وزارة الداخلية و تفكيك لغزالأمن الموازي الموالي لحركة النهضة
يفيد المصدر بأنه مع تعيين علي العريض على رأس وزارة الداخلية مسنودا بمجموعة من القيادات النهضاوية على حد تعبيره و التي شكٌلت ما
اصطلح على تسميته بالأمن الموازي و التي تضم كل من : الطاهر بوبحري،
فتحي البلدي، أسامة بوثلجة (الذي واصل نفس المهام بعد تحول العريض الى رئاسة
الحكومة في القصبة)، فتحي الحيدوري و عبد الكريم العبيدي، اللذين أوكلت لهم مهمة
اختراق المؤسسة الأمنية و التغلغل بمفاصل الوزارة تحت إشراف مباشر للقياديين
النهضاويين السيد الفرجاني عضو مجلس الشورى في حركة النهضة و زبير الشهودي رئيس
المكتب الشخصي لراشد الغنوشي و المكلف بالملف الأمني بحركة النهضة انطلاقا من
مونبليزير على حد تعبير المصدر. و قد تم ذلك في ظل صمت القيادات الأمنية العليا
التي خذلت قواعدها
و خيٌرت الانصهار في خيارات حركة النهضة للانتفاع بما أغرقت فيه من
امتيازات مادية على أن تكون اليد التي تضرب بها النهضة كل أمني لا ينصهر في
استراتيجيتها، فتعددت المظالم الإدارية التي مست مئات الأمنيين من مختلف الرتب
و الاختصاصات و أضحت وعود التسميات بالمناصب الإدارية و النقل و
الإعفاءات و الإحالة على العدالة أو التقاعد الوجوبي... من وسائل الترهيب التي
تستعمل للضغط على الأمنيين و تطويعهم أو التشفي منهم إذا ما تعنتوا في عدم الإذعان
لخيارات الحركة.
و نجحت بذلك الحركة في التغلغل بوزارة الداخلية و في وضع رجالاتها بكل
الهياكل و المناصب الحساسة بالمؤسسة الأمنية
و يؤكد المصدر أنه في الوقت الذي كان فيه الأمنيون و نقاباتهم و أغلب
مكونات المجتمع يجمعون على أن الأداء الأمني بعيد عن الحد الأدنى المسموح به و أن
الوزارة حادت بشكل واضح عن دورها المأمول بعد الثورة و يدعونها بصوت مرتفع إلى
مراجعة خياراتها، واصلت حركة النهضة في سياسة الهروب الى الأمام و تكريس جهودها
الرامية إلى إحداث القطيعة بين المؤسسة الأمنية و المجتمع لضمان عدم اصطفافها إلى
جانب الشعب في صورة احتداد الأزمة السياسية و الأمنية بالبلاد
و واصلت حركة النهضة الاعتماد على نفس القيادات لمزيد توريطها في
أجنداتها السياسية و تحميلها مسؤولية إخفاقات جديدة إلى حين الحسم في أمرها بعد
انتهاء المرحلة التي ستحدد حركة النهضة لاحقا ملامحها و توقيتها، فكلما تراكمت
الأخطاء و احتدت الأزمة سواء خلال فترة الوزير علي العريض أو الوزير لطفي بن جدو
تقوم بتسمية قيادة أمنية قديمة جديدة تتم مساومتها و توظيفها لصالحها باستغلال
ماضيها و ارتباطها بمنظومة الفساد الإداري و المالي و الأخلاقي زمن بن علي،
لتحمٌلها اثر ذلك مسؤولية سلسلة من الإخفاقات و الجرائم الجديدة في حق الشعب
التونسي كما أفاد بذلك المصدر لتنتهي المرحلة بتنصيب قيادات أخرى بنفس الطريقة
وتأمل في كل مرة حركة النهضة في تلميع صورتها و النأي بنفسها عن الأزمات المتتالية
التي تتخبٌط فيها
كما يوضٌح المصدر أن المؤسسة الأمنية مرت منذ تنصيب حركة النهضةعلى
رأس السلطة السياسية بالبلاد بثلاث مراحل رئيسية في تنفيذ إستراتيجيتها :
المرحلة الأولى: انطلقت بعد تاريخ 23 أكتوبر و نفٌذها بنجاح نبيل عبيد
المدير العام للأمن الوطني و توفيق الديماسي المدير العام للأمن العمومي السابقين
الذي استغلتهما النهضة لمعرفة دواليب الوزارة و تسهيل إعادة إدماج النهضاويين
المعزولين و الأمنيين الذين تعلقت بهم قضايا عدلية زمن النظام السابق و تسوية
وضعيتهم المهنية و في مقدمتهم فتحي البلدي و عبد الكريم العبيدي الذين تمت
ترقيتهما بصفة استثنائية في مناسبتين متتاليتين و هو اجراء يخص الأمنيين الذين
قدٌموا خدمات جليلة للوطن و هو ما لا ينطبق على المعنيين لا قبل الثورة و لا بعدها
و بالتالي فهو إجراء مخالف للقانون.
و يقرٌ المصدر بأن نبيل عبيد تواطأ مع علي العريض لضرب النقابات
الأمنية الناشئة و إزاحة قيادات أمنية بهدف فسح المجال لمنتسبي النهضة و من نجحت
في استقطابهم من الأمنيين للارتقاء الى أعلى المناصب الأمنية دون مراعاة أدني
معايير الكفاءة و التجربة المهنية. و حسب المصدر، فإن هذه التسميات كانت منطلقا
لسلسة من الإخفاقات الأمنية و فشل الوحدات الأمنية في التصدي للظواهر المخالفة
للقانون و التي من أهمها ارتفاع منسوب ظاهرة العنف الصادر عن تنظيم أنصار الشريعة
و روابط حماية الثورة و ميليشيات حركة النهضة و التي انطلقت مند أحداث العبدلية
فأحداث 9 أفريل وصولا الى أحداث السفارة الأمريكية و السماح لمتزعم التيار السلفي
الجهادي سيف الله بن حسين بمغادرة جامع الفتح أمام أعين البوليس المقهور. و يضيف
المصدر أن هذه الإخفاقات و لئن تعكس في جانب منها قرارات وخيارات سياسية معلومة،
فإن السيد نبيل عبيد يتحمل في جانب آخر منها مسؤولية مسايرته لها و عدم اتخاذه
قرارا شجاعا بالتمسٌك بتطبيق القانون و عدم فسح المجال للقرار السياسي أن يتدخل في
القرار الأمني و أن يعلو عليه مما كان سيغيٌر حتما مجرى الأحداث بالبلاد و يجنبها
موجة الإرهاب و الاغتيالات التي تعيشها اليوم.
و بعد صمته على مختلف الأحداث التي جدت و هو المسؤول الأول عن الأمن
الوطني تمت إقالة السيد نبيل عبيد و تحميله وفق استراتيجية النهضة الأمنية مسؤولية
هذه الأحداث و إسكاته بتسميته مستشارا ديبلوماسيا لدى الأمين العام لمجلس وزراء
الداخلية العرب بمرتب شهري يناهز ال15 ألف دولار و إقامة دائمة بين تونس و المملكة
العربية السعودية.
المرحلة الثانية: مرحلة قصيرة انطلقت مع تعيين عبد الحميد البوزيدي
مديرا عاما للأمن الوطني بعد أن لجأ إليه رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي
للإبقاء على نفوذه على الوزارة، غير أن القيادات الأمنية المنصبٌة من قبل الشقٌ
المهيمن بالنهضة و في مقدمتها وحيد التوجاني المدير العام للأمن العمومي و محرز
الزواري المدير العام للمصالح المختصة و عماد بوعون المدير العام للمصالح الفنية و
عماد الغضباني المدير العام لوحدات التدخل و رياض باللطيف المدير العام للتكوين...
بقيت تنسٌق مباشرة مع وزير الداخلية على العريض و أبقت على البوزيدي في عزلة، و هو
ما أدخل حسب ما أكده المصدر ارباكا على الأداء الأمني بحكم أن تغييب المدير العام
للأمن الوطني عن أهم المسائل الأمنية لا يمكن الا أن يؤدي الى عواقب وخيمة كانت
احدى نتائجها بروز الأمن الموازي و اغتيال الشهيد شكري بلعيد. و مع استقالة حكومة
الجبالي، لم يعمٌر البوزيدي طويلا و تمت إقالته للتخفيف من حدة الانتقادات التي
وجهت لوزارة الداخلية حينها.
المرحلة الثالثة: انطلقت حسب ما يؤكده المصدر مع تعيينات جديدة بوزارة
الداخلية تكرٌس مبدأ اختيار قيادات أمنية ضالعة في الفساد المالي و الإداري بهدف
استغلال نقاط ضعفها كورقة ضغط لتطويعهم و ضمان ولائهم و التستر على الخروقات و
التجاوزات, و توظيفهم كبيادق لاستكمال احتواء وزارة الداخلية نهائيا عبر تعيين
اخطبوط من القيادات الأمنية الموالية لحركة النهضة و اختراق القواعد الأمنية عبر
إعطاء الأولوية في الانتدابات للموالين و المتعاطفين مع التيار الديني. و هذه
التعيينات تخص كل من:
محرز الزواري : والذي تمت ترقيته في أقل من سنة من مكلف بالشؤون
الادارية بإحدى المدارس.الأمنية الى المدير العام للمصالح المختصة
وحيد التوجاني : تمت ترقيته في أقل من سنة من مكلف بالتنسيق العدلي
بصفاقس الى مدير اقليم أمن مدنين فمدير عام للأمن العمومي ثم مديرا عاما للأمن
الوطني
سيف الدين باللطيف : ابن خال سيف الله بن حسين (أبو عياض) و هو يجسٌد
لوحده المفارقات العجيبة لحركة النهضة فهي تقيل رياض باللطيف المدير العام للتكوين
بناءا على علاقة القرابة التي تجمعه بسيف الله بن حسين، و تبقي على سيف الله
باللطيف الذي تولت فيما بعد ترقيته في لمح البصر من مجرد رئيس مصلحة بالتفقدية
العامة للأمن الوطني الى مدير اقليم قفصة و في أقل من 3 أشهر متفقدا عاما للأمن
الوطني برتبة مدير عام و ها هي اليوم تستعد لتعيينه مديرا عاما للأمن العمومي خلفا
لمصطفى بن عمر الذي تسعى القيادة النهضوية الى تحميله مسؤولية التواطؤ في موضوع
اغتيال الشهيد محمد البراهمي على حد تعبير المصدر.
مصطفى بن عمر: تمت ترقيته في أقل من 4 أشهر من رئيس المصلحةالمختصة
ببن عروس الى مدير اقليم قرطاج فمدير عام للأمن العمومي رغم ما عرف به من فساد
مالي و اداري حسب ما صرح به المصدر لتتعلق به في بداية سنة 2012 القضية التحقيقية
عدد 25333/12 و التي تقدمت بها عناصر نهضاوية ضده من أجل التعذيب، تم على إثرها
مباشرة ترقيته إلى مدير امن قرطاج و من ثم ترقيته بعد أقل من شهرين إلى مدير عام
للأمن العمومي .
عماد بوعون : و هو حسب ما صرح به مصدرنا يعتبر من أكثر المنتفعين
بثورة 14 جانفي حيث لم يسبق في تاريخ وزارة الداخلية أن تمت ترقية إطار امني مكلف
بالترجمة الى مدير لمكافحة الجوسسة ثم مباشرة الى منصب المدير العام للمصالح
الفنية في أقل من سنة.
عاطف العمراني : تمت ترقيته في أقل من سنة من رئيس مصلحة مختصة بصفاقس
لمدة أكثر من 5 سنوات أين عرف بفساده الاخلاقي و المالي حسب ما صرح به المصدر وقد
تم استقطابه بعد الثورة من قبل الطاهر بوبحري الذي تربطه به علاقة قرابة ليتم
تعيينه في مناسبة أولى رئيس منطقة باب بحر ثم ترقيته الى منصب مدير الاستعلامات
العامة و في أقل من شهر مديرا عاما للمصالح المختصة
يقر المصدر أن الإخفاقات الأمنية تراكمت تحت سياسات و استراتيجيات هذه
القيادة التي يعتبرها متواطئة مع حركة النهضة و خاضعة لاملاءاتها مما يفسر حسب
رأيه تعدد فضائح التقصير الأمني من أحداث العبدلية و السفارة الأمريكية و قرار عدم
إيقاف سيف الله بن حسين بجامع الفتح بدعوى تفادي الاصطدام مع أتباعه، ثم أحداث
الرش بسليانة، والاعتداءات المتكررة على الاتحاد العام التونسي للشغل من طرف
ميليشيات الحركة على حد تعبير المصدر و غيرها من الأحداث، و هي وضعية سمحت
باستباحة دم السياسيين فجاءت الاغتيالات و جاء التستٌر على الاغتيالات رغم سابقية
توفٌر معطيات استخباراتية متأكدة لدى هذه القيادة الأمنية المتواطئة التي فضٌلت
طمس الحقائق و التدخل في سير الأبحاث للسيطرة على نتائجها، فتم بذلك الحكم على
ضرورة إنهاء هذه المرحلة لاسيما مع احتداد الأزمة السياسية و اتُخذ قرار على أعلى
مستوى السلطة السياسية بتوجيه من الثنائي وحيد التوجاني و مصطفى بن عمر الذين
نسُقا مع السيد الفرجاني عضو مجلس
شورى حركة النهضة للتضحية بمحرز الزواري و خدماته و إبعاده بدعوى
الاستجابة لمطلب المعارضة في هذا الخصوص.
يؤكد المصدر أن معظم القواعد الأمنية بعد أن فقدت الثقة في قياداتها
المنصٌبة و في قدرتها على إدارة الشأن الأمني في ظل تواصل الأحداث الأليمة و الغير
مسبوقة التي تعيشها البلاد، عبٌرت عن رفضها الشديد لمواصلة نفس نهج التعيينات
و إعادة التعويل على من أجرم في حق الأمنيين و الوطن و تطالب بإحداث
لجنة تعيين تضم نواب من المجلس التأسيسي
و ممثٌلين عن المجتمع المدني و ممثٌلين عن النقابات و الجمعيات
الأمنية الى جانب وجوه سياسية وطنية بارزة من مختلف الحساسيات السياسية قصد انقاذ
البلاد و العباد .
كل ما جاء من معلومات في هذا المقال هي تصريحات لمصدر أمني مطلع أدلى
بها للرأي العام الوطني دون ذكر اسمه
و لكم سديد النظر ...اللهم قد بلغت فاشهد
نقلا عن أمين مطيراوي -صحفي-
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire