرعة تحولت إلى عمليات كبيرة من أمثال عملية الشمس الساطعة في
شهر مارس من عام 1988 وعملية الثريا الكبرى في شهر يونيو من ذلك العام. هذه
العملية هي التي قصمت ظهر الآلة الحربية الخمينية.
بعد ذلك خميني
الذي كان يقول دائما إنه لن ينتازل عن الحرب حتى اللبنة الاخيرة من مدينة طهران،
وكان يقول أن السلام دفن للاسلام، تراجع عن موقفه واستسلم أمام الواقع لأنه رآى
أنّ جيش التحرير سيصل إلى عقر داره في طهران، فقال أنه يقبل وقف اطلاق النار
وكأنّه يتجرع السم الزعاف.
نص الرسالة التي أعلن
فيها خميني أنه اضطرّ على قبول وقف إطلاق النار وكأنه يتجرع السم الزعاف
هذه لمحة من
الوقائع التي سبقت قرار خميني لارتكاب المجازر ضد السجناء السياسيين. وكما كتبت في
بداية هذا المقال أنه لاشكّ أن خميني اتخذ القرارين آن واحد.
وللحديث بقية حول خطة
النظام للقضاء على مجاهدي خلق منذ البداية وأن هناك إشارات ودلائل واضحة أن خلال
الاعوام التي سبقت هذه المجزرة كان الجزارون يقولون دائما بأننا سنقضي على جيمع من
في السجن إذا اقتضت الحاجة.
إعدامات جماعية قبل
مجزرة 1988
سنابرق زاهدي
نظام ولاية الفقيه بني
منذ اليوم الاول على أساس القمع في الداخل وعلى تصدير الارهاب والحرب والتطرف إلى
الخارج.
ومع أن مجاهدي خلق
قاطعوا دستور ولاية الفقيه لكنهم أعلنوا في الوقت نفسه أنهم مستعدون للعمل السياسي
في إطار دستور النظام شرط أن يبقى النظام وفياً بدستوره.
لكن خميني والملالي
الآخرين كانوا يرون بأم أعينهم أنهم إذا أبقوا بمتنفّس ضئيل من الديمقراطية في
البلد فإن مجاهدي خلق والقوى التقدمية الشعبية هي التي تنمو وتلتفّ حولها الجماهير
وأن القوى المتطرفة الرجعية المتمثلة في مجموعة ولاية الفقيه والملالي وقوات الحرس
هي التي ستزبل وستزول.
وكانت الانتخابات
الرئاسية الاولي التي رشّح مجاهدو خلق السيد مسعود رجوي للإنتخابات أفضل ساحة
إختبار لهذه الحقيقة. لأن بعد هذا الترشيح بدأت جميع شرائح الشعب خاصة الشباب
والنساء وجميع الاقليات الدينية من السنة والمسيحيين واليهود والزرادشتيين وغيرهم
وكذلك الاقليات الاثنية من الكورد والعرب والبلوتش والتركمان يتلفّون حول ترشيح
السيد رجوي.
فدخل خميني على الخطّ
وأفتى بأن من لم يصوّت لصالح الدستور فلايحق له أن يرشّح نفسه للرئاسة. وهذه
الفتوى أدت إلى تراجع السيد رجوي من الترشيح.
وكتبت صحيفة اللوموند
الفرنسية يوم 29 آذار 1980 أنه «لوبقي رجوي في الساحة حتى يوم الاقتراع فبناءاً
على مختلف التقييمات لكان يصوّت له ملايين من أبناء الشعب الايراني».
هذه العملية تكررت في
عديد من المناسبات من الانتخابات ومن الاجتماعات التي كانت المنظمة تقيمها في
طهران العاصمة او في مراكز المحافظات حيث كان مئات الآلاف من أبناء يشاركون فيها.
الصورة كانت واضحة.
فالملالي كانوا بصدد تطبيق القمع المطلق بأسرع ما يمكن حتى يوقفوا هذا المدّ
الشعبي من جهة ومن جهة أخرى أن يقوموا بتصفية مجاهدي خلق. لكن المنظمة بالعكس كانت
تستخدم كل الفرص السياسية والامكانيات المتاحة لاستمرار المناخ السياسي وبقاء
النشاطات السياسية. واستطاعت بدفع ثمن باهظ من إبقاء هذه الحالة حتى شهر يونيو من
عام 1981. من جملة الاثمان كانت مقتل أكثر من خمسين من أعضاء وانصار مجاهدي خلق
واعتقال أكثر من ثلاثة آلاف منهم.
20يونيو 1981 منعطف
تاريخي
فجاء يوم العشرين من
يونيو من عام 1991 كأكبر منعطف حيث دعت المنظمة جميع أنصاره لمظاهرات في طهران وفي
مراكز المحافظات للإحتجاج على تصعيد القمع وعلى القتل والارهاب وتعذيب المعتقلين
في السجون. وشارك أكثر من نصف مليون من أهالي طهران ومئات الآلاف في المدن الأخرى
في هذه المظاهرات.
لكن الملالي وعلى
قمّتهم خميني أمر بإطلاق النار على المتظاهرين أسفر عن مقتل عشرات وجرح مئات
واعتقال آلاف منهم.
ومنذ مساء هذا اليوم
بدأت الاعدامات الجماعية. وفي كل يوم أعدم النظام في طهران وفي المدن الأخرى في
كافة أنحاء ايران مئات من أعضاء وأنصار مجاهدي خلق.
النظام يعترف
بأعدامات جماعية
وتشاهدون هناك بعض
القصاصات من عناوين الصحف التابعة للنظام الايراني التي نقلت بعض هذه الاعدامات.
لاحاجة للتأكيد إلى أن معظم الاعدامات كانت تنفّد في سرية لكن هذه هي بعض ما
نزل في صحف النظام عن الاعدامات الجماعية:
-
صحيفة كيهان 29 سبتمبر 1981: تطبيقاً لحكم أصدرته المحكمة الثورةة الاسلامية في
العاصمة: تم تنفيذ حكم الاعدام رمياً بالرصاص بحق 54 شخصاً من المشاركين في
مظاهرة يوم 27 سبتمبر 1981
-
صحيفة كيهان 29 سبتمبر 1981:تم إعدام 82 محارباً ومنافقاً بالرصاص في طهران.
-
صحيفة كيهان 30 سبتمبر 1981: إعدام 43 شخصاً من المناوئين للثورة في سجن ايفين
بطهران.
-
صحيفة جمهوري اسلامي 6 اكتوبر 1981: تمّ إعدام 61 من عوامل الاغتيالات والتفجيرات
والمظاهرات المسلحة.
-
أسماء وجرائم 57 من المعدومين
-
صحيفة اطلاعات 30 سبتمبر 1981: تمّ إعدام 53 محارباً وباغياً في طهران والمحافظات.
-
صحيفة جمهوري اسلامي 12 اكتوبر 1981: أعدم رمياً بالرصاص بحق 96 من منفذي
الاغتيالات والتفجيرات والمظاهرات المسلحة في طهران وسبع مدن أخرى.
-
صحيفة كيهان 8 آب 1981: إعدام 43 من المناوئين للثورة
-
صحيفة اطلاعات الثلاثاء الاول من ديسمبر 1981: تمّ تنفيذ الاعدام بحث 36 شخصاً
تابعا للجماعات المحاربة والمناوئة للثورة في طهران ومدينتين أخريين.
-
صحيفة كيهان 4 اكتوبر 1981: تمّ إعدام 66 من أعضاء وعناصر جماعة منافقي[!] خلق
رمياً بالرصاص.
-
صحيفة اطلاعات 29 سبتمبر 1981: تمّ تنفيذ الاعدام بحق 57 شخص من المشاركين في
المظاهرات المسلحة الاخيرة في طهران.
-
صحيفة جمهوري اسلامي 26 نوفمبر 1981: إعدام رمياً بالرصاص بحق 49 شخصاً من
الارهابيين والمخربين.
-
صحيفة جمهوري اسلامي 19 اكتوبر 1981: إعدام 28 إرهابياً في مدينتي زنجان وكجساران.
-
صحيفة اطلاعات 14 اكتوبر 1981: 37 إرهابياً وواضعي المتفجرات إعدموا في 5 مدن.
-
صحيفة اطلاعات 28 سبتمبر1981: إعدام رميا بالرصاص بحث 35 محارب مسلّحاً.
-
صحيفة جمهوري اسلامي 16 آب 1981: القاء القبض على 116 إرهابياً آخر.
-
صحيفة اطلاعات 27 سبتمبر1981: إعدام 35 منافقاً مسلّحاً.
-
صحيفة كيهان 27 سبتمبر1981: تطبيقاً لأحكام محاكم الثورة الاسلامية في مدن بروجرد،
وكازرون وبابل تم تنفيذ الاعدام رميا بالرصاص بحث 22 شخصا بجريمة الانتفاضة
المسلّحة.
-
إعدام 25 من نشطاء منظمة المجاهدين في سجن ايفين
-
جمهوري اسلامي 8 مارس 1982: إعدام 17 من عناصر الجماعات الارهابية في ثلاث مدن
-
صحيفة اطلاعات 27 سبتمبر1981: إعدام 35 محارباً مسلّحاً في مدينة تبريز.
-
إعدام 19 شخصا من أعضاي الجماعات المناوئة للشعب.
-
إعدام 18 باغياً في أربع مدن
كما آن صحيفة فرانسوآر
الفرنسية كتبت في 17 اكتوبر1981 بأن مائتي طفل ايراني تمّ إعدامهم في يوم واحد في
طهران.
....
وفي عام 1980 وردّاً
على سوآل عن إمكانية الهجوم على مجاهدي خلق صرّح القاضي الشرعي المنصوب من قبل
خميني في مدينة بم الايرانية بقوله:
«بسمه تعالي
بأمر من الامام الخميني
يعدّ مجاهدو خلق هم مرتدين و أسوأ من الكفار. لاحرمة لهم في الأموال ولا في
الأنفس. إذن على المحكمة الثورية الاسلامية أن لايعتبر شكواهم مأخذ جدّ. التوقيع
والختم»
هذه نبذة من تعامل نظام
الملالي مع المعارضة الرئيسية له. هناك آلاف التقارير ومئات الوثائق من هذا النوع
التي تشير إلى همجية نظام ولاية الفقيه ضد معارضيه في الاعدام والتعذيب والتنكيل.
نعم نظام الملالي ومنذ
اليوم الاول من حكمه، وخاصة بعد يونيو من عام 1981، لم يدّخر أي شيئ للقضاء على
مجاهدي خلق، لكنه لم ينجح في هذه المهمة فلجاء إلى ارتكاب المجزرة الكبرى في عام
1988 بإعدام ثلاثين ألفاً منهم. وهل نجح؟
كيف نفذّت الاعدامات
الجماعية؟
بداية العاصفة
السرية المطبقة
جميع التقارير التي
قدمها شهود عيان خرجوا من مختلف السجون الايرانية تقول أنّ هذه الحملة من
الاعدامات وهذه المجازر كانت مبرمجة ومخططة منذ فترة، وأن رؤساء السجون وقادة
الحرس محترفي التعذيب والمستجوبين كانوا يقولون ويصرّحون منذ فترة بعيدة أنهم لن
يسمحوا لأعضاء وأنصار مجاهدي خلق أن يفلتوا من السجن، وقالوا لهم بأننا سنقتل
جميعكم.
وقبل بداية المجازر
بأسابيع ألغى النظام الزيارات الاسبوعية لعوائل السجناء، وقام السجّانون بأخراج
اجهزة التلفزيون من ردهات السجّون ومنعوا إعطاء الصحف اليومية للسجناء، وبذلك
فرضوا تعتيماً شاملاً على جميع السجون.
وبقيت حالة «الحكم
العرفي» مطبّقة في السجون حتى نهاية الموجات الكبيرة من المجازر، أي لمدة أشهر.
وفي هذه الفترة وبهدف قطع الاتصالات كاملة مع السجون بشكل مطلق وعدم إمكانية تسريب
أخبار هذه الجريمة إلى الخارج قطعوا جميع الاتصالات الهاتفية مع جميع السجون،
وبشكل خاص سجن ايفين المركزي في طهران. فبقي خط هاتف واحد فقط كان تحت تصرف أعضاء
«لجنة الموت».
كا ألغى النظام إجازات
افراد الحرس والمستجوبين العاملين في السجون ووضعوا السجون في حالة التأهب التام.
بعض النماذج من
التقارير
جاء في تقرير من القسم
الخاص بالنساء في سجن ايفين:
« بدأت الاعدامات في
مساء يوم 28 تموز 1988. ومنذ فترة من هذاالتاريخ منع الحرس دخول الصحف السجن. كما
أنهم جمعوا جميع أجهزة التلفزيون وخرجوها من السجن. وهذه الاحداث كانت تنذر بوقوع
عاصفة»
تقرير آخر من سجن ايفين
رأيت أحد أفراد الحرس
كان يتضرع رئيس السجن منذ المساء ويقول له:« زوجتي على وشك الموت. بالله عليك اسمح
لى أن أذهب لمدة ساعتين إلي بيتي لأعرف ما ذا يدور.» لكن رئيس السجن لم يسمح له.
فمنذ أن بدأوا عمليات المجازر جعلوا من السجن حالة مغلقة تماماً وحالة طوارئ. لم
يكن لأحد من قوات الحرس أن يذهب إلى بيته. كما أن جميع الخطوط الهاتفية كانت
مقطوعة ما عدى خط واحد»
تقرير من سجن جوهردشت
(مدينة كرج)
«مع بداية الاعدامات
الجماعية وضع النظام جميع قواته في السجون في حالة التأهب التام. كما ألغوا إجازات
قوات الحرس أيضاً. بدأت المجازر من نهايات شهر تموز.
ففي يوم 30 من تموز
1988 وبحدود الساعة العاشرة صباحاً بدإوا بقراءة الاسماء. وبدأوا بقراءة إسماء
ردهة سجناء مشهد قتلوا جميعهم. وبعدهم جاء دور السجناء المبعدين من مدينة
كرمانشاه. ومن ثم ردهة سجناء مدينة كرج الذي كاي يشرف عليهم مستجوب فاشي باسم
نادري وأعدموا جمعيهم بسرعة. وفي نهاية ذلك اليوم لم يبق من مجموع 180 سجيناً في
ردهتنا سوى 53 شخصاً...»
تقرير آخر من سجن
النساء في ايفين
«في ردهتنا قد دعوا ما
يقارب 200 شخص من 28تموز وحتى أواسط شهر اغسطس. من هؤلاء المائتين لم عادت أقل من
خمسين. وهذا معناه أن أكثر من 150 شخصاً من الأخوات اللواتي كنت أعرفهن بالاسم
وجميع الاوصاف تم إعدامهنّ في مجزرة عام 1988. كانت هناك ثلاث ردهات مخصصة للنساء
فتحولت إلى ردهة واحدة.»
تقرير آخر من سجن ايفين
يوم الثلاثاء 27 تموز
1988 كان آخريوم زيارة العوائل لردهتنا. وقاموا بعد ذلك بإغلاق بوابات السجن حتى
شهر أكتوبر. إنهم قطعوا الاتصالات الهاتفية الخاصة بعملاء النظام مع خارج السجن
وكانت هذه الاتصالات مقطوعة ومحظورة. ولم يسمح لأحد من أفراد الحرس والعملاء للخروج
من السجن حتى شهر اكتوبر. إلّا لكبار عناصر المخابرات والسجن، وهؤلاء أيضاً من
خلال إذن خاص.
تقرير من سجن وكيل
آباد(مدينة مشهد)
يوم 28 تموز قاموا
بإغلاق السجن ووضعونا في ردهة مغلقة. ونقلوا الأشخاص الموجودين في كلّ غرفة معصوبي
العينين إلي مكتب النيابة العامة. وبدأ المستجوبون في غرف متعددة أعمالهم. إنهم
دعوا الاشخاص فرداً فرداً ووضعوا أمامهم ثلاث أسئلة:
1.
هل تعتقد بالمنظمة؟
2.
هل تعتقد بالنظام؟
3.
هل أنت مستعدّ لحوار تلفزيوني او صحفي او... وتعلن انزعاجك من المنظمة؟
وجميع السجناء ردوا
عليهم بالنفي...
بعد ذلك قرأوا أسماء 60
شخصاً ونقلوهم بسيارات الاسعاف التي كان زجاجها معتّماً إلى مقر الحرس.... ويوم
السبت 30 تموز أيضاً تمّ نقل 31 آخرين. وبدأت الإعدامات يوم 30 تموز. الدفعة
الاولى كانت مكونة من 13-14 شخصاً تم شنقهم تلك الليلة... مساء يوم الخميس 11 آب
1988 جاؤوا بالمجاهدين الشهيدين أكبر دل سوزي وجليل ضابطي إلى غرفتنا. وقد أعدما
يوم السبت 13 من آب. وقد نقل لي أكبر أن الحرس اخرجه من الزنزانة وجرّه إلى الساحة
و«فرأيت مكاناً مليئاً بالضياء... وبينما كان يجرّنى قد ارتطمت بجسم. وبدأ الحرس
الموجودون بالضحك. وعندذاك أخذ المستجوب القماش من عيني، فرأيت جثامين الشهداء على
المشانق. كان عددهم حوالي 17 جثّة. وبعد ذلك لم أشعربشيء... ويوم الاثنين 15 اغسطس
أخذوا إخواننا من الزنزانة التي كنا فيها وكانوا حوالي ثلاثين شخصاً تم إعدامهم.
تقرير من سجن مدينة
تبريز
بعد قبول وقف اطلاق
النار دبّ الخوف في أوصال الحرس والمستجوبين محترفي التعذيب في سجن تبريز. بعدها
داهم الحرس ردهات السجن وقاموا بنقل التلفزيونات. إنهم أخذوا حتى مذياع الحرس
الخفر الذي كان خاصاً لافراد الحرس. اغلقوا جميع الابواب، وحرمونا لنا من الذهاب
إلى باحة السجن بعد ذلك. وهذه الحالة كانت مستمرة لفترة طويلة. ولك ليلة كان الحرس
يداهم الردهات ويقوم بتفتيشها. ولم يبقوا أي شيئ إلّا أخذوه. إنهم أخذوا حتى
الحبال التي كنّا ننشر عليها لباسنا للتجفيف.
أول دفعة الاعدامات
كانت مكونة من 15 من ردهات 2و3و9... وحتي العشرين من أغسطس لم يبق أحد من سجناء
الردهة الثانية. وقاموا بنقل 12 من المجاهدين إلي مدينة ارومية حيث أعدموهم
هناك...
وتقرير منظمة العفو
الدولية من سجن إصفهان
وجاء في تقرير منظمة
العفوالدولية لعام 1990 والخاص بموضوع الاعدامات الجماعية في ايران حول ما جرى في
تلك الفترة في سجن إصفهان ما نصّه:
«وقد جمعت منظمة العفو
الدولية أرقام أعمال القتل الجماعي كما شهد به السجناء السياسيين الذين كانوا في
السجن في ذلك الوقت. وقال سجين سابق في سجن دستجرد باصفهان أن كل يوم تقريبا بين
اغسطس وديسمبر من عام 1988، فإنّ حرّاس السجن كانوا يأتون كل يوم إلى باب السجن
ويقرأون قائمة تضم ما يصل إلى 10 أسماء. وهؤلاء الاشخاص الذين تم أخذهم من ردهة من
السجن كانت تأوي عادة ما بين 150 و 300 شخص، ولم يعد هؤلاء السجناء مرة أخرى
اطلاقات. ولم يعرف السجناء ماذا كان يحدث لهؤلاء الذين أخذوا بعيدا، لكن الحرس
قلوا أن تم الاعدام بحقهم. وفي وقت لاحق، تم نقل السجناء إلى سجن دستجرد من السجون
الأخرى وأنباء عن أحداث مماثلة في هذه السجون تنتشر بين السجناء في دستجرد بالنسبة
للسجناء الآخرين أيضاً.
رسالتان من منتظري إلى
خميني - وثائق تاريخية
فور أن أصدر خميني
فتواه المعروف بإعدام السجناء المجاهدين في السجون بدأت الاعدامات الجماعية في
مختلف سجون طهران وفي المحافظات. وبتطبيق هذه الخطة تمّ إعدام «عدة آلاف شخص خلال
بضعة أيام» كما قال منتظري في رسالته الموجهة إلى خميني. بعد ذلك ارتبك كيثرون في
نظام الملالي لمضاعفات هذه الجرائم داخل المجمتع. وبدأ كثيرون نوعاً من الاحتجاج
والسوآل. لكن بسبب هيبة خميني وسطوته لم يحرّكوا ساكناً.
موقف منتظري من
الاعدامات الجماعية
في ما يتعلق بمنتظري
فلأنه كان الخليفة المعين لخميني والرجل الثاني في النظام فكانت الصورة مختلفة
شيئاً ما. لكن لشرح موقف منتظري لهذه المجازر يجب التأكيد أنه كان وفياً تماماً
بنظام ولاية الفقيه وبشخص خميني، وكان احتجاجه في هذا الاطار. أنه كتب رسائله
دفاعاً عن نظام ولاية الفقيه وليس دفاعاً عن مجاهدي خلق. فليس من الغريب أن منتظري
يكتب في مذكّراته التي نشرت بعد أكثر من عشرة أعوام من هذه المجازر أن خميني نفسه
لم يك سباقا لهذه الفتوى بل هناك آخرون لم يسمهم بالاسم بأنهم كانوا وراء «انتزاع»
هذه الفتوى من خميني. ولاشكّ أنه يقصد بهؤلاء الاشخاص خامنئي ورفسنجاني الذين كانا
آنذاك أقرب مستشاري خميني. وكتب منتظري في مذكراته في هذا المجال ويقول « … الأمر
الذي دفعني إلى كتابة هذه الرسالة هو أن البعض في حينه كان قد عزم على انهاء قضية
المجاهدين مرة واحدة أي التخلص منهم نهائيا ولهذا السبب انتزعوا رسالة من الإمام
بإعدام البعض من المجاهدين الذين كانوا يرزحون من قبل في السجون إن تم إقرار ذلك
من قبل المدعي العام والقاضي وممثل المخابرات أي بأكثرية الاصوات أي أن اثنين من
هؤلاء الأشخاص الثلاثة إن وافقا على إعدام شخص حتى إن كان محكومًا عليه بالسجن
سنة أو سنتين أو خمس سنوات أو أكثر يتم إعدامه ...»
نص رسالة منتظري
استطاعت المقاومة
الايرانية من الحصول على رسائل منتظري عام 1989، أي بعد عام من المجازر. و أرى من
المفضّل نقل ترجمة نصّ الرسالتين اللتين كتبهما في الايام الاولى من بداية
الاعدامات الجماعية لخميني.
وهذا نص الرسالة
الاولى التي كتبه منتظري بخط يده و بعث بها إلى خميني بعد ثلاثة أيام من بداية
الاعدامات:
بسم الله الرحمن الرحيم
بحضور سماحة آية الله
العظمى الامام الخميني مدّ ظله العالي
بعد التحية والسلام،
بخصوص الحكم الصادر عن سماحتكم مؤخرًا بإعدام المنافقين الموجودين في السجون أقول
إن إعدام المعتقلين بسبب الأحداث الأخيرة أمر يقبله الشعب والمجتمع ويبدو أن لا
يترتب عليه أثر سيئ؛ ولكن إعدام الموجودين سابقًا في السجون فإنه:
أولاً - سيحمل في
الظروف الراهنة على الاقتصاص والثأر.
ثانياً- سيجعل عائلات
كثيرة من العائلات الثورية المتمسكة بالدين مؤلمة، مكلومة ويجعلها تنزعج جداً منا.
ثالثاً- علمًا بأن
الكثير من هؤلاء السجناء غيرمتمسكين بمواقفهم إلا أن بعض المسؤولين يعاملونهم
بأنّهم متمسكين بالموقف
رابعاً- في ظروف أصبحنا
فيها مظلومين أمام العالم بسبب الضغوط و بسبب الهجمات الأخيرة لصدام وللمنافقين
والعديد من وسائل الإعلام والشخصيات شرعت بالدفاع عنّا فليس من مصلحة النظام
ومصلحة سماحتكم أن تشنّ علينا حملة الدّعايات مرّة أخرى
خامساً- إن الذين حكمت
عليهم المحاكم طبقًا للقوانين بأحكام أقل من الإعدام فان إعدامهم دون بشكل مرتجل
ومن دون قيامهم بأنشطة جديدة معناه عدم الالتزام بشيء من المعايير القضائية وأحكام
القضاء، ولن يكون لها مردود ايجابي.
سادساً- ليس المسؤولون
في القضاء والادعاء العام والمخابرات في نظامنا على مستوى «المقدس الأردبيلي» [في
التقوى] واحتمال وقوعهم في الخطأ وإنفعالهم وارد بشكل كبير؛ وتطبيقًا لحكم سماحتكم
الأخير سوف يعدم أيضًا كثيرون من الاشخاص الأبرياء أو أفراد خفيفي الذنب، وفي
الأمور المهمة يعدّ الاحتمال منجّزًا أيضًا.
سابعًا- إننا لم نجن
حتى الآن شيئًا من أعمال القتل والعنف سوى تعرضنا لمزيد من الحملات الإعلامية
المضادّة، وزدنا في المقابل من جاذبية المنافقين وأعداء الثورة. فمن المناسب أن
نتعامل بالرحمة والعطف لفترة، وسيكون ذلك جذّابة لكثيرين دون شكّ.
وثامناً- وإذا افترضنا
وإنكم بقيتم مصرّين بأمركم ففي الأقلّ أصدورا أمرا لأن يكون المعيار القرار
المتخّذ بإجماع آراء القاضي والمدعي العام وممثّل المخابرات وليس بأكثرية الأصوات
وأن تستثنى النساء، خاصة اللواتي لهنّ أولاد، علماً بأن إعدام عدة آلاف شخص خلال
بضعة أيام لن يكون له مردود جيّد وٴلن يكون بمنأى عن الخطأ. ولهذا السبب كان بعض
القضاة المتدينين مستائين جدّاً. ومن المستحسن أيضًا الأخذ بالحديث النبوي الشريف
التالي:
قال رسول الله (ص)
«إدرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله؛ فان الإمام
إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة » والسلام عليكم وأدام الله ظلّكم.
16 ذي الحجة 1408- 31
تموز 1988
حسين على منتظري
التوقيع والختم.
الرسالة الثانية
لمنتظري إلى خميني
بعد هذه الرسالة جاءه
أحد قضاة الشرع المنصوب من قبل النظام وشرح له حالة القرارات المؤدية إلى الاعدامات
الجماعية فكتب رساله ثانية إلى خميني بعد أربعة أيام من رسالته الاولى وشرح له هذا
الموضوع واحتجّ عليه.
نص الرسالة الثانية
التي كتبها منتظري إلي خميني بشأن ارتكاب المجازر ضد السجناء السياسيين:
سماحة آية الله العظمى
الإمام الخميني مد ظله العالي،
بعد التحية
والسلام،
إلحاقًا برسالتي
المؤرخة في 31 تموز 1988، وبهدف رفع المسؤولية الشرعية عن نفسي أعرض عليكم ما يلي:
قبل ثلاثة أيام جاءني
في مدينة قم أحد قضاة الشرع الموثوق فيهم والذي يعمل في إحدى المحافظات وكان
مستاءً من كيفية تنفيذ حكم سماحتكم وقال:
في أحد السجون استدعى
مسؤول المخابرات أو الادعاء العام (لست متأكدًا) أحد السجناء ليتأكد منه إن كان
متمسكًا بموقفه أم لا فسأله:
-
هل أنت على استعداد لإدانة منظمة المنافقين؟
-
فأجابه نعم
-
وسأله هل مازلت مستمسكاً بموقفك؟
-
فكان الجواب لا
-
ثم سأله هل أنت مستعد للذهاب إلى جبهة الحرب مع العراق؟
-
فقال نعم.
-
وأخيرًا سأله هل أنت على استعداد للعبور من فوق حقول الألغام؟
-
فأجابه هل أن جميع الناس على استعداد أن يعبروا فوق حقول الألغام؟! ناهيك عن أنني
مسلم جديد ويجب أن لاتتوقع مني إلى هذا الحد.
عندها قالوا له: يتضح
من هذا أنك مازلت متمسكًا بموقفك ونفذوا بحقه الحكم. ويقول قاضي الشرع الذي قدم
إلى قم شاكيا: ومهما حاولت أن يكون تنفيذ الحكم بالإجماع وليس بالأكثرية لم يقبلوا
مني ذلك؛ وأن مسؤول المخابرات هو العنصر الأساسي والآخرون يعملون بتأثير من مسؤول
المخابرات. وهكذا ترى سماحتكم ما هي الرؤية ومن هم الأشخاص الذين ينفّذون حكم
سماحتكم، الحكم الهامّ الذي له علاقة بدماء آلاف الأشخاص. والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته 4 آب 1988 حسين على منتظري- التوقيع والختم.
رسالة منتظري إلى أعضاء لجنة الموت
ورسالة خميني الاخيرة لمنتظري
ايلاف - سنابرق زاهدي: وبعد ما أرسل منتظري رسالتين إلى خميني للإحتجاج على الاعدامات الجماعية، الرسالتين اللتين نقلتهما في الحلقة السابقة، فإنه دعا أعضاء «لجنة الموت»، أي الملالي الذين كلّفهم خميني بتصفية المجاهدين في السجون، إلي بيته في مدينة قم.
لقاء منتظري بأعضاء لجنة الموت في هذا المجاهل كتب منتظري في مذكراته «بعد إرسال رسالتي آلثانية [إلى خميني] رأيت أنهم ماضون في أعمالهم. وحلّ شهر محرّم الحرام، فطلبت السادة نيري الذي كان قاضي الشرع، وإشراقي النائب العام، ورئيسي نائب المدعي العام، وبورمحمدي ممثل وزارة المخابرات، وقلت لهم الأن حلّ شهر محرم، ففي الاقل أجّلوا الاعدامات في شهر محرم الحرام. فردّ علي السيد نيري بقوله: نحن قد أعدمنا حتى الآن سبعمائة وخمسين شخصاً في طهران، وقد قمنا بفصل مائتين آخرين من الذين يتمسكون بموافقهم، نحن سنقوم بالقضاء على هؤلاء وبعد ذلك سنكون رهين أوامركم... وقد انزعجت كثيرا وأعطيتهم نسخة من المذكرة التي كتبتها من حديثي معهم.».
وهاي هي الرسالة التي يتحدث عنها منتظري:
رسالة منتظري إلى أعضاء «لجنة الموت»
«إلى السادة نيري وأشراقي ورئيسي وبورمحمدي
التاريخ 15 أغسطس 1988
بسمه تعالى
1. قد تحمّلت أكثر منكم ضربات من المنافقين، سواء في السجن أو خارجه. إنهم قتلوا ابني. ولو كان الاساس أن تستند أفعالنا على البحث عن الانتقام، فسأكون محقّاً في الملاحقة أكثر من أي شخص آخر. ولكني آخذ في الاعتبار مصالح الثورة والإسلام والبلاد، وهيبة "ولاية الفقيه" والحكومة الإسلامية. وأضع في الاعتبار حكم الأجيال القادمة والتاريخ.
2. هذا النوع من المجزرة بدون محاكمة، والتي ترتكب ضد السجناء الأسرى سيكون في نهاية المطاف لصالحهم دون أدنى شك، والعالم سوف يديننا، وهذا سوف يشجّعهم على تصعيد كفاحهم المسلح. ومن الخطأ محاربة الفكر والعقيدة من خلال القتل.
3. انظروا كيف كان أسلوب تعامل الرسول مع أْعدائه بعد فتح مكة وفي معركة الهوازن. لأن الرسول تعامل معهم بالرحمة والتسامح، ووصفه الله ب«رحمة للعالمين». ولاحظوا كيف تعامل علي أمير المؤمين عليه السلام أعداءه بعد معركة جمل وبعد إلحاق الهزيمة بهم.
4. سبب تمسّك العديد من الاشخاص بموقفهم، هو سلوك المحققين والسجّانين معهم، ولو لم يكن هذا السلوك لكانوا أقلّ تصلّباً.
5. إنّ القول بأننا إذا اطلقنا سراح السجناء فإنهم سيلتحقون بالمنافقين لن يكفى لصدق عنوان المحارب والباغي عليهم. وإنّ علياً أمير المؤمنين لم ينتقم من ابن ملجم قبل ارتكابه الجريمة، على الرغم من أنه قال إنه سيكون قاتله.
6. إنّ مجرّد العقيدة لاتوجب صدق عنوان المحارب والباغي على شخص، وإن ارتداد القادة المرتدين لا يعني الحكم على ردّة أنصارهم.
7. يجب أن يكون الحكم والقضاء في مناخ صحيح وخال من أي شعور بالعاطفة (لايقضي القاضي وهو غضبان).
نحن اليوم نعيش مناخاً غير صحيح في مجتمعنا مع كل هذه الشعارات العاطفية والاستفزازية. نحن منزعجون من جريمة المنافقين في غرب البلاد، فهاجمنا الأسرى والسجناء السابقين. علاوة على ذلك، إعدامهم من دون نشاط جديد معناه وضع علامة الاستفهام أمام جميع القضاة وجميع الأحكام الصادرة في الماضي. بأي معيار تنفذون الإعدام في من أصدرتم الحكم بحقه بأقلّ من الإعدام؟ الآن ألغيتم الزيارات للسجون وقطعتم الاتصالات الهاتفية، ماذا ستقولون غدا لأسرهم وعوائلهم؟
8. أكثر من أي شيءآخر ينتابني الشعور بالقلق بشأن سمعة الإمام وهيبة "ولاية الفقيه"، ولا أعرف كيف نقلوا الحقائق لسماحته. هل كلّ ما ناقشناه في الفقه عن ضرورة الاخذ بالاحتياط في ما يتعلق بالدماء والاموال كان كلّه خطأ؟
9. قد اسقبلت العديد من القضاة المتعقلين والمتمسكين بالدين الذين كانوا متضايقين يشتكون من كيفية التنفيذ ويقولون إن هناك تشدد وانتهاكات، ونقلوا نماذج عديدة حيث نفذت أحكام الإعدام دون سبب.
10. وختاماً أقول لكم أن مجاهدي خلق ليسوا بأشخاص، إنها نوع من الفكر والفهم ونوع من المنطق، والمنطق الخطأ يجب أن يردّ عليه بالمنطق الصحيح، القتل لايحل المشكلة بل يؤدي إلى انتشار هذا الفكر. أتمنى لكم النجاح إن شاء الله.
ح. م. [حسين علي منتظري]»
ولاحاجة الى الشرح أن هدف منتظري من هذه الرسالة وما شابهها ليس الدفاع عن مجاهدي خلق، حيث وصفهم ب«المنافقين»، كما يدافع عن ضرورة إعدامهم، إذا كان الاعدام ينفّذ باسلوب صحيح! فالهدف من هذه الرسائل كما يقول كان محاولة منه لإنقاذ سمعة نظام ولاية الفقيه وهيبة خميني. كما يدافع في هذه الرسالة مرتين عن «ولاية الفقيه».
لكن خميني لم يرحم به، لأنه كان على اعتقاد بأن منتظري اصبح منفعلاً المجازر بحق السجناء السياسيين وأن لمجاهدي خلق دور في أخذ قراراته ولهم ضلع في إدارة مكتبه.
ولهذا السبب بعد أشهر وبعد أخذ وردّ بين خميني وخليفته وفي نهايـة المطاف قررّ خميني إبعاد منتظري – (زهرة عمره) كما يقول- من الساحة السياسية. وصرّح بأنه إذا بقي في منصبه بصفته الخليفة لخميني ويصبح الرجل الاول في النظام مستقبلا فأنه لكان يسلّم الحكم إلى مجاهدي خلق الذي يعبّر عنهم خميني ب«المنافقين» بدل «المجاهدين». وياترى أن خميني يركزّ في ّ آخر رسالة له إلى منتظري على موضوع مجاهدي خلق بأنه هو مادة النزاع في الخلاف بينه وبين خليفته منتظري.
وهذه مقتطفات من الرسالة الاخيرة التي وجهها خميني إلى منتظري عزله فيها عن منصبه
«بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة الشيخ المنتظري
اكتب لك بعض الكلمات وقلبي مكسور يقطر دماً، لتطلع الأمة على الأحداث. لقد ذكرت في رسالتك الأخيرة أن آرائي الشرعية مقدمة على آرائك، ولا يسعني هنا الا ان اقول بأنك ستسلم البلاد والثورة الإسلامية من بعدي لجناح الليبرال ومن خلالهم للمنافقين. لقد فقدت صلاحية وشرعية قيادة النظام مستقبلاً. إنك تعتقد ومن خلال تصريحاتك ومواقفك بضرورة حكومة البلاد من قبل الجناح الليبرالي والنفاق. ولا أراك تكلمت الا بما أملاه عليك المنافقون الذين لا اعتقد بجدوى الرد عليهم.
لقد دافعت بشكل مستميت عن بعض المنافقين الذين شهروا أسلحتهم ضد النظام ليحكموا بالإعدام، ثم أسديت للاستكبار خدمات عملاقة بما كشفت من أسرار وهولت أعدادهم لتجعلهم ألوفا مؤلفة. ....
إن كنت ترى بأن آرائي الشرعية مقدمة على آرائك (ولا أرى المنافقين سيدعونك لحالك حتى يفسدوا آخرتك)، فإني أقدم لك بعض النصائح بقلب مفجوع وصدر مشحون بالغيظ، حيث كنت زهرة عمري، ولك أن تفعل بعدها ما تشاء:
1ــ عليك أن تسعى لتغيير بطانة مكتبك وألا تجعل سهم إمام الزمان يقع في أيدي المنافقين والجناح الليبرالي لمهدي هاشمي.
2ــ عليك أن لا تتدخل في أية قضية سياسية لأنك ساذج وتستثار بسرعة، لعل الله يتجاوز تقصيراتك.
3ــ لا تراسلني بعد الآن، ولا تسمح للمنافقين بطرح أسرار البلاد من خلال حواراتهم للأعلام الأجنبي.
4ــ إن الرسائل والأحاديث التي يدلي بها المنافقون عبر وسائل الإعلام من خلالك كانت ضربات موجعة للإسلام والثورة وخيانة عظمى بحق جنود إمام الزمان روحي له الفداء والدماء الطاهرة لشهدائنا الأبرار.
وما عليك الا التوبة والاعتراف بالذنب وإلا فإنك ستحترق في قعر جهنم.
قسماً بالله إني كنت معارضاً لانتخابك منذ البداية! الا أني كنت أعتبرك ساذجاً آنذاك ولم تكن من أهل الإدارة والتدبير. بوسعك أن تخدم في الحوزات العلمية. وسيكون لي معك تكليف آخر إذا تماديت في أفعالك، وإنك لتعلم أكثر من غيرك بأنني لا أتراجع عن تكليفي الشرعي. ....
والسلام روح الله الموسوي الخميني
ايلاف - سنابرق زاهدي: وبعد ما أرسل منتظري رسالتين إلى خميني للإحتجاج على الاعدامات الجماعية، الرسالتين اللتين نقلتهما في الحلقة السابقة، فإنه دعا أعضاء «لجنة الموت»، أي الملالي الذين كلّفهم خميني بتصفية المجاهدين في السجون، إلي بيته في مدينة قم.
لقاء منتظري بأعضاء لجنة الموت في هذا المجاهل كتب منتظري في مذكراته «بعد إرسال رسالتي آلثانية [إلى خميني] رأيت أنهم ماضون في أعمالهم. وحلّ شهر محرّم الحرام، فطلبت السادة نيري الذي كان قاضي الشرع، وإشراقي النائب العام، ورئيسي نائب المدعي العام، وبورمحمدي ممثل وزارة المخابرات، وقلت لهم الأن حلّ شهر محرم، ففي الاقل أجّلوا الاعدامات في شهر محرم الحرام. فردّ علي السيد نيري بقوله: نحن قد أعدمنا حتى الآن سبعمائة وخمسين شخصاً في طهران، وقد قمنا بفصل مائتين آخرين من الذين يتمسكون بموافقهم، نحن سنقوم بالقضاء على هؤلاء وبعد ذلك سنكون رهين أوامركم... وقد انزعجت كثيرا وأعطيتهم نسخة من المذكرة التي كتبتها من حديثي معهم.».
وهاي هي الرسالة التي يتحدث عنها منتظري:
رسالة منتظري إلى أعضاء «لجنة الموت»
«إلى السادة نيري وأشراقي ورئيسي وبورمحمدي
التاريخ 15 أغسطس 1988
بسمه تعالى
1. قد تحمّلت أكثر منكم ضربات من المنافقين، سواء في السجن أو خارجه. إنهم قتلوا ابني. ولو كان الاساس أن تستند أفعالنا على البحث عن الانتقام، فسأكون محقّاً في الملاحقة أكثر من أي شخص آخر. ولكني آخذ في الاعتبار مصالح الثورة والإسلام والبلاد، وهيبة "ولاية الفقيه" والحكومة الإسلامية. وأضع في الاعتبار حكم الأجيال القادمة والتاريخ.
2. هذا النوع من المجزرة بدون محاكمة، والتي ترتكب ضد السجناء الأسرى سيكون في نهاية المطاف لصالحهم دون أدنى شك، والعالم سوف يديننا، وهذا سوف يشجّعهم على تصعيد كفاحهم المسلح. ومن الخطأ محاربة الفكر والعقيدة من خلال القتل.
3. انظروا كيف كان أسلوب تعامل الرسول مع أْعدائه بعد فتح مكة وفي معركة الهوازن. لأن الرسول تعامل معهم بالرحمة والتسامح، ووصفه الله ب«رحمة للعالمين». ولاحظوا كيف تعامل علي أمير المؤمين عليه السلام أعداءه بعد معركة جمل وبعد إلحاق الهزيمة بهم.
4. سبب تمسّك العديد من الاشخاص بموقفهم، هو سلوك المحققين والسجّانين معهم، ولو لم يكن هذا السلوك لكانوا أقلّ تصلّباً.
5. إنّ القول بأننا إذا اطلقنا سراح السجناء فإنهم سيلتحقون بالمنافقين لن يكفى لصدق عنوان المحارب والباغي عليهم. وإنّ علياً أمير المؤمنين لم ينتقم من ابن ملجم قبل ارتكابه الجريمة، على الرغم من أنه قال إنه سيكون قاتله.
6. إنّ مجرّد العقيدة لاتوجب صدق عنوان المحارب والباغي على شخص، وإن ارتداد القادة المرتدين لا يعني الحكم على ردّة أنصارهم.
7. يجب أن يكون الحكم والقضاء في مناخ صحيح وخال من أي شعور بالعاطفة (لايقضي القاضي وهو غضبان).
نحن اليوم نعيش مناخاً غير صحيح في مجتمعنا مع كل هذه الشعارات العاطفية والاستفزازية. نحن منزعجون من جريمة المنافقين في غرب البلاد، فهاجمنا الأسرى والسجناء السابقين. علاوة على ذلك، إعدامهم من دون نشاط جديد معناه وضع علامة الاستفهام أمام جميع القضاة وجميع الأحكام الصادرة في الماضي. بأي معيار تنفذون الإعدام في من أصدرتم الحكم بحقه بأقلّ من الإعدام؟ الآن ألغيتم الزيارات للسجون وقطعتم الاتصالات الهاتفية، ماذا ستقولون غدا لأسرهم وعوائلهم؟
8. أكثر من أي شيءآخر ينتابني الشعور بالقلق بشأن سمعة الإمام وهيبة "ولاية الفقيه"، ولا أعرف كيف نقلوا الحقائق لسماحته. هل كلّ ما ناقشناه في الفقه عن ضرورة الاخذ بالاحتياط في ما يتعلق بالدماء والاموال كان كلّه خطأ؟
9. قد اسقبلت العديد من القضاة المتعقلين والمتمسكين بالدين الذين كانوا متضايقين يشتكون من كيفية التنفيذ ويقولون إن هناك تشدد وانتهاكات، ونقلوا نماذج عديدة حيث نفذت أحكام الإعدام دون سبب.
10. وختاماً أقول لكم أن مجاهدي خلق ليسوا بأشخاص، إنها نوع من الفكر والفهم ونوع من المنطق، والمنطق الخطأ يجب أن يردّ عليه بالمنطق الصحيح، القتل لايحل المشكلة بل يؤدي إلى انتشار هذا الفكر. أتمنى لكم النجاح إن شاء الله.
ح. م. [حسين علي منتظري]»
ولاحاجة الى الشرح أن هدف منتظري من هذه الرسالة وما شابهها ليس الدفاع عن مجاهدي خلق، حيث وصفهم ب«المنافقين»، كما يدافع عن ضرورة إعدامهم، إذا كان الاعدام ينفّذ باسلوب صحيح! فالهدف من هذه الرسائل كما يقول كان محاولة منه لإنقاذ سمعة نظام ولاية الفقيه وهيبة خميني. كما يدافع في هذه الرسالة مرتين عن «ولاية الفقيه».
لكن خميني لم يرحم به، لأنه كان على اعتقاد بأن منتظري اصبح منفعلاً المجازر بحق السجناء السياسيين وأن لمجاهدي خلق دور في أخذ قراراته ولهم ضلع في إدارة مكتبه.
ولهذا السبب بعد أشهر وبعد أخذ وردّ بين خميني وخليفته وفي نهايـة المطاف قررّ خميني إبعاد منتظري – (زهرة عمره) كما يقول- من الساحة السياسية. وصرّح بأنه إذا بقي في منصبه بصفته الخليفة لخميني ويصبح الرجل الاول في النظام مستقبلا فأنه لكان يسلّم الحكم إلى مجاهدي خلق الذي يعبّر عنهم خميني ب«المنافقين» بدل «المجاهدين». وياترى أن خميني يركزّ في ّ آخر رسالة له إلى منتظري على موضوع مجاهدي خلق بأنه هو مادة النزاع في الخلاف بينه وبين خليفته منتظري.
وهذه مقتطفات من الرسالة الاخيرة التي وجهها خميني إلى منتظري عزله فيها عن منصبه
«بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة الشيخ المنتظري
اكتب لك بعض الكلمات وقلبي مكسور يقطر دماً، لتطلع الأمة على الأحداث. لقد ذكرت في رسالتك الأخيرة أن آرائي الشرعية مقدمة على آرائك، ولا يسعني هنا الا ان اقول بأنك ستسلم البلاد والثورة الإسلامية من بعدي لجناح الليبرال ومن خلالهم للمنافقين. لقد فقدت صلاحية وشرعية قيادة النظام مستقبلاً. إنك تعتقد ومن خلال تصريحاتك ومواقفك بضرورة حكومة البلاد من قبل الجناح الليبرالي والنفاق. ولا أراك تكلمت الا بما أملاه عليك المنافقون الذين لا اعتقد بجدوى الرد عليهم.
لقد دافعت بشكل مستميت عن بعض المنافقين الذين شهروا أسلحتهم ضد النظام ليحكموا بالإعدام، ثم أسديت للاستكبار خدمات عملاقة بما كشفت من أسرار وهولت أعدادهم لتجعلهم ألوفا مؤلفة. ....
إن كنت ترى بأن آرائي الشرعية مقدمة على آرائك (ولا أرى المنافقين سيدعونك لحالك حتى يفسدوا آخرتك)، فإني أقدم لك بعض النصائح بقلب مفجوع وصدر مشحون بالغيظ، حيث كنت زهرة عمري، ولك أن تفعل بعدها ما تشاء:
1ــ عليك أن تسعى لتغيير بطانة مكتبك وألا تجعل سهم إمام الزمان يقع في أيدي المنافقين والجناح الليبرالي لمهدي هاشمي.
2ــ عليك أن لا تتدخل في أية قضية سياسية لأنك ساذج وتستثار بسرعة، لعل الله يتجاوز تقصيراتك.
3ــ لا تراسلني بعد الآن، ولا تسمح للمنافقين بطرح أسرار البلاد من خلال حواراتهم للأعلام الأجنبي.
4ــ إن الرسائل والأحاديث التي يدلي بها المنافقون عبر وسائل الإعلام من خلالك كانت ضربات موجعة للإسلام والثورة وخيانة عظمى بحق جنود إمام الزمان روحي له الفداء والدماء الطاهرة لشهدائنا الأبرار.
وما عليك الا التوبة والاعتراف بالذنب وإلا فإنك ستحترق في قعر جهنم.
قسماً بالله إني كنت معارضاً لانتخابك منذ البداية! الا أني كنت أعتبرك ساذجاً آنذاك ولم تكن من أهل الإدارة والتدبير. بوسعك أن تخدم في الحوزات العلمية. وسيكون لي معك تكليف آخر إذا تماديت في أفعالك، وإنك لتعلم أكثر من غيرك بأنني لا أتراجع عن تكليفي الشرعي. ....
والسلام روح الله الموسوي الخميني
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire